كيف يحسم مستوى نونيز وجيسوس السباق على اللقب؟

سوء الحظ يلازم مهاجم ليفربول... والمعدل التهديفي للاعب آرسنال يتراجع

يعود تدني الحصيلة التهديفية لنونيز في قدرته  على تسديد الكرات في القائمين والعارضة (إ.ب.أ)
يعود تدني الحصيلة التهديفية لنونيز في قدرته على تسديد الكرات في القائمين والعارضة (إ.ب.أ)
TT

كيف يحسم مستوى نونيز وجيسوس السباق على اللقب؟

يعود تدني الحصيلة التهديفية لنونيز في قدرته  على تسديد الكرات في القائمين والعارضة (إ.ب.أ)
يعود تدني الحصيلة التهديفية لنونيز في قدرته على تسديد الكرات في القائمين والعارضة (إ.ب.أ)

كرة القدم لعبة بسيطة، لكنها قد تتسم بالتعقيد الشديد في الوقت نفسه، ويتمثل التعقيد الأكبر في بعض الأحيان في إدراك وفهم مدى هذا التعقيد. وبينما تكشف الإحصائيات والبيانات عن تعقيدات التفاصيل الداخلية للعبة مثل مستويات الضغط العالي والضغط المضاد على المنافس، فهناك سؤال من الصعب الإجابة عليه، رغم أنه قد يبدو بسيطاً، وهو: ما الذي يحتاج إليه أي لاعب لكي يضع الكرة داخل الشباك؟

من المعروف أن المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا يقضي أياماً في تحليل المنافسين، من أجل البحث عن نقاط الضعف الصغيرة في طريقة لعبهم الدفاعية، والعمل على تحديد المكان الذي يمكنه الضغط من خلاله عن طريق الزيادة العددية من خلال خلق مساحات للاعبي مانشستر سيتي المبدعين. إنه يقوم بتحليل كل شيء من أجل تحقيق أقصى استفادة ممكنة من نقاط ضعف المنافسين. لقد أصبح الأمر معقداً للغاية، لكن هناك بعض الأشياء البديهية القديمة التي لا يمكن الاستغناء عنها حتى الآن، ومن بينها بالطبع حاجة الفريق إلى لاعب قادر على وضع الكرة داخل الشباك.

إن مسألة المواصفات التي يجب أن يتحلى بها المهاجم الصريح قد برزت بشكل كبير في فريقي آرسنال وليفربول هذا الموسم. فبالنسبة لآرسنال، فإن السؤال الرئيسي يتعلق بما إذا كان يمكن لأي فريق أن ينافس حقاً على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز دون أن يكون لديه هداف من الطراز العالمي. من الواضح أن الإجابة على هذا السؤال هي «نعم»، والدليل على ذلك أن غوارديولا - رغم امتلاك فريقه الآن للمهاجم النرويجي العملاق إيرلينغ هالاند - فاز بالكثير من بطولات الدوري دون أن يكون لديه مهاجم صريح بالشكل التقليدي، بل ولم يكن مقتنعاً بنسبة 100 في المائة بقدرات وإمكانات مهاجم مثل سيرجيو أغويرو.

والعكس صحيح أيضاً، فقد سجل هاري كين 23 هدفاً في 19 مباراة في الدوري الألماني الممتاز هذا الموسم، لكن بايرن ميونيخ يحتل المركز الثاني في جدول الترتيب. إن الاعتماد المفرط على أحد الهدافين قد يجعل الفرق المنافسة قادرة على التنبؤ بمصدر الخطورة، وهو الأمر الذي يكون له تأثير سلبي على باقي العمليات الأخرى. لقد خسر آرسنال ثلاث مباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، رغم أنه كان الأفضل من منافسيه من حيث إحصائية الأهداف المتوقعة، وبالتالي كان من المستحيل عدم التفكير في مدى قدرة هذا الفريق على المنافسة على اللقب دون أن يكون لديه مهاجم قناص قادر على استغلال أنصاف الفرص ووضع الكرة داخل الشباك.

