مستقبل أولمبي «كارثي» للملاكمة بعد جدل الهوية الجنسية

منافسات الملاكمة انتهت في أولمبياد باريس (رويترز)
منافسات الملاكمة انتهت في أولمبياد باريس (رويترز)
TT

مستقبل أولمبي «كارثي» للملاكمة بعد جدل الهوية الجنسية

منافسات الملاكمة انتهت في أولمبياد باريس (رويترز)
منافسات الملاكمة انتهت في أولمبياد باريس (رويترز)

انتهت منافسات الملاكمة في أولمبياد باريس داخل الحلبات، لكن النزال الحقيقي خارجها بدأ الآن، وسط شكوك من إدراج رياضة «الفن النبيل» في «ألعاب لوس أنجليس 2028»، وذلك بعد جدل مدمّر حول الهوية الجنسية وضعَ الملاكمة تحت مجهر التدقيق والتشكيك.

تعدّ الملاكمة من أهم المسابقات في الألعاب الأولمبية الحديثة، حيث ظهرت لأول مرة في عام 1904، ومذاك أُدرجت في النسخ التالية جميعها، باستثناء عام 1912.

محمد علي، وشوغر راي ليونارد، وفلويد مايويذر، ولينوكس لويس، على سبيل المثال لا الحصر، أسماء لامعة في عالم الملاكمة استهلت مسيرتها على حلبات الألعاب الأولمبية.

أُقيمت منافسات الملاكمة في ألعاب باريس أمام مدرجات اكتظت بالجماهير، بداية في «أرينا نورث باريس»، ثم انتقلت إلى ملعب «فيليب شاترييه» في رولان غاروس معقل كرة المضرب.

ورغم النجاحَين الجماهيري والتنظيمي، فإن الشكوك تحوم حول إمكانية إدراج الملاكمة في «ألعاب لوس أنجليس» بعد 4 سنوات.

كان ذلك حتى قبل اندلاع جدل حول الهوية الجنسية لملاكمتين في العاصمة الفرنسية، ما ألقى بظلاله على النزالات في الحلبة، وأضاف مزيداً من التساؤلات حول مسألة التدقيق وكيفية إدارة الملاكمة.

قال الصحافي البريطاني المخضرم في الملاكمة، ستيف بانس، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «أعتقد بأن هذا أضرّ بالملاكمة الأولمبية في وقت حاسم، حيث لا يزال مستقبلها قيد المناقشة».

وتابع: «إنها كارثة مطلقة».

يتفق معه سبنسر، أوليفر الملاكم البريطاني السابق الذي حضر إلى باريس ناقداً إذاعياً، إذ قال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنها مجرد فوضى لأن الملاكمة تعود إلى دائرة الضوء مرة أخرى... ولكن هذه المرة للسبب الخطأ».

في خضم مشكلات الملاكمة يبرز النزاع الطويل والمفتوح بين اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي للملاكمة بقيادة روسيا.

لم تُدرج الملاكمة في «ألعاب طوكيو 2020» المؤجلة؛ بسبب تداعيات فيروس «كورونا» إلى العام التالي، إلاّ بعد تدخل اللجنة الأولمبية الدولية لإدارتها، وتكرر الأمر ذاته في باريس على وقع احتدام الصراع بين الطرفين، وتجميد نشاطات الاتحاد الدولي للملاكمة ليصبح خارج الحركة الأولمبية.

حذّر رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، الألماني توماس باخ، من أن الاتحادات الوطنية للملاكمة بحاجة إلى إيجاد شريك دولي جديد و«موثوق» للجنة الأولمبية الدولية للتأكد من أن الملاكمة ستظهر مرة أخرى في برنامج «ألعاب 2028».

وقال باخ (الجمعة) إن اللجنة الأولمبية الدولية ستتخذ قراراً بشأن إدراج الملاكمة في النسخة المقبلة من الألعاب الأولمبية في النصف الأول من عام 2025.

من الواضح أن الوقت يمر بسرعة.

