هل فوضى حقوق البث التلفزيوني في فرنسا تمثل تحذيراً للدوري الإنجليزي؟

ملايين المشاهدين حول العالم يتابعون الدوري الإنجليزي وحامل اللقب مانشستر سيتي (غيتي)
ملايين المشاهدين حول العالم يتابعون الدوري الإنجليزي وحامل اللقب مانشستر سيتي (غيتي)
TT

هل فوضى حقوق البث التلفزيوني في فرنسا تمثل تحذيراً للدوري الإنجليزي؟

ملايين المشاهدين حول العالم يتابعون الدوري الإنجليزي وحامل اللقب مانشستر سيتي (غيتي)
ملايين المشاهدين حول العالم يتابعون الدوري الإنجليزي وحامل اللقب مانشستر سيتي (غيتي)

من غير المرجح أن تتراجع هيمنة الدوري الإنجليزي الممتاز في أي وقت قريب، حتى بعد النتائج المؤسفة خلال عام 2024 الذي شهد مستويات مخيِّبة للآمال من الأندية الإنجليزية في البطولات الأوروبية. وعلى الرغم من اختيار نجم مانشستر سيتي رودري أفضلَ لاعب في بطولة كأس الأمم الأوروبية 2024، لم يتألق كثير من نجوم الدوري الإنجليزي الممتاز في هذه المسابقة. وفي المباراة النهائية، تغلب منتخب إسبانيا، الذي يضم لاعبين من ريال سوسيداد وأتلتيك بلباو، على المنتخب الإنجليزي المدجج بنجوم أكبر أندية الدوري الإنجليزي الممتاز.

ورغم كل ذلك، لا يزال بإمكان الدوري الإنجليزي الممتاز أن يتفاخر بأنه الأقوى والأكثر شعبية في العالم. إن مبلغَي الـ5 مليارات جنيه إسترليني الذي تم الحصول عليه مقابل حقوق بث المباريات محلياً، والـ5.05 مليار جنيه إسترليني مقابل حقوق بث المباريات خارجياً خلال الفترة بين عامي 2022 و2025، يجعلان الدوري الإنجليزي الممتاز يتفوق تماماً على باقي منافسيه من الدوريات الأوروبية الأخرى، وإن كان الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية يحصل على 7.7 مليار جنيه إسترليني في الموسم مقابل حقوق بث مبارياته!

ومع ذلك، فإن الدوري الإنجليزي الممتاز لا ينافس سوى نفسه، إن جاز التعبير، فيما يتعلق بالمقابل المادي لحقوق بث المباريات. إن مبلغ الـ200 مليون يورو (168 مليون جنيه إسترليني) التي يحصل عليها الدوري الألماني الممتاز سنوياً من حقوق بث المباريات خارجياً لا تزيد بالكاد على عُشر مبلغ الـ1.9 مليار يورو التي يتلقاها الدوري الإنجليزي الممتاز.

وفي المرتبة الثانية، يأتي الدوري الإسباني الممتاز، الذي تراجع كثيراً بعد رحيل النجمين ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو. لقد باع الدوري الإسباني الممتاز حقوق البث الخارجية في عام 2023 مقابل 897 مليون يورو سنوياً. وتشير تقارير إلى أن الدوري الإسباني الممتاز وقع صفقة طويلة الأجل مع شبكة «إي إس بي إن» الأميركية حتى عام 2029، مقابل 1.5 مليار دولار، موزعة على تلك الفترة.

وحتى لو وصلت قيمة أحدث صفقة للبث المحلي لمباريات الدوري الإسباني الممتاز، التي تستمر حتى موسم 2026 – 2027، إلى 5 مليارات يورو، فتجب الإشارة إلى أنها على مدار خمس سنوات، وليست ثلاث سنوات كما هو الحال مع الدوري الإنجليزي الممتاز. وبالمثل، كانت أحدث صفقة للبث المحلي لمباريات الدوري الإيطالي الممتاز مقابل 4.88 مليار يورو على مدى خمس سنوات. وفي الوقت نفسه، ففي الولايات المتحدة التي تُعد السوق الأجنبية الأكثر نضجاً، بيعت حقوق بث مباريات الدوري الإيطالي الممتاز إلى شبكة «سي بي إس»، وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن قيمة الصفقة كانت «أقل بكثير من قيمة الصفقة السابقة التي جرى توقيعها عام 2021، بما يتراوح بين 60 و70 مليون دولار سنوياً».

