«أولمبياد باريس»: سيفان حسن من لاجئة خجولة إلى بطلة أولمبية

سيفان حسن (رويترز)
سيفان حسن (رويترز)
TT

«أولمبياد باريس»: سيفان حسن من لاجئة خجولة إلى بطلة أولمبية

سيفان حسن (رويترز)
سيفان حسن (رويترز)

قبل عقد من الزمن، خطت لاجئة شابة من إثيوبيا، تُدعى سيفان حسن، خطواتها الأولى نحو المجد الأولمبي على مضمار نادي إيندهوفن لألعاب القوى.

علّق آد بيترز، رئيس جهاز التدريب في النادي: «رأينا على الفور أنها رياضية موهوبة. حتى الحصان الأعمى كان يرى أنها ستكون عداءة جيدة».

بيد أن ظهورها الأول جاء بمحض الصدفة وفي ظروف هزلية بعض الشيء، كما أوضح بيترز، وهو أيضاً عداء مسافات متوسطة تنافس مع حسن في بداية مشوارها.

تواصلت مع صديق يمثّل النادي في سباق «ألف متر» وقرّرت الانضمام.

وكشف بيترز (58 عاماً) ضاحكاً: «لكن مسافة ألف متر عبارة عن لفّتين ونصف اللفة على المضمار. لم يدركا ذلك، لذا حاولا إنهاء السباق عند خط البداية».

وأضاف بيترز لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «هكذا تعرّفنا إليها. لقد رأينا بالفعل أنها كانت رياضية موهوبة، لكنها لم تكن عداءة حقيقية في ذلك الوقت».

أحد شعارات حسن المفضلة، المأخوذة من القرآن الكريم، هو «إِنَ مَعَ العُسرِ يُسراً»، ولم تكن سنوات تكوينها سهلة على الإطلاق.

وُلدت حسن في أداما، جنوب شرقي العاصمة أديس أبابا، ونشأت في مزرعة على يد والدتها وجدّتها. عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها، غادرت إلى هولندا من دون أن تشرح أسباب هذه الهجرة.

تم إيواؤها لأوّل مرّة في مركز لطالبي اللجوء القاصرين في زويدلارين، شمال هولندا. وقالت لصحيفة «دي فولكسكرانت» اليومية إنها كانت تبكي هناك كل يوم قائلة: «كنت كالزهرة من دون شمس».

انتقلت إلى إيندهوفن لتلقي دورات في التمريض، إذ التقت إثيوبيين آخرين، بعضهم أعضاء في نادي ألعاب القوى المحلي.

احتاجت إلى بعض الوقت «للتأقلم»، على حد تعبير بيترز، واصفاً إياها بأنها «فتاة خجولة»، في ظلّ بعض العدائين الإثيوبيين الأكثر شهرة.

وتتذكّر حسن أنها تدرّبت بشدّة «حتى إن ساقي كانت تنزف»، لكن بيترز يروي قصّة مختلفة قليلاً. يتذكر ضاحكاً: «في الواقع، لا أعتقد أنها كانت كسولة، لكن لم يكن من السهل دائماً اصطحابها إلى التدريب في الوقت المحدّد».

وتابع: «لم يكن لديها الانضباط للقيام بالتدريب بعد. لكنني أيضاً لا أريد أن أقلل من كونها كانت لا تزال يافعة تبلغ من العمر 17 عاماً، تشعر بالوحدة وغير متأكدة بشأن مستقبلها».

وأضاف: «عمل النادي على تطوير تقنياتها، من الواضح أنها كانت عداءة (طبيعية)، لكن ساقيها وذراعيها كانت تتحرك في كل مكان».

لكن بيترز يشعر أن الدور الأهم للنادي في نجاحها كان خارج المضمار أكثر منه عليه؛ إذ ساعدها على خوض حياتها بوصفها طالبة قاصرة طلبت اللجوء المنفرد، وقال في هذا الصدد: «حاولنا إسداء النصائح إليها لعدم ارتكاب أشياء خاطئة، لا في التدريب ولا في حياتها الشخصية. لقد حافظنا على سلامتها، واصطحبناها بالسيارة للذهاب إلى التدريب، ورافقناها إلى المسابقات».

