نجحت الولايات المتحدة في ألعاب لندن 2012 في استعادة ريادتها للألعاب الأولمبية، بعدما أزاحت الصين عن المركز الأوّل إثر تربع المارد الآسيوي على العرش في النسخة الأخيرة التي استضافها.
وكانت الصين حسمت صدارة نسخة 2008 في مصلحتها برصيد 48 ذهبية مقابل 36 للولايات المتحدة، لكن في نسخة 2012، حلّ أبناء العم سام في المركز الأول برصيد 48 ذهبية مقابل 39 للصين، في حين سجّلت بريطانيا الدولة المضيفة أفضل إنجاز لها في تاريخ الألعاب بحلولها ثالثة جامعة 29 ذهبية.
نظّمت لندن الألعاب الأولمبية للمرة الثالثة في تاريخها بعد عامي 1908 و1948؛ فأصبحت بالتالي أول مدينة تنال هذا الشرف، وقد أنفقت الدولة المضيفة نحو 14 مليار جنيه لتحديث بنيتها التحتية وبناء المرافق الرياضية التي كان تحفتها الملعب الأولمبي.
وأقيمت المنافسات في 34 منشأة رياضية على امتداد بريطانيا، تسع منها في المجمّع الأولمبي (شرق لندن) الذي استغرق بناء الملعب الذي يتوسطه ثلاث سنوات واستخدم في إنجازه عشرة آلاف طن من الفولاذ.
عربياً، أحرز العدّاء الجزائري توفيق مخلوفي ذهبية سباق 1500م في ألعاب القوى، وتألق السباح التونسي أسامة الملولي بإحرازه ذهبية سباق 10 كلم في المياه الحرة. وتسلّمت العدّاءة التونسية حبيبة الغريبي ذهبية سباق 3000م موانع بعد شطب نتيجة الروسية يوليا زاريبوفا بسبب قضايا منشطات.
وكرّس السباح الأميركي مايكل فيلبس أسطورته الأولمبية برفع عدد ميدالياته في ثلاث نسخ من الألعاب إلى 22 ميدالية (18 ذهبية وفضيتان وبرونزيتان)، فحطّم وتخطّى بالتالي الرقم القياسي في عدد الميداليات التي كانت في حوزة لاعبة الجمباز السوفياتية لاريسا لاتينينا (18 ميدالية بين 1956 و1964).
وكان فيلبس أحرز ست ذهبيات وبرونزيتين في دورة أثينا 2004، و8 ذهبيات في بكين 2008، و4 ذهبيات وفضيتين في لندن.
وقال فيلبس إن «أروع ما في الأمر أن تثبت أنه لا يوجد شيء اسمه مستحيل. الكثير من الأشخاص قالوا إنه أمر مستحيل. لقد تعلّمت أن على المرء أن يتمتع بشيء من الخيال؛ وهذا ما ساعدني. لا أعلم حقيقة ما يخالجني من مشاعر الآن. هناك الكثير من الأحاسيس التي تتدافع في ذهني، الكثير من الحماس. أعتقد أن ما أريده الآن هو أن أرى والدتي».
في المقابل، دخل العدّاء الجامايكي الفذ أوسين بولت الأسطورة الأولمبية بدوره، بعدما فرض نفسه أسرع وأعظم عدّاء في تاريخ سباقات السرعة، بعد احتفاظه بالألقاب الثلاثة التي توّج بها في بكين قبل اربع سنوات، وقاد في إحداها بلاده إلى تحطيم الرقم القياسي وتحديداً في سباق التتابع 4 مرات 100م.
وكان التحدّي كبيراً أمام بولت في هذه الدورة التي دخلها على وقع هزيمتين أمام مواطنه يوهان بلايك في التجارب الجامايكية وإصابة طفيفة في ظهره، لكنه أثبت أنه أعظم عدّاء سرعة أنجبته الملاعب، عندما بات ثاني عدّاء في التاريخ يحتفظ بلقب سباقي 100م و200م إلى جانب الأميركي كارل لويس، بالإضافة إلى قيادته منتخب بلاده إلى إحراز سباق التتابع 4 مرات 100م محطّماً الرقم القياسي العالمي.
وقال بولت بعد تتويجه بالثلاثية: «تستطيعون الآن إطلاق لقب الأسطورة عليّ؛ لأن ما حققته لم يكن سهلاً وغير مسبوق».
