«أساطير الأولمبياد»: من جيسي أوينز إلى بوب بيمون

جيسي أوينز (أ.ب)
جيسي أوينز (أ.ب)
TT

«أساطير الأولمبياد»: من جيسي أوينز إلى بوب بيمون

جيسي أوينز (أ.ب)
جيسي أوينز (أ.ب)

جيسي أوينز، مثير حفيظة الفوهرر -أبهر جيسّي أوينز، العداء الأميركي من أصل أفريقي، العالم في سن الثانية والعشرين في الألعاب الأولمبية في برلين عام 1936، وفي مقدمتهم الزعيم النازي أدولف هتلر عندما أحرز أربع ميداليات ذهبية لمنتخب بلاده، واضعاً حداً لشعار تفوّق البيض على السود الذي روّج له النازيون.

فاز بسباقات 100م و200م والتتابع أربع مرات 100م والوثب الطويل، مسجلاً ثلاثة أرقام قياسية عالمية، وقيل إنه دفع هتلر إلى مغادرة الملعب قبل تتويجه، على الرغم من أن أوينز قال في وقت لاحق إن الفوهرر لوح له بيده عندما مرّ أمام مقصورته.

أوينز، حفيد العبيد، تم تجاهله من قبل الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت الذي لم يدعه أبداً إلى البيت الأبيض لتكريمه، وهو شرف معتاد للأبطال الأولمبيين العائدين من المشاركة الأولمبية.

قال أوينز عن الفصل العنصري الذي كان قائماً في الولايات المتحدة في ذلك الوقت: «عندما عدت إلى بلدي الأصلي، بعد كل القصص عن هتلر، لم أتمكن من الركوب في مقدّمة الحافلة. لم أستطع العيش حيث أردت».

شقّت فاني بلانكرز-كون طريقها في رياضة السيدات عندما فازت بأربع ميداليات ذهبية في ألعاب القوى في أولمبياد 1948 عندما كانت أماً لطفلين تبلغ من العمر 30 عاماً.

شاركت العداءة الهولندية لأوّل مرة في الألعاب في برلين عام 1936، لكنها تألقت حقاً في أوّل دورة أولمبية بعد الحرب العالمية في لندن عام 1948.

فازت في كل سباق شاركت فيه، في 100م و200م و80م حواجز والتتابع أربع مرات 100م.

قالت لصحيفة «نيويورك تايمز» في عام 1982: «كتب أحد الصحافيين أنني كبيرة في السن ولا أستطيع الركض، وأنه يجب علي البقاء في المنزل والاعتناء بأطفالي».

وأضافت: «عندما وصلت إلى لندن، أشرت إليه بإصبعي وقلت (لقد رأيت)».

اختيرت بلانكرز-كون رياضية القرن في عام 1999.

وفي إنجاز أصبح جزءاً من التقاليد الأولمبية، أصبح الإثيوبي أبيبي بيكيلا أول عداء أفريقي أسود يفوز بالميدالية الذهبية، حيث شارك في الماراثون حافي القدمين في أولمبياد روما عام 1960.

بعد انتهاء السباق ليلاً، سجّل بيكيلا رقماً قياسياً عالمياً قدره ساعتين و15 دقيقة و16 ثانية، بعد أن استغنى عن حذائه الرياضي غير المناسب في منتصف السباق.

وبعد أربع سنوات في طوكيو، حسَّن الرقم القياسي، بحذاء هذه المرة ولكن على خلفية عملية الزائدة الدودية، مما أدى إلى تقليص وقته ببضع دقائق.

بذلك أصبح الجندي النبيل أول رجل يفوز بالماراثون الأولمبي مرتين.

في بلاده، تم الترحيب به كبطل قومي، ورُقّي من قبل الإمبراطور هايلي سيلاسي وتم تقديمه بسيارة فولكسفاغن بيتل.