كانت المساهمة الرئيسية للاتحاد الدولي للملاكمة في باريس هي تنظيم مؤتمر صحافي فوضوي هدف إلى توضيح سبب استبعاد الجزائرية إيمان خليف، والتايوانية لين يو-تينغ من بطولاتها العالمية العام الماضي.

زعم رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة، الروسي عمر كريمليف المرتبط بالكرملين، أن الملاكمتين خضعتا «لاختبارات جينية تُظهر أنهما رجلان».

وبقرار مخالف لرأي الاتحاد، سمحت لهما اللجنة الأولمبية الدولية بخوض المنافسات، وأعربت عن شكوكها بشأن اختبارات الاتحاد الدولي للملاكمة ودوافعه.

فازت خليف بالميدالية الذهبية في وزن 66 كيلوغراماً (الجمعة)، وأعلنت: «أنا امرأة مثل أي امرأة أخرى».

تابعت: «إنهم يكرهونني، ولا أعرف السبب».

وأضافت في انتقاد واضح للاتحاد الدولي للملاكمة: «لقد أرسلت لهم رسالة بهذه الميدالية».

كما هدّد مسؤولون رياضيون في تايوان باتخاذ إجراءات قانونية ضد الاتحاد الدولي للملاكمة، بعدما حذت لين حذو الجزائرية بفوزها بذهبية وزن 57 كيلوغراماً.

يرى الضالعون في الرياضة أن إقصاء الملاكمة من الألعاب الأولمبية سيكون له عديد من الآثار السلبية، ويخلّف عواقب متعددة.

وتخشى الآيرلندية كيلي هارينغتون، التي احتفظت بلقبها في وزن 60 كيلوغراماً في باريس، أن تسحب الدول التمويل المخصص لبرامج الملاكمة لديها إذا لم يكن هناك أولمبياد يمكن التطلع إليه.

وقالت لصحيفة «صن» البريطانية: «لذا فإن هذا سيكون عاراً كبيراً. أعتقد بأن الجميع بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد للحفاظ على وجودها هناك».

وأشار أوليفر إلى أن عديداً من أفضل الملاكمين المحترفين في بريطانيا، بمَن في ذلك بطل العالم السابق للوزن الثقيل أنتوني جوشوا، استخدموا الألعاب الأولمبية نقطة انطلاق للنجاح.

وقال: «الألعاب الأولمبية صنعت جوشوا».

وتابع: «الألعاب الأولمبية رائعة للملاكمين؛ لأنها تمنحهم الاعتراف، وتمثّل لهم القاعدة الشعبية. وبعد ذلك يمكنهم الاستمرار وكسب كثير من المال، لذا فإن الأمر يغيّر حياتهم».

وعلى الرغم مما أسماه «فوضى مطلقة» في إدارة الرياضة، فإن أوليفر رأى أنه من غير المعقول ألاّ تكون الملاكمة ضمن الألعاب الأولمبية: «أعتقد بأن الألعاب الأولمبية من دون الملاكمة ستكون مخيبة للآمال. سيكون الأمر محزناً للغاية».

واستطرد: «لذا فأنا آمل في أن يتمكّنوا من حلّ كل السياسات التي تدور خلف الكواليس، وأن تستمر الملاكمة»

وختم قائلاً: «أنا متأكد من أن هذا سيفي بالغرض».


مقالات ذات صلة

كو رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى يدرس الترشح لخلافة باخ

رياضة عالمية سيباستيان كو (أ.ب)

كو رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى يدرس الترشح لخلافة باخ

قال سيباستيان كو، رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، إنه سيفكر في الترشح لخلافة توماس باخ في منصب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية كوتارو كيوكا (أ.ف.ب)

«أولمبياد باريس - مصارعة»: الياباني كيوكا يحرز ذهبية 65 كيلوغراماً

أحرز المصارع الياباني كوتارو كيوكا الميدالية الذهبية لوزن 65 كيلوغراماً (حرة) في أولمبياد باريس الصيفي (الأحد) بينما حصل الإيراني رحمان عموزاد خليلي على الفضية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية نهر السين (رويترز)

أولمبياد باريس: نهر السين... نجمٌ متقلّب في الألعاب

برَز نهر السين كنجمٍ متقلّبٍ في الألعاب الأولمبية التي استضافتها باريس؛ إذ خطف الأضواء في الحفل الافتتاحي ومنافسات السباحة والترياثلون.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة سعودية أجار نجويا (الشرق الأوسط)

القادسية يمدد عقد لاعبته الكاميرونية أجار

مددت إدارة نادي القادسية عقد الكاميرونية أجار نجويا مهاجمة فريق السيدات لكرة القدم حتى عام 2026.

