«أولمبياد 1988»: العداء بن جونسون... «أسطورة العار»

بن جونسون خلال أولمبياد سيول 1988 (رويترز)
بن جونسون خلال أولمبياد سيول 1988 (رويترز)
TT

«أولمبياد 1988»: العداء بن جونسون... «أسطورة العار»

بن جونسون خلال أولمبياد سيول 1988 (رويترز)
بن جونسون خلال أولمبياد سيول 1988 (رويترز)

أقل من ثلاثة أيام فصلت بين تتويج الكندي بن جونسون بطلاً لسباق 100م في دورة سيول الأولمبية، وتجريده من ذهبيته ورقمه القياسي، بعدما اكتشف تنشّطه إذ وجدت في بوله آثار مواد ممنوعة.

ظهر هرمون ستانوزولول الذكوري الذي يعتمد على تنمية الأنسجة العضلية لكنه يؤدي في الوقت عينه إلى ضعف الأوتار العضلية.

وكانت ساعات دراماتيكية مثيرة شغلت العالم وأحدثت ذهولاً وفتحت عيوناً وصوّبت سهاماً وأضحكت شامتين، علماً أن نتائج بن جونسون السابقة وهيمنته غير العادية أثارت شكوكاً وتساؤلات.

حضر بن جونسون إلى سيول بطلاً عالمياً، بعدما حصد المركز الأوّل في بطولة العالم الثانية قبل عام في روما. وانتظر الجميع «سباق القرن»، الذي سيجمعه مع حامل اللقب الأولمبي الأميركي كارل لويس.

واكتست المواجهة مع بن جونسون أهمية كبيرة بالنسبة إلى لويس الذي اعتبرها فرصة أمامه لتأكيد تفوّقه على أسرع عدّاء في العالم أو الخسارة وترك الساحة للنجم الجديد.

ولم يكتف بن جونسون بالفوز على لويس، بل حطّم الرقم القياسي العالمي للمسافة مسجلاً 9.79 ثانية في مقابل 9.92 ثانية للويس (رقم قياسي أميركي)، قبل أن تتفجر أكبر فضيحة في تاريخ ألعاب القوى، فيجرّد الكندي من «الإنجاز المزدوج» ويمنح اللقب للويس الذي اعتُبر «الرجل النظيف» لسباقات السرعة العالمية.

الحدث الكبير وقع يوم السبت 24 يوليو (تموز) 1988، الساعة الثانية والربع بعد الظهر بالتوقيت المحلي. بن جونسون يفوز أمام لويس بفارق جلي، ويرفع يده عالياً «فارضاً سطوته».

لم تمر 24 ساعة على ميدالية جاكسون حتى اكتشفت آثار مواد منشطة في العينة الأولى (رويترز)

فحص العيّنة: لم تكد تمر 24 ساعة على تقلّد بن جونسون ميداليته، حتى ساد همس عن فحص العيّنة الثانية لبطل كبير، وذلك بعد اكتشاف آثار مواد منشطة في العينة الأولى.

وليل 27-28 يوليو، صدرت صحيفة كورية وعلى صدر صفحتها الأولى عنوان: «بن جونسون البطل الأولمبي في 100م... فحص إيجابي».

ووسط الذهول، اكتفى رئيس اللجنة الأولمبية الكندية رودغر جاكسون بالقول: «أبلغت فقط أن أحد أعضاء البعثة الكندية متنشط»، بالتزامن مع اختفاء بن جونسون. وقيل إنه غادر قبل أن يواجه بالحقيقة (عاد جوا إلى تورونتو عن طريق نيويورك).

وصادف أن يوم الثلاثاء كان يوم راحة لمنافسات ألعاب القوى. وكان أبرز بنود الاجتماع اليومي للجنة التنسيق برئاسة رئيس اللجنة الأولمبية الدولية خوان أنتونيو سامارانش، الملف الذي أعده الأمير ألكسندر رئيس اللجنة الطبية في اللجنة الدولية والمتضمّن تقارير تحاليل عينتي بول بن جونسون.

