ستوكهولم 1912: 25 دولاراً قضت على شهرة الهرقل ثورب

كان ثورب أفضل رياضي في النصف الأول من القرن العشرين (الأولمبية الدولية)
كان ثورب أفضل رياضي في النصف الأول من القرن العشرين (الأولمبية الدولية)
TT

ستوكهولم 1912: 25 دولاراً قضت على شهرة الهرقل ثورب

كان ثورب أفضل رياضي في النصف الأول من القرن العشرين (الأولمبية الدولية)
كان ثورب أفضل رياضي في النصف الأول من القرن العشرين (الأولمبية الدولية)

لا يُقارن أي إنجاز في دورة ستوكهولم عام 1912 مع قصّة الأميركي جيم ثورب الفائز بمسابقتي الخماسية والعشارية، القصّة التي أرخت تداعياتها وتبعاتها على الألعاب... ولا تزال.

إنها «الدراما» التي أعقبت الانتصار الاستثنائي، ولا تزال الحجارة القرميدية في جدران الاستاد الملكي وأشجار اللبلاب التي تظلّلها تتذكرّه... وكلمات الملك غوستاف في يوم تتويج الفائزين التي وجّهها إليه «سيدي أنت أعظم رياضي في العالم»، وهي محفورة على قبره. لكن يبدو أن مشكلة ثورب الأساسية هي مع الشهرة. وهي عدوّته من دون شك وجالبة الأذية له.

فبعد أشهر معدودة من «المجد الأولمبي»، أوقف ثورب وجرّد من ذهبيته بداعي الاحتراف وبعدما ثبت أنه تقاضى 25 دولاراً ليلعب مع فريق بيسبول في كارولينا الشمالية في انتهاك لقواعد الهواة القائمة آنذاك... وربما شفافية هذا اللاعب كبّدته ثمناً باهظاً، لأن أبطالاً كثراً ومنهم أولمبيون كانوا منخرطين في الفرق الأميركية المحترفة بأسماء مستعارة... ولدى التحقيق معه أجاب ثورب ببساطة «لم ألعب من أجل المال، قبلت المشاركة لأني أحب اللعبة... ومنذ عامين تفرّغت لأستعد للدورة الأولمبية من أجل حصد الميدالية وتشريف وطني».

وأعيد الاعتبار إلى ثورب رسمياً في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 1982، وقدّم رئيس اللجنة الأولمبية الدولية آنذاك الإسباني خوان أنتونيو سامارانش الميداليتين لأولاده في 18 يناير (كانون الثاني) 1983، ثم كرّمه على هامش دورة لوس أنجليس عام 1984. وصادف ذلك بعد 31 عاماً على وفاته المأساوية بنوبة قلبية في 28 مارس (آذار) 1953.

كان ثورب (1.84م و80كلغم) نموذجاً صارخاً للبطل المثالي، ولم تخطئ الاستطلاعات الدولية التي اختارته «أفضل رياضي في النصف الأول من القرن العشرين».

في منافسات ستوكهولم الأولمبية حصد ثورب بتصميم وهدوء وأعصاب باردة «قتلت خصومه» 8412 نقطة في المسابقة العشارية في مقابل 7724 نقطة للسويدي هوغو وايسلاندر (حامل الرقم القياسي العالمي البالغ 7244ن)، وجاءت أرقامه كلّها «خرافية» إذا صحّ التعبير. فمثلاً تفوّق بسنتيمتر في الوثب العالي على الرقم الذي فاز به بوب ماتياس في المسابقة خلال دورة لندن 1948، وأكمل سباق 1500م، بزمن أقل بتسع ثوان من الذي فاز به رافر جونسون في منافسات دورة روما 1960.

وعموماً نافس ثورب في 17 لعبة، فإلى الفوز بالعشارية والخماسية حلّ رابعاً في الوثب العالي (1.87م) وسابعاً في الوثب الطويل (6.89 م)، ولم تسمح له برمجة المسابقات في خوض سباقات الحواجز.

ومدرّب ثورب يُدعى غلن سكوبي (بوب) متخصّص في كرة القدم وألعاب القوى، أعد لاعبه في كلية كارليست في بنسلفانيا، وكان يتوسّم فيه خيراً وهو يخطّط لبناء فريق يستطيع أن يكون ندًّا أمام هارفارد ويال وبين ستايت وبرنستون. فكان قائداً وهدافاً أمّن الفوز على هارفارد 18 - 15 عام 1911 وسجّل النقاط الـ18 بمفرده. وإلى موهبته في البيسبول درج ثورب على مزاولة ألعاب القوى منذ عام 1907.

