«أولمبياد 2024»: بعد أشهرٍ من التذمّر... الباريسيون ينضمون إلى الحفلة

باريس رحّبت بالألعاب الأولمبية مع عودة بعض سكّانها باكراً من إجازاتهم للمشاركة في الأجواء المرحة (رويترز)
باريس رحّبت بالألعاب الأولمبية مع عودة بعض سكّانها باكراً من إجازاتهم للمشاركة في الأجواء المرحة (رويترز)
TT

«أولمبياد 2024»: بعد أشهرٍ من التذمّر... الباريسيون ينضمون إلى الحفلة

باريس رحّبت بالألعاب الأولمبية مع عودة بعض سكّانها باكراً من إجازاتهم للمشاركة في الأجواء المرحة (رويترز)
باريس رحّبت بالألعاب الأولمبية مع عودة بعض سكّانها باكراً من إجازاتهم للمشاركة في الأجواء المرحة (رويترز)

بعد كل الشكوك، التذمّر والتشاؤم، رحّبت باريس بالألعاب الأولمبية أخيراً، مع عودة بعض سكّانها باكراً من إجازاتهم للمشاركة في الأجواء المرحة.

قال مراد صحباني (42 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية أثناء دفعه لعربة أطفال في منطقة المشجّعين المكتظة في شمال غربي باريس، حيث كان الآلاف من السكّان المحليين يهتفون دعماً لفرنسا في الفوز بالميداليات: «أخي سيعود مبكراً لأنني أخبرته بأن الألعاب رائعة».

وأضاف: «كنت أعلم أنها ستكون جيدة. نحن الفرنسيين نحب انتقاد أنفسنا كثيراً، ولكن في النهاية نقوم بالعمل بشكلٍ جيّد. هذه الألعاب الأولمبية كانت ناجحة، الكثير من الناس يندمون على عدم وجودهم هنا».

نحو 160 ألف شخص يحجزون أماكن كل مساء لرؤية شعلة الأولمبياد ترتفع بالقرب من متحف اللوفر (رويترز)

تبدّل المزاج في العاصمة بشكل ملحوظ منذ حفل الافتتاح الذي غمره المطر في 26 يوليو (تموز)، مع تحسّن الطقس، والمواقع الرائعة، وظهور أبطال رياضيين جدد على المستوى الفرنسي مثل السباح ليون مارشان، ما ساعد في تعزيز شعور الانتماء الوطني.

العديد من الأثرياء الباريسيين هربوا من المدينة لقضاء إجازات صيفية طويلة في يوليو، متجنّبين عمداً ما كانوا يتوقعونه من ازدحام مروري خلال الأولمبياد، وازدحام السياح، وتشديد أمني.

لكن الذين بقوا يقولون إنهم يستمتعون بالأجواء الصيفية المريحة، والاختلاط مع المشجعين الأجانب، وكذلك الترفيه المجاني لأي شخص غير قادر على تحمّل أسعار التذاكر الباهظة في كثير من الأحيان.

تمتلئ مناطق المشجعين بشاشات ضخمة ونحو 160 ألف شخص يحجزون أماكن كل مساء لرؤية شعلة الأولمبياد ترتفع بالقرب من متحف اللوفر مجاناً.

وتحتضن «حديقة الأبطال»، وهي ابتكار أولمبي حيث يلتقي المتوّجون بالميداليات مع الجمهور بعد المنافسات، نحو 27 ألف شخص يومياً.

تقول سيليا داماس، وهي أم لطفلين وتبلغ من العمر 41 عاماً، في منطقة المشجعين في الدائرة السابعة عشرة الشمالية الغربية: «نحن نستمتع بها حقاً».

استغلّ أطفالها الأنشطة الرياضية المجانية التي نظّمتها العاصمة و«المدينة تُعطيك شعوراً بأنها أكثر وداً من المعتاد»، كما قالت.

حديقة الأبطال هي ابتكار أولمبي حيث يلتقي المتوّجون بالميداليات مع الجمهور بعد المنافسات (أ.ف.ب)

حشود كبيرة: كانت الفكرة في أولمبياد باريس، هي استخدام المدينة لتكون منصّة وخلفية للألعاب، عوضاً من بناء منشآت جديدة في مواقع خارج العاصمة، وهو النموذج الذي اتبعته العديد من المدن المستضيفة في الماضي.

أقيمت معظم الرياضات في مواقع مركزية مؤقتة، مع التزلج على الألواح «سكايت بورد» في ساحة الكونكورد، والمبارزة في قصر غران باليه، والكرة الطائرة الشاطئية أمام برج إيفل.

