لوس أنجليس 1984: المتوكل أول عربية تحصد ميدالية أولمبية

نوال المتوكل صاحبة أول ميدالية عربية نسائية في تاريخ الأولمبياد (الاتحاد الدولي لألعاب القوى)
نوال المتوكل صاحبة أول ميدالية عربية نسائية في تاريخ الأولمبياد (الاتحاد الدولي لألعاب القوى)
TT

لوس أنجليس 1984: المتوكل أول عربية تحصد ميدالية أولمبية

نوال المتوكل صاحبة أول ميدالية عربية نسائية في تاريخ الأولمبياد (الاتحاد الدولي لألعاب القوى)
نوال المتوكل صاحبة أول ميدالية عربية نسائية في تاريخ الأولمبياد (الاتحاد الدولي لألعاب القوى)

«أولمبياد أميركا» هي التسمية المنطقية لدورة لوس أنجليس 1984، فقد طغى الطابع الأميركي على كل شيء، حتى على النتائج الفنية، فلولا بعض الميداليات القليلة التي ذهبت إلى بعض الدول الأخرى، لكانت الولايات المتحدة حصدت كل شيء.

ولم يكن الغياب الشرقي وحده السبب في هذه السيطرة على الألعاب، بل كانت هناك أسباب خفية، لم تلبث أن تظهر بوضوح، وهو التحيّز الفاضح من قبل الحكام والقضاة في مصلحة الأميركيين، بل إن المنظمين أنفسهم عملوا في هذا الاتجاه.

ففي الملاكمة مثلاً، نال معظم الأبطال الأميركيين ميداليات ذهبية، رغم أن المجريات الفنية لا تؤهلهم لذلك، وبعدما تكرّرت الانتصارات المزيفة، وقعت حادثة مضادة، كان بطلها حكماً يوغوسلافياً أعطى الفوز لملاكم نيوزيلندي ضد أميركي، علماً بأن الأخير كاد يكون الوحيد بين الأميركيين الذي يستحق الفوز عن جدارة.

وكان ردّ الفعل عنيفاً، إذ قدّم الاتحاد الأميركي للملاكمة شكوى إلى الاتحاد الدولي يتّهم فيها الحكم بتخسير ملاكمه عمداً.

وفي نهائي فردي الجمباز للسيدات، كان تفوّق الرومانية أيكاتيرينا سابو واضحاً منذ البداية، إلا أن الحكّام منحوا الفوز للأميركية، ماري لو ريتون، المميزة جداً، لكنها لم تكن أفضل من منافستها الرومانية التي راحت تبكي، ولم تكترث للميدالية الفضية.

وسال حبر كثير حول الألاعيب الأميركية المتعلقة بالمنشطات، إذ استخدمت للمرة الأولى أجهزة تستطيع كشف رواسب المواد المنشطة في جسم الرياضيين حتى ولو كانوا تناولوها قبل 8 أشهر. إلا أن الذي لم يحصل هو معاقبة الأميركيين، إذ تمكنوا من اجتياز الفحوص، وكشف الدكتور روبرت كير أن نحو 12 لاعباً متنشّطاً فازوا بميداليات بفضل حقن مضادة أعطاها لهم تمنع ظهور المواد الممنوعة خلال التحاليل.

ودفعت شركة «أيه بي سي» نحو 250 مليون دولار في مقابل حق نقل المباريات والمسابقات، وكانت المفاجأة أنها لم تنقل إلا الألعاب التي يفوز فيها الأميركيون، وأن البث تركّز، بل اقتصر على الأبطال الأميركيين. ولعلّ أغرب ما حصل في هذا المجال، هو أن نقل مباريات كرة القدم توقف منذ أن أقصى المنتخب المصري نظيره الأميركي!

نظّمت لوس أنجليس الألعاب الأولمبية، وهي المدينة الوحيدة التي ترشّحت لاحتضانها، وسبق لها أن نافست موسكو على دورة 1980.

وردّت الكتلة الشرقية بزعامة الاتحاد السوفياتي، باستثناء رومانيا، التحية للمقاطعة الغربية، الأميركية تحديداً، لدورة موسكو، وجاءت الحجّة المعلنة قبل أشهر من موعد الألعاب أنه لا توجد حماية كافية للرياضيين.

وجاء هذا الموقف في أصعب مراحل العلاقة الباردة بين الشرق والغرب، وفي بداية التحوّلات السوفياتية الداخلية منذ رحيل ليونيد بريجنيف، والفترة القصيرة التي «أمضاها الرجلان المريضان» تشيرنينكو وأندروبوف في سدة المسؤولية.

وللمرّة الأولى تغيب المساهمة الحكومية المباشرة عن تمويل الاستضافة والتنظيم، لألعاب تابعها 7.5 مليون نسمة، إذ كانت على عاتق القطاع الخاص. وفي النهاية فاقت الأرباح 223 مليون دولار، وأصبحت دورة لوس أنجليس مثالاً يُحتذى، فضلاً عن أنها دشّنت النظرة الجديدة «العصرية» لمفهوم الألعاب الأولمبية التي اعتمدها رئيس اللجنة الدولية خوان أنتونيو سامارانش.

