«أولمبياد باريس»: مساواة بين الجنسين للمرّة الأولى في تاريخ الألعاب

فريق كندا للسيدات خلال التدريب (رويترز)
فريق كندا للسيدات خلال التدريب (رويترز)
TT

«أولمبياد باريس»: مساواة بين الجنسين للمرّة الأولى في تاريخ الألعاب

فريق كندا للسيدات خلال التدريب (رويترز)
فريق كندا للسيدات خلال التدريب (رويترز)

ستُحقّق الألعاب الأولمبية الحديثة التي كان يُنظر إليها في بداياتها على أنها «احتفال بقوّة الرجال» دون مشاركات السيدات، المساواة بين الجنسين للمرّة الأولى في نسخة باريس هذا العام، وذلك بعد مرور 128 عاماً على نسختها الأولى.

عندما أعاد البارون الأرستقراطي الفرنسي، بيار دو كوبرتان، إحياء هذا الحدث اليوناني القديم أواخر القرن التاسع عشر، رأى فيه احتفالاً بالألعاب الرياضية للرجال، عادّاً أن «التصفيق النسائي كان بمثابة المكافأة له».

ماكرون مع بطلة التزلج الألبي والبطلة البارالمبية الفرنسية ماري بوشيه ووزيرة الرياضة أميلي أودا كاستيرا (رويترز)

في عام 1924، وفي آخر مرة أقيمت فيها الألعاب الأولمبية في باريس، كان 4 في المائة فقط من المتنافسين من الإناث، واقتصرت مشاركتهن على الألعاب الرياضية التي تُعد مناسبة لهن، مثل السباحة وكرة المضرّب والكروكيه.

وقالت مديرة اللجنة الأولمبية الدولية، المسؤولة عن المساواة بين الجنسين، ماري سالوا، للصحافيين حول ألعاب باريس 2024، في اليوم العالمي للمرأة في مارس (آذار) الماضي: «للمرّة الأولى في تاريخ الألعاب الأولمبية، سنحقّق المساواة بين الجنسين في المنافسات».

ويأتي هذا الإنجاز نتيجة الارتفاع الزائد لمشاركة الإناث في كل دورة ألعاب، ما يعكس الاتجاهات المجتمعية الأوسع في معظم أنحاء العالم، التي فتحت تدريجياً مجالات مخصّصة للذكور فقط من المناصب في مجلس الإدارة إلى حق التصويت.

وأضافت ماري سالوا: «احتجنا إلى وقت طويل جداً حتى نصل أخيراً إلى 44 في المائة من النساء في لندن عام 2012، وهي النسخة الأولى التي استطاعت فيها النساء المشاركة في جميع الألعاب الرياضية، ثم 48 في المائة في طوكيو عام 2021».

لاعب ولاعبة يتسلقان الجدار في صالة رياضية متخصصة في التسلق في مونتفرميل (أ.ف.ب)

للرجال فقط

كانت الحواجز أمام النساء عالية جداً، لدرجة أنهن اضطررن إلى المنافسة في «الألعاب الأولمبية النسائية» الرديفة في عشرينات القرن الماضي، قبل أن تجعل اللجنة الأولمبية الدولية مشاركة النساء تحت كنفها.

في عام 1928 في أمستردام، سُمح لهن بالمنافسة في ألعاب القوى للمرّة الأولى، لكن مشهد العداءات المنهكات بعد نهائي سباق 800 متر، أذهل المتفرجين الذكور، لدرجة أنه جرى استبعادهن مرة أخرى.

وحتى عام 1968، وبعد مرور أربعين عاماً، مُنعت النساء من المنافسة في أي سباق تزيد مسافته على 200 متر، وحتى في عام 1976، كانت المنافسات النسائية لا تُشكّل سوى ربع البرنامج الأولمبي.

وبعد أن اعتبرن لفترة طويلة غير قادرات على التعامل مع المتطلبات البدنية للماراثون، سُمح لهن بالمشاركة للمرة الأولى في ألعاب لوس أنجليس عام 1984. وقال رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، البريطاني سيباستيان كو، مؤخراً في باريس: «قطعنا شوطاً طويلاً خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً».

الملاكمة الكندية ثيبولت تتأهب لنزالها على الميدالية الذهبية في الوزن المتوسط (أ.ب)

أوقات الذروة

لن يتساوى عدد الرجال والنساء المشاركين في أولمبياد باريس فحسب، بل ستُعطى أهمية أكبر للأحداث النسائية.

فبدلاً من أن يكون سباق ماراثون الرجال الحدث الأبرز في رياضة ألعاب القوى، قبل الحفل الختامي كما درجت العادة، سيكون هذا الحدث مخصصاً لماراثون السيدات بدلاً من ذلك.