قالت أغاث شينيو، باريسية تبلغ من العمر 50 عاماً وتعمل تاجرة فنون، أثناء عبورها جسر ألكسندر الثالث المزخرف، نقطة الانطلاق للترياثلون والسباحة الماراثونية: «لا نحتاج إلى ملاعب جديدة». وأضافت: «لقد حوّلوا المدينة إلى ملعبٍ ضخم».

في داخل الملاعب وخارجها، يُذهَل الرياضيون والصحافيون بحماس الجماهير.

قال بنوا أرّو (43 عاماً)، فني تكييف الهواء الذي حضر منافسات الرغبي السباعي حيث فازت فرنسا بأول ميدالية ذهبية بقيادة الكاريزمي أنطوان دوبون في «ستاد دو فرانس» الذي حشد 80 ألف شخص: «لم أعرف أجواء مثلها في مباراة رغبي».

اصطف نحو نصف مليون شخص في الشوارع لمشاهدة سباق الدراجات على الطريق في نهاية الأسبوع الماضي، في حين من المتوقع حضور حشود كبيرة مرّة أخرى لسباقي الماراثون، السبت والأحد.

قال ليو بيرغير، المتوّج بالبرونزية في الترياثلون، إنه فوجئ بشدة أصوات الجماهير أثناء جريه في المدينة الأسبوع الماضي.

وتابع للصحافيين مبتسماً: «أذاننا تألمت طوال الطريق».

«تشكيك واسع النطاق»: مع تراكم الثناء، يستمتع المنظّمون بفرصة تذكير منتقديهم بأن المنظّمين كانوا على ثقةٍ طوال الوقت.

طوال فترة التحضير، أصرّوا على أن المخاوف والشكاوى كانت جزءاً طبيعياً من تجربة المدينة المستضيفة للألعاب الأولمبية، بينما ألقى رئيس اللجنة المنظمة توني إستانغيه باللوم على المواطنين الذين لديهم ميلٌ للتشاؤم.

وذكّر نائب رئيس بلدية باريس، بيار رابادان، للصحافيين هذا الأسبوع، أنه قضى الكثير من الوقت في الدفاع عن الألعاب الأولمبية من «التشكيك الواسع النطاق».

وقال: «لكننا كنا مقتنعين بأننا يمكننا تحقيق هذه النتيجة»، مضيفاً أن الحماس الجماهيري الذي كانت السلطات في المدينة تؤمن به دائماً أصبح «حقيقة الآن».

لم تسِر كل الأمور وفق المخطط؛ فشل نهر السين بانتظام في اختبارات جودة المياه، مما عرقل منافسات الترياثلون.

وأثارت مراسم الافتتاح جدلاً حول ما إذا كان مخرجه الفني قد سخر من المسيحية بعرض أدّته مجموعة ممّن يُعرفون بـ«دراغ كوين» (نيكي دول، بالوما...) تجمّعوا حول طاولة في مشهد قال البعض إنّه ينطوي على استهزاء بلوحة العشاء الأخير.

يقول سائقو سيارات الأجرة وأصحاب المطاعم إن أعمالهم تضرّرت بشدة. لا تزال البلاد بلا حكومة دائمة ومن المؤكد أن هناك مواجهات سياسية مرتقبة في سبتمبر (أيلول).

لكن في الوقت الحالي، يستمتع السكان المحليون مثل مارتين بينتو (46 عاماً) التي تدير متجراً، باللحظة.

قالت: «أعتقَد الجميع أنك لن تكون قادراً على التحرّك، وأن النقل سيكون صعباً وفي النهاية كل شيء جيد. أعتقد أن هناك بالتأكيد أشخاصاً يندمون على مغادرتهم».


مقالات ذات صلة

تصفيات أمم أفريقيا: المغرب والجزائر ومصر وتونس لفوز ثانٍ

رياضة عربية مصر هزمت الرأس الأخضر بثلاثية وتستعد لمواجهة بوتسوانا (أ.ب)

تصفيات أمم أفريقيا: المغرب والجزائر ومصر وتونس لفوز ثانٍ

تأمل المنتخبات العربية المرشحة قطع شوط إضافي نحو نهائيات كأس الأمم الأفريقية الـ35 التي يحتضنها المغرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية الأميركية جيسيكا بيغولا تستعد لنهائي «فلاشينغ ميدوز» (أ.ف.ب)

بيغولا تواجه تحدياً صعباً أمام سابالينكا في نهائي «فلاشينغ ميدوز»

تأمل الأميركية جيسيكا بيغولا أن تساعدها مسيرتها الرائعة ودعم الجماهير المتحمسة في بلادها على تحقيق الفوز على أرينا سابالينكا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
رياضة عالمية المهاجم رودريغو تألق وقاد البرازيل للفوز على الإكوادور (د.ب.أ)

«تصفيات المونديال»: هدف رودريغو يعيد البرازيل إلى سكة الانتصارات

أوقف المهاجم رودريغو تدهور البرازيل في تصفيات مونديال 2026 في كرة القدم، بتسجيله هدف الفوز على الإكوادور.

