كيف أقحم نزاع الملاكمة الأولمبي الجدل حول الأهلية الجنسية في الرياضة؟

دموع كاريني أثارت التساؤلات حول الفوز القياسي للجزائرية إيمان

نزال الجزائرية إيمان والإيطالية كاريني أثار الجدل حول الأهلية الجنسية في الرياضة (أ.ب)
نزال الجزائرية إيمان والإيطالية كاريني أثار الجدل حول الأهلية الجنسية في الرياضة (أ.ب)
TT

كيف أقحم نزاع الملاكمة الأولمبي الجدل حول الأهلية الجنسية في الرياضة؟

نزال الجزائرية إيمان والإيطالية كاريني أثار الجدل حول الأهلية الجنسية في الرياضة (أ.ب)
نزال الجزائرية إيمان والإيطالية كاريني أثار الجدل حول الأهلية الجنسية في الرياضة (أ.ب)

أثار موضوع «الأهلية الجنسية» في الرياضة، كثيراً من الجدل والتساؤلات حول كيفية إدارة الملاكمة في الألعاب الأولمبية، وتحول النزاع الإداري الغامض إلى أحدث مسرح للجدل حول كيفية السماح للنساء بالمنافسة.

جرت الموافقة على ملاكمتين هما إيمان خليف من الجزائر ولين يو - تنغ من تايوان (التي تنافس تحت مظلة تايبيه الصينية) لخوض منافسات السيدات في دورة ألعاب باريس بموجب توجيهات اعتمدت جزئياً على جوازات سفرهن وتصريح طبي لتحديد إمكانية المنافسة. ومع ذلك، فقد جرى استبعادهن من بطولة العالم 2023؛ لأن الهيئة المنظمة للحدث، وهي الرابطة الدولية للملاكمة ، قالت إن النساء فشلن في اختبار أُجْرِيَ لهن في وقت متأخر من البطولة، وإنه أظهر أن الملاكمات يتمتعن «بمزايا تنافسية مقارنة بالمنافسات الأخريات».

وقالت اللجنة الأولمبية الدولية، الخميس، إن بطولة العالم للملاكمة شهدت سوء معاملة، وإنه لا يوجد شك في أن الرياضيات اللاتي تنافسن أيضاً في دورة ألعاب طوكيو، كنّ نساءً، ويجب السماح لهن بالمنافسة، لكن القضية جرى تناولها بسرعة عبر الإنترنت مع بداية الألعاب، وتضخمت أكثر، يوم الخميس، عندما أنهت خليف نزالها الأول بوحشية في 46 ثانية، ما أجبر منافستها على الانسحاب بعد أن تعرضت لوابل من اللكمات القوية.

وشمل الحديث على الإنترنت وبين المعلقين الرياضيين تكهنات واسعة النطاق حول تصنيفات جنس الملاكمات، على الرغم من أن المسؤولين الأولمبيين على الصعيدين الوطني والدولي قد حددوا مراراً وتكراراً أن خليف ولين سيدتان مؤهلتان للمنافسة.

فقد نافست لين في نزالها الأول، الجمعة، بينما تخوض خليف نزالها التالي، السبت.

نزال الجزائرية إيمان والإيطالية كاريني أثار الجدل حول الأهلية الجنسية في الرياضة (أ.ب)... وفي الاطار الملاكمة إيمان تحتفل بفوزها الأولمبي (رويترز)

إن النزاع بين الهيئات الإدارية متصدع ومرير لدرجة أن الملاكمة نفسها، وهي واحدة من أقدم الرياضات في البرنامج الأولمبي، معرضة لخطر الإزالة ما لم تتوحد الرياضة تحت اتحاد عالمي جديد لدورة ألعاب لوس أنجليس في عام 2028.

التقت الإيطالية أنجيلا كاريني والإيطالية خليف في دور الـ16 يوم الخميس في فئة 146 رطل (66 كيلوغراماً)، وهي أول منازلة بينهما في البطولة. تبادلتا اللكمات لفترة وجيزة قبل أن ترفع كاريني يدها اليسرى في الهواء، وتتجه إلى زاويتها بعد 46 ثانية فقط من النزال، وهي نهاية غير معتادة للغاية لنزال.