ارتقى مستواها بسرعة، كما حصلت على جواز سفر هولندي خلال مدة قصيرة أيضاً.

أدرك مدربو ألعاب القوى الهولنديون موهبتها، وأرسلوها إلى «مركز تدريب النخبة الأولمبي» في بابندال.

أصبحت التفاصيل الأخرى من التاريخ؛ ففي «أولمبياد طوكيو» الذي تأجل عاماً وأُقيم صيف 2021 أصبحت أوّل رياضية على الإطلاق تفوز بميداليات (ذهبيتان وبرونزية واحدة) في سباقات 1500 متر، و5 آلاف متر، و10 آلاف متر.

وقال بيترز إن روابطها مع إيندهوفن ظلّت قوية. ساعدها النادي مالياً في بداية حياتها المهنية، وكانت تعود غالباً إلى التدريب.

ما زالت حسن عضواً في النادي رغم العيش والتدريب في الولايات المتحدة، ويجمع بيترز بريد المعجبين بها.

أشرف بيترز على مئات الرياضيين من الأطفال الصغار إلى المتقاعدين، في الوقت الذي كان منتخب هولندا لكرة القدم يخوض فيه مباراة في كأس أوروبا المقامة حالياً في ألمانيا، مشيراً إلى أن لا شيء يوقف التدريب.

لكنه اعترف بأن النادي سيتجمّع في حانة لتشجيع خريجته الشهيرة في باريس، وأردف: «نحن لا نتوقف عن تدريبنا لكرة القدم، ولكننا سنفعل ذلك من أجل سيفو».


مقالات ذات صلة

إيران تدعو لمنع إسرائيل من المشاركة في الألعاب الأولمبية

رياضة عالمية الحلقات الأولمبية مضاءة على برج إيفل في باريس (د.ب.أ)

إيران تدعو لمنع إسرائيل من المشاركة في الألعاب الأولمبية

دعت إيران، الثلاثاء، إلى منع الرياضيين الإسرائيليين من المشاركة في أولمبياد باريس 2024، بسبب الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (طهران)
رياضة عالمية نجلاء عماد (الشرق الأوسط)

نجلاء عماد... «حبة الكرز» العراقية تتأهب لدورة الألعاب البارالمبية بباريس

لا مستحيل تحت الشمس، ولا صعاب يمكنها أن تهزم الإرادة، ربما تلك كلمات قليلة بحق ابنة العراق نجلاء عماد التي لم يُثنِ عزيمتَها فقدُها ثلاثةَ أطراف من جسدها.

فاتن أبي فرج (بيروت)
رياضة عالمية توني إستانغيه (رويترز)

«أولمبياد باريس»: إستانغيه الغارق بين الرياضة والسياسة

مع مرور السنوات، غاص توني إستانغيه، البطل الأولمبي 3 مرات في مسابقة الكانوي، في دور رئيس اللجنة المنظّمة لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي (أ.ب)

«الدوريات الأوروبية» و«فيفبرو» يشكوان احتكار «فيفا» وإضراره بصحة اللاعبين

أعلنت منظمة الدوريات الأوروبية، التي تضم كثيرا من الدوريات الأوروبية الكبرى، أنها ستتقدم بشكوى إلى المفوضية الأوروبية مع اتحاد اللاعبين المحترفين في أوروبا.

نواف العقيّل (الرياض)
رياضة عالمية ديانا أرملة لاعب رفع الأثقال الأولمبي الراحل أولكسندر بيليشينكو الذي قُتل في أثناء قتاله ضد الغزو الروسي (رويترز)

أوكرانيا تنعى رياضييها الراحلين في الحرب قبل أولمبياد باريس

انضم ستانيسلاف هولينكوف إلى حرس الحدود الأوكراني عام 2021 من أجل الحصول على وظيفة مستقرة على الحدود الشمالية الغربية الهادئة ليتمكن من مواصلة مسيرته نجم جودو.

