نجاحات ساوثغيت الكبرى يجب ألّا تضيع لمجرد الرغبة في إحداث تغيير

لماذا لا تزال إنجلترا عاجزة عن إفراز لاعبي خط وسط من نوعية رودري؟

كانت الكأس قريبة جداً من ساوثغيت قبل أن تصبح بعيدة المنال عنه (أ.ب)
كانت الكأس قريبة جداً من ساوثغيت قبل أن تصبح بعيدة المنال عنه (أ.ب)
TT

نجاحات ساوثغيت الكبرى يجب ألّا تضيع لمجرد الرغبة في إحداث تغيير

كانت الكأس قريبة جداً من ساوثغيت قبل أن تصبح بعيدة المنال عنه (أ.ب)
كانت الكأس قريبة جداً من ساوثغيت قبل أن تصبح بعيدة المنال عنه (أ.ب)

ما الذي حدث بالضبط للمنتخب الإنجليزي في نهائيات كأس الأمم الأوروبية؟ وما الدروس المهمة التي يمكن تعلمها من هذه التجربة؟ وكيف يمكننا التأكد من عدم فشل المنتخب الإنجليزي مرة أخرى؟ في الحقيقة، دائماً ما تكون عمليات التقييم بعد نهاية البطولات أمراً مرهقاً للغاية، خصوصاً في ظل اعتقاد كثيرين بأن لديهم حلولاً سحرية لكل المشكلات، واعتقادهم بأنهم يعرفون التفاصيل الدقيقة لكيفية تحقيق النجاح. وهناك وجهات نظر مختلفة ومتنوعة في هذا الشأن، من قبيل: كنا سنحصد اللقب لو كان لدينا محور ارتكاز مثل النجم الإسباني رودري! لن نفوز بأي شيء حتى نسيطر على خط الوسط! أطلقوا العنان لهذا الجيل الذهبي غير المسبوق! تخلوا عن الحذر المبالغ فيه واسمحوا للاعبين أن يلعبوا بحرية! العبوا بطريقة إيطاليا نفسها! كونوا مثل فرنسا! كونوا مثل إسبانيا!

في الواقع، كانت أعظم نقطة قوة لدى المدير الفني السابق للمنتخب الإنجليزي، غاريث ساوثغيت، تتمثل في قدرته على العمل بعيداً عن الضوضاء وكل مصادر التشتيت، التي يبدو أن كثيراً منها ينبع من سوء فهم واضح لكرة القدم. صحيح أن اللعب الهجومي شيء جيد، وربما يكون صحيحاً أن المنتخب الإنجليزي كان بإمكانه اللعب بقدر أكبر من الجرأة والمغامرة، لكن سبب خسارة إنجلترا أمام إسبانيا هو أنه بعد رمية التماس التي لعبها كايل ووكر في الدقيقة 75 إلى جون ستونز، لم يلمس اللاعبون الإنجليز الكرة في نصف ملعب إسبانيا لمدة 13 دقيقة كاملة، وهي الفترة التي اهتزت فيها شباك جوردان بيكفورد بالهدف الثاني. ولم تكن المشكلة تتمثل فيما فعله اللاعبون بالكرة، لكنها كانت تتمثل في إعادة الكرة إلى الخلف باستمرار.

ساوثغيت يتفحص بحزن ميدالية الوصيف (رويترز)

ويرجع كثير من الحلول إلى فكرة غريبة مفادها أن الخسارة في المباراة النهائية لإحدى البطولات الكبرى تعد فشلا، وكأن إنجلترا – الدولة التي يتمثل سجلها بالكامل في الفوز ببطولة واحدة من ضمن 35 بطولة شاركت فيها - لا ينبغي أن تتوقع أي شيء آخر سوى الفوز بالكأس! ويجب أن نشير هنا إلى أنه إذا وصل خليفة ساوثغيت إلى الدور قبل النهائي لأي بطولة، فسيصبح العضو الخامس فقط في قائمة النخبة من مدربي المنتخب الإنجليزي الذين نجحوا في الوصول لهذا الدور حتى الآن! وفي أربع بطولات تحت قيادة ساوثغيت، وصلت إنجلترا إلى النهائي مرتين، وإلى الدور نصف النهائي والدور ربع النهائي. وبالمقارنة مع سجل أسلافه، يُعد هذا بمثابة نجاحات استثنائية، خاصة أنه لم ينجح أي منتخب آخر في تحقيق هذا النجاح المتواصل خلال تلك المدة الزمنية. وبالتالي، فإن السؤال المنطقي لا يتعلق بما يجب على المدير الفني الجديد أن يفعله بشكل مختلف بقدر ما يتعلق بما يجب عليه أن يُبقي عليه دون تغيير.