غابرييل جيسوس مهاجم جيد، ويتحرك بشكل ممتاز ويبذل مجهوداً كبيراً ويقوم بواجباته الدفاعية على النحو الأمثل. إنه يقوم بعمل رائع فيما يتعلق بطريقة اللعب التي يعتمد عليها آرسنال، وبالتالي فإذا تم استبداله فلن يكون من السهل تعويضه بلاعب قادر على إحراز المزيد من الأهداف والاستمرار في اللعب بالطريقة ذاتها في الوقت نفسه. لكن تبقى الحقيقة الواضحة تتمثل في أن جيسوس ليس بارعاً في إنهاء الهجمات، والدليل على ذلك أنه لم يسجل أبداً أكثر من 14 هدفاً في موسم واحد بالدوري، ولم يسجل أكثر من عشرة أهداف سوى في ثلاثة مواسم من المواسم السبعة التي قضاها في أوروبا.

وحتى بعد تسجيله هدفاً في مرمى نوتنغهام فورست في المرحلة الثانية والعشرين، فإنه يحتل المرتبة 505 من بين 532 لاعباً في الدوري الإنجليزي الممتاز من حيث عدد الأهداف بالنسبة لإحصائية الأهداف المتوقعة (باستثناء ضربات الجزاء)، وهي الإحصائية التي تظهر عدم فعاليته وإهداره للكثير من الفرص أمام المرمى. قد لا يكون هذا مهماً إذا كان هدفه الأساسي يتمثل في خلق المساحات للآخرين حتى يسجلوا الأهداف، لكن بوكايو ساكا، الذي يعد الهداف الأول للفريق في الدوري برصيد ثمانية أهداف، يحتل المركز 463 في هذه الإحصائية. وبعيداً عن الكرات الثابتة، فإن آرسنال يحتاج إلى الكثير من الفرص لتسجيل الأهداف.

جيسوس ليس بارعا في إنهاء الهجمات (أ.ف.ب)

لكن الأمر نفسه ينطبق أيضاً على مهاجم ليفربول، داروين نونيز، الذي لم يسجل سوى سبعة أهداف في الدوري هذا الموسم، لكنه يتأخر بـ24 مركزاً عن جيسوس في إحصائية عدد الأهداف المسجلة بالنسبة لإحصائية الأهداف المتوقعة، متقدماً فقط على نيكولاس جاكسون ودومينيك كالفيرت لوين ويهور يارموليوك، لاعب خط وسط برنتفورد البالغ من العمر 19 عاماً، الذي لا يزال يتحسس خطاه في الملاعب ولم يحرز أي هدف حتى الآن.

ويعود تدني الحصيلة التهديفية لنونيز في قدرته الخارقة على تسديد الكرات في القائمين والعارضة! فقد سدد المهاجم الأورغواياني أربع كرات في القائمين والعارضة أمام تشيلسي في الجولة الثانية والعشرين، ليرفع رصيده من الكرات المسددة في القائمة والعارضة هذا الموسم إلى 12. هناك شعور بأن سوء الحظ الذي يلازم نونيز سوف يتوقف في مرحلة ما، وبالتالي فإن بعض الكرات التي تصطدم بالقائمين والعارضة ستدخل الشباك في نهاية المطاف. في الحقيقة، يمتلك نونيز قدرات وإمكانات تجعلك تشعر بأنه قادر على أن ينفجر فجأة ويحرز ما يتراوح بين 20 و30 هدفاً في الموسم. لكن في الوقت نفسه، يقال هذا الأمر منذ فترة طويلة للغاية عن لاعب آخر يلازمه سوء حظ غريب فيما يتعلق باصطدام تسديداته في القائمين والعارضة، وهو تيمو فيرنر، ولم ينجح الأمر معه أبداً!

لكن في حالة نونيز، فإن هذا الأمر يلقي الضوء على شيء آخر وهو عدد الفرص الكبيرة التي يخلقها هذا اللاعب، حتى لو كان يضيع الكثير منها. وهناك شيء غير عادي يتعلق بثقة هذا اللاعب في نفسه والطريقة التي يتعامل بها مع الأمر وكأنه لا يشعر بالقلق على الإطلاق بعد كل هذه الفرص التي يهدرها، وكأنه يقول لنفسه: هيا حاول مرة أخرى، وافشل مرة أخرى، وسوف تسجل في نهاية المطاف.

لا يتعلق الأمر فقط بالأهداف، التي تأتي كمكافأة تقريباً على المجهود الكبير الذي يبذله هذا اللاعب، الذي لا يتوقف عن الحركة أبداً داخل الملعب، وهو الأمر الذي يخلق المساحات والفرص لزملائه من حوله. إن عدم القدرة على التنبؤ بما سيفعله - إنه قادر على أن يسدد الكرة في الزاوية العليا للمرمى ببراعة من مسافة 30 ياردة، لكنه في الوقت نفسه قادر على إهدار فرصة محققة والشباك خالية تماماً من على بعد خمس ياردات - تعني أن المدافعين لا يمكنهم أبداً الشعور بالتهاون بشأن ما يمكنه القيام به من أي مكان ومن أي مسافة.