استمر الاجتماع حتى الحادية عشرة ليلاً، ثم عُرضت الخلاصة على اللجنة التنفيذية الأولمبية وعلى الاتحاد الدولي لألعاب القوى الذي رفض أمينه العام جون هولت كشف هوية المتنشط، لأن الأمر «من صلاحية اللجنة الأولمبية الدولية».

وقالت الناطقة باسم اللجنة الأولمبية الدولية ميشيل فيردييه إن قرار العقوبة بحق جونسون اتخذ بإجماع الأعضاء.

وكان بن جونسون خضع لعلاج بعد إصابة في فخذه تعرّض لها في فبراير (شباط) 1988. لكن المفاجأة أن الجهاز الطبي المحيط بالعداء الكندي وصف له عقاراً يمكن اكتشاف آثاره الممنوعة.

وأوضح البروفسور أرنولد بيكيت الذي يُعدّ من اشهر علماء الصيدلة، أن اللجنة الطبية في اللجنة الأولمبية الدولية امتلكت في حينه تقنيات تكشف آثاراً مخفية تترسّب في الجسم لمدة سبعة أشهر، وذلك في ضوء تحاليل نوعية.

سقط رقم بن جونسون الذي عُدّ خرافيا حينها (9.79 ث)، لكنه ظلّ حاملاً للرقم القياسي العالمي (9.83 ث) الذي حققه قبل عام في روما. فعامذاك لم يكتشف تناوله منشطات، كما أن لا مفعول رجعياً للعقوبات المتخذة، علماً أن الاتحاد الدولي لألعاب القوى بحث في إيقاف مدى الحياة.

وفي كندا وجامايكا حيث ولد جونسون أصيب المواطنون بحال من الذهول، وأصدرت السلطات الكندية قراراً بمنع جونسون من المشاركة في المنافسات الرياضية مدى الحياة.

وقال وزير الشباب والرياضة الكندي جان شارست إن جونسون (26 عاماً) عداء استثنائي لكنه ارتكب خطأً فظيعاً، مؤكداً أنه سيتم استجوابه «لأن القضية ليست قضية رجل واحد».

وإثر شيوع الخبر الفضيحة، أصدر الرياضيون الأولمبيون بياناً طالبوا فيه بإجراء تحقيق ومعاقبة كل من ساعد أو شجّع بن جونسون على تناول المنشطات.

وأعلن مدير المركز الكندي لمراقبة المنشطات بالوكالة روبير ماس في مونتريال، أن مستوى مادة تستوستيرون (هرمون الذكورة) الطبيعية كانت أدنى من المستوى العادي بـ15 مرة في جسم بن جونسون، مما يشير إلى استهلاكه كمية كبيرة من الستيرويد الذي يساهم في تنمية أنسجة العضلات.

الدواء السحري: وكانت هذه الحادثة بداية «انحطاط» بطل انتهى من أجل ميدالية شاء أن يهديها إلى والدته غلوريا، فسقط وأسدل الستار على حكاية بطولة كاد أن يتوّجها بانتصار مزيف وميدالية مزيفة، علما انه نفى تناوله أي مواد محظورة لزيادة سرعته. وقال انه يشتبه أن أحداً دسّ شيئاً ما في زجاجة مشروبه المفضّل المصنوع من الأعشاب يوم السباق المشؤوم.

وفي أوّل مؤتمر صحافي عقده بعد عودته إلى بلاده مجرّداً من الميدالية، أكّد بن جونسون أنه بريء، ووعد بـ«تنظيف اسمه». وممّا قاله: «لن أسبّب الحرج لعائلتي وأصدقائي وبلادي وللأطفال الذين يحبونني... لم أتناول من قبل عقاقير منشّطة عمداً. لقد علمتني والدتي أن هناك طريقة وحيدة للفوز وأنا أخطّط للعودة بطلاً وفائزاً في الدورة الأولمبية المقبلة»!