ورغم الملاحظات الكثيرة على حفل الافتتاح، فقد جاءت هوليوودية صرفة، وأشرف عليها المخرج ديفيد والفر.

ونقلت الشعلة إلى الاستاد جينا همفيل، حفيدة جيسّي أوينز، وأوقدها في المرجل بطل المسابقة العشارية في دورة روما 1960، رافر جونسون.

وحصدت الولايات المتحدة 83 ذهبية، في مقابل 20 لرومانيا، و17 لألمانيا الغربية.

وسجّلت الصين مشاركتها الأولى بعد عودتها إلى العائلة الدولية عام 1979، ودشّنتها بذهبية أولى بتاريخ 29 يوليو (تموز) 1974، بفضل فوز تشو هايفينغ في مسابقة الرماية بالمسدس الحرّ.

واستعاد الجميع عن طريق كارل لويس ذكريات جيسّي أوينز، إذ جمع مثله 4 ذهبيات في سباقي 100 و200 متر، والتتابع 4 مرات 100 م، والوثب الطويل، وكانت بداية مسلسل جمعه الميداليات الأولمبية التي بلغت 9 ذهبيات حتى دورة أتلانتا 1996.

وللمرة الأولى، اعتلت فتاة عربية وأفريقية أعلى منصة، وهي بطلة سباق 400 م حواجز المغربية نوال المتوكل. إنجاز انسحب على القارة الأفريقية بكاملها أيضاً، وتوّج مواطنها «الظاهرة» سعيد عويطة بطلاً لسباق 5 آلاف م.

والى الذهبيتين المغربيتين، حصد المصري محمد رشوان فضية في الوزن المفتوح للجودو، والذي كان بمقدوره نيل الذهبية، لكنه فضّل ألا يؤذي منافسه الياباني ياشوهيرو ياماشيتا المصاب في يده، واستحق لاحقاً جائزة اليونيسكو للأخلاق الرياضية.

وأحرز لاعب كرة السلة المصري محمد سليمان «سلعوة» فوزاً معنوياً، تمثل في احتلاله المركز الأول في قائمة الهدافين بين 144 لاعباً، إذ سجل 179 نقطة في 7 مباريات.

وتميز أوّل ماراثون للسيدات أحرزته الأميركية جوان بنوا (2:24:52 س) بالوصول المأساوي للسويسرية غابرييلا لاندرسن شيس التي سقطت على الأرض لمدة 5 دقائق، رافضة أي شكل أو نوع من المساعدة خوفاً من الإقصاء.

ولم يبخل الجمهور بتشجيعاته لها طالباً من المندوبين عن السباق التدخل من أجلها، بيد أنها رفضت ذلك، وتابعت السباق مترنحة، وحلت في المركز الـ37.

وكانت حادثة اصطدام العداءة الأميركية ماري ديكر بالبريطانية المجنّسة زولا باد، وسقوطها أرضاً خلال سباق 3 آلاف م، من أبرز الحوادث التي شهدتها الدورة.

والواقع أن ماري ديكر (26 عاماً) من أسوأ الأميركيات حظاً، ولا يمكن اعتبارها فازت أو فشلت لأنها لم تصل إلى خط النهاية، وهي لم تشارك في دورة ميونيخ عام 1972، نظراً لصغر سنها، وفي دورة مونتريال لعدم بروزها، وعندما تهيأت للمشاركة في دورة موسكو اتخذت السلطات قرار المقاطعة.

وحين سقطت ماري ديكر أرضاً في لوس أنجليس أخذت تجهش بالبكاء. ونَجَم الوقوع عن ارتطام عقب زولا باد بفخذ ماري ديكر اليسرى قبل النهاية بـ3 لفات، ولما همّت بالنهوض لتتابع السباق لم تستطع التحرك وخَيّل إليها أنها مقيدة إلى الأرض، وبيدها اليمنى الرقم الملصق على ظهر زولا باد، وكل ما كانت تستطيع القيام به في تلك اللحظة هو مشاهدة الأخريات وهن يتابعن السباق!

وكان ذلك من حظ الرومانية ماريتشيكا بويكا، والبريطانية ويندي سلاي اللتين حلتا في المركزين الأولين.


مقالات ذات صلة

أزمة فقدان الأمتعة تقلق «سيدات أستراليا» قبل الأولمبياد

رياضة عالمية جانب من وصول المنتخب الأسترالي إلى باريس (المنتخب الأسترالي للسيدات)

أزمة فقدان الأمتعة تقلق «سيدات أستراليا» قبل الأولمبياد

قالت آنا ميرس رئيسة بعثة أستراليا الأولمبية، الأحد، إن منتخب كرة القدم النسائية الأسترالي وصل إلى باريس، بينما تخلفت بعض الحقائب والمعدات الطبية الأساسية.

