نسوي من بطل لأوروبا للشباب إلى باحث عن لقب لغينيا الاستوائية

إميليو نسوي (أ.ف.ب)
إميليو نسوي (أ.ف.ب)
TT

نسوي من بطل لأوروبا للشباب إلى باحث عن لقب لغينيا الاستوائية

إميليو نسوي (أ.ف.ب)
إميليو نسوي (أ.ف.ب)

قبل 22 عاماً، كان الصبي جامع الكرات إميليو نسوي يرمي الكرة بسرعة لمهاجم فريق مدينته ريال مايوركا الإسباني الكاميروني صامويل إيتو، اليوم بات مهاجماً مخضرماً يتصدر بشكل مفاجئ قائمة هدافي كأس أمم أفريقيا في كوت ديفوار، التي فاز بها إيتو نفسه مرتين، ويتصدر قائمتها التاريخية.

وبين مايوركا وكأس الأمم الحالية في كوت ديفوار، قصة ملهمة لنسوي (34 عاماً) المولود لأم إسبانية وأب من غينيا الاستوائية، الفائز ببطولتين أوروبيتين تحت 19 و21 عاماً بقميص إسبانيا عامي 2007 و2011، قبل أن يقرر اللعب لمنتخب البلد الأفريقي الصغير.

وقال نسوي، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في فندق الفريق: «بالنسبة لي، أعتقد أنه كان أحد أفضل القرارات التي اتخذتها» أن ألعب لغينيا الاستوائية.

وتابع: «إنه ليس قرار كرة القدم فقط. إنه أيضاً قرار شخصي أن ألتقي بعائلتي. أنا سعيد جداً وفخور بقراري».

دخلت غينيا الاستوائية البطولة في مشاركتها الرابعة، وكثيرون لا يأبهون بها، لكنّ المنتخب الملقب بـ«الرعد الوطني» بات ملء السمع والأبصار بفضل تصدّره المفاجئ بفوزين وتعادل في مجموعة ضمّت نيجيريا وساحل العاج.

وسجل الفريق 9 أهداف، من بينهم 5 لنسوي، لاعب إنترسيتي في الدرجة الثالثة الإسبانية، بواقع 3 أهداف في غينيا بيساو خلال الفوز 4 - 2 وهدفين في كوت ديفوار، التي سحقها 4 - 0 مع الرأفة.

وعن ذلك النجاح غير المتوقع وفرص المضي قدماً بالبطولة، قال المهاجم الذي وضع قرطاً على شكل صليب في أذنيه: «نحن نفكر خطوة فخطوة، مباراة تلو أخرى. نعلم أننا منتخب صغير، ونعلم أيضاً أن كل شيء يمكن أن يحدث على أرض الملعب».

وتابع: «راهناً نحن نستمتع ونريد أن نواصل الاستمتاع».

وإذ استمر نسوي، الذي بصم على أول هاتريك في البطولة منذ 2008، على نفس نجاعته التهديفية فقد يكسر رقم مهاجم زئير مولامبا نداي القياسي الصامد منذ 1974 حين سجل 9 أهداف في نسخة واحدة.

وقال مبتسماً: «أنا طموح، لكن بصراحة سأوقع عقداً الآن إذا نص على أنني سأكون هداف البطولة».

وغينيا الاستوائية، المصنفة 18 على مستوى أفريقيا، وعدد سكانها لا يتجاوز 1.8 مليون نسمة، ليست قوة رئيسية في القارة.

لكنّ البلد الرابض في وسط أفريقيا حقّق تقدماً ملحوظاً خلال العقد الماضي، مدفوعاً باستضافته كأسين لأمم أفريقيا في 2012 وفي 2015، حين حلّ رابعاً في أفضل نتائجه.

وتبقى كتيبة «الرعد الوطني»، التي يقودها المدرب المحليّ الهادئ خوان ميتشا منذ 2021، دون هزيمة منذ يونيو (حزيران) 2022.

وبعد تصفيات قارية ناجحة، واصل الفريق عروضه الجيدة، واستهل تصفيات كأس العالم بفوزين، بينهما فوز على ليبيريا خارج قواعده في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

وقال نسوي: «أعتقد أن أهم نقاط قوتنا هي المجموعة، لأننا نلعب معاً منذ 8 أو 9 سنوات تقريباً، لذلك نحن إخوة».

وتابع: «ليس لدينا أي نجم كبير، لكن كمجموعة أعتقد أننا الأقوى في كل أفريقيا».

لكنّه شدّد في المقابلة: «لمجرد استمرار الأمر، علينا أن نتابع بنفس الطريقة وأن نكون متواضعين».

نقطة التحوّل في حياة نسوي، الذي وُلد ونشأ في مايوركا، حدثت بعد فوزه في بطولة أوروبا تحت 21 عاماً في 2011، رفقة الحارس دافيد دي خيا والظهير جوردي ألبا ولاعب الوسط خوان ماتا، الذين لعبوا بعدها على أعلى المستويات.

ورغم «إيمانه بنفسه» للعب لمنتخب إسبانيا الأول يوماً، بعدما مثّل كل الفئات الشبابية، قرر نسوي، لاعب مايوركا بالدوري الإسباني حينها، اللعب لغينيا الاستوائية، لأنه أراد أن «يعرف من أين انحدر».

وقال: «جاء مسؤولو غينيا الاستوائية وقالوا: (من فضلك تعال للعب معنا ستكون القائد. أنت شاب لكننا نعتقد أنك المستقبل)».

وتابع: «لذا فكرت في الأمر وكل شيء شرحه أبي لي» سابقاً.

وحين حطت طائرته في مالابو مطلع 2012، كانت هذه أول زيارة له لمسقط رأس أبيه. ومذاك سجّل 23 هدفاً في 41 مباراة وبات بطلاً شعبياً في غينيا الاستوائية.

وقال ميتشا لـ«فرانس برس» إنّ «شعب غينيا الاستوائية مُمتن له حقاً، إذ يمكنك أن ترى مدى حبه لبلاده»، وتابع: «إنه أمر لا يصدق أن يكون لديك شخص مثله، وآمل أن يبقى معنا لفترة طويلة».

المذهل أنّ نسوي الذي أحرز أهدافاً أكثر مما أحرز النيجيري فيكتور أوسيمهن والمصري محمد صلاح والسنغالي ساديو ماني في هذه البطولة مجتمعين، لعب لفترة ظهيراً أيمن.

ورغم أنه لعب في مايوركا ومنتخبات إسبانيا للشباب مهاجماً، فإنه لعب لفترات ظهيراً أيمن، وصاحب انتقاله لميدلزبره الإنجليزي في 2014 اكتشافه لمرونته التكتيكية.

وأوضح: «قال مايكل لاودروب (مدرب مايوركا) إنني سأكون أفضل كجناح لأنني كنت قوياً بدنياً. وبعد أن انتقلت إلى إنجلترا مع إيتور كارانكا (ميدلزبره) وضعني في مركز الجناح الأيمن المهاجم».

وتابع ضاحكاً: «بعد ذلك قال لي جميع المدربين إنني أستطيع اللعب في كل مكان. لذلك لعبت العام الماضي كقلب دفاع وظهير أيمن ومهاجم ولاعب خط وسط. أعتقد أن هذا أمر جيد بالنسبة لي».

وأضاف: «لكن بصراحة، أشعر أنني مهاجم، فقد لعبت مع المنتخب طوال هذه السنوات الـ12 بهذا المركز، ولعبت طوال حياتي تقريباً كمهاجم».

ومع بلوغه الخامسة