ولاحقاً، أفاد بن جونسون صحيفة «تورنتو صن» الكندية أن طبيبه جورج ماريو أستافان أعطاه حقنة كورتيزون مضادة للالتهابات قبل أيام من السباق. وقال أيضاً إن الدواء الآخر والوحيد الذي تناوله كان سائلا أعدّه أستافان ويحتوي سارسابايلا وجنسينغ.

لكنه لم يشكّ في طبيبه الذي يعتبره كوالده ويثق به. وأضاف أنه عندما ذهب إلى حجرة الاختبار صعد شخص وناوله زجاجة، ثم جاء غيره في الوقت الذي اتجه به صوب البراد لتناول الجعة التي احتاج إلى كمية كبيرة منها، قبل أن يقدّم عينة من بوله.

كان بن جونسون تفوّه بعبارات وفي مناسبات عدّة قبل سيول، جعلت الذين سمعوها يربطونها بقضية اكتشاف المنشطات في بوله.

فبعد خسارته أمام كارل لويس في زيوريخ، ذهب إلى طوكيو حيث أقام وكثف استعداداته للمشاركة الأولمبية، ويقال إنه تمكن من تسجيل 20 ثانية في سباق 200م (توقيت يدوي)، ولما سئل عن السر، أجاب: «أتناول فيتامينات كمال الأجسام لتقوية العضلات». وفي سيول صرّح بعيد وصوله: «لم آت لأنافس لويس، بل لأفوز بالميدالية الذهبية، لقد وضعته (أي لويس) في جيبي منذ زمن».

ومن الطريف أيضاً، أن جونسون قال في حديث تلفزيوني في كوريا الجنوبية، خلال زيارة قصيرة قام بها لسيول في مارس (آذار) 1988، إنه سيفوز بالميدالية الذهبية بزمن مقداره 9.79 ث، وهو الرقم ذاته الذي سجله بالفعل في نهائي السباق الأولمبي.

كما تباهى الدكتور أستافان بعد فوز جونسون في بطولة العالم 1987، وتحقيقه الرقم العالمي، أمام مقربيه وهو يريهم تسجيل السباق، بقوله: «انظروا كيف ركض، لقد فعل الدواء السحري فعله».

وأعلنت شركة للأدوية في تورونتو أنها باعت الدكتور أستافان عقاراً يدخل في بناء العضلات من النوع الذي أدّى تناوله له إلى توقيف بن جونسون.


مقالات ذات صلة

لماذا يفكر كانسيلو في العودة إلى برشلونة؟

رياضة سعودية هل يعود البرتغالي جواو كانسيلو لنادي برشلونة؟ (نادي الهلال)

لماذا يفكر كانسيلو في العودة إلى برشلونة؟

بذل البرتغالي جواو كانسيلو كل ما في وسعه للعب مع برشلونة هذا الموسم.

مهند علي (الرياض)
رياضة عالمية جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» (أ.ب)

«فيفا» يتبنى «إطاراً مؤقتاً» بشأن الانتقالات

تبنى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الاثنين اعتماد «إطار مؤقت» بشأن قواعده المتعلقة بانتقالات اللاعبين.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
رياضة عالمية الدولي الهولندي فيرجيل فان دايك مدافع وقائد ليفربول (أ.ف.ب)

فان دايك: لا يوجد موعد نهائي لتقرير مستقبلي

قال الدولي الهولندي فيرجيل فان دايك مدافع وقائد ليفربول الاثنين، إنه «لا يوجد موعد نهائي» لتقرير مستقبله مع متصدر الدوري الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية روبن باراخا أقيل من تدريب فالنسيا لتراجع النتائج (إ.ب.أ)

فالنسيا يقيل مدربه باراخا بعد التراجع للمركز قبل الأخير

أقال فالنسيا مدربه روبن باراخا بعد فوزه بمباراتين فقط من أول 17 مباراة له بالدوري الإسباني هذا الموسم.