«الشرق الأوسط» (باريس )
رياضة عالمية سيرغي بوبكا (رويترز)

«أولمبياد 1988»: البلد المضطرب في آسيا أصبح الأبرز عالمياً

سيول (9 ملايين نسمة)، عاصمة كوريا الجنوبية، بلاد بعيدة للغاية استضافت حدثاً كبيراً جداً، هو دورة الألعاب الأولمبية الرابعة والعشرين عام 1988.

«الشرق الأوسط» (نيقوسيا)
رياضة عالمية جوني فايسمولر (أ.ف.ب)

«أساطير الأولمبياد»: من سبيريدون لويس إلى بيتي روبنسون

تنطلق النسخة الثالثة والثلاثون من الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس في 26 يوليو (تموز)، ويأمل خلالها المشاركون بالسير على خطى عمالقة وأساطير في رياضات مختلفة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية كاله روفانبيرا خلال المشاركة في رالي لاتفيا (أ.ف.ب)

«رالي لاتفيا»: روفانبيرا يعزز صدارته في اليوم الثاني

عزز كاله روفانبيرا سائق تويوتا وبطل العالم مرتين صدارته لرالي لاتفيا في ختام ثاني أيام المنافسات اليوم السبت.

رياضة عالمية ماكس فرستابن (أ.ف.ب)

فرستابن: لنكن واقعيين... أدائي ليس جيداً

قال ماكس فرستابن، سائق «رد بول» ومتصدر الترتيب العام لبطولة «فورمولا 1» للسيارات، إن على فريقه فعل مزيد من العمل بعدما هيمن «مكلارين» على الصف الأول.

«الشرق الأوسط» (بودابست )

«أولمبياد باريس»: السلة الأميركية تفلت من هزيمة محرجة أمام جنوب السودان

ليبرون جيمس وستيفن كيري (أ.ب)
ليبرون جيمس وستيفن كيري (أ.ب)
TT

«أولمبياد باريس»: السلة الأميركية تفلت من هزيمة محرجة أمام جنوب السودان

ليبرون جيمس وستيفن كيري (أ.ب)
ليبرون جيمس وستيفن كيري (أ.ب)

أفلت المنتخب الأميركي، الساعي إلى الذهبية الخامسة توالياً والسابعة عشرة في تاريخه، من هزيمة محرجة أمام جنوب السودان، السبت، في مباراة استعدادية لمنافسات كرة السلة للرجال في «أولمبياد باريس» أقيمت على ملعب «أو 2 أرينا» في لندن، وخرج منتصراً بفارق نقطة واحدة 101 - 100.

وكان زملاء «الملك» ليبرون جيمس متخلفين بفارق 14 نقطة في نهاية الشوط الأول من اللقاء الذي يشكل بروفة لمواجهة المنتخبين في منافسات المجموعة الثالثة للأولمبياد الباريسي المقرر بين 26 يوليو (تموز) و11 أغسطس (آب)، لكن نجم لوس أنجليس ليكرز المخضرم أنقذ الموقف.

وأنهى جيمس، ابن الـ39 عاماً الباحث شخصياً عن ذهبيته الأولمبية الثالثة، اللقاء بـ25 نقطة، بينها سلة الحسم قبل 8 ثوانٍ على نهاية اللقاء الذي كان بمثابة جرس إنذار لفريق المدرب ستيف كير.

وكان منتخب جنوب السودان الذي يخوض الألعاب الأولمبية، للمرة الأولى، في طريقه لحسم اللقاء حين سجل ثلاثية في آخر 20 ثانية، عبر دجاي تي ثور الذي لعب المواسم الثلاثة الماضية في الدوري الأميركي مع تشارلوت هورنتس، مانحاً بلاده التقدم 100 - 99.

لكن جيمس قال كلمته في نهاية المطاف، ومنح الأميركيين انتصارهم الرابع توالياً، في مشوار استعدادهم للدفاع عن اللقب الأولمبي، بعدما سبق لهم الفوز هذا الشهر على كندا 86 - 72 في لاس فيغاس، وأستراليا 98 - 92، وصربيا 105 - 79 في أبوظبي.

ورأى كير أن «النهاية كانت جيدة بالنسبة لنا لمجرد الشعور بهذا الأمر (التنافس الشديد). الشعور بما سيكون عليه الأمر في باريس».

وتابع: «إنها تجربة جيدة بالنسبة لنا. إنه تذكير لنا أن نتوقع كيف سيلعب الجميع ضدنا».

ويبقى فريق كير في لندن لمواجهة ألمانيا الثلاثاء على ملعب «أو 2 أرينا» أيضاً قبل السفر إلى فرنسا، حيث يبدأ مشواره، الأحد المقبل، في ليل ضد صربيا نيكولا يوكيتش، قبل مواجهة جنوب السودان في 31 الحالي ثم بورتوريكو.