عندما أصبح كيليان مبابي أكبر من سان جيرمان... بل والدوري الفرنسي بأكمله

الجميع في باريس بدءاً من مالكي النادي وصولاً إلى الرئيس ماكرون كانوا يعملون على إرضاء اللاعب

أصبح مبابي الهداف التاريخي لسان جيرمان متجاوزاً الرقم القياسي الذي كان مسجلاً باسم كافاني (أ.ب)
أصبح مبابي الهداف التاريخي لسان جيرمان متجاوزاً الرقم القياسي الذي كان مسجلاً باسم كافاني (أ.ب)
TT

عندما أصبح كيليان مبابي أكبر من سان جيرمان... بل والدوري الفرنسي بأكمله

أصبح مبابي الهداف التاريخي لسان جيرمان متجاوزاً الرقم القياسي الذي كان مسجلاً باسم كافاني (أ.ب)
أصبح مبابي الهداف التاريخي لسان جيرمان متجاوزاً الرقم القياسي الذي كان مسجلاً باسم كافاني (أ.ب)

على مبابي سان جيرمان كان هناك دائماً شعور لا مفر منه بأن أيام كيليان مبابي في باريس سان جيرمان باتت معدودة، بعدما تطور النجم الفرنسي من مراهق يبلغ من العمر 18 عاماً إلى نجم أكبر من باريس سان جيرمان، بل والدوري الفرنسي الممتاز بأكمله. وانطلقت جولة وداع مبابي في نانت في المرحلة الماضية من الدوري الفرنسي، حيث احتشد المشجعون في ملعب «لا بوجوار»، وأكد بعضهم على أنهم سافروا لأكثر من 100 كيلومتر لمجرد رؤية مبابي. واستقبل جمهور الفريق المضيف قائد منتخب فرنسا بالهتافات عندما شارك بديلاً بعد مرور ساعة من اللقاء، فيما يعد بمثابة دليل آخر على شهرة اللاعب الفائقة، التي تجاوزت باريس سان جيرمان. وسجل مبابي هدفاً من ركلة جزاء في وقت متأخر من اللقاء ليقود ناديه للفوز بهدفين دون رد.

وقال المدير الفني لباريس سان جيرمان، لويس إنريكي، بعد ورود أنباء عن اتخاذ مبابي قراراً بالرحيل عن النادي الفرنسي في نهاية الموسم: «النادي أكبر من أي فرد». وردد المدير الفني الإسباني كلمات رئيس النادي ناصر الخليفي، وكرر هذه العبارة ثلاث مرات في تتابع سريع. ربما كانت هذه محاولة من جانب إنريكي بإقناع نفسه بأي شيء آخر، لكن الشيء المؤكد هو أن كل الأحداث والقرارات التي اتُخذت على مدى السنوات الست الماضية تقول عكس ذلك تماماً.

وكانت صحيفة ماركا الرياضية الإسبانية قد أشارت الاثنين إلى أن مبابي وقع على عقد مدته خمس سنوات مع نادي ريال مدريد اعتباراً من أول يوليو (تموز) المقبل في صفقة انتقال حر. وارتبط مبابي، البالغ من العمر 25 عاماً، بالانتقال إلى ريال مدريد في السنوات الأخيرة، وقد أبلغ إدارة ناديه الفرنسي في صيف العام الماضي بأنه لن يجدد تعاقده الذي ينتهي بنهاية الموسم الحالي. وأضافت «ماركا» أن مبابي، الفائز مع منتخب فرنسا بكأس العالم 2018، أبلغ الخليفي مجدداً بهذه الرغبة الأسبوع الماضي في «اجتماع ودي».

وأشارت الصحيفة إلى أن مبابي، الذي انضم لباريس سان جيرمان من موناكو في صيف2017، طالب الخليفي بعدم تقديم أي عروض أخرى له لأنه وقع بالفعل مع ريال مدريد. وذكرت «ماركا» أن هذا الاتفاق تم منذ أسبوعين، لكن لم يتم تأكيد الصفقة بشكل رسمي، علماً بأن مبابي كان قد أكد في أوائل يناير (كانون الثاني) الماضي أنه لم يتخذ قراره النهائي بشأن مستقبله.