The Athletic (فالنسيا)
رياضة سعودية المدرب البرتغالي نونو الميدا (نادي الشمال)

البرتغالي نونو الميدا يقترب من ضمك

بات نادي ضمك قريباً من إعلان هوية المدرب القادم الذي سيكون بديلاً لكوزمين كونترا، حيث يبرز اسم المدرب البرتغالي نونو الميدا مدرب الشمال القطري السابق.

فيصل المفضلي (أبها)

«إن بي إيه»: يوكيتش يعيد التوازن لناغتس بفوز ثمين على بيليكانز

نيكولا يوكيتش (أ.ب)
نيكولا يوكيتش (أ.ب)
TT

«إن بي إيه»: يوكيتش يعيد التوازن لناغتس بفوز ثمين على بيليكانز

نيكولا يوكيتش (أ.ب)
نيكولا يوكيتش (أ.ب)

أعاد العملاق الصربي نيكولا يوكيتش، أفضل لاعب في دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين الموسم الماضي، فريقه دنفر ناغتس إلى سكة الانتصارات بتحقيقه «تريبل دابل» ضمنها 27 نقطة وساهم في فوزه الثمين على مضيفه نيو أورليانز بيليكانز 132-129 بعد التمديد الأحد.

وأضاف يوكيتش، صاحب جائزة أفضل لاعب في الدوري ثلاث مرات في المواسم الأربعة الأخيرة، 13 متابعة و10 تمريرات حاسمة.

لكن النجم الصربي الذي اكتفى بست نقاط فقط في الشوط الأول، أبدى أسفه على بداية بطيئة أخرى لدنفر، بطل الموسم قبل الماضي، حيث تأخر بفارق 17 نقطة في الربع الثالث.

وتقدم ناغتس 111-109 بفضل سلة للبديل جوليان ستروثر قبل 4:37 دقائق من نهاية الوقت الأصلي، لكن سي جيه ماكولوم أعاد التقدم لنيو أورليانز قبل 53.2 ثانية من نهاية الربع الأخير (119-117)، قبل أن يدرك لاعب الارتكاز جمال موراي التعادل للضيوف بسلة من مسافة قريبة قبل تسع ثوان من نهاية الوقت الأصلي (119-119).

وأهدر ماكولوم فرصة حسم النتيجة مع الصافرة النهائية بإخفاقه في ترجمة رمية ثلاثية.

وتألق يوكيتش في الوقت الإضافي، وسجل أول ست نقاط لدنفر الذي حسم الشوط في صالحه 13-10 ملحقاً الخسارة السابعة توالياً والـ25 في 30 مباراة ببيليكانز صاحب المركز الأخير في المنطقة الغربية.

واستعاد ناغتس سكة الانتصارات التي توقفت عند ثلاثة متتالية بسقوطه أمام مضيفه بورتلاند ترايل بلايزرز 124-126 الخميس، وحقق فوزه الـ15 في 26 مباراة حتى الآن هذا الموسم في المركز الخامس للمنطقة الغربية.

وقال يوكيتش عن العودة الملحمية المتأخرة لفريقه: «يبدو أننا نحب إنهاء الأمر بهذه الطريقة»، لكنه أضاف: «يجب أن نكون أكثر تعطشاً إلى الفوز».

وبرز في صفوف ناغتس أيضاً موراي صاحب 27 نقطة أيضاً مع ثماني متابعات وأربع تمريرات حاسمة، وأضاف البديل راسل وستبروك 21 نقطة مع خمس متابعات ومثلها تمريرات حاسمة.

وكان البديل جوردان هوكينز أفضل مسجل في صفوف الخاسر برصيد 25 نقطة، وأضاف ماكولوم 24 نقطة مع تسع تمريرات حاسمة، وكل من الكاميروني إيف ميسي وتراي مورفي 21 نقطة مع ثماني متابعات للأول وتسع للثاني.

كما برز ديجونتي موراي بتسجيله 17 نقطة وكان قريباً من «تريبل دابل»، بإضافته 15 متابعة وثماني تمريرات حاسمة.