أحدث الأميركي جوني فايسمولر «أمواجاً عاتية» في مياه «الحوض الأولمبي» خلال دورتي «باريس 1924» و«أمستردام 1928». هو بطل سباق «100 متر حرّة» في المناسبتين، والفائز في «باريس» بسباق «400 متر حرّة»، حيث تغلّب على حامل الرقم القياسي العالمي آرن بورغ، وبسباق البدل 4 مرات في 200 متر، و4 مرات في 800 متر. ولو سمح له بخوض سباقات أخرى لفاز بها؛ كما أوضح شخصياً.
سُمّي فايسمولر بـ«أدونيس الأحواض المبتسم دائماً»، كما أطلق عليه لقب «الوجه المضيء». أحرز بسهولة بالغة ذهبية «باريس» في «100 متر حرّة»، كاسراً حاجز الدقيقة لأول مرة أولمبياً (59 ثانية). والمعمّرون الذين تابعوا منافسات «حوض توريل» عامذاك يصفون تلك الأيام بـ«التاريخية»، كان أسلوبه جديداً، ومثيراً، يعوم ونصف جسده في الماء.
هذا الشاب أسمر البشرة ولد في فرايدروف بألمانيا يوم 2 يونيو (حزيران) 1904، وكان في الرابعة من عمره عندما انتقلت عائلته إلى الولايات المتحدة. عمل والده في منجم، لكنه كان سكيراً وأصيب بداء السل وتوفي وجوني لا يزال في العاشرة من عمره، مما اضطره إلى ترك المدرسة بعد سنتين والعمل لمساعدة والدته في إعالة شقيقه الأصغر.
حتى سن الثامنة، كان فايسمولر يخاف من المياه ويخشى الاستحمام في مغطس المنزل. لكنه اضطر إلى العوم بناء على نصيحة طبيب العائلة الذي وجد أن قفصه الصدري ضيّق قليلاً. وأخرجته السباحة لاحقاً من الهموم اليومية وشظف العيش.
وصادف أن شاهده مدرّب يدعى بيل (بيغ) باشراش، فلفتت نظره قامته الممشوقة ويداه وقدماه التي كانت تتميز بأنها كبيرة، فحمله ليحصد لاحقاً 57 لقباً أميركياً و62 رقماً عالمياً.
ضمّه باشراش إلى نادي «إلينوي أثليتيك كلوب»، وطلب منه أن ينسى كل ما تعلمه وينفذ تعليماته بحذافيرها، وأن ينكّب على التدريب من دون أي أعذار، وحذّره من صعوبة الموقف: «ستكون عبداً لي وستكرهني. لكن في النهاية ستحطم الأرقام القياسية كلها».
سبح فايسمولر شهوراً طويلة وكان محظوراً عليه استعمال فخذيه في العوم، مما أدّى إلى تميّزه في أسلوب السباحة ونصف جسده في الماء، ورأسه دائماً إلى أعلى، مما يجعله يتنشّق الأكسجين بشكل أفضل.
وقتذاك، لم يكن الحوض يُقسم إلى حارات بواسطة حبال من النايلون والفلين، وكي يعتاد فايسمولر السباحة في خط مستقيم، كان بيغ يضع قبعته على طرف الحوض من الجهة المقابلة لنقطة الانطلاق ويطلب من سبّاحه العوم في اتجاها ولمسها. وتحقيقه زمن دون الدقيقة في الـ100متر حرّة دشنه في 9 يوليو (تموز) 1922، وعززه إلى أن بلغ 57.4 ثانية في 17 فبراير (شباط) 1923.
في «باريس» أيضاً، حطّم فايسمولر مع الفريق الأميركي مرّتين الرقم القياسي لسباق البدل 4 مرات في 800 متر. كما شارك في صفوف منتخب بلاده لكرة اليد وحصد معه الميدالية البرونزية.
فايسمولر طرزان الشاشتين الفضية والذهبية، انطلق في السينما عام 1930، وتلقّفته «هوليوود»؛ لأنه كان يعرف العوم جيداً. اشتهر بصرخته المدوية في أفلامه أكثر من حواراته مع طرزان الصغير (جوني شيفيلد). وهو أحسن هذه الصنعة وتألق في هذه الميزة. صرخة في البراري والأدغال، «مخارجها» من العبارات المتداولة في جبال النمسا مسقط رأس أجداده.