لقد صنع نونيز سبعة أهداف في الدوري هذا الموسم، أي أكثر من أي لاعب آخر في المسابقة باستثناء محمد صلاح وكيران تريبيير وأولي واتكينز، وأكثر بأربع تمريرات حاسمة من جيسوس. وبهذا المعنى، فإن إهداره للكثير من الفرص قد لا يهم كثيراً، لأنه يجسد تقريباً النموذج المثالي للمهاجم الذي يريده المدير الفني الألماني يورغن كلوب في عالم كرة القدم.

ومع ذلك، دعونا نتخيل أن ليفربول يلعب مباراة حاسمة في الدوري الأوروبي، أو ضد مانشستر سيتي في الدوري على ملعب «أنفيلد» الشهر المقبل، في مباراة صعبة تشهد عدداً قليلاً للغاية من الفرص من جانب الفريقين، بينما تشير النتيجة إلى التعادل السلبي قرب نهاية اللقاء، وفجأة يقطع ليفربول الكرة ويشن هجمة مرتدة سريعة وتصل الكرة إلى نونيز في موقف لاعب ضد لاعب أمام مرمى المنافس، فهل يتمكن المهاجم الأورغواياني من استغلال هذه الفرصة أم يهدرها؟ ربما يكون نونيز بارعاً في نشر الفوضى في دفاعات الفرق المنافسة، لكن التاريخ من الممكن أن يتذكر بسهولة أن لاعباً كان السبب الرئيسي في ضياع بطولة مهمة بسبب إهداره لفرصة سهلة في وقت حاسم! لكن الأعمال الرائعة الأخرى التي يقوم بها نونيز - وجيسوس - قد تكون مهمة أيضاً في حسم الصراع على اللقب، وهو الأمر الذي يثبت أن كرة القدم، التي يرى كثيرون أنها لعبة سهلة، قد تتسم بالتعقيد الشديد في الكثير من الأحيان.

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

أليسون المهتم بعروض الأندية السعودية: طموحاتي كبيرة

رياضة عالمية الحارس البرازيلي مازال يرى نفسه صغيرا في السن وقادرا على تقديم المزيد (إ.ب.أ)

أليسون المهتم بعروض الأندية السعودية: طموحاتي كبيرة

يخطط ليفربول وأليسون للحياة بعد رحيل حارس المرمى البرازيلي عن ملعب آنفيلد، لكن الخطة على المدى القريب واضحة: بناء حقبة ناجحة في مرحلة ما بعد المدير الفني

ويل أونوين (ليفربول)
رياضة عالمية هالاند لدى تسجيله هدفا في الدوري الإنجليزي (أ.ف.ب)

هالاند يحاكي أساطير الدوري الإنجليزي بـ«الهاتريك» الثامن

عندما رفع المهاجم النرويجي العملاق إيرلينغ هالاند الكرة بلا مبالاة من فوق لوكاس فابيانسكي في الدقيقة 83 لإكمال «الهاتريك» الثامن له في الدوري الإنجليزي الممتاز،

ريتشارد فوستر (مانشستر)
رياضة عالمية كييزا لدى تقديمه لجماهير ليفربول حيث يأمل إطلاق مسيرته من جديد بالدوري الإنجليزي (موقع ليفربول)

كييزا مهاجم إيطاليا الموهوب يأمل إعادة اكتشاف نفسه مع ليفربول

كان فيديريكو كييزا يأمل أن تكون مساهمته مع منتخب إيطاليا في التتويج بكأس بطولة أوروبا 2020 (أُقيمت في 2021 بسبب جائحة كورونا) منصة لإعادة انطلاق مسيرته،

نيكي بانديني (ليفربول)
رياضة عالمية غرافينبيرتش يحاول منع فيرنانديز من الوصول للكرة في مواجهة ليفربول ويونايتد الأخيرة (أ.ب)

كيف أصبح غرافينبيرتش عنصراً أساسياً في خط وسط ليفربول؟

كان أحد الأهداف الرئيسية لليفربول في فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة يتمثل في التعاقد مع لاعب خط وسط مدافع جديد. لقد أعاد ليفربول بناء خط وسطه قبل 12 شهراً،

بن ماكالير (لندن)
رياضة عالمية فيكتور أديبويجو مهاجم نادي بولتون واندرارز (الشرق الأوسط)