وكانت أم الألعاب مسرحاً لتألق العدّاء البريطاني مو فرح الذي دخل بدوره الأسطورة الأولمبية بإحرازه سباقي 5 آلاف متر و10 آلاف متر في دورة واحدة أمام تشجيع حماسي منقطع النظير في المدرجات من قِبل الجمهور المحلي.
وبات فرح سادس عدّاء في تاريخ الألعاب يجمع بين ذهبيتي سباقي 5 آلاف و10 آلاف متر، بعد التشيكوسلوفاكي الشهير إميل زاتوبيك في هلسنكي عام 1952 والسوفياتي فلاديمير كوتس في ملبورن عام 1956 والفنلندي لاس فيرين عامي 1972 و1976 في ميونيخ ومونتريال على التوالي ومواطنه ميروتس يفتر عام 1980 في موسكو والاثيوبي كينينيسا بيكيلي في بكين 2008.
كما حقق العدّاء الكيني ديفيد روديشا رقماً مذهلاً في سباق 800م، في طريقه لإحراز الذهبية مسجلاً 1:40.91 دقيقة.
وكان الرقم القياسي السابق باسم روديشا نفسه ومقداره 1:41.01 دقيقة سجله في لقاء رييتي الايطالي في 29 أغسطس (آب) 2010.
وللمفارقة؛ ونظراً للسرعة التي تميّز بها السباق، فإن العدّائين الثمانية الذين شاركوا في هذا السباق حققوا أرقاماً شخصية أو أفضل رقم لهم في ذلك الموسم.
ونجح روديشا صيف عام 2010 في تحقيق مبتغاه بتحطيمه الرقم القياسي السابق للسباق والذي صمد لفترة 13 عاماً باسم مواطنه الأصلي ويلسون كيبكيتير الدنماركي الجنسية، على حلبة الملعب الأولمبي في العاصمة الألمانية برلين، وهو الملعب ذاته الذي فشل فيه قبل عام في بطولة العالم بتسجيله 1:41.09 دقيقة قبل أن يحطّمه مجدّداً بعد ثلاثة أيام في لقاء رييتي الإيطالي في 29 وينزل به إلى 1:41.01 دقيقة. واختير روديشا في تلك السنة أفضل رياضي في العالم من قِبل الاتحاد الدولي لألعاب القوى ليصبح أول وأصغر عدّاء كيني ينال الجائزة المرموقة.
وتربّع منتخب الأحلام الأميركي مجدّداً على العرش الأولمبي وأحرز ذهبيته الرابعة عشرة بفوزه على نظيره الإسباني بطل أوروبا 107 - 100.
وكان المنتخبان التقيا في النهائي قبل أربع سنوات وفازت الولايات المتحدة أيضاً 118 - 107.
وباستثناء ليتوانيا التي تغلّب عليها 99 - 94 في الدور الأوّل، دمّر المنتخب الأميركي جميع خصومه، ففاز على فرنسا 98 - 71 وتونس 110 - 63 ونيجيريا 156 - 73 والأرجنتين 126 - 97، قبل أن يجتاز أستراليا في ربع النهائي 119 - 86 والأرجنتين مجدداً في نصف النهائي 109 - 83.
ويمكن اعتبار العدّاء الإثيوبي كينينيسا بيكيلي أكبر الخاسرين؛ لأنه لم ينجح في الدفاع عن لقبه في 10 آلاف متر، حيث حلّ رابعاً، في حين لم يشارك أيضاً في سباق 5 آلاف متر الذي يحمل لقبه أيضاً.
ويُعدّ المنتخب البرازيلي لكرة القدم في خانة الخاسرين أيضاً؛ لأنه لم ينجح في تحقيق اللقب الوحيد الذي تخلو خزائنه منه، وقد خسر أمام المكسيك 1 - 2 في المباراة النهائية، على الرغم من أن صفوفه تضمّ كوكبة من أبرز اللاعبين الصاعدين أمثال نجم سانتوس نيمار، ولياندرو دامياو، ولوكاس مورا وألكسندر باتو، بالإضافة إلى المخضرمين مارسيلو وتياغو سيلفا.
والأمر عينه ينطبق على المنتخب الإسباني الذي خرج من الدور الأوّل من دون أن يسجّل أي هدف، علماً بأنه كان مرشحاً للمنافسة على الذهبية، خصوصاً أن معظم أفراده توّجوا أبطالاً لأوروبا تحت 21 عاماً.