وتم تسجيل النزال رسمياً على أنه «التخلي عن الجولة الأولى». ويحدث التخلي في أي وقت يتوقف فيه الملاكم طواعية عن النزال، أو عندما يستسلم الملاكم في الزاوية. وكان هذا النزال الوحيد الذي انتهى بالاستسلام في الأولمبياد هذا العام. وعندما رفع الحكم يد خليف، سقطت كاريني على السجادة، وبكت على ركبتيها. بعد ذلك، قالت كاريني إنها لم تستطع الاستمرار في الملاكمة بسبب الألم الشديد الذي تعرضت له من بعض لكمات خليف.

وقالت: «لم أستطع الاستمرار». شعرت بألم شديد في أنفي وقلت: «توقفي». من الأفضل تجنب الاستمرار. بدأ أنفي يقطر من الضربة الأولى.

وأضافت كاريني أنها لم تعترض على منافسة خليف: «لقد قمت بعملي بوصفي ملاكمة، ودخلت الحلبة وقاتلت. لم أنجح في ذلك، ولكنني سأخرج من المنافسة مرفوعة الرأس وبقلب مكسور».

وبدورها تحدثت خليف فترة وجيزة بعد النزال، وقالت للصحافيين: «تجاوزت النزال الأول. إن شاء الله للنزال الثاني. أنا مستعدة للغاية لأنني استغرقت 8 سنوات من الاستعدادات. إنها الألعاب الأولمبية الثانية لي بعد المركز الخامس في طوكيو. أريد ميدالية أولمبية هنا في باريس».

كانت خليف ولين قد وصلتا إلى أدوار الميداليات في بطولة العالم 2023 في نيودلهي عندما جرى استبعادهما.

ووصلت خليف إلى النهائي، وحصلت لين على الميدالية البرونزية. ومع ذلك، فقد جرى استبعادهما قبل يومين من نهاية اللقاء، وقال الاتحاد الدولي للسباحة، يوم الأربعاء، في بيان له إنه شعر بأن القرار مهم لنزاهة وعدالة المنافسة. كما وصف الاتحاد الدولي للسباحة الاختبارات التي أجراها: لم يخضع الرياضيون لفحص هرمون التستوستيرون، لكنهم خضعوا لاختبار منفصل ومعترف به، حيث تظل التفاصيل سرية، حسبما قالت الرابطة الدولية للرياضات البدنية. أشار هذا الاختبار بشكل قاطع إلى أن كلتا الرياضيتين لم تستوفيا معايير الأهلية اللازمة المطلوبة، وتبين أنهما تتمتعان بمزايا تنافسية مقارنة بالمنافسات الأخريات. انتقدت اللجنة الأولمبية الدولية، يوم الخميس، طريقة تعامل الاتحاد الدولي للرياضات البدنية مع البطولة، وقالت إن خليف ولين لم تُمنحا أي إجراءات قانونية. وقالت اللجنة الأولمبية الدولية، مستشهدةً بمحضر الاجتماع الذي اتُّخذ فيه القرار: «تم اتخاذ هذا القرار في البداية من قبل الأمين العام والرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للاعبين المحترفين فقط».

ولم يصادق مجلس إدارة الاتحاد الدولي على القرار إلا بعد ذلك، ولم يطلب إلا بعد ذلك وضع إجراء يتبع في حالات مماثلة في المستقبل، وينعكس في لوائح الاتحاد الدولي.

تم السماح لخليف، 25 عاماً، ولين، 28 عاماً، بالمنافسة في الأولمبياد، يوم الاثنين. وقالت اللجنة الأولمبية الدولية في بيان لها في ذلك الوقت إنها تتبع القواعد التي وضعتها وحدة الملاكمة في باريس، وهي وحدة مخصصة لتنظيم البطولة في هذا الأولمبياد.

