«الأولمبياد»: حكاية بافو نورمي «الصبور» من أنتويرب إلى أمستردام

تألّق نورمي وانتزع 3 ذهبيات في جري المسافات المتوسطة والطويلة (الأولمبية الدولية)
تألّق نورمي وانتزع 3 ذهبيات في جري المسافات المتوسطة والطويلة (الأولمبية الدولية)
TT

«الأولمبياد»: حكاية بافو نورمي «الصبور» من أنتويرب إلى أمستردام

تألّق نورمي وانتزع 3 ذهبيات في جري المسافات المتوسطة والطويلة (الأولمبية الدولية)
تألّق نورمي وانتزع 3 ذهبيات في جري المسافات المتوسطة والطويلة (الأولمبية الدولية)

بدأت قصّة الفنلندي بافو نورمي والانتصارات الأولمبية في دورة أنتويرب عام 1920 وتطوّرت في باريس 1924 ثم في أمستردام 1928.

في أنتويرب، تألّق نورمي وانتزع ثلاث ذهبيات في جري المسافات المتوسطة والطويلة. وفي باريس خطف الأضواء بعد أن أحرز 5 ذهبيات.

كان نورمي «امتداداً» لمواطنه هانز كويلهايمن الذي برز في استوكهولم 1912 بعد صراعه مع الفرنسي جان بوان. وتَواجه نورمي في أنتويرب مع فرنسي آخر هو جوزيف غيمو. وشكّل ومواطنه فيلهو ريتولا في باريس «نموذجاً فائقاً»، فكان الثنائي الأعظم في جري المسافات المتوسطة.

وفي استعراض أيام ألعاب باريس، يجب التوقف عند ظاهرة نورمي بطل سباق 1500م و5000م. وتختصر مسيرته المظفرة بـ«4 أيام لا تُنسى» خاض خلالها سباقاته المتنوعة على المضمار والضاحية.

كان يظهر عليه دائماً الحرص على التركيز والحضور الذهني والبدني، فظنّ البعض أنه يفضّل الانزواء وعدم الاختلاط. وعُرف عنه قيامه بتدريبات مرحلية تصاعدية لضمان اللياقة والقدرة على التحمّل، لذا سُمّي بـ«رجل الحسابات» والإيقاع والخطوات المدروسة الواسعة وانتظام ذلك مع التنفس وتآلفه، علماً بأن بلوغ ذلك بحاجة إلى تضحيات كبيرة.

كان نورمي (27 عاماً) اكتشاف ألعاب أنتويرب 1920، قد حطّم الرقم القياسي الأولمبي في سباقي 1500م (3:06.53 دقيقة) و5000 (14:31.2 دقيقة). وجاء انتصاره في السباق الثاني بعد 20 دقيقة فقط من إنهائه الأول مكلّلاً بالغار، وهذه ظاهرة نادرة في حد ذاتها.

وشارك نورمي أيضاً في سباق الضاحية (10 آلاف متر) الذي بلغ فيه عدد المتبارين 36 عدَّاءً من فرنسا والولايات المتحدة والسويد وفنلندا، لكنّ 23 انسحبوا، وكتبت الصحف في اليوم التالي معلِّقةً أنه سباق خطر: «كان درب جلجلة في ظل حرارة وصلت إلى 40 درجة مئوية (يوليو - تموز، علماً بأن سباقات الضاحية منافسات شتوية)، وكان يجب إلغاؤه. الاتحاد الفرنسي لألعاب القوى أخطأ من دون شك». كان الغريب أن نورمي أنهاه بفارق كبير عن الآخرين، نَضِراً ومنتعشاً!

واستعراض وقائع دورة أمستردام 1928، لا يكتمل من دون التطرّق إلى ظاهرة نورمي مجدداً. صحيح أنه قطف ذهبية أولمبية تاسعة (رافعاً رصيده إلى 12 ميدالية من مختلف المعادن) من خلال فوزه في سباق الـ10 آلاف متر وتسجيله رقماً قياسياً جديداً أمام مواطنه ريتولا الذي ثأر منه في الـ5 آلاف متر، لكنه ظل ذلك «التمثال الجامد» الذي يتجنب الآخرين والإدلاء بتصريحات أو حتى الابتسام حين تُلتقط له الصور.

وتذكر التقارير أنه شوهد للمرة الأولى يضحك منذ عام 1920 في خضمّ سباق 3 آلاف متر موانع الذي خسره أمام مواطنه تينو لوكولا (8:12.9 دقيقة)، حين تعثر في حفرة المياه ومدّ منافسه دوكنسي له يده ليساعده في المتابعة... فكانت لفتة شكر منه عبّرت عنها معالم محيّاه التي انفرجت أساريرها! غير أن هذا الشرود سهّل فوز لوكولا.

