بينما لا يزال جيمس ماديسون عاجزاً عن استيعاب الأخبار الصادمة المتعلقة باستبعاده من قائمة المنتخب الإنجليزي المشاركة في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2024، فإنه من الصعب للغاية عدم تذكر الاستعداد للبطولة الكبرى السابقة عندما كان كل شيء مختلفاً تماماً عما هو عليه الآن.
فقبل بطولة كأس العالم 2022 التي أقيمت في فصل الشتاء في قطر، كان نجم خط وسط توتنهام هو اللاعب الذي يريد الجميع أن يضمه غاريث ساوثغيت. كان ماديسون يلعب آنذاك في صفوف ليستر سيتي ويقدم أفضل مستوياته على الإطلاق، حيث ساهم بشكل مباشر في 22 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولم يتفوق عليه في هذا الأمر سوى هاري كين وكيفن دي بروين وسون هيونغ مين.
فهل ضمه ساوثغيت؟ كان المدير الفني للمنتخب الإنجليزي قد أشركه في مباراة دولية واحدة في السابق - كبديل في تصفيات كأس الأمم الأوروبية في المباراة التي فازت فيها إنجلترا على الجبل الأسود في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. وبالفعل، ضم ساوثغيت ماديسون إلى القائمة النهائية المشاركة في المونديال.
لكن الأمر مختلف تماما هذه المرة. انتقل ماديسون من ليستر سيتي إلى توتنهام مقابل 40 مليون جنيه إسترليني خلال الصيف الماضي، وكان جزء من الفكرة يتمثل في أن هذه الخطوة ستساعده كثيرا في تعزيز مكانته في المنتخب الإنجليزي.
سارت الأمور بشكل جيد للغاية في البداية، وكان ماديسون أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز في أول 10 مباريات بالموسم، وكان القلب النابض لتوتنهام، الذي حقق نتائج استثنائية تحت قيادة المدير الفني الجديد أنغي بوستيكوغلو، ليغرد منفردا في صدارة جدول الترتيب بعد الفوز في ثماني مباريات والتعادل في مباراتين.
وخلال تلك الفترة، أحرز ماديسون ثلاثة أهداف وصنع خمسة أهداف أخرى، وكان هناك شعور بأن هذا اللاعب قد وصل إلى قمة مستواه وثقته بنفسه، وكان يلعب وهو يستمتع بما يقدمه داخل الملعب.
وكان من الواضح تماما أن هذا النجم المهاري قد وجد البيئة المثالية المناسبة لتقديم أفضل ما لديه. لكن كيف وصلنا إلى النقطة التي لم يعد فيها استبعاده من قائمة المنتخب الإنجليزي يمثل مفاجأة؟ من ناحية، هناك منافسة شرسة للغاية على مراكز اللاعبين الثلاثة الذين يلعبون خلف المهاجم الصريح، وفق خطة 4-2-3-1 التي يعتمد عليها ساوثغيت.
وإذا كان بوكايو ساكا، وجود بيلينغهام، وفيل فودين، وبالتأكيد كول بالمر، يضمنون بقاءهم بالتأكيد في القائمة النهائية، فستكون هناك منافسة قوية للغاية بين كل من جارود بوين، وأنتوني غوردون، وإيبيريشي إيزي، فضلا عن جاك غريليش الذي تم استبعاده أيضا.
لقد تغير كل شيء بالنسبة لماديسون - وتوتنهام - خلال المباراة التي خسرها الفريق على ملعبه أمام تشيلسي بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما اضطر ماديسون للخروج مستبدلا بسبب إصابة في الكاحل، وهي الإصابة التي أبعدته عن الملاعب لمدة ثلاثة أشهر تقريباً.
ومنذ عودته من الإصابة، لم ينجح اللاعب البالغ من العمر 27 عاماً في تقديم نفس المستويات العالية مرة أخرى. لقد تراجع مستوى ماديسون بشكل عام، وليس فقط ما يتعلق بمساهماته التهديفية، التي تشير إلى أنه سجل هدفا وحيدا وصنع أربعة أهداف في 17 مباراة بالدوري.
وتم استبعاده من قائمة فريقه أمام تشيلسي وليفربول في بداية مايو (أيار). وكان منافسوه على الانضمام لقائمة المنتخب الإنجليزي يقدمون مستويات أفضل منه.
لكن الشيء الغريب حقا بالنسبة لماديسون هو أن مسيرته مع المنتخب الإنجليزي لا تتناسب تماما مع الموهبة الكبيرة التي يمتلكها والجدل الذي يثار دائما حوله. ومن المحبط أن الإصابة التي تعرض لها في الركبة أثناء مشاركته مع ليستر سيتي أمام وستهام قبل انطلاق كأس العالم مباشرة أثرت كثيرا عليه، حيث لم يشارك ولو لدقيقة واحدة في المونديال.
لعب ماديسون سبع مباريات دولية، من بينها أربع مباريات أساسيا. لقد صنع لبيلينغهام هدف التعادل في اللحظات الأخيرة أمام بلجيكا في مارس (آذار) الماضي، وقدم لمحات جيدة خلال المباراة التي سحق فيها المنتخب الإنجليزي البوسنة والهرسك بثلاثية نظيفة يوم الاثنين، لكن ذلك لم يكن كافيا لاستمراره في القائمة النهائية.
ولا تزال تلك الأيام المثيرة مع بدء العد التنازلي لكأس العالم يتردد صداها الآن: حديث ماديسون المؤثر عن المكالمة الهاتفية السارة التي تلقاها من ساوثغيت؛ والصورة التي نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي لنفسه عندما كان طفلاً يرتدي قميص المنتخب الإنجليزي؛ وصورة لوجهه مرسوما عليه أيقونة القديس جورج؛ وكيف تم اختياره لحضور المؤتمر الصحافي الترحيبي للمنتخب الإنجليزي في مونديال قطر.
لقد كان اختياره لهذه المشاركة الإعلامية بمثابة دليل واضح على شخصيته القوية ونجوميته الكبيرة، وكيف يحب أن يكون مؤثرا في أي شيء يشارك فيه - حتى لو كان ذلك في عشاء عائلي، على حد تعبيره.
وتحدث ماديسون في ذلك الوقت عن أن كيف «تحولت الأحلام إلى حقيقة». لكن من المؤسف أن أحلامه قد تحولت إلى كوابيس في الوقت الحالي باستبعاده من القائمة النهائية المشاركة في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2024!
* خدمة «الغارديان»