«الشرق الأوسط» (لوتسك )

نجلاء عماد... «حبة الكرز» العراقية تتأهب لدورة الألعاب البارالمبية بباريس

نجلاء عماد (الشرق الأوسط)
نجلاء عماد (الشرق الأوسط)
TT

نجلاء عماد... «حبة الكرز» العراقية تتأهب لدورة الألعاب البارالمبية بباريس

نجلاء عماد (الشرق الأوسط)
نجلاء عماد (الشرق الأوسط)

لا مستحيل تحت الشمس، ولا صعاب يمكنها أن تهزم الإرادة، ربما تلك كلمات قليلة بحق ابنة العراق نجلاء عماد التي لم يُثنِ عزيمتها فقدُها ثلاثةَ أطراف من جسدها في عمر الثلاثة أعوام، عندما تعرضت لانفجار قنبلة هي ووالدها في العراق منذ ستة عشر عاماً، بل أكملت بعد ذلك مسيرتها الدراسية، وتفوقت في رياضة كرة الطاولة، لتصبح لاعبة في المنتخب الوطني العراقي ضمن اللجنة البارالمبية.

بيد واحدة تدربت نجلاء لتغدو بعد سنوات طويلة بطلة من الطراز العالمي، وربما حصدها للمركز الأول على مستوى العراق في كرة الطاولة ما كان إلا بداية مشوار نجاح وإنجازات وبطولات، ومَن كان يدري أن نجلاء ستغدو اسماً معروفاً على مستوى الوطن العربي وحتى آسيا والعالم؟

نجلاء تعرضت لانفجار قنبلة هي ووالدها في العراق (الشرق الأوسط)

وعلى الرغم من أن البداية كانت على كرسي متحرك فإن تألق البطلة ساعد في انتقالها للعب على أطراف صناعية بعد قرار من رئيس اتحاد تنس الطاولة للمعاقين سمير الكردي آن ذاك. وتروي نجلاء لـ«الشرق الأوسط» كيف قادتها الصدفة عام ألفين وخمسة عشر لاختبار اللعب في رياضة كرة الطاولة التي قادتها للمجد، وذلك عندما زار بيت عائلتها مدرب كان يريد أن يشكل فريقاً بارالمبياً، لتغدو بعد فترة قصيرة صاحبة المركز الأول على العراق وآسيا، وتطرز مشوارها بحصد المركز الثاني عالمياً في دورة الألعاب البارالمبية بطوكيو في عمر الستة عشر عاماً فقط، ومشاركات دولية فاقت الثلاثين بطولة.

نجلاء هي أول عراقية تتأهل إلى ألعاب باريس 2024 (الشرق الأوسط)

عام 2016 كان شاهداً على تألقها بحصد مركز ثالث في بطولة الأردن لِيَلي ذلك عملٌ دؤوب وساعات من التدريب والاجتهاد، ومحافظة على نظام صحي ورياضي، وتمرينات مكثفة ومشاركات لحصد الخبرة في كل من بطولة آسيا في الإمارات عام 2017، ومنافسات تايلاند الدولية عام 2018، وبطولة مصر عام 2019؛ لتكون النتيجة ثمار نجاح وذهباً في الحصول على المركز الأول في القاهرة. أما في الصين فتوجت بالمركز الأول، وكذلك الحال في بطولة إسبانيا عام 2020، وعن التأهل الغالي بوصفها أول بطلة لألعاب باريس المقبلة فتقول: «سعيدة جداً بكوني من أوائل اللاعبات المتأهلات لدورة الألعاب البارالمبية بباريس، الطموح ليس فقط المشاركة إنما خطف الألقاب ورفع اسم العراق عالياً، ورغم قصر فترة التحضير فإن الجاهزية حاضرة». يذكر أن الوضع المادي للاتحاد البارالمبي العراقي محدود نوعاً ما؛ إذ تحصل اللاعبة على دعم مالي محدود من خلال راتب شهري تصرفه اللجنة البارالمبية، بالإضافة لتغطية تكاليف بعض الرحلات.