وُلد ثورب في 22 مايو (أيار) 1887 في أوكلاهوما في محمية ساكس أند فوكس الهندية. لكن عرقه ممزوج بدم فرنسي - آيرلندي من أمه... وانتهى مدمن كحول ومقامراً.

كان جدّه من أصل آيرلندي اقترن بفتاة من قبيلة ساكس أند فوكس في كنساس وانتقلا إلى أوكلاهوما، ووالده حيرام تزوّج شارلوت فيو من أب فرنسي وأم هندية.

ومن بطل يتلقى تهنئة الرئيس الأميركي روزفلت بعيد انتصاره ويقام استعراض على شرفه والأبطال الأميركيين الآخرين في الجادة الخامسة في نيويورك بعد العودة من ستوكهولم، تحوّل ثورب إلى منبوذ بعد الخبر الذي نشرته صحيفة في «كونيتيكت» عن «احترافه»... وأصبح لاحقاً لاعباً في نيويورك جاينتس وسنسيتي ردز (1919)، وزاول كرة القدم الأميركية بين 1915 و1928 في أندية عدة منها بولدوغز كونتون (أوهايو). كما تولى منصب رئيس رابطة اللاعبين المحترفين... وفعل السهر والكحول فعلهما في جسده وأنهكا صحته وتوفي عن 65 عاماً.

ترعرع ثورب في بلدة مونش شونغ التي عرفت ازدهارها بدءاً من منتصف القرن التاسع عشر، وسُمّيت باسمه بعد نجاحه الأولمبي، وشيد له فيها ضريح ضخم من 20 طناً من حجر الغرانيت الزهري، وحفرت عليه صور تمثله وهو يرمي القرص ويدفع الجلة ويسابق في الحواجز، إضافة إلى ما قاله له الملك غوستاف.

وثورب هو أيضاً «الرجل البرونزي» أي عنوان الفيلم الوثائقي الذي أعدّه مايكل كورتيس وتناول قصة حياته، من بطولة كريغ دوغلاس.


مقالات ذات صلة

كيف ضلت البرازيل طريقها ووصلت إلى الحضيض؟

رياضة عالمية المدرب البرازيلي دوريفال جونيور يتقدم مسيرة لاعبيه المهزومين (أ.ف.ب)

كيف ضلت البرازيل طريقها ووصلت إلى الحضيض؟

أداء البرازيل السيئ في «كوبا أميركا» يدق ناقوس الخطر ويحذر من غيابها عن مونديال 2026

رياضة عالمية لاعب الغولف الإسباني جون رام يسعى للفوز ببطولة بريطانيا (أ.ف.ب)

رام يتطلع لتعزيز النجاح الإسباني في الغولف

يتطلع لاعب الغولف الإسباني جون رام المصنف الأول على العالم سابقاً إلى تعزيز النجاح الرياضي لبلاده... عبر بطولة بريطانيا المفتوحة للغولف.

«الشرق الأوسط» (غلاسغو)
رياضة عالمية تباينت ردود الفعل حول استقالة غاريث ساوثغيت من تدريب منتخب إنجلترا لكرة القدم (أ.ب)

ستارمر: شكراً ساوثغيت… كنت مرشداً للمواهب الإنجليزية

تباينت ردود الفعل حول استقالة غاريث ساوثغيت من تدريب منتخب إنجلترا لكرة القدم، بعد الخسارة 1 - 2 أمام إسبانيا في نهائي بطولة أوروبا لكرة القدم 2024.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية المهاجم الغيني الدولي سيرهو غيراسي هداف شتوتغارت في طريقه لدورتموند (د.ب.أ)

الفحص الطبي يهدد صفقة غيراسي ودورتموند بالفشل

رجحت تقارير صحافية الثلاثاء أن يحسم فريق بوروسيا دورتموند صفقة ضم المهاجم الغيني الدولي سيرهو غيراسي هداف شتوتغارت بحلول يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (دورتموند)
رياضة عالمية غاريث ساوثغيت رحل عن تدريب إنجلترا وخليفته مجهول (إ.ب.أ)

خليفة ساوثغيت... إنجليزي مضمون أم مغامرة أجنبية؟

بدأ البحث عن مدرب إنجلترا المقبل، الثلاثاء، مع طرح كثير من الأسماء والتكهنات حول من قد يحل محل غاريث ساوثغيت.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستارمر: شكراً ساوثغيت… كنت مرشداً للمواهب الإنجليزية