«الشرق الأوسط» (كوريتيبا)
رياضة عالمية الآيرلندي لي كارسلي المدرب المؤقت للمنتخب الإنجليزي (رويترز)

كارسلي لن يغني «ليحفظ الله الملك» في مواجهة إنجلترا وآيرلندا

لا يخطط المدرب المؤقت للمنتخب الإنجليزي، الآيرلندي لي كارسلي، لغناء النشيد الوطني البريطاني، قبل بداية المباراة الأولى له في منصبه، السبت، أمام آيرلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية الأوكرانية ليودميلا كيتشينوك بطلة زوجي السيدات تلتقط سيلفي مع النجمة الصينية (إ.ب.أ)

فلاشينغ ميدوز: الأوكرانية كيتشينوك تحرز لقب الزوجي بعد يومين من تأجيل زفافها

أحرزت الأوكرانية ليودميلا كيتشينوك لقب زوجي السيدات، الجمعة، في بطولة الولايات المتحدة المفتوحة في التنس، بعد يومين فقط من تأجيل حفل زفافها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

بيغولا تواجه تحدياً صعباً أمام سابالينكا في نهائي «فلاشينغ ميدوز»

الأميركية جيسيكا بيغولا تستعد لنهائي «فلاشينغ ميدوز» (أ.ف.ب)
الأميركية جيسيكا بيغولا تستعد لنهائي «فلاشينغ ميدوز» (أ.ف.ب)
TT

بيغولا تواجه تحدياً صعباً أمام سابالينكا في نهائي «فلاشينغ ميدوز»

الأميركية جيسيكا بيغولا تستعد لنهائي «فلاشينغ ميدوز» (أ.ف.ب)
الأميركية جيسيكا بيغولا تستعد لنهائي «فلاشينغ ميدوز» (أ.ف.ب)

تأمل الأميركية جيسيكا بيغولا أن تساعدها مسيرتها الرائعة ودعم الجماهير المتحمسة في بلادها على تحقيق الفوز على أرينا سابالينكا صاحبة الضربات القوية في نهائي فردي السيدات في بطولة «أميركا المفتوحة» للتنس، في وقت لاحق السبت.

وتُعد بيغولا (30 عاماً) واحدة بين الأفضل في بطولات اتحاد اللاعبات المحترفات اللواتي لم يسبق لهن الفوز ببطولة كبرى، كما أن وصول اللاعبة المولودة في بافالو في نيويورك للنهائي أمر مثير للإعجاب للغاية في ضوء الانتكاسات الناجمة عن الإصابة التي عانت منها في وقت مبكر هذا العام.

وقالت للصحافيين: «إذا أخبرني أحد في بداية العام أنني سأصل إلى نهائي بطولة أميركا المفتوحة، لكنت ضحكت بشدة؛ لأنني لم أكن أتوقع أن أصل إلى هنا. لذلك فإن التغلب على كل هذه التحديات والحصول على فرصة الفوز باللقب يوم السبت... في بلدي وفي بطولتها الكبرى أمر رائع حقاً».

وتقف في طريقها بطلة «أستراليا المفتوحة» مرتين سابالينكا التي تغلّبت بفضل إرسالها القوي وضرباتها الأرضية القوية على جميع منافساتها في «فلاشينغ ميدوز» هذا العام.

وتسعى لاعبة روسيا البيضاء والمصنفة الثانية للتعويض بعد أن أفلت نهائي العام الماضي من يديها أمام الأميركية كوكو غوف بعد فوزها بالمجموعة الأولى.

وقالت: «لقد كان العام الماضي تجربة صعبة للغاية ودرساً قاسياً للغاية. لم أكن مستعدة. ثم تأثرت عاطفياً، ولم أتمكن من التعامل مع الجماهير».

وفازت سابالينكا بخمس من سبع مواجهات بينهما في مسيرتهما، آخرها الفوز بمجموعات متتالية في نهائي بطولة «سينسناتي المفتوحة»، وقالت إنها تتوقع مواجهة صعبة أخرى.

وقالت: «خضنا عديداً من المعارك الرائعة في الماضي، وكانت مباريات صعبة ومتقاربة للغاية. إنها تقدم أداء رائعاً حقاً. لعبنا مؤخراً في (سينسناتي) وكانت مباراة صعبة. وعلى الرغم من فوزي بمجموعتين متتاليتين فإنها لم تكن مباراة سهلة على الإطلاق. إنها تتمتع حالياً بأفضل أداء لها، وأود أن أقول إنها تشعر وكأنها عادت إلى المسار الصحيح. لا أستطيع الانتظار لمواجهتها».