وتشمل القواعد اللوائح الطبية والمبادئ التوجيهية لكيفية تحديد هوية الملاكمين. وقالت اللجنة الأولمبية الدولية في بيانها، يوم الخميس: كما هي الحال في مسابقات الملاكمة الأولمبية السابقة، فإن جنس وأعمار الرياضيين يجري تحديدها بناءً على جواز سفرهم. لا يسمح القانون الجزائري للأشخاص بتغيير جنسهم في الوثائق الرسمية أو غير ذلك، وفقًا لموقع «أكوا ليديكس»، وهو موقع إلكتروني يتتبع قوانين المثليين حسب البلد للمسافرين.


مقالات ذات صلة

«أولمبياد باريس - فروسية»: المصري نائل صهر بيل غيتس ينسحب بسبب إصابة جواده

رياضة عالمية الفارس المصري نائل نصار لن يشارك في الأولمبياد (اللجنة الأولمبية المصرية)

«أولمبياد باريس - فروسية»: المصري نائل صهر بيل غيتس ينسحب بسبب إصابة جواده

انسحب نائل نصار صهر الملياردير الأمريكي بيل غيتس، وهو الفارس الوحيد الذي يمثل مصر في أولمبياد باريس وثار جدل كبير حول مشاركته، من منافسات قفز الحواجز.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية الملاكمة التايوانية يو تينغ لين (رويترز)

«أولمبياد باريس - ملاكمة»: التايوانيون يتضامنون مع لين بعد جدل حول جنسها

ضجّت حانة رياضية في تايبيه بتصفيق الجمهور بعد إعلان فوز الملاكمة التايوانية يو تينغ لين في مباراتها الافتتاحية ضمن أولمبياد باريس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية الهولندية كارولين فلورين تحرز ذهبية التجديف للقارب الفردي للسيدات (أ.ف.ب)

«أولمبياد باريس - تجديف»: فلورين تمنح هولندا ميدالية ذهبية

تُوجت الهولندية كارولين فلورين بالميدالية الذهبية في مسابقة التجديف للقارب الفردي للسيدات في أولمبياد باريس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية السباح الأسترالي كاميرون ماكيفوي (أ.ف.ب)

«أولمبياد باريس - سباحة»: ماكيفوي يتجاوز نتائج طوكيو وينطلق نحو الذهب

توج السباح الأسترالي (30 عاما) الجمعة بأول ميدالية ذهبية لبلاده في سباق 50 مترا حرة في دورة الألعاب الأولمبية الرابعة التي يشارك فيها بعد الفوز بالسباق.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الرياضة النيوزيلندي ديلان شميت في نهائي جمباز الترمبولين للرجال في دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 (أ.ف.ب)

لا تجربها بالمنزل... خبراء يحذرون من تقليد بعض الرياضات الأولمبية

حذر أطباء العلاج العلاج والطب الرياضي من تجربة بعض الأنشطة الأولمبية في المنزل بعد سلسلة من الإصابات التي تعرض لها الهواة الطموحون.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«أولمبياد باريس - ملاكمة»: التايوانيون يتضامنون مع لين بعد جدل حول جنسها

الملاكمة التايوانية يو تينغ لين (رويترز)
الملاكمة التايوانية يو تينغ لين (رويترز)
TT

«أولمبياد باريس - ملاكمة»: التايوانيون يتضامنون مع لين بعد جدل حول جنسها

الملاكمة التايوانية يو تينغ لين (رويترز)
الملاكمة التايوانية يو تينغ لين (رويترز)

ضجّت حانة رياضية في تايبيه بتصفيق الجمهور بعد إعلان فوز الملاكمة التايوانية يو تينغ لين في مباراتها الافتتاحية ضمن أولمبياد باريس 2024. فوزٌ جاء وسط جدل حاد حول هويتها الجنسية.

وطغى جدل جنسي كبير على منافسات الملاكمة بسبب مشاركة لين والجزائرية إيمان خليف اللتين استبعدتا سابقاً من بطولة العالم، وحُرمت الأولى من البرونزية بسبب «معايير الأهلية» غير المحدّدة، ما دفع البعض إلى الادعاء بأن الاثنتين رجلان أو متحوّلان جنسياً ويتنافسان في منافسات السيدات.