ويأخذنا هذا إلى طرح السؤال التالي: هل تتعرض هيمنة الدوري الإنجليزي الممتاز لأي تهديد؟ لا يوجد تهديد على الفور بأي حال من الأحوال، على الرغم من أن الاضطرابات في تلك الأسواق الأوروبية المتنافسة قد تشير إلى إمكانية حدوث مشكلات مستقبلية، خصوصاً في ظل استمرار أندية النخبة في العمل على تحقيق مصالحها الشخصية بعيداً عن أي اعتبارات أخرى، وفي ظل سوء الإدارة المالية. وينبغي أن تكون الفوضى التي حدثت في الدوري الفرنسي الممتاز، والتي تهدد بعضاً من أندية الدوري الممتاز بالإفلاس المحتمل في بعض الحالات، بمثابة تحذير. ولا ينبغي لنا أن نشعر بالاطمئنان لمجرد وجود استقرار في الشراكة بين الدوري الإنجليزي الممتاز وشبكة «بي سكاي بي»، التي تعود إلى عام 1992، والتي دُعمت خلال العقد الماضي بالشراكة مع شبكة «بي تي سبورتس» ثم خليفتها «تي إن تي».

لقد أراد المسؤولون التنفيذيون في الدوري الفرنسي الممتاز، الذي فقد ليونيل ميسي ونيمار والآن كيليان مبابي، أكثر من مليار يورو مقابل حقوق البث التلفزيوني، لكنه لم يجد جهة ترغب في ذلك. وبعد رفض العروض المقدمة من شركتي «كانال بلس» -التي ارتبطت بالدوري الفرنسي الممتاز حتى قبل ارتباط شبكة «سكاي سبورتس» بالدوري الإنجليزي الممتاز في عام 1984– و«بي إن سبورتس» القطرية، الشريك منذ عام 2011، فضَّل المسؤولون التنفيذيون إبرام صفقة في عام 2018 مع «ميديابرو» الإسبانية التي انسحبت من الشراكة بعد 6 أشهر فقط. واستمرت المشكلة قائمة مرة أخرى حتى الشهر الجاري.

ومؤخراً، جرى التوصل إلى صفقة بقيمة 500 مليون يورو تقريباً مع شركة «دازن» الطموحة التي تتخذ من لندن مقراً لها، والتي لديها أنشطة محلية في إسبانيا وألمانيا وإيطاليا، والتي تتمثل فلسفتها للنجاح، وفق مطلعين على وسائل الإعلام الرياضية، في الاستمرار في الإنفاق حتى تعود الأموال –ومع شركة «أمازون»، التي ستعرض مباراة واحدة في الأسبوع مقابل 100 مليون يورو في الموسم. لكن كل هذا لا يمثل سوى 50 في المائة من الدخل المتوقع للبث التلفزيوني. وفي ظل الضرر المالي الذي وقع بالفعل نتيجة انسحاب شركة «ميديابرو» من الشراكة، إلى جانب تداعيات تفشي فيروس كورونا، فلا عجب إذن أن تلجأ الأندية الفرنسية إلى بيع المواهب الشابة، مثل ليني يورو الذي انتقل من ليل إلى مانشستر يونايتد.

لكن السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: ما الذي يقتل الدجاجة التي تبيض ذهباً؟ من المؤكد أن الجشع هو أول شيء يفعل ذلك، والدليل على ذلك هو تراجع الدوري الإيطالي الممتاز الذي كان الأقوى في العالم خلال فترة الثمانينيات من القرن العشرين حتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والدوري الإسباني الممتاز في ذروة المنافسة الشرسة بين ريال مدريد وبرشلونة في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وحتى منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وسقوط هذين الدوريين في حالة من الفوضى الاقتصادية. فهل الدوري الإنجليزي الممتاز أقوى من أن يواجه نفس المصير؟ هناك عدد من الأندية الإنجليزية التي تواجه الآن قضايا مالية وقانونية معلَّقة، ويأتي في مقدمتها إيفرتون وتشيلسي ومانشستر سيتي. في الواقع، من السذاجة أن نستبعد عدم حدوث ذلك هنا في إنجلترا!

* خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة


ساندرلاند بطل «داكار» يسعى لتحقيق رقم قياسي في القيادة حول العالم

المحاولة تستهدف تحطيم الرقم القياسي البالغ 19 يوماً و8 ساعات و25 دقيقة (رويترز)
المحاولة تستهدف تحطيم الرقم القياسي البالغ 19 يوماً و8 ساعات و25 دقيقة (رويترز)
TT

ساندرلاند بطل «داكار» يسعى لتحقيق رقم قياسي في القيادة حول العالم

المحاولة تستهدف تحطيم الرقم القياسي البالغ 19 يوماً و8 ساعات و25 دقيقة (رويترز)
المحاولة تستهدف تحطيم الرقم القياسي البالغ 19 يوماً و8 ساعات و25 دقيقة (رويترز)

يستعد سام ساندرلاند، الفائز بـ«رالي داكار» مرتين في فئة الدراجات النارية، لرحلة حول العالم خلال 19 يوماً، وهو رقم قياسي يتوقع البريطاني أن يتحداه ذهنياً أكثر من أي شيء فعله من قبل.