وصف صحافي سويدي نورمي بـ«القديس» نظراً لالتزامه المثالي وصبره وجلده. ويعترف ريتولا بأنه «عدَّاء استثنائي وأسرع منّي».

في إجاباته النادرة والمقتضبة على أسئلة الصحافيين، لم يتأثر نورمي يوماً بإطراء بل يردّ: «أنا احبّ الفوز من أجل بلدي».

ورأى أن دورة أنتويرب و«سباقات الخريف الماضي (1923) في استوكهولم من أفضل ذكرياتي».

كان نورمي يجري واضعاً ساعة توقيت في معصمه ليضبط إيقاعه، ويقارن نفسه في هذا المجال بالفرنسي بوان الذي «يضبط إيقاعه على ساعة توقيت في رأسه». كان دائماً ينافس الوقت ويتمنى العودة سريعاً إلى فنلندا لأخذ قسط من الراحة ثم الركض مجدداً كما يجب، و«بعدها متابعة آخرين يتصدون لأرقامي».

واشتهر نورمي بغدائه «الإسبرطي»، يتناوله عند الحادية عشرة والنصف قبل الظهر، ومكوناته الأساسية لحوم بيضاء مطبوخة جيداً مع صلصة وخضار وخبز فنلندي أسود ممزوج بحليب وماء.

نورمي «انتهى» منبوذاً بعد دورة أمستردام وأُوقف دولياً بعدما اتُّهم بنيله 25 ألف دولار لقاء المشاركة في عدد من السباقات، فاستُبعد عن الساحة العالمية.

وبعد 20 عاماً، أُعيد الاعتبار إلى بطل كبير ووُضع تمثال من البرونز له على مدخل استاد هلسنكي. أسندت اللجنة المنظمة لأولمبياد هلسنكي إليه شرف إيقاد الشعلة في دورة عام 1952.

وانطفأت شعلة البطل التاريخي الذي لا يتكرر في 2 أكتوبر (تشرين الأول) 1973 إثر نوبة قلبية وهو في السادسة والسبعين.


مقالات ذات صلة

النصر يحسم ملف لاجامي

رياضة سعودية رغبة اللاعب علي لاجامي حسمت بقاءه (نادي النصر)

النصر يحسم ملف لاجامي

كشفت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن نادي النصر اتفق مع لاعبه، علي لاجامي، للاستمرار في صفوفه خلال الفترة المقبلة، ليغلق بذلك الطريق أمام ناديي الأهلي والاتحاد.

أحمد الجدي (الرياض )
رياضة عالمية مشجعون يطلبون توقيع سينر عقب تأهله للنهائي (رويترز)

دورة روما: ألكاراس وسينر وجهاً لوجه في النهائي

سينر سيكون أول إيطالي يحقق هذا الإنجاز منذ عام 1978، في حين شهدت هذه الدورة تتويج أحد الإيطاليين بها للمرة الأخيرة عام 1976.

«الشرق الأوسط» ( روما)
رياضة سعودية التعادل ثبت النصر في المركز الرابع (تصوير: نايف العتيبي)

الدوري السعودي: التعاون يحبط النصر... وحلم النخبة يتبخر

اكتفى فريق النصر بنقطة التعادل أمام ضيفه التعاون في المواجهة التي جمعتهما، مساء الجمعة، على ملعب الأول بارك ضمن منافسات الجولة الـ32 من الدوري السعودي للمحترفين

رياضة عربية نائبة رئيس الاتحاد الفلسطيني دعت في اجتماع «كونغرس فيفا» إلى التحرك الفوري ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

الاتحاد الفلسطيني ينتقد «بطء» «فيفا» بشأن تحقيقاته ضد إسرائيل

وجَّه الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم انتقادات حادة إلى «الاتحاد الدولي لكرة القدم»، متهماً إياه بـ«الفشل في توفير الوضوح أو الإجراءات الواجبة» ضد إسرائيل.

The Athletic (أسنسيون)
رياضة سعودية حسام عوار حسم مواجهة فريقه أمام النصر بعد الدقيقة 90 (تصوير: عبد العزيز النومان)

«فيرجي تايم» بنكهة اتحادية... أبطال الدوري يصنعون اللحظات الخالدة بعد الـ90

لم يكن الاتحاد بطلاً عادياً في هذا الموسم، بل اختار لنفسه لحظات خالدة في موسم التتويج بلقب الدوري السعودي للمحترفين، وهو اللقب رقم 14 في تاريخ النادي.