وفي تطوّر قاس من القدر، أنهت السيارة مسيرته في الألعاب الأولمبية بعد تعرضه لحادث خطير في عام 1969 أدى إلى إصابته بالشلل من الخصر إلى الأسفل.

بدا أن بوب بيمون، المولود في نيويورك، يتحدى الجاذبية، بقفزة طويلة مذهلة مسجلاً رقماً قياسياً في دورة الألعاب الأولمبية في مكسيكو سيتي عام 1968 وبقي صامداً لمدة 23 عاماً.

بقفزه 8.9م، حطّم بيمون الرقم القياسي العالمي السابق بنحو 55 سنتيمتراً ولا تزال تُعدّ أطول قفزة أولمبية.

ولا يزال بيمون، الذي عاد منذ ترك الرياضة إلى شغف طفولته بالعزف على الطبول، يتذكّر ذلك «اليوم الاستثنائي» الذي كان في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 1968.

يتذكر قائلاً: «في ذلك اليوم... كان كل شيء مثالياً بالنسبة لي. وكانت الرياح مثالية. وكان الطقس عندما قفزت مثالياً»، مضيفاً: «لقد أمطرت مباشرة بعد أن قفزت. ولكن لدهشتي، لم تكن هذه قفزة فحسب، بل كانت لحظة مذهلة في التاريخ».


مقالات ذات صلة

«أولمبياد 2016»: بين دلفين أميركي خارق وبرق جامايكي لا يُسبق

رياضة عالمية أوسين بولت نجم ألعاب ريو 2016 (أ.ف.ب)

«أولمبياد 2016»: بين دلفين أميركي خارق وبرق جامايكي لا يُسبق

لم يتغيّر المشهد الرياضي عن بكين 2008 أو لندن 2012 مايكل فيلبس وأوسين بولت نجما ألعاب ريو 2016 «دلفين» أميركي خارق ينهي مسيرته بنحو دزينتين من الذهبيات.

«الشرق الأوسط» (نيقوسيا)
رياضة عالمية نجح نيمار خلال اختباره الأولمبي الثاني بعد 2012 في تحقيق ما عجز عنه نجوم كبار آخرون (د.ب.أ)

«أولمبياد 2016»: نيمار حقق ما عجز عنه أسلافه البرازيليون

نسيت البرازيل المضيفة قبل يوم من انتهاء ألعابها الأولمبية عام 2016، جميع مشكلاتها الاقتصادية والسياسية والأمنية، وحتى الفشل الرياضي الذي اختبرته.

«الشرق الأوسط» (نيقوسيا)
رياضة عالمية ليبرون جيمس (أ.ف.ب)

«أولمبياد باريس»: ليبرون جيمس سيحمل العلم الأميركي في حفل الافتتاح

سيحمل «الملك» ليبرون جيمس، أفضل هدّاف في تاريخ الدوري الأميركي لمحترفي كرة السلة (إن بي إيه)، علم الولايات المتحدة، في حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية تيمو بول (د.ب.أ)

«أولمبياد باريس»: بول لاعب الطاولة الألماني يتمنى النهاية السعيدة

يلقب تيمو بول لاعب تنس الطاولة المخضرم بـ«أعظم رياضي ألماني حاليا» ويعتزم تحقيق ميدالية أخرى مع اقتراب مشاركته السابعة والأخيرة في الأولمبياد التي تقام بباريس.

«الشرق الأوسط» (دوسلدورف )
رياضة سعودية موسى ديابي (أستون فيلا)

مصادر: بنزيمة وراء قبول ديابي العرض الاتحادي

توصل نادي الاتحاد إلى اتفاق كامل مع أستون فيلا الإنجليزي لانتقال الفرنسي موسى ديابي إلى صفوف الفريق بعقد يمتد 5 سنوات.

