خرج هاري كين من ملعب الإمارات بعد المباراة التي انتهت بالتعادل بين آرسنال وبايرن ميونيخ بهدفين لكل فريق، وعلامات الاستمتاع باللقاء تبدو على وجهه، وقال ضاحكاً: «أعتقد أن جمهور آرسنال يكن لي قليلاً من الاحترام»، في إشارة إلى صافرات الاستهجان التي كان جمهور آرسنال يطلقها في كل مرة يلمس فيها كين الكرة. وبلغت صافرات وصيحات الاستهجان ذروتها عندما تقدم كين لتسديد ركلة الجزاء، لكن المهاجم الإنجليزي تحلى بهدوء شديد ووضع الكرة داخل شباك ديفيد رايا ليمنح بايرن ميونيخ التقدم.
شعر لاعبو بايرن ميونيخ بأنهم قد حسموا المباراة لصالحهم، لكن لياندرو تروسارد سجل الهدف التعادل، وهو ما يعني أن الأمور لن تُحسم إلا في مباراة العودة في ميونيخ يوم الأربعاء المقبل. ويمكن تفسير سلوك كين بحقيقة أن بايرن ميونيخ لعب في هذه المباراة بشكل جيد، على عكس ما يقدمه في الآونة الأخيرة في الدوري الألماني الممتاز. ومن الواضح أن ذلك شجع قائد المنتخب الإنجليزي على أن يحلم بقيادة بايرن ميونيخ للوصول إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا.
وقال كين: «لقد كانت هذه فرصة لإظهار بعض العمل الجماعي، وللدفاع كفريق واحد في بعض الأحيان. لقد عملنا بكل قوة وأغلقنا المساحات وأفسدنا الهجمات، ومنعنا التحولات الهجومية للمنافس. يتعين علينا أن نلعب بهذه الروح القتالية في كل المباريات، لأننا لم نفعل ذلك بما فيه الكفاية هذا العام». لقد نجح بايرن ميونيخ في إخماد حماس آرسنال، الذي بدا بعد الهدف الافتتاحي الذي أحرزه بوكايو ساكا، قادراً على سحق النادي الألماني. ونجح بايرن ميونيخ في البقاء في المباراة واستغل الأخطاء التي ارتكبها لاعبو آرسنال، وأعتقد أنه قادر على تحقيق الفوز قبل أن ينجح تروسارد في إحراز هدف التعادل وقيادة فريقه للحصول على نقطة مستحقة.
في الواقع، لا يزال بايرن ميونيخ يمتلك ما يمكن وصفه بـ«جينات البطل». وكان كين حريصاً على الاستفادة من درس تاريخي مختلف تعلمه خلال الفترة التي قضاها مع توتنهام. لقد أشار كين إلى موسم 2018-2019 عندما تراجع توتنهام إلى المركز الرابع بعد سبع هزائم في آخر 12 مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن ذلك لم يؤثر عليه في مشواره في دوري أبطال أوروبا، ووصل إلى المباراة النهائية للمرة الأولى في تاريخه بعدما قدم مستويات رائعة، وخاصة في مباراة الدور نصف النهائي أمام أياكس. لم يشارك كين أمام النادي الهولندي، وكذلك في مباراة الإياب للدور ربع النهائي ضد مانشستر سيتي، بسبب الإصابة، لكن توتنهام تغلب على كل التحديات ووصل إلى المباراة النهائية للبطولة الأقوى في القارة العجوز.
وقال كين: «هذا الموسم مشابه لأننا لم نقدم مستويات جيدة في الدوري، لكي أكون صادقا. لكننا وجدنا بعض الشغف والعمل الجماعي في دوري أبطال أوروبا وتمكنا من الوصول إلى المباراة النهائية. هذه التجربة تمنحني الأمل في أن نتمكن من تحقيق ذلك مرة أخرى. إننا نعلم أنه يمكننا تقديم أداء جيد في المباريات الكبيرة، وفي الدور ربع النهائي على ملعبنا الأسبوع المقبل، وسنعمل جاهدين على التأهل إلى المباراة النهائية مرة أخرى».
وسيواجه بايرن ميونيخ العديد من المشكلات فيما يتعلق باختيار التشكيلة الأساسية خلال مباراته القادمة أمام آرسنال، تعرض ألفونسو ديفيز للإيقاف بسبب حصوله على بطاقة صفراء بسبب تدخله في وقت مبكر من المباراة ضد ساكا، ومن المرجح أيضاً أن يغيب سيرج غنابري بسبب تعرضه لإصابة في الفخذ مع نهاية الشوط الأول. وعلى الرغم من الشعور بالرضا بعد التعادل مع آرسنال على ملعب الإمارات، فلن تكون مهمة بايرن ميونيخ سهلة على ملعبه الأسبوع المقبل، لكن كين يشعر بالتفاؤل وبأن فريقه قادر على العبور إلى الدور نصف النهائي.