علي العمري (جدة )

صلاح ينتقد جماهير ليفربول بعد «صافرات الاستهجان» ضد أرنولد

محمد صلاح دافع عن الكسندر أرنولد (إ.ب.أ)
محمد صلاح دافع عن الكسندر أرنولد (إ.ب.أ)
TT

صلاح ينتقد جماهير ليفربول بعد «صافرات الاستهجان» ضد أرنولد

محمد صلاح دافع عن الكسندر أرنولد (إ.ب.أ)
محمد صلاح دافع عن الكسندر أرنولد (إ.ب.أ)

أبدى النجم المصري محمد صلاح استياءه من التصرفات التي بدرَت من بعض جماهير ليفربول تجاه زميله ترينت ألكسندر-أرنولد، بعدما تعرّض الأخير لصافرات استهجان أثناء مشاركته في مباراة الفريق أمام آرسنال يوم الأحد الماضي، وهي أول مباراة له منذ إعلان رحيله عن النادي بنهاية الموسم.

وفي تصريحات لـ«سكاي سبورتس» خلال مقابلة مع غاري نيفيل نقلتها شبكة The Athletic،، قال صلاح: “لقد تفاجأت، لأن هذا ليس تصرفًا يعكس ما تعوّدنا عليه من جماهير ليفربول. لا يجب أن نتصرف بهذا الشكل مع أي لاعب”.

وأضاف: “نحن مطالبون دائمًا بتقدير كل من جاء إلى هنا، حتى لو لعب ستة أشهر فقط. فما بالك بلاعب منحك كل شيء طوال 20 عامًا؟”.

وخلال مباراة ليفربول ضد آرسنال، أطلق عدد من الجماهير في ملعب أنفيلد صافرات استهجان مع كل لمسة لأرنولد، في تصرف وصفه صلاح بـ«القاسِي وغير المستحق»، مؤكدًا أن اللاعب «يستحق وداعًا يليق بما قدمه للنادي» خلال المباراتين المتبقيتين أمام برايتون وكريستال بالاس.

وعندما سُئل عن مدى افتقاده لأرنولد بعد رحيله، أجاب صلاح: “كثيرًا. قلت له بالأمس: لا تنظر في عيني يوم وداعك، لأنني أحبه كثيرًا وأعتقد أنه يستحق وداعًا خاصًا. هو من أفضل اللاعبين في تاريخ النادي. فعل الكثير للمدينة، وقدم كل ما لديه للنادي”.

واعتبر صلاح أن قرار أرنولد بالرحيل منطقي، قائلاً: “إنه في السادسة والعشرين، وقد فاز بكل شيء تقريبًا مرتين أو ثلاث مرات. ما الذي يمكنه تحقيقه أكثر من ذلك؟ يحتاج إلى تحدٍ جديد، وقد تحدث معي عن ذلك. القرار قراره وحده”.

وأضاف: “الناس لا تدرك صعوبة أن تبقى في نادٍ لمدة 20 عامًا. الأمر مرهق ذهنيًا. البعض يظن أن الأمر بسيط لأنك تحب المكان، وهذا صحيح، لكن الذهاب إلى نفس المكان يوميًا لمدة 20 عامًا قد يصيبك بالاكتئاب. لذلك أنا أتمنى له الأفضل من كل قلبي، وسأبقى على تواصل دائم معه”.

ورأى صلاح أن الجماهير لم تكن عادلة مع زميله قائلاً: “أعتقد أن الجماهير كانت قاسية عليه، ولم يستحق ذلك أبدًا. هو قدم كل شيء للجمهور، ويستحق منهم كل احترام وتقدير”.

كما أوضح صلاح أنه لم يحاول إقناع أرنولد بالبقاء في ليفربول، قائلاً: “أنا أتفهم الأمر، لم أحاول التأثير عليه، لأنني أعلم أن البقاء 20 سنة في نفس النادي ليس سهلاً. الناس تعتقد أن اتخاذ قرار البقاء سهل، لكنه عكس ذلك تمامًا. لم أرغب في الحديث معه كثيرًا عن هذا الموضوع، لأنني بكل وضوح أريده في فريقي دائمًا، ولكنني أفهم أيضًا أن تكرار المكان والروتين أمر صعب نفسيًا”.

وكشف النجم المصري أنه، هو الآخر، لم يكن يتوقع البقاء مع ليفربول هذا الموسم، حيث قال: “في بداية الموسم، كانت نسبة بقائي لا تتعدى 10% فقط. وكان ذلك بناءً على تاريخ النادي وطريقة تعامله مع اللاعبين فوق سن الثلاثين”.

وأضاف: “لا أهاجم النادي، لكننا نعرف الفلسفة التي يتبعها. لم أكن أتوقع الاستمرار، ولكن ابتداءً من يناير، بدأت الأمور تتحسن تدريجيًا. شعرت أن النادي كان يختبرني ليرى ما إذا كنت لا أزال قادرًا على العطاء!”.

يُذكر أن صلاح جدّد عقده في أبريل (نيسان) الماضي لمدة عامين، في خطوة فاجأت البعض، في ظل الشكوك التي كانت تحيط بمستقبله في ظل سياسة إدارة النادي تجاه اللاعبين المخضرمين.