تباينت ردود الفعل حول استقالة غاريث ساوثغيت من تدريب منتخب إنجلترا لكرة القدم (أ.ب)
تباينت ردود الفعل حول استقالة غاريث ساوثغيت من تدريب منتخب إنجلترا لكرة القدم (أ.ب)
TT

ستارمر: شكراً ساوثغيت… كنت مرشداً للمواهب الإنجليزية

تباينت ردود الفعل حول استقالة غاريث ساوثغيت من تدريب منتخب إنجلترا لكرة القدم (أ.ب)
تباينت ردود الفعل حول استقالة غاريث ساوثغيت من تدريب منتخب إنجلترا لكرة القدم (أ.ب)

قال مسؤولون ولاعبو كرة قدم في بريطانيا، الثلاثاء، إن غاريث ساوثغيت أعاد الثقة لمنتخب إنجلترا بعد النتائج الجيدة التي تحققت في الفترة الأخيرة. وكان غاريث ساوثغيت قد استقال من تدريب منتخب إنجلترا لكرة القدم، بعد الخسارة 1 - 2 أمام إسبانيا في نهائي بطولة أوروبا لكرة القدم 2024.

من ناحيته، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر: «الفترة التي قضاها غاريث مدرباً لإنجلترا ستظل في الذاكرة؛ لأنه أعاد الأمل، وكذلك الثقة التي كانت البلاد تنادي من أجلها فترة طويلة. هو وفريقه قدما لنا الكثير. لن ينسى أحد الوصول إلى قبل نهائي كأس العالم في 2018، أو الوصول إلى أول نهائيين لنا في بطولة أوروبا. كان الانتصاران على ألمانيا والدنمارك في (ويمبلي) عام 2021 مبهجين للغاية مثل عودة الجماهير من جديد (إلى الاستادات) بعد أيام جائحة «كورونا» المظلمة. غاريث حقق أيضاً فهماً أعمق لما يعنيه ويمثله المنصب. خلال الأوقات المضطربة، كان متحدثاً متعقلاً في أمور تتجاوز كرة القدم كثيراً».

واستطرد ستارمر: «كان مرشداً لمواهبنا الشابة الرائعة. وفي كل خطوة على الطريق، حمل أحلام البلاد بكرامة وشرف. أضم صوتي إلى أصوات الجميع اليوم في توجيه الشكر لكل من غاريث وأفراد فريقه على كل شيء حققوه، وعلى وضع أسس النجاح في المستقبل».

من جهته، وجَّه الأمير ويليام ولي عهد بريطانيا الشكر للمدرب المستقيل قائلاً: «غاريث، أود أن أشكرك – ليس بوصفي رئيساً للاتحاد الإنجليزي، وإنما بوصفي مشجعاً لمنتخب إنجلترا. شكراً لك على تكوين فريق يضاهي أفضل الفرق في العالم في عام 2024. شكراً لك على إبداء التواضع والتسامح والتحلي بالقيادة الحقيقية في ظل أشد الضغوط... يجب أن تكون فخوراً للغاية بما حققته».

أما مهاجم إنجلترا السابق غاري لينيكر، المذيع الرياضي حالياً في شبكة «بي بي سي» فأشار إلى تواضع ساوثغيت قائلاً: «أتمنى لغاريث ساوثغيت كل التوفيق في المستقبل. لقد جلب الفخر والاحترام والتكاتف إلى إنجلترا بشكل لم نشهده منذ فترة طويلة... دائماً ما كان يؤدي عمله بتواضع واحترام وكرامة».

أما المحلل التلفزيوني ومدافع إنجلترا السابق جيمي كاراغر فأظهر صورة تحمل كلمة «شكرا غاريث»، وقال: «نهائيان وقبل نهائي ودور ثمانية في 4 بطولات».

من جهته، قال المدافع الإنجليزي هاري مغواير: «أعدت لنا جميعاً الثقة مجدداً - ذكريات ستدوم إلى الأبد. شكرا لك»، وقال لاعب خط وسط آرسنال ومنتخب إنجلترا ديكلان رايس: «شكراً لك. تشرفت باللعب لإنجلترا تحت قيادتك. لدي ذكريات ستبقى للأبد. كل التوفيق لك في مغامرتك المقبلة». وأخيراً قال حارس المرمى الإنجليزي جوردان بيكفورد: «أود أن أتقدم بشكر خاص للمدرب على ثقته الدائمة بي خلال فترة وجوده معنا، وأتمنى له كل التوفيق في خطواته المقبلة. شكراً لك غاريث».