وحتى قبل انتقاله إلى باريس سان جيرمان قادماً من موناكو، كان ريال مدريد يسعى لضم مبابي. وفي نهاية كل موسم، كان يُطرح السؤال نفسه: هل سيكون هذا هو العام الذي يرحل فيه أخيراً إلى «الميرنغي»؟ ومع توالي المواسم، ودخول باريس سان جيرمان ما يمكن وصفه بحقبة الغالاكتيكوس (النجوم الذين يمتلكون قدرات خارقة) والتي انتهت سريعاً، ومع وصول نيمار ثم بعد ذلك ليونيل ميسي، استمرت أهمية مبابي في النمو، كما استمر عدد أهدافه في الارتفاع. وأصبح مبابي الهداف التاريخي لباريس سان جيرمان العام الماضي، متجاوزاً الرقم القياسي الذي كان مسجلاً باسم إدينسون كافاني، على الرغم من أن مبابي لعب 54 مباراة أقل.

لكن أهمية مبابي كانت أكبر بكثير بالنسبة لنادي باريس سان جيرمان، وكذلك ملاكه. لقد تعرض النادي لانتقادات شديدة بسبب سوء الإدارة وعدم استغلال المواهب المحلية، لذلك كان مبابي رمزاً لإعادة التنظيم، ودليلاً على وجود كفاءات كبيرة داخل النادي. وأظهر وجوده في الفريق قدرة النادي على التعلم من أخطاء الماضي. وبالنسبة لمالكي النادي، كان مبابي أكثر من مجرد اللاعب الأكثر قيمة في عالم كرة القدم في الوقت الحالي، فقد كان يجسد باريس، كما كان يمثل قيمة لا تقدر بثمن بالنسبة للملاك.

وبالنسبة لمبابي، أصبح باريس سان جيرمان «سجناً»، وهو الوصف الذي يُقال إن المقربين من اللاعب يستخدمونه لوصف بطل الدوري الفرنسي الممتاز. وقال الخليفي في صيف عام 2021 وسط محاولات ريال مدريد الأخيرة للتعاقد مع اللاعب: «سأكون واضحاً: كيليان سيبقى في باريس. لن نبيعه أبداً، ولن يرحل مجاناً أبداً». لكن يبدو أن هذه الكلمات لن تتحقق على أرض الواقع، بعدما أصبح مبابي قريباً للغاية من الانتقال إلى النادي الملكي.

ومن أجل الاحتفاظ بهذه الجوهرة الثمينة أمام كل المغريات، لجأ باريس سان جيرمان إلى العديد من الخطط والتكتيكات، التي بلغت ذروتها بقرار تسليم مبابي مفاتيح النادي في عام 2022، بالإضافة إلى منح النجم الفرنسي راتباً لا مثيل له. لقد كان نفوذ مبابي غير مسبوق وغير مقيد تقريباً. وقد تم تعيين لويس كامبوس في منصب بارز في النادي من خلال المحادثات التي شهدت تجديد مبابي لتعاقده مع باريس سان جيرمان حتى عام 2024. وكانت استراتيجية التعاقدات في النادي - وخاصة تلك المتعلقة بالبحث غير الناجح عن مهاجم صريح نموذجي - من بنات أفكار اللاعب الفرنسي الشاب، الذي كان يريد تكرار العلاقة القوية بينه وبين أوليفييه جيرو على المستوى الدولي.

وبعيداً عن الحوافز المالية وإغراءات الحصول على مزيد من النفوذ في إدارة النادي، لعبت الضغوط السياسية أيضاً دوراً في الإبقاء على مبابي في باريس سان جيرمان. وكشف اللاعب الفرنسي أنه أجرى محادثة مع الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي أعرب عن رغبته في أن يبقى مبابي في باريس سان جيرمان. وقال الرئيس الفرنسي، وفقاً لمبابي: «لا أريد منك أن ترحل، فلديك فرصة لكتابة التاريخ هنا، والجميع يحبك».