وأضافت ماري سالوا: «بذلنا كثيراً من الجهد لتنظيم الأحداث النسائية لضمان ظهورها، أي خلال عطلة نهاية الأسبوع عندما يكون هناك عدد أكبر من المشاهدين، أو خلال أوقات الذروة».

وبالنسبة لحفل الافتتاح، اقترحت اللجنة الأولمبية الدولية أيضاً على كل وفد وطني ترشيح اثنين من حاملي العلم، رجل وامرأة.

واعترفت ماري سالوا بأن رياضة النخبة لا يزال أمامها كثير من العمل لتحقيق المساواة الحقيقية بين الجنسين.

الفرنسية فييرو تبتسم وهي تجدف إلى خط التزلج خلال يوم تدريبي قبل انطلاق منافسات ركوب الأمواج (أ.ب)

ومن بين طاقم التدريب في دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة في طوكيو، كان 13 في المائة فقط من المدرّبين من النساء.

وتظل الإدارة الرياضية ذات أغلبية ساحقة من الذكور، بمن في ذلك في الوفود الأولمبية الوطنية، وفي الاتحادات التي تدير الرياضة.

ولم تكن لدى اللجنة الأولمبية الدولية مطلقاً قائدة نسائية، ولا يزال عدد أعضائها المؤلف من 106 مندوبين يصوّتون على القرارات الرئيسة، 59 في المائة منهم من الذكور.

لكن المنظّمة ضمنت المساواة بين الجنسين في لجانها الداخلية، وزاد عدد الأعضاء النساء بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.

وختمت ماري سالوا: «اللجنة الأولمبية الدولية بحاجة لأن تكون نموذجاً يُحتذى به، وأن تكون قدوة».


مقالات ذات صلة

أولمبياد باريس: انسحاب الدنماركي رونه من منافسات التنس بسبب الإصابة

رياضة عالمية هولغر رونه (أ.ب)

أولمبياد باريس: انسحاب الدنماركي رونه من منافسات التنس بسبب الإصابة

اضطر الدنماركي هولغر رونه إلى الانسحاب من مسابقة كرة المضرب للرجال في أولمبياد باريس الذي يفتتح، الجمعة، وذلك بسبب إصابة في المعصم، وفق ما أعلن الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة سعودية موسى ديابي لحظة تقديمه في مقطع فيديو بقميص ناديه الجديد (نادي الاتحاد)

بـ65 مليون دولار… الاتحاد يضم موسى ديابي رسمياً

أعلن نادي الاتحاد المنافس في دوري المحترفين السعودي لكرة القدم، يوم الأربعاء، تعاقده مع الجناح الفرنسي موسى ديابي قادماً من أستون فيلا الإنجليزي.

علي العمري (جدة)
رياضة عالمية الدوري الأميركي للمحترفين قال إنه سيتم بث حوالي 75 مباراة في الدور التمهيدي (شركة كومكاست)

الدوري الأميركي للسلة يوقّع اتفاقية بث بقيمة 76 مليار دولار

اقتنصت شبكة «إي.إس.بي.إن» التابعة لـ«والت ديزني» و«إن.بي.سي يونيفرسال» المملوكة لـ«كومكاست» و«أمازون دوت كوم» حقوق نقل مباريات دوري السلة الأميركي لكرة السلة.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
رياضة عالمية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي: مشاركة أوكرانيا في الأولمبياد إنجاز في زمن الحرب

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأربعاء)، إن مجرد مشاركة بلاده في دورة الألعاب الأولمبية تمثل إنجازاً في زمن الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
رياضة عالمية يانيك سينر (أ.ف.ب)

«أولمبياد باريس»: الإيطالي سينر ينسحب بسبب المرض

سيغيب الإيطالي يانيك سينر، المصنّف أوّل عالمياً في كرة المضرب، عن أولمبياد باريس الصيفي، الذي ينطلق، الجمعة، بسبب المرض، بحسب ما أعلن، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)

«الوادا» ستضع الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات قيد الامتثال

ترافيس تيجارت رئيس «الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات» (أ.ف.ب)
ترافيس تيجارت رئيس «الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات» (أ.ف.ب)
TT

«الوادا» ستضع الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات قيد الامتثال

ترافيس تيجارت رئيس «الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات» (أ.ف.ب)
ترافيس تيجارت رئيس «الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات» (أ.ف.ب)

قالت «الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات» (الوادا) لـ«رويترز» إنها ستحيل «الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات» إلى اللجنة المستقلة لمراجعة الامتثال الشهر المقبل، في خطوة تاريخية يمكن أن تعرض للخطر الدولة المضيفة لدورتي الألعاب الأولمبيتين 2028 و2034.

وتتخذ «الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات» هذه الخطوة نتيجة لنزاع مع الوكالة الأميركية بشأن تعاملها مع قضية 23 سباحاً صينياً ثبتت إيجابية عيناتهم بوجود مادة محظورة في عام 2021.