لكن هذا لا يعني أن كل شيء على ما يرام، فهناك دائماً بعض التحسينات التي يمكن القيام بها. إن الأمر يتعلق بشكل أكبر بالعمل على ضمان عدم ضياع النجاحات الكبيرة التي حققها ساوثغيت لمجرد الرغبة في إحداث تغيير جذري. ودعونا نعترف بأن ساوثغيت قد حسّن الأجواء المحيطة بالفريق، وتخلص من الانقسامات السابقة التي كنا نراها بين مجموعات مختلفة من اللاعبين وفق الأندية التي يلعبون لها، وقضى على الغرور الذي كان يتسبب في إضرار بالغ - على الرغم من وجود تلميحات هذا الصيف إلى أنه قد تكون هناك حاجة لبعض العمل مرة أخرى في هذا الصدد. وعلاوة على ذلك، لم تعد ركلات الترجيح تمثل لعنة للمنتخب الإنجليزي، كما كانت في السابق، وأصبح اللعب لمنتخب إنجلترا يبدو مرة أخرى وكأنه شرف لا يناله إلا الذين يؤدون مستويات قوية مع أنديتهم.

ساوثغيت يواسي بيلينغهام بعد ضياع حلم الفوز بـ«يورو 2024»

ربما كانت البطولة الأخيرة لساوثغيت على رأس القيادة الفنية للمنتخب الإنجليزي، على الرغم من أنه كان متعادلاً في المباراة النهائية حتى قبل نهاية الوقت الأصلي للمباراة بأربع دقائق فقط، هي الأسوأ بالنسبة له. لقد كان هناك فشل واضح في التحضير والاستعداد لهذه البطولة، وكانت هناك مشكلة فيما يتعلق بإيجاد الشريك المناسب لديكلان رايس في خط الوسط، وهي المشكلة التي ظلت مستمرة لفترة طويلة، وهو الأمر الذي أدى - إلى جانب عدم وجود ظهير أيسر يلعب بقدمه اليسرى - إلى ظهور خلل واضح في التوازن، وهو ما أدى بدوره إلى التأثير على القدرات الإبداعية للفريق ككل. وكما اعترف ساوثغيت، فقد وجدت إنجلترا صعوبة في إيجاد البديل المناسب لكالفين فيليبس، الذي تم استبعاده من القائمة بعد تراجع مستواه بشكل واضح. وعلى الرغم من أن كوبي ماينو قام بعمل جيد ضد سويسرا وهولندا، فإن قلة خبرته ظهرت في المباراة النهائية. لكن على أي حال، فإنه لا يمتلك صفات وإمكانيات محور الارتكاز التقليدي، الذي يمكنه أن يساعد ديكلان رايس على تقديم أفضل ما لديه داخل الملعب.

ولحسن الحظ، فإن أيام المطالبة بالإصلاح الشامل الجذري قد ولت، وأصبح نجاح ما يعرف بـ«خطة أداء لاعبي النخبة» وبرنامج الاتحاد الإنجليزي لتطوير اللاعبين الشباب واضحاً تماماً من خلال وفرة عدد كبير من اللاعبين المبدعين في خطي الوسط والهجوم من المستوى العالمي. ومع ذلك، فإن عدم اللعب بالأريحية التي يلعب بها المنتخب الإسباني عند الاستحواذ على الكرة، والشعور بالذعر في بعض الأحيان كما حدث أمام الدنمارك، لا يتعلق بالنواحي الخططية بقدر ما يتعلق بالعقلية وطريقة التفكير. ومن الواضح أن قميص المنتخب الإنجليزي لا يزال ثقيلاً على بعض اللاعبين، ويسبب لهم كثيراً من الضغوط، ومن الواضح أيضاً أن هذا الأمر سيستمر حتى يحصل المنتخب الإنجليزي على بطولة كبرى.

لكن إنجلترا لا تزال عاجزة عن إفراز لاعبي خط وسط يلعبون بأريحية كبيرة عند الاستحواذ على الكرة: لا يمتلك المنتخب الإنجليزي لاعباً من طراز رودري أو سيرجيو بوسكيتس أو نغولو كانتي أو جورجينيو أو أندريا بيرلو. ربما كان مايكل كاريك قريباً من هذه النوعية من اللاعبين، لكنه كان دائماً ضحية للنقاشات التي لا نهاية لها فيما يتعلق بما إذا كان يجب الدفع بجيرارد ولامبارد معا في خط وسط إنجلترا أم لا. وفي الآونة الأخيرة، كان فيليبس هو أقرب لاعب إنجليزي لهذه النوعية من اللاعبين. ويجب الإشارة هنا إلى أنه لا توجد طريقة واحدة لتحقيق الفوز في كرة القدم، لكن وجود محور ارتكاز قادر على الاستحواذ على الكرة بشكل جيد والتحكم في رتم ووتيرة المباريات من شأنه أن يحل كثيراً من المشكلات فيما يتعلق بتوازن خط الوسط والسيطرة على مجريات الأمور. إنها خطة طويلة المدى، لكن ربما يكون من المفيد النظر إلى تطوير اللاعبين الشباب والتساؤل عن سبب ذلك!