علي العمري (جدة)

«أولمبياد 2016»: نيمار حقق ما عجز عنه أسلافه البرازيليون

نجح نيمار خلال اختباره الأولمبي الثاني بعد 2012 في تحقيق ما عجز عنه نجوم كبار آخرون (د.ب.أ)
نجح نيمار خلال اختباره الأولمبي الثاني بعد 2012 في تحقيق ما عجز عنه نجوم كبار آخرون (د.ب.أ)
TT

«أولمبياد 2016»: نيمار حقق ما عجز عنه أسلافه البرازيليون

نجح نيمار خلال اختباره الأولمبي الثاني بعد 2012 في تحقيق ما عجز عنه نجوم كبار آخرون (د.ب.أ)
نجح نيمار خلال اختباره الأولمبي الثاني بعد 2012 في تحقيق ما عجز عنه نجوم كبار آخرون (د.ب.أ)

نسيت البرازيل المضيفة قبل يوم من انتهاء ألعابها الأولمبية عام 2016 جميع مشكلاتها الاقتصادية والسياسية والأمنية، وحتى الفشل الرياضي الذي اختبرته من ناحية النتائج والميداليات، وذلك بعدما توّجت باللقب الوحيد الذي يغيب عن خزائنها؛ أي ذهبية مسابقة كرة القدم.

استعد البرازيليون حينها لاستضافة الألعاب بالمظاهرات والإضرابات والمشكلات السياسية التي آلت إلى إقصاء رئيسة البلاد ديلما روسيف والاستبدال بها، وإن لفترة انتقالية، غريمها ونائبها ميشال تامر، ثم ازداد غضبهم بسبب فشل رياضييهم في الارتقاء إلى مستوى الطموحات، خصوصاً أن البلد الذي يعاني اقتصادياً أنفق أموالاً طائلة من أجل استضافة الحدث.

لكن نهاية «الألعاب» حملت معها فرحة كبيرة لهذا البلد الذي احتضن «الألعاب الأولمبية» الأولى في أميركا الجنوبية؛ لأن نيمار قاده أخيراً إلى تحقيق الحلم الأولمبي وإحراز «الذهبية» التي كانت تفتقدها خزائن الـ«سيليساو».

ونجح نيمار في اختباره الأولمبي الثاني بعد 2012 في تحقيق ما عجز عنه نجوم كبار آخرون، مثل فافا ودونغا وبيبيتو وروماريو ورونالدو ورونالدينيو وريفالدو وألكسندر باتو، وقاد الـ«سيليساو» إلى المجد الأولمبي الذي طال انتظاره.

كان نيمار البطل في المباراة النهائية بتسجيله هدف التقدم أمام ألمانيا من ركلة حرّة رائعة، ثم الركلة الترجيحية الحاسمة التي أهدت بلاده «الذهبية».

جاء التتويج الأولمبي بنكهة خاصة؛ إذ إن المباراة أقيمت على ملعب «ماراكانا» الأسطوري الذي عاد بالزمن إلى عام 1950 عندما اعتقد البرازيليون أن لقبهم العالمي الأول في «الجيب»، لكن الجمهور، الذي بلغ عدده حينها 199854 متفرجاً، مني بخيبة كبيرة بعدما خسر الـ«سيليساو» مباراة لقب «موندياله» أمام جاره اللدود المنتخب الأوروغوياني 1 - 2 في مباراة كان خلالها صاحب الأرض البادئ بالتسجيل.

وما زال البرازيليون يتحسّرون على تلك المباراة الحاسمة حتى الآن، رغم أنهم عوضوا تلك الخيبة بإحرازهم الكأس الغالية 5 مرات منذ حينها.

سنحت أمام البرازيل فرصة تعويض جمهورها عندما استضافت «مونديال 2014» على أرضها لثاني مرة، إلا إن الخيبة تجدّدت بالخسارة التاريخية المذلّة أمام الغريم التقليدي المنتخب الألماني 1 - 7 في نصف النهائي، ثم اكتملت المذلة بخسارة مباراة المركز الثالث أمام هولندا بثلاثية نظيفة.