أديبويجو لاعب بولتون يتعرض لشرخ بسبب العطاس

سيغيب فيكتور أديبويجو، مهاجم نادي بولتون واندرارز، المنافس في دوري الدرجة الثالثة الإنجليزي لكرة القدم، عن الملاعب بسبب إصابة غير عادية ناتجة العطاس الشديد.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رايس وغريليش يحفظان الاحترام لآيرلندا رغم «صيحات استهجان الجماهير»

ديكلان رايس (إ.ب.أ)
ديكلان رايس (إ.ب.أ)
TT

رايس وغريليش يحفظان الاحترام لآيرلندا رغم «صيحات استهجان الجماهير»

ديكلان رايس (إ.ب.أ)
ديكلان رايس (إ.ب.أ)

تجاهل ديكلان رايس وجاك غريليش، ثنائي منتخب إنجلترا، الاستقبال العدائي الذي لقياه في دبلن وسجلا هدفين في الفوز 2 - صفر على آيرلندا في «دوري الأمم الأوروبية» لكرة القدم، أمس السبت، وقالا إنهما يحترمان المنافس الذي دافعا عن ألوان قميصه ذات يوم.

ولعب رايس مع فريق الشباب الآيرلندي وشارك في 3 مباريات مع المنتخب الأول للبلاد، قبل أن يغير انتماءه، في قرار لا يزال كثير من المشجعين الآيرلنديين يجدون صعوبة في تقبله.

جاك غريليش (إ.ب.أ)

ومع كل لمسة لرايس كان يتعرض لصيحات استهجان من جانب قطاعات من الجماهير المحلية، لكنه لم يهتم كثيراً، ومنح إنجلترا التقدم، لكنه لم يحتفل بالهدف؛ ليس فقط بسبب الوقت الذي قضاه في اللعب مع الفريق المنافس.

وقال رايس لشبكة «سكاي سبورتس»: «جَدّتاي وجَدّاي من جهة والديّ جميعهم آيرلنديون. لقد توفوا وليسوا هنا بعد الآن، لذلك أعتقد أن الاحتفال سيكون تصرفاً غير محترم. لم أرغب في فعل ذلك. لقد أمضيت وقتاً رائعاً في اللعب مع آيرلندا؛ سواء في الفريق الأول، وتحت 19 عاماً، وتحت 21 عاماً. لقد كانت ذكريات رائعة تعيش معي. ليس لديّ كلمة سيئة أقولها، وأتمنى لهم كل التوفيق كما أفعل مع أي شخص آخر».

كما مثل غريليش، الذي سجل الهدف الثاني لإنجلترا، آيرلندا على مستوى الشباب. ولم تكن الأجواء في الملعب مفاجئة.

وقال غريليش لقناة «آي تي في»: «لقد كان ما توقعناه أنا وديكلان. ليس لدينا ما نقوله بشكل سيئ. لقد استمتعنا بوقتنا (باللعب مع آيرلندا). لقد فعلت ذلك بالتأكيد، ولديّ كثير من الآيرلنديين في عائلتي، لذلك لا توجد أي ضغينة من جانبي على الإطلاق».

وغاب غريليش عن تشكيلة المدرب غاريث ساوثغيت في «بطولة أوروبا 2024»، لكنه استغل عودته للفريق بقيادة المدرب المؤقت لي كارسلي.

وقال غريليش: «كان هذا الصيف واحداً من بين الأسوأ في حياتي؛ لأنك لا تستطيع ألا ترى ما يحدث أمامك. لقد كان الأمر صعباً، لكنه أعطاني مزيداً من العزيمة للعودة إلى المسار الصحيح. لقد كان هذا يعني كل شيء... مجرد الذهاب للجماهير في النهاية والاستماع إليهم يهتفون باسمي».

وأثبت كارسلي، الدولي الآيرلندي السابق، أن العادات القديمة لا تموت بسهولة عندما ذهب للجلوس في مقاعد البدلاء للفريق المضيف قبل أن يدرك خطأه.

وقال كارسلي مبتسماً لشبكة «آر تي إي»: «لقد نزلت إلى نفق الملعب واتجهت لليمين. كما تعلمون، لقد قضيت كثيراً من الوقت على مقاعد البدلاء؛ لذلك أعرف بالضبط أين هي».

عاجل نتنياهو تعليقاً على هجوم المعبر الحدودي: نحن محاطون بأيديولوجية قاتلة يقودها محور الشر الإيراني