ولعل الأمر الأكثر أهمية والأكثر إثارة للجدل يتعلق بمسألة التدريب، فإنجلترا تفرز الآن الكثير من اللاعبين المميزين، لكن الدوري الإنجليزي الممتاز لا يوجد به الآن سوى ثلاثة مدربين إنجليز فقط (مقابل خمسة إسبان)، في حين أن قائمة المديرين الفنيين الإنجليز الذين لا يزالون على قيد الحياة والذين فازوا ببطولة كبرى في أوروبا تضم 10 أشخاص فقط. وبخلاف غراهام بوتر، الذي فاز بلقب كأس السويد مع أوسترسوند، فإن ستيف مكلارين هو أصغر مدير فني إنجليزي في هذه القائمة بعمر يصل إلى 63 عاماً!

قد يكون صحيحاً، كما يزعم كثير من المديرين الفنيين الإنجليز، أنهم يمتلكون موهبة كبيرة لكن يتم تجاهلهم في أندية النخبة لأنه يُنظر إليهم على أنهم غير جذابين إلى حد ما أو يفتقرون إلى الخبرة المطلوبة، ومن المألوف أيضاً بالنسبة لأي مدير فني واعد أن يقود فريقاً للصعود للدوري الإنجليزي الممتاز، قبل أن يجد نفسه مضطراً للمنافسة مع أندية أخرى ذات موارد مالية أعلى بكثير، لكن حتى لو كانت المشكلة هيكلية ومؤسسية، فإن إفراز المديرين الفنيين الجيدين يعد مجالاً تتخلف فيه إنجلترا بفارق كبير عن باقي الدول الأوروبية الكبرى الأخرى، وهو الأمر الذي يكون له بعد ذلك تأثير غير مباشر على قدرتها على التعامل مع لاعبي النخبة والمنافسة في الدور نصف النهائي والنهائي للبطولات الكبرى. ومن المؤكد أن ذلك يقلل من عدد المرشحين الواقعيين عند البحث عن مدير فني لمنتخب إنجلترا.

رودري وكأس افضل لاعب في «يورو 2024» (رويترز)

وعلى المدى القصير، سيتعين على من يتولى المسؤولية خلفاً لساوثغيت التعامل مع المشكلات الثلاث المترابطة والمتمثلة في مركز محور الارتكاز، ومركز الظهير الأيسر، وعدد المهاجمين الذين يمكن استيعابهم داخل الفريق. لكن من المؤكد أنه ستظهر مشكلات جديدة، وهذا أمر طبيعي تماماً في عالم كرة القدم. من المؤكد أن التخطيط الجيد يساعد كثيراً في البطولات الكبرى، وقد استفادت إنجلترا بالفعل من هذا الأمر تحت قيادة ساوثغيت، لكن من الواضح أن كثيراً من العمل يدور حول حل المشكلات بسرعة وإيجاد طريق للنجاح. لكن هذا لا يعني أنه لا ينبغي الإشارة إلى أن عدداً قليلاً جداً من الفرق هي التي تفوز بالبطولات بشكل مثير للإعجاب مثل إسبانيا!

وبدأ البحث عن مدرب إنجلترا المقبل مع طرح الكثير من الأسماء والتكهنات حول من قد يحل محل ساوثغيت في أحد أهم المناصب في كرة القدم. وسيحتاج المدرب المقبل إلى التحلي بالمسؤولية لتحمل التوقعات والانتقادات إذ تسعى إنجلترا للحصول على أول لقب كبير لها منذ فوزها بكأس العالم 1966 على أرضها. ومن المحتمل أن تكون خبرة معرفة الدوري الإنجليزي الممتاز مطلوبة، وكذلك مهارات الإدارة البشرية المتمثلة في القدرة على تطوير والحفاظ على روح وثقافة الفريق مع تحمل الانتقادات التي ستوجه للمدرب.