بشاير الخالدي (الدمام)
رياضة عالمية توماس باخ (أ.ف.ب)

بعد ذهبية الجندي... رئيس «الأولمبية الدولية» يهنئ اتحاد الخماسي المصري

هنّأ توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، الاتحاد المصري للخماسي الحديث برئاسة المهندس شريف العريان على الإنجاز التاريخي، الذي حققه أحمد الجندي.

«الشرق الأوسط» (باريس)

كو رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى يدرس الترشح لخلافة باخ

سيباستيان كو (أ.ب)
سيباستيان كو (أ.ب)
TT

كو رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى يدرس الترشح لخلافة باخ

سيباستيان كو (أ.ب)
سيباستيان كو (أ.ب)

قال سيباستيان كو، رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، إنه سيفكر في الترشح لخلافة توماس باخ في منصب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، وذلك بعد أن أعلن باخ أنه لن يسعى للبقاء في المنصب بعد انتهاء ولايته الثانية في 2025.

ويشغل باخ منصبه منذ عام 2013، وكان كو، المتوج مرتين باللقب الأولمبي في سباق 1500 متر، والذي ترأس اللجنة المنظمة لأولمبياد باريس 2012، قد أبدى في وقت سابق رغبته في تولي رئاسة اللجنة الأولمبية الدولية.

وقال كو في مؤتمر صحافي عقد على هامش اختتام منافسات ألعاب القوى في أولمبياد باريس 2024، اليوم الأحد: «دائماً ما أوضحت أنه إذا سنحت الفرصة فإنني سأفكر في الأمر بجدية».

وتابع: «لقد سنحت الفرصة، وبالطبع أنا بحاجة إلى التفكير في الأمر».

وقال باخ إنه سيتم انتخاب رئيس جديد للجنة الأولمبية الدولية في مارس (آذار) المقبل، خلال جلسة تعقد في أولمبيا القديمة، وسيتولى الرئيس الجديد مهام المنصب في يونيو (حزيران).

وقال كو: «رغم أن خبرته تتحدث عن نفسها، فإن هناك الكثير من المرشحين المؤهلين».

وأضاف كو: «كنت منخرطاً في الحركة الأولمبية خلال الجزء الأكبر من حياتي. لقد ترأست دورة ألعاب أولمبية منذ تقديم ملف طلب الاستضافة، وحتى إقامة الدورة وإدارة الإرث لعامين بعدها. تشرفت بالمشاركة في دورتين أولمبيتين، كما ترأست لجنة أولمبية وطنية، والآن أؤدي أفضل وظيفة في العالم، إذ إنني أترأس الرياضة الأولمبية الأولى».

وأوضح: «هذه تجارب إذا تم جمعها معاً، أعتقد أنها ستكون مفيدة لذلك الدور. لكن يوجد مرشحون محتملون آخرون لديهم مؤهلات جيدة لهذا الدور».

وقد يكون وصول كو إلى عمر 67 عاماً بمثابة أمر لا يعمل لصالحه في ظل الحديث عن حاجة اللجنة الأولمبية إلى قادة أصغر سناً.

كذلك اتخذ كو بعض القرارات، بصفته رئيساً للاتحاد الدولي لألعاب القوى، التي لم تلق استحساناً من بعض الشخصيات البارزة في الرياضة العالمية، منها منح مكافأة قيمتها 50 ألف دولار للفائزين بالميداليات الذهبية في ألعاب القوى في أولمبياد باريس.

ولم يعلن أي عضو في اللجنة الأولمبية الدولية حتى الآن رغبته في خلافة باخ لكن عدة أسماء ارتبطت بإمكانية الترشح للمنصب.