وستكون هذه الخطوة هي المرة الأولى التي تحيل فيها «الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات» الوكالة الأميركية إلى محكمة مراجعة الامتثال المستقلة، وقد تكون لها آثار هائلة على الرياضة العالمية، بالنظر إلى النفوذ التجاري الضخم للولايات المتحدة.

ويجب على أي دولة ترغب في المنافسة أو تنظيم حدث رياضي دولي أن تكون متوافقة مع قانون مكافحة المنشطات، وهذا يعني أنه إذا كانت المراجعة ضد الولايات المتحدة، فسيتعين عليها خسارة المشاركة في الألعاب الأولمبية واستضافتها للدورتين الأولمبيتين.

ومن المقرر أن تستضيف الولايات المتحدة الألعاب الصيفية في لوس أنجليس عام 2028، والألعاب الأولمبية الشتوية عام 2034 في «سولت ليك سيتي».

وتأتي هذه الخطوة وسط توتر متزايد بين «الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات» والوكالة الأميركية بشأن قضية السباحين الصينيين، التي ظهرت على السطح في أبريل (نيسان)، عندما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» ومحطة «إيه آر دي» الألمانية أن 23 سباحاً صينياً ثبت وجود دواء القلب المحظور «تريميتازيدين» في عيناتهم خلال معسكر تدريبي عام 2021، لكن كان بوسعهم المنافسة في أولمبياد طوكيو في وقت لاحق من العام ذاته.

وأكدت «الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات» أن نتائج 23 حالة جاءت إيجابية، لكنها قالت: «إنها قبلت بنتائج تحقيق صيني بأن إيجابية العينات كانت بسبب تلوث من مطبخ فندق، كان الفريق يقيم فيه».

ولم يتم الإعلان عن القضية في ذلك الوقت.

واتهم ترافيس تيجارت، رئيس «الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات»، «الوادا» علناً بالتستر على طريقة تعاملها مع القضية. وفي مايو (أيار)، دعت لجنة بمجلس النواب الأميركي وزارة العدل إلى بدء تحقيقات قبل دورة الألعاب الأولمبية في باريس في قضية المنشطات التي هزت رياضة السباحة.

وتتولى سلطات إنفاذ القانون الأميركية الآن القضية، ويمكنها اتخاذ إجراءات ضد السباحين باستخدام قانون رودشينكوف.

وأكد الاتحاد الدولي للسباحة، الأسبوع الماضي، أن الحكومة الأميركية استدعت مديره التنفيذي برنت نوفيكي للإدلاء بشهادته في تحقيق حول كيفية إفلات السباحين الصينيين من العقاب بعد أن ثبتت إيجابية عيناتهم.

وتم تسمية قانون رودشينكوف لمكافحة المنشطات، الذي تم إقراره عام 2020، على اسم جريجوري رودشينكوف، الذي قاد برنامج المنشطات الحكومي في روسيا، قبل أن يتحول إلى مُبلغ عنه.

ويسمح القانون بتوجيه تهم جنائية ضد من يثبت أنهم ارتكبوا انتهاكات لقواعد مكافحة المنشطات.

ويوسع تشريع القانون نطاق اختصاص سلطات إنفاذ القانون الأميركي، ليشمل أي مسابقات رياضية دولية يشارك فيها رياضيون أميركيون أو لديهم علاقات مالية بالولايات المتحدة.

بدوره، قال فيتولد بانكا، رئيس «الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات»، الأربعاء: «إن الولايات المتحدة تنتهج نهجاً أحادياً تجاه قواعد مكافحة المنشطات، ما يهدد بتقويض القواعد العالمية».

وقالت «الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات» في بيان لـ«رويترز»: «إن خطوة (الوكالة العالمية) لإحالة الولايات المتحدة إلى محكمة مراجعة الامتثال المستقلة كانت انتقامية».

وقال ترافيس تايغارت، رئيس «الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات»، في البيان: «سمعنا عن الأمر أولاً. إذا كان الأمر دقيقاً، فإن (الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات) تواصل الانتقام من أولئك الذين يطلبون إجابات منها فيما يتعلق بالسماح للصين بالتستر على 23 حالة (منشطات) إيجابية».

وأضاف: «إنهم (الوادا) يركضون خائفين بدلاً من انتهاج الشفافية، وأعتقد أننا سنرى مدى استقلالية محكمة مراجعة الامتثال، أو عدم استقلاليتها. النظام برمّته ينهار تحت قيادة (الوادا). والرياضيون الشرفاء يستحقون الأفضل».

وخلص تحقيق مستقل، أجراه المدعي العام السويسري هذا الشهر، إلى «أن (الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات) لم تتعامل بشكل سيئ أو تظهر محاباة، في حين خلص تدقيق للاتحاد الدولي للسباحة إلى عدم وجود سوء إدارة أو تستر من قبل الجهة الإدارية».