وإذا اختار الاتحاد الإنجليزي، كما هو متوقع، مدرباً إنجليزياً آخر فإن إيدي هاو مدرب نيوكاسل يونايتد، وغراهام بوتر مدرب تشيلسي السابق، بالإضافة إلى لي كارسلي مدرب فريق دون 21 عاماً هم المرشحون الأوفر حظاً. وذهب المراهنون إلى اختيار مدربين أجانب في لمحات تبدو خيالية، مع وضع احتمالات على تولي ماوريسيو بوكيتينو مدرب ساوثهامبتون وتوتنهام هوتسبير وباريس سان جيرمان وتشيلسي السابق، أو توماس توخيل مدرب تشيلسي وبايرن ميونيخ السابق أيضاً، أو يورغن كلوب، الذي ترك تدريب ليفربول مؤخراً، للمسؤولية.

*خدمة «الغارديان»



«أولمبياد باريس»: مدرب سباحة أسترالي مهدد بالطرد لتشجيعه كورياً

المدرب الأسترالي مهدد بالرحيل من باريس (رويترز)
المدرب الأسترالي مهدد بالرحيل من باريس (رويترز)
TT

«أولمبياد باريس»: مدرب سباحة أسترالي مهدد بالطرد لتشجيعه كورياً

المدرب الأسترالي مهدد بالرحيل من باريس (رويترز)
المدرب الأسترالي مهدد بالرحيل من باريس (رويترز)

يواجه مدرب أسترالي احتمال طرده من قِبل بلاده من الألعاب الأولمبية التي تستضيفها باريس اعتباراً من الجمعة، وذلك بعد تشجيعه سباحاً من كوريا الجنوبية على حساب اثنين من مواطنيه.

وقال مايكل بالفري، الذي يُشكل أحد أعضاء الطاقم التدريبي لفريق السباحة الأسترالي في أولمبياد باريس، في حديث لوسيلة إعلامية كورية جنوبية إنه يفضّل فوز وو-مين كيم بالذهب على حساب مواطنيه سام شورت، وإيلايجا وينينغتون في سباق 400 متر (حرة).

وسيتواجه السباحون الثلاثة المتوجون سابقاً أبطالاً للعالم اعتباراً من السبت في اليوم الافتتاحي لمنافسات السباحة في مجمع «لا ديفانس أرينا».

وعلّق المدرب الرئيسي لفريق السباحة الأسترالي، روهان تايلور، على ما أدلى به بالفري، قائلاً: «أشعر بخيبة كبيرة، خيبة هائلة. أن يقوم مدرب من فريقنا بتشجيع رياضي آخر على حساب رياضيينا، هذا أمر غير مقبول».

وعمل بالفري مع السباحين الأستراليين زاك إينسيرتي، وآبي كونور، وأليكس بيركنز، لكنه أشرف أيضاً على السبّاح الكوري الجنوبي خلال تمارينه في بريزبين الأسترالية استعداداً للأولمبياد الباريسي.

ووفقاً لصحيفة «سيدني مورنينغ هارالد»، كان بالفري يرتدي ألوان الفريق الأسترالي؛ بعدما أجرى المقابلة مع الصحافيين الكوريين، قائلاً: «هيا كوريا» خلال تمنيه التوفيق لكيم.

وقال تايلور: «إنه بحاجة لاتخاذ قرار (عملي... عاجلاً وليس آجلاً) بشأن بقاء بالفري في الفريق، وتحقيق التوازن بين احتياجات سبّاحيه والاستياء الذي تسبّب به.

ورأى أن «الترويج لرياضي غير أسترالي هو أمر غير أسترالي بصراحة. الخيارات هي إما أن يعود إلى منزله وإما يبقى، وما هو تأثير ذلك على أداء الفريق»، مضيفاً: «إذا عاد إلى المنزل، فعلينا العثور على مدرّبين آخرين لحمل العبء، ومدرّبونا مرهقون حقاً».

أما «إذا بقي، فالأمر يتعلّق بديناميكية الفريق، وما إذا كان المدرّبون الآخرون يمكنهم دعم ذلك، ويمكن للرياضيين القيام بعملهم من دون أن يشتّت تركيزهم».

ووصفت رئيسة البعثة الأسترالية، آنا ميريس، تعليقات بالفري بأنها «خطأ جسيم في الحكم»، مضيفةً: «مثل الكثير من الناس، كانت مفاجأة وصدمة. أفكاري الأولى كانت موجّهة إلى الرياضيين ورفاهيتهم».

وتحدّث زاك ستابلتي-كوك، الذي يستعد للدفاع عن لقبه في سباق 200 متر (صدر)، إلى زميليه وينينغتون وشورت، الخميس، وقال إنهما «لم يكونا منزعجين كثيراً بصراحة» مما حصل، مضيفاً «نعم، إنه أمر مخيب للآمال، لكنه لم يهز القارب كثيراً»، أي أنه لم يزعزع الاستقرار في الفريق الأسترالي.