وتسابق ساندرلاند عبر الصحارى السعودية، وأبطأه جنود في المغرب، ووقف وحيداً على قمة «برج خليفة» في دبي الذي يبلغ ارتفاعه نصف ميل... لكنه يقول إن هذه المغامرة الأخيرة قد تتفوق على كل هذه المغامرات.

وتستهدف المحاولة، التي أُعلن عنها الخميس، تحطيم الرقم القياسي البالغ 19 يوماً و8 ساعات و25 دقيقة، الذي سجله كيفن وجوليا ساندرز في عام 2002 لأسرع رحلة حول العالم بالدراجة النارية.

ولتحطيم هذا الإنجاز، الذي لم تعد موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية تعترف به بسبب المخاطر التي ينطوي عليها الأمر، فسيتعين على ساندرلاند (36 عاماً) أن يقطع ألف ميل يومياً على الطرق العامة في أوروبا وتركيا وحتى الشرق الأوسط.

وستأخذه رحلة جوية إلى المناطق النائية في أستراليا ونيوزيلندا والأميركتين، ومن هناك، سينتقل مع دراجته (تريومف تايغر 1200) إلى المغرب ثم يعود عبر أوروبا إلى بريطانيا.

وقال ساندرلاند لـ«رويترز» وهو يبتسم ابتسامة عريضة: «لا أعتقد أنه يمكنك أن تقود حول العالم وتقطع هذا العدد الكبير من الأميال في اليوم دون أن تواجه بعض العثرات على طول الطريق».

وأضاف: «عندما أحاول مقارنته بـ(رالي داكار) فإنه سيكون على الأرجح أصعب من الناحية البدنية... ليس بدنياً؛ بل ذهنياً». وتابع: «في (رالي داكار) يغمرك الأدرينالين، وتكون في غاية التركيز، وتتغير الأمور في كثير من الأحيان؛ مما يجعلك مضطراً إلى التفاعل».

وأكمل: «يكون هناك عدد من الأميال التي يجب أن تقطعها كل يوم، وعليك إنجازها... الأمر مرهق ذهنياً».

اتجاه واحد

لا يشمل الوقت المستهدف عبور المحيطات، لكن الرحلة التي تبدأ في سبتمبر (أيلول) المقبل، يجب أن تذهب في اتجاه واحد حول العالم وتبدأ وتنتهي في الموقع نفسه على الدراجة النارية نفسها.

ويجب الوصول إلى نقطتين متقابلتين في الرحلة عبر أكثر من 15 دولة و13 منطقة زمنية.

وقال ساندرلاند: «كنت أحاول شرح الأمر لوالدتي في أحد الأيام، وقلت لها: أمي، الأمر يشبه القيادة إلى أسكوتلندا، وربما نصف الطريق في العودة، كل يوم لمدة 19 يوماً».

وأضاف: «أقود الدراجة لنحو 17 ساعة يومياً. أنطلق في الساعة الـ5 صباحاً وأتوقف في نحو الساعة الـ10 أو الـ11 مساء في معظم الأيام. لذا؛ بالتأكيد في وقت متأخر من اليوم تشعر بنوع من الإرهاق الذهني، كما أن الحفاظ على التركيز والتحفيز ليس بالأمر السهل».

وتابع: «لكن على الأقل لا أتعامل مع الكثبان الرملية والجبال والغبار من المتسابقين الآخرين، وآمل ألا أضل طريقي أيضاً... من المستبعد أيضاً أن يجري إيقاف المتسابقين في (رالي داكار)، الذين يتسابقون الآن بالكامل في السعودية، بسبب السرعة أو التأخر بسبب الازدحام المروري».

وقال ساندرلاند، الذي أعلن اعتزاله السباقات الاحترافية العام الماضي: «أحتاج إلى أن أتصرف بشكل جيد. دعنا نقل: أحتاج إلى اتباع قواعد المرور وأن أتعامل معها بشكل جيد».

سيحظى ساندرلاند بطاقم دعم مكون من 6 أفراد يسافرون خلفه بسيارة من أجل الأمن والمساعدة، لكن المتسابق المدعوم من شركة «رد بول» يتوقع أن يكون في المقدمة.

كما يأمل أن يكون لمحاولته تأثير إيجابي. وقال: «في الأخبار اليوم، هناك نوع من التشاؤم والكآبة في العالم، مع كل الحروب الدائرة». وأضاف: «أعتقد أنه من الجيد أن نظهر للناس أنه لا يزال بإمكانك الخروج واختبار العالم على حقيقته».