وقال كين عن منع جماهير بايرن ميونيخ من حضور مباراة فريقها أمام آرسنال على ملعب الاتحاد، بسبب عقوبة فرضها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في فبراير (شباط) الماضي بمنع النادي البافاري من جماهيره في المباراة التالية خارج ملعبه في دوري أبطال أوروبا: «من الغريب أنه لم يكن هناك جمهور يشجعنا، لكنني أعتقد أننا تعاملنا مع الأمر بشكل جيد. أعتقد أنكم ستشاهدون جمهورنا أكثر حماساً الأسبوع المقبل بعد حرمانه من حضور هذه المباراة، وربما سيكون أكثر صخباً مما اعتدنا عليه. نأمل أن نتمكن من استغلال هذه الطاقة الكبيرة لصالحنا ونحاول وضع ضغوط كبيرة على المنافس».
في الواقع، سيكون هناك ضغط على الفريقين، نظراً لأن بايرن ميونيخ هو الآخر مطالب بأن ينقذ موسمه السيئ ويظهر أن هذه الإمبراطورية الكروية الكبرى لم تسقط بعد. ويعرف كين جيداً أن أي نجاح أو تعثر مع بايرن ميونيخ ينعكس بشكل مختلف على قراره بالانتقال من توتنهام إلى النادي الألماني الصيف الماضي.
وقال المهاجم الإنجليزي: «بالطبع لم تسر الأمور كما كنت أريد هذا الموسم، بسبب الطريقة التي انتهى بها الأمر في الدوري والطريقة التي خرجنا بها من الكأس في وقت مبكر من الموسم. والآن لدينا آمال في دوري أبطال أوروبا، وهو ما سيكون إنجازاً رائعاً. أحاول تقديم أداء جيد مع فريقي، وأنا واثق دائماً من قدرتي على تسجيل الأهداف. أنا أفعل ذلك هذا العام، وأبحث دائماً عن النقاط التي يمكنني التحسن فيها. ما زلت أعتقد أن هناك أموراً يمكنني أن أتحسن فيها».
لكن هل عودة كين للعب أمام آرسنال أمام 60 ألف متفرج جعلته يحن للعب في الدوري الإنجليزي الممتاز الذي رحل عنه؟ يقول كين رداً على ذلك: «لا، فأنا أستمتع حقاً بتجربتي في ألمانيا. لقد كانت خطوة كنت أحتاج إليها في مسيرتي الكروية للحصول على حافز جديد، وخوض تحدٍ جديد، واللعب في بيئة جديدة وملاعب جديدة، ومواجهة فرق جديدة، وأنا سعيد حقاً لأنني قمت بهذه الخطوة». ويضيف: «أعرف بالطبع مدى أهمية الدوري الإنجليزي الممتاز، فقد لعبت هناك لسنوات عديدة من قبل، لكن مستقبلي الآن مع بايرن ميونيخ. لدي عقد لمدة أربع سنوات، وأنا أستمتع بهذه التجربة حقاً، وآمل أن أتمكن من تحقيق شيء مميز هذا الموسم». وبعد نهاية مباراة آرسنال، استقل كين حافلة فريقه وهو يعلم أن فرص بايرن ميونيخ في التغلب على الاضطرابات التي يواجهها حالياً لا تزال قائمة، على الأقل في الوقت الحالي!
وسيكون الضغط على فريق المدرب توماس توخيل لأن اللقب الأوروبي هو فرصته الوحيدة للخروج بشيء كبير من هذا الموسم بعدما خرج إلى حد كبير من السباق على لقب الدوري الألماني لصالح باير ليفركوزن المتصدر. وقال كين: «لعبنا بعزم وإصرار الليلة. كان علينا أن نظهر العمل الجماعي والقدرة على القتال. قطعنا الليلة خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح». ويتأخر بايرن بفارق 16 نقطة عن باير ليفركوزن، الذي قد يتوج باللقب مطلع الأسبوع المقبل، لكن بطل أوروبا ست مرات رفع مستواه في ملعب الإمارات ليعرقل آرسنال متصدر الدوري الإنجليزي الممتاز الذي عانى للعب بطريقته السلسة المعتادة. وسيغادر توخيل بايرن في نهاية الموسم لكن من الواضح أن فريقه لا يزال منسجماً معه.
* خدمة «الغارديان»