وتفاقم الجدل بعد ردّ فعل الرئيس الأميركي السابق والمرشح الحالي دونالد ترمب، ورئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، والروائية جيه كيه رولينغ مؤلفة سلسلة روايات «هاري بوتر»، ومجموعة من المعلّقين بعد فوز خليف على الإيطالية أنجيلا كاريني المنسحبة بعد 46 ثانية فقط من النزال، الخميس الماضي.

واستُبعدت خليف ولين من بطولة العالم الماضية في نيودلهي، على الرغم من مشاركتهما في أولمبياد طوكيو قبل ثلاث سنوات.

وبسبب هذا الجدل، زاد الدعم للرياضة وللين في تايوان.

قالت مهندسة الكومبيوتر هانا هوانغ التي قضت مساء الجمعة تشجّع لين في حانة رياضية في تايبيه: «لم ترتكب أي خطأ، هكذا هي. من غير الضروري الهجوم على مظهرها».

وأضافت صديقتها تريسي وو التي اعترفت بأنها لا تشاهد الملاكمة، ولكنها تابعت الجدل، أن الكراهية على الإنترنت ناتجة عن كون لين هي من المرشّحات للفوز بالذهبية.

وتابعت: «الجميع يشعر بالتهديد الشديد منها، لذا قد يكون هذا هو السبب خلف الهجوم عليها».

وحذّر المتحدث باسم اللجنة الأولمبية الدولية مارك أدامز من تحول الجدل إلى «مطاردة المشعوذين».

قال: «يجب أن أوضح للجميع: هذه ليست قضية متحوّلين جنسياً. هؤلاء النساء قد تنافسن في البطولات لسنوات عديدة».

وأردف: «هذه مسألة تتعلق بأناس حقيقيين، ونحن نتحدث عن حياة أناس حقيقيين هنا».

قبل نزالها مع الأوزبكية سيتورا تورديبيكوفا، تجاهلت لين الجدل، قائلة إنها كانت «تضبط ذهنها».

وأضافت في حديث لقناةٍ محلية: «أعتقد أن منافساتي يخفن من قوتي»، لذا فإن منتقديها «يبحثون فقط عن ثغرة ويصنعون منها قصّة كبيرة»، مؤكّدة أنها لا تتأثر بذلك.

في نهاية المطاف، تغلّبت لين على تورديبيكوفا بمهارة بدلاً من القوة، مستخدمة مدى يديها لتسجيل نقاط باللكمات وتفادي محاولات الأوزبكية لتحويل النزال إلى قتالٍ عنيفٍ قريب.

أشادت المتفرّجة وو بعقلية لين «الإيجابية»، وأضافت أن الملاكمة الشابة بدأت الرياضة لحماية والدتها من والد مسيء.

وتابعت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كانت تريد تعلّم الملاكمة لحماية والدتها، لا أعتقد أن هناك أي سؤال حول جنسها... أعتقد أنها شُجاعة جداً».

وأشارت وو إلى أنها محبطة من كاتبة سلسلة روايات «هاري بوتر» قائلةً: «لقد صنعت طفولتنا... مشاركة تقارير مثل هذه، تقارير غير مؤكدة، أمرٌ محبط».

ووحّد الجدل على الإنترنت بين معسكرين سياسيين متنافسين في تايوان.

دعا الرئيس لاي تشينغ تي الجزيرة إلى «التوحّد وتشجيعها (لين)»، بينما قال عمدة مدينة نيو تايبيه هو يوي إيه، وهو سياسي بارز ينتمي إلى حزب «الكومينتانغ» المعارض: «نحن جميعاً نقف إلى جانبها من دون شك».

وشجّع كونور وانغ وأصدقاؤه لين بحماسة وهم يشاهدون المباراة على شاشة كبيرة.

قال العامل في مجال التأمين البالغ من العمر 35 عاماً: «ملاكمة تايوانية على مستوى دولي ليس أمراً سهلاً... أعتقد أنه أمرٌ رائع جداً».

وأجاب وانغ عن الجدل حول الهوية الجنسية للين: «لا أعتقد أن هناك ما يمكن مناقشته».