لكن نيمار ورفاقه في فريق المدرب روجيريو ميكالي عوضوا أبناء بلدهم الذين يتنفسون كرة القدم وكانوا ينتظرون تلك اللحظة طويلاً حتى وإن لم تكن كرة القدم من المسابقات «المهمة» في العالم الأولمبي.

وأصبحت البرازيل أول بلد مضيف يتوج باللقب الأولمبي منذ 1992 حين فازت إسبانيا في «أولمبياد برشلونة»، كما أصبحت ثالث بلد يضم اللقب الأولمبي إلى ألقاب كأس العالم وكأس القارات والبطولة القارية («كوبا أميركا» أو كأس أميركا) بعد الأرجنتين وفرنسا.

«إنه من أفضل الأمور التي حدثت في حياتي. على كل من انتقدني أن يبتلع لسانه»، هذا ما قاله نيمار الذي تعرّض لكثير من الانتقادات بعد المباراتين الأوليين من «الألعاب» ضد جنوب أفريقيا والعراق (0 - 0) لأنه لم يقدّم شيئاً يُذكر، مما دفع بالجمهور إلى الغناء في الملعب خلال المباراتين: «(مارتا) أفضل من نيمار» في إشارة إلى قائدة منتخب السيدات الذي خرج من نصف النهائي وفشل حتى في الحصول على البرونزية.

وانتظر نيمار حتى الدور ربع النهائي ليقول كلمته ضد كولومبيا (2 - 0)؛ المنتخب الذي حرمه من مواصلة المشوار مع بلاده في «مونديال 2014» بسبب إصابته في ظهره خلال مباراة الطرفين في ربع النهائي، ثم تسبّب في حرمانه من إكمال المشوار في «كوبا أميركا 2015» بعد طرده أمامه في الدور الأول.

واكتملت استفاقة نيمار في نصف النهائي بتسجيله ثنائية ضد هندوراس (6 - 0)، قبل أن يحسم نهائي التتويج ضد الألمان الذين أذلوا بلاده قبل عامين في «مونديالها».

يؤكد ميكالي: «إنه زمن مختلف مع لاعبين مختلفين وأعمار مختلفة. الجمهور يلعب دوره، ونحن بحاجة إلى الجمهور؛ لأننا نواجه منتخباً ألمانياً قوياً جداً. الجمهور يريد ما يريده، لكن ليس هناك أي رابط بين تلك المباراة وهذه المباراة».

وقال ميكالي: «قلت لنيمار إن الربّ أعطاه فرصة ثانية. الربّ يحبّ نيمار كما يحبّ كل هذا الفريق»، وهذا ما قاله الحارس ويفرتون الذي لعب دوراً أساسياً في هذا التتويج بصده الركلة الترجيحية الخامسة للألمان، مضيفاً بإيمان كبير: «اللعب باركني».

ومن المؤكد أن «القدرة الإلهية» أرادت تجنيب نيمار اختبار خيبة أخرى يضيفها إلى الخيبات الكثيرة التي اختبرها بقميص المنتخب الوطني؛ إن كان على الصعيد العالمي أو القاري أو حتى الأولمبي؛ لأنه كان الركن الأساسي في التشكيلة التي خسرت «نهائي 2012» أمام المكسيك.

وتجنب نيمار أن يعيش خيبة أولمبية ثانية على التوالي وأن ينضم إلى نجوم كبار آخرين سقطوا في النهائي؛ إنْ كان في «لوس أنجليس 1984» أمام فرنسا أو «سيول 1988» أمام الاتحاد السوفياتي حين كان المنتخب يضم في صفوفه تشكيلة مرعبة جمعت روماريو وبيبيتو وكاريكا وفالدو ومازينيو.

«قد حققت حلمي»؛ أكد نيمار بعد المباراة، مضيفاً: «وأن أحقق حلمي في موطني؛ فهذا الأمر يجعلني فخوراً جداً»، متطرّقاً إلى الركلة الترجيحية الأخيرة التي نفذها بالقول: «كل ما فكرت فيه هو أنه علي فعل ذلك (التسجيل)».