ووصل الأمر أيضاً إلى أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي يعد أحد مشجعي باريس سان جيرمان والذي قضى عدة سنوات من طفولته في باريس، أدلى بدلوه في هذا الأمر، حيث وجه الشكر لماكرون على الدور الذي لعبه في الإبقاء على مبابي في ملعب «حديقة الأمراء». وفضلاً عن أن مبابي يُعد الآن اللاعب الأكثر موهبة على هذا الكوكب، فقد أصبح أيضاً أداة سياسية يتم استغلالها لتحقيق مكاسب دبلوماسية أو تسويقية.

وأصبح مبابي أيضاً لا غنى عنه بالنسبة إلى رابطة الدوري الفرنسي لكرة القدم ورئيسها فنسنت لابرون، خاصة بعد رحيل نيمار وميسي الصيف الماضي، وهو الأمر الذي جعل مبابي هو الوجه الدعائي الأول وبلا منازع للدوري الفرنسي الممتاز. وتأتي أخبار رحيل مبابي في الوقت الذي يعاني فيه الدوري الفرنسي الممتاز من أجل بيع حقوق البث الخاصة به. كان لابرون يحاول الحصول على عائدات من البث التلفزيوني للمباريات تصل إلى مليار يورو، لكنه فشل في ذلك. ومن المؤكد أن رحيل مبابي يُضعف كثيراً موقف الدوري الفرنسي الممتاز في المفاوضات المتعلقة بعائدات بث المباريات.

من المؤكد أن جميع جوانب كرة القدم الفرنسية ستتأثر سلباً برحيل مبابي، نظراً لأن هذا اللاعب الشاب يمتلك موهبة استثنائية، كما يتمتع بنفوذ كبير. وسيترك رحيله فراغاً في المستويات العليا التي تتقاطع فيها السياسة وكرة القدم في فرنسا، أما على أرض الملعب فربما يمكن تعويض الفراغ الذي سيتركه بمرور الوقت.

ومنذ وصول إنريكي إلى فرنسا الصيف الماضي وهو يلبي كل رغبات مبابي واحتياجاته، كما منح المدير الفني الإسباني اللاعب دوراً حراً داخل الملعب، على الرغم من أن ذلك يتناقض مع الطريقة التي يريد إنريكي تطبيقها داخل الملعب. وعلاوة على ذلك، فإن التطور السريع للنجم الشاب برادلي باركولا يجلب أيضاً شعوراً بالتفاؤل. والآن، يبدو أن مبابي يستعد للخروج من «سجن» باريس سان جيرمان، لكن رحيله سيؤدي أيضاً إلى «تحرير» الباريسيين، سواء على المستوى المالي أو الرياضي، فهذا الانفصال الحتمي سيصب في مصلحة الطرفين!

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

مواني القريب من الرحيل يغيب عن سان جيرمان مجدداً

رياضة عالمية مواني القريب من الرحيل يغيب عن سان جيرمان مجدداً

مواني القريب من الرحيل يغيب عن سان جيرمان مجدداً

يغيب المهاجم الدولي راندال كولو مواني، المتوقع أن يغادر نادي باريس سان جيرمان، عن تشكيلة حامل اللقب لمواجهة إسبالي من الدرجة الثالثة، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية بريسنل كيمبمبي يعود لصفوف باريس سان جيرمان بعد غياب طويل (رويترز)

كيمبمبي سيعود إلى سان جيرمان خلال مواجهة كأس فرنسا

قال لويس إنريكي، مدرب باريس سان جيرمان، (الثلاثاء) إن المدافع بريسنل كيمبمبي قد يعود للمشارَكة مع الفريق بعد نحو عامين من الغياب.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية ديمبلي محتفلا بهدفه الثاني (رويترز)

الدوري الفرنسي: ثنائية ديمبلي تقود سان جيرمان للفوز على «إيتيان»

سجل عثمان ديمبلي نجم باريس سان جيرمان هدفين ليقود فريقه للفوز على سانت إيتيان بنتيجة 2 / 1 في ختام منافسات الجولة السابعة عشرة للدوري الفرنسي الأحد.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية لاعبو مرسيليا يحتفلون بالهدف الثاني (أ.ب)

الدوري الفرنسي: مرسيليا يلاحق سان جيرمان بثنائية في رين

قلب مارسيليا تأخره بهدف إلى فوز على مضيفه رين بنتيجة 1/2، مساء السبت، ضمن منافسات الجولة 17 بالدوري الفرنسي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية من المباراة التي جمعت موناكو ونانت (أ.ف.ب)

الدوري الفرنسي: موناكو يواصل نزيف النقاط

واصل موناكو نزيف النقاط بسقوطه في فخ التعادل امام مضيفه نانت 2-2 الجمعة على ملعب "لابوغوار" في نانت في افتتاح المرحلة السابعة عشرة من الدوري الفرنسي.

«الشرق الأوسط» (باريس )

باخ: إقامة الأولمبياد وكأس العالم بأميركا «مضمون»... ترمب عاشق للرياضة

توماس باخ (د.ب.أ)
توماس باخ (د.ب.أ)
TT

باخ: إقامة الأولمبياد وكأس العالم بأميركا «مضمون»... ترمب عاشق للرياضة

توماس باخ (د.ب.أ)
توماس باخ (د.ب.أ)

قال توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن مصير بطولة كأس العالم لكرة القدم للرجال ودورة الألعاب الأولمبية في الولايات المتحدة مضمون، ووصف دونالد ترمب رئيس أميركا المنتخب بأنه «عاشق للرياضة».

وتستعد أميركا لاستضافة كأس العالم 2026 بالاشتراك مع كندا والمكسيك، اللتين كانتا مؤخراً هدفاً للتهديدات الاقتصادية والسياسية من قِبَل ترمب.

ووعد الرئيس المنتخب، الذي من المقرر أن يتم تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، أكثر من مرة، بفرض رسوم جمركية ضخمة على البلدين، كما أثار استياءهما من خلال طرح أفكار مثل إعادة تسمية خليج المكسيك وضم كندا كأحدث ولاية أميركية رقم 51. في الوقت نفسه، تصادم ترمب مع حاكم ولاية كاليفورنيا، جافين نيوسوم، وقادة في لوس أنجليس، التي من المقرر أن تستضيف أولمبياد 2028، بشأن رد فعلهم على الحرائق المدمرة التي اجتاحت أجزاء من المدينة في الأيام الأخيرة.

ولكن باخ الذي ترأس اللجنة الأولمبية الدولية لمدة 12 عاماً وتنتهي ولايته هذا العام، لا يعتقد أن هذه النزاعات ستؤثر على الحدثين الرياضيين.

وقال باخ في مقابلة مع «وكالة الأنباء الألمانية» إن ترمب كان «مشاركاً في مرحلة تقديم طلبَي استضافة بطولة كأس العالم والأولمبياد بطريقة أو بأخرى». وأكد: «لذلك أنا متأكد من أنه سيدعم الحدثين».

ومن المقرر أن يتم انتخاب الرئيس الجديد للجنة الأولمبية الدولية في منتصف مارس (آذار) المقبل، مع وجود سبعة مرشحين.

وقال باخ إنه عقد مناقشات مفتوحة مع ترمب عندما ترأس الولايات المتحدة الأميركية في المرة الأولى، وأنه قام بتهنئته بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في نوفمبر (تشرين الثاني).

وذكر بطل المبارزة الألماني السابق الفائز بالميدالية الذهبية في أولمبياد 1976، أنه لا يسعى لإجراء أي حوار آخر مع ترمب في أشهره الأخيرة في رئاسة اللجنة الأولمبية الدولية.

وأوضح باخ: «لا أعتقد أن هذا سيكون عادلاً أو صحيحاً بالنسبة لمن سيخلفني، أن أسعى للتواصل مجدداً حالياً، وربما أؤثر على أي قرارات تقع على عاتق خليفتي بعد ذلك».