«أولمبياد 1996»: أميركا تهيمن على الميداليات... وحصيلة عربية غير مسبوقة

استعادت الولايات المتحدة المركز الأول في الترتيب العام برصيد 44 ذهبية (الأولمبية الدولية)
استعادت الولايات المتحدة المركز الأول في الترتيب العام برصيد 44 ذهبية (الأولمبية الدولية)
TT

«أولمبياد 1996»: أميركا تهيمن على الميداليات... وحصيلة عربية غير مسبوقة

استعادت الولايات المتحدة المركز الأول في الترتيب العام برصيد 44 ذهبية (الأولمبية الدولية)
استعادت الولايات المتحدة المركز الأول في الترتيب العام برصيد 44 ذهبية (الأولمبية الدولية)

احتضنت أتلانتا الأميركية النسخة السادسة والعشرين من الأولمبياد، محتفلة بالذكرى المئوية لانطلاق الألعاب في أثينا، فبلغ عدد المشاركين 197 دولة.

استعادت الولايات المتحدة المركز الأول في الترتيب العام برصيد 44 ذهبية، تلتها روسيا (26) ثم ألمانيا (20)، في حين كانت المحصلة العربية الأوفر حتى تاريخه، وبلغت 3 ذهبيات؛ بفضل العدّاء الجزائري نور الدين مرسلي (1500م)، والسورية غادة شعاع بطلة العالم في المسابقة السباعية، والملاكم الجزائري حسين سلطاني في الوزن الخفيف.

وفُتح المجال أمام مشاركة الدرّاجين المحترفين، ما منح الفرنسية جاني لونغو، والإسباني ميغيل إندورين تتويجاً أولمبياً في النهاية.

وعُدّلت أنظمة كرة القدم، إذ سُمح لكل منتخب بإشراك 3 لاعبين فوق 23 عاماً.

وإلى الكرة الطائرة الشاطئية، اعتمدت ضمن المسابقات سباقات الدراجات للضاحية (في تي تي) وكرة القدم النسائية، وجاء لقبها أميركياً، والسوفت بول.

بعد 12 عاماً على ألعاب لوس أنجليس المبتورة بسبب المقاطعة الشرقية؛ رداً على الموقف من ألعاب موسكو 1980، عادت المباريات الأولمبية إلى الحضن الأميركي الرحب.

ومثّل اختيار أتلانتا غايات تتعدى النطاق الأميركي والإرث الأولمبي، فالمدينة معقل شركة «كوكا كولا»، إحدى المؤسسات الكبيرة الراعية للألعاب واللجنة الأولمبية الدولية، وشركة «سي بي إس» التلفزيونية التي دفعت 456 مليون دولار من حقوق النقل التلفزيوني للمسابقات، والبالغة نحو 898 مليوناً.

لذا فُضّلت أتلانتا على أثينا التي كانت تطمح لاستضافة المئوية «لتكرّر التاريخ»، وبلغراد ومانشستر وملبورن وتورونتو.

شكّلت الدورة أكبر تجمع إنساني في القرن العشرين، باعتبار أن الألعاب الأولمبية لا تزال ذات طابع أسطوري رمزي موحّد، ولأن اللجنة الأولمبية ألغت التمييز بين الاحتراف والهواية، ما زاد من حماسة المشاركة.

فشاهدنا في المباريات عمالقة من اللاعبين المحترفين، أمثال البرازيلي بيبيتو في كرة القدم، والأميركي أندريه أغاسي في كرة المضرب، الذي عُدّ أنه دخل التاريخ بميداليته الذهبية، والإسباني إندورين في الدراجات.

في أتلانتا التي يشكل السود نسبة 70 في المائة من سكانها، أدّت لاعبة كرة السلة السمراء تيريزا إدواردز القسم الأولمبي، أما الذي أوقد الشعلة الأولمبية فكان بطل العالم السابق في الملاكمة محمد علي كلاي، الذي طلب المنظّمون من السبّاحة البيضاء، البطلة الأولمبية جانيت إيفانز أن تبقى مستعدّة لتقديم المساعدة له في حال دعت الحاجة، وواجه صعوبة بعدما سلمت الشعلة له كون «الأسطورة» مصاباً بمرض «باركنسون». وتقدّمت لاعبة كرة المضرب الأميركية مونيكا سيليش، وقالت له: «إننا نحبّك، ونحن سعداء بوجودك معنا».

أما رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، خوان أنتونيو سامارانش، فقد سلّم محمد علي ميدالية ذهبية، عوضاً عن تلك التي أحرزها في دورة روما عام 1960، ورماها في نهر أوهايو استياءً لطرده من مطعم ومطاردته من قِبل عصابة من البيض.

كما شهدت أتلانتا بعض مظاهر التآلف والسلام. وقال الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، إن وجود رياضيين كوريين شماليين وفلسطينيين في الدورة، برهان على أن المسابقات الرياضية تُحطم الحواجز كلها.

لكن سلبيات عدة حصلت ولم يستطع المنظمون تحاشيها، وقد بدأت المشكلات المرتبطة بالتنظيم والاستضافة تظهر مباشرة بعد حفلة الافتتاح، إذ تبيّن لعدد كبير من الحضور أنه من المستحيل الوصول إلى الباصات والحافلات المخصّصة لنقلهم إلى فنادقهم؛ ما اضطر بعضهم إلى اجتياح الباصات الموجودة، وقد دخلها أيضاً بعضهم من الشبابيك في أجواء متوترة، في حين آثر ذوو الأعصاب الباردة العودة مشياً مهما طالت المسافة.

وتبيّن أن سمعة المدينة إزاء تمتعها بشبكة مواصلات متطوّرة بعيدة جداً عن الواقع، واعترف سامارانش أنه خدع حين صدّق ما قيل عن تجهيزات أتلانتا في المواصلات.

وبدا أن سكان المدينة أنفسهم مخدوعون بقدراتها، وأن الاهتمام المفرط بالأمن والخوف من الإرهاب أدى إلى الإخلال بتأمين الشروط المطلوبة في المواصلات، ولكن مع ذلك حصلت خروقات للستار الحديدي الأمني، فاعتقلت الشرطة رجلاً مسلحاً بمسدس 11 طلقة دخل الملعب، بزي رجل أمن قبيل وصول الرئيس بيل كلينتون لحضور حفل الافتتاح.

كما أن الانفجار الذي هزّ المنتزه المئوي الأولمبي، كشف أيضاً عن وجود ثغرات مخيفة في جهاز الأمن، وشكّل نقطة سوداء كبيرة.

وقع الانفجار عند الواحدة و20 دقيقة صباح 27 يوليو (تموز)، وأدى إلى سقوط قتيلين، وإصابة أكثر من 110 أشخاص، بعضهم إصابات بالغة.

وقبل ساعات قليلة من الانفجار، أعلن شخص من خلال كشك للهاتف أن قنبلة ما وضعت في مكان ما، ووجّه الاتهام في الوهلة الأولى رسمياً إلى ريتشارد جويل، الذي أعلن أنه شاهد حقيبة مشتبهاً فيها، وأبلغ أجهزة الأمن، لكن تمت تبرئته من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) في أكتوبر (تشرين الأول) 1996.

وفي نهاية عام 1998، وجّه الاتهام إلى إريك رودولف، المعروف بأفكار اليمين المتطرف، و3 أشخاص آخرين.

والسلبيات كلها في أتلانتا لم تطغَ على الإنجازات التي حققها الأبطال المشاركون، وأبرزها الرقم الإعجازي الذي حققه العداء الأميركي مايكل جونسون في سباق 200م، والذي عمّر لسنوات عدة (19.32 ث).

وكذلك الرقم العالمي الآخر الذي حققه الكندي، دونوفان بايلي، في 100م (9.84 ث) فهزم الأميركيين في اختصاصهم، وبيّض صفحة بلاده بعد فضيحة بن جونسون في سيول 1988.

واحتفظ الأميركي، كارل لويس، باللقب الأولمبي في الوثب الطويل للمرة الرابعة على التوالي، وحصد ميداليته الذهبية التاسعة منذ 1984.

وحقق الرباع التركي، نعيم سليمان أوغلو، ذهبيته الثالثة على التوالي وحطم 3 أرقام عالمية في وزن 60 كيلوغراماً. وحصدت السباحة المجرية كريستينا إيغيرسيغي ميداليتها الذهبية الخامسة.

وبات الروسي ألكسندر بوبوف أول سباح منذ الأميركي جوني فايسمولر عام 1928، يحرز ذهبية سباق 100م حرة، للمرة الثالثة على التوالي.

ووصل نجوم عالميون إلى نهاية سعيدة لأحلامهم بحصولهم على أول لقب أولمبي ينقص سجلاتهم الحافلة بالإنجازات العالمية، من أبرزهم الكندي دونوفان بايلي، والأميركي أغاسي، والجزائري نور الدين مرسلي، والإسباني إندورين، والفرنسية لونغو، وبطلة الوثب العالي البلغارية ستيفكا كوستادينوفا.

في المقابل، فشل أبطال عالميون وأولمبيون في المحافظة على ألقابهم بسبب الإصابة أو الخسارة، وأبرزهم البيلاروسي فيتالي شيربو (الجمباز)، والأوكراني سيرغي بوبكا الذي فشل للمرة الثانية في القفز بالزانة، والعدّاء البريطاني لينفورد كريستي، والعدّاءة الجامايكية مرلين أوتي، والجزائرية حسيبة بولمرقة، وبطل الوثب العالي الكوبي خافيير سوتومايور، وبطلة المسابقة السباعية الأميركية جاكي جوينر كيرسي، وبطل الوثبة الثلاثية حامل الرقم القياسي العالمي البريطاني جوناثان إدواردز، وعدّاء السرعة الناميبي فرانكي فريدريكس.

وقلبت نيجيريا التوقعات في مسابقة كرة القدم، فأخرجت البرازيل في نصف النهائي (4-3 بالهدف الذهبي)، ثم تغلّبت على الأرجنتين في النهائي (3-2)، لتصبح أول دولة أفريقية تحرز الذهب.

ويبقى القول إن دورة أتلانتا شهدت أحداثاً رياضية مهمة، ولكنها لم ترتقِ إلى مصاف الدورات التاريخية، وهذا ما يفسّر وصف سامارانش لها بعبارة «أتلانتا، حسناً فعلت».


مقالات ذات صلة

إيراولا: من المبكر جدا الاحتفال بترتيب بورنموث

رياضة عالمية أندوني إيراولا مدرب بورنموث (رويترز)

إيراولا: من المبكر جدا الاحتفال بترتيب بورنموث

أعرب أندوني إيراولا مدرب بورنموث عن سعادته بفوز فريقه 3-صفر على مانشستر يونايتد الأحد، والذي جعله يتقدم إلى المركز الخامس.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية أرني سلوت مدرب ليفربول (أ.ف.ب)

سلوت: الهدف السادس جاء من العدم!

أشاد أرني سلوت مدرب ليفربول بأداء فريقه الهجومي القوي أمام توتنهام هوتسبير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية فرحة لاعبي أتالانتا بالفوز العصيب على إمبولي (أ.ب)

«الدوري الإيطالي»: أتلانتا يبتعد بالصدارة بفوز مثير على إمبولي

سجل شارل دي كاتيلير هدفاً في كل شوط من بينهما هدف قرب النهاية ليقود أتلانتا للفوز 3 - 2 على ضيفه إمبولي ليستعيد فريقه صدارة دوري الدرجة الأولى الإيطالي.

«الشرق الأوسط» (بيرغامو)
رياضة عالمية محمد صلاح نجم ليفربول (رويترز)

صلاح ينتقد دفاع ليفربول رغم الفوز على توتنهام

تحفظ محمد صلاح نجم ليفربول على الأداء الدفاعي لفريقه رغم الفوز الكبير على توتنهام هوتسبير بنتيجة 6 - 3.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (إ.ب.أ)

ماريسكا: سعيد بأداء تشيلسي رغم التعادل

أبدى إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي سعادته بأداء فريقه رغم تعادله سلبياً مع مضيفه إيفرتون في الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)

سلوت: الهدف السادس جاء من العدم!

أرني سلوت مدرب ليفربول (أ.ف.ب)
أرني سلوت مدرب ليفربول (أ.ف.ب)
TT

سلوت: الهدف السادس جاء من العدم!

أرني سلوت مدرب ليفربول (أ.ف.ب)
أرني سلوت مدرب ليفربول (أ.ف.ب)

أشاد أرني سلوت مدرب ليفربول بأداء فريقه الهجومي القوي أمام توتنهام هوتسبير، لكنه حذر متصدر الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم من شعور الرضا عن النفس بعد أن هدد توتنهام لفترة وجيزة بعودة غير متوقعة في النتيجة.

تقدم ليفربول 5-1 بفضل هدفين سريعين من محمد صلاح في مستهل الشوط الثاني وذلك بعد مرور أكثر من ساعة بقليل من اللعب، قبل أن يقلص ديان كولوسيفسكي ودومينيك سولانكي المهاجم السابق لليفربول النتيجة إلى 5-3.

وسجل لويس دياز هدفه الثاني قبل خمس دقائق من النهاية ليجعل النتيجة 6-3 وينهي أخيرا مباراة مثيرة قال عنها سلوت إنها شهدت أفضل أداء لليفربول خارج أرضه طوال مسيرته كمدرب للفريق.

وقال سلوت للصحفيين: "حتى الدقيقة 60 أو 65، استمتعت حقا بما رأيته. لكن بعد ذلك رأيت أيضا أنه بغض النظر عن مدى جودة اللاعبين، فإنهم يعتقدون أنهم لا يحتاجون إلى الركض كثيرا (في الملعب) بعدها. في هذه المسابقة، وخاصة أمام توتنهام لأنه يملك تشكيلة جيدة للغاية على صعيد التعامل مع الكرة، بدأ اللاعبون على الفور في صناعة الفرص. هذا ما فعلوه، وسجلوا هدفين. كنت سعيدا لأن الهدف السادس جاء من العدم".

واعترف مدرب ليفربول، الذي استمتع ببداية شبه مثالية لمسيرته على ملعب أنفيلد، بأنه "ربما من الطبيعي أن تفكر أنك بخير عندما تكون متقدما 5-1".

وأضاف مدرب فينورد السابق: "سأبالغ قليلا إذا قلت إنهم لم يعودوا (اللاعبون) يركضون (بما يكفي). بالطبع استمروا في الركض، لكنهم لم يعودوا يركضون نحو التمريرات العرضية، ولا يدافعون أمام المرمى، بعد أن كنا حاضرين حتى تلك اللحظة وفي كل مرة، أينما كانت الكرة بلاعبين اثنين أو ثلاثة أو أربعة".

لكن سلوت قال إن لاعبيه بحاجة إلى أن يكونوا أكثر قوة، مضيفا للصحافيين: "يتعين عليك أن تكون في قمة أدائك في كل ثانية من المباراة. إذا لم تكن في أفضل حالاتك بنسبة 100 في المئة، فإن هذا سيؤثر عليك على الفور".

وأعرب سلوت، الذي فاز بالدوري الهولندي مع فينورد قبل الانضمام إلى ليفربول، عن سعادته باحتلال صدارة الدوري في فترة عيد الميلاد لكنه قال إن الطريق لا يزال طويلا.

وأضاف: "بالطبع هذا يعني شيئا ما، لأنك تفضل دائما أن تكون حيث نحن في الوقت الحالي (على القمة)... لكنك تعرف تماما كما أعرف، لأنني فزت بالدوري (الهولندي) مرة، مدى صعوبة تحقيق ذلك. عليك أن تستمر في المضي قدما والسعي، وأن تكون في قمة مستواك كل ثلاثة أيام، وفي كل دقيقة من المباراة. لهذا السبب من الصعب جدا الفوز باللقب، لأنه ليس من السهل دائمًا الظهور كل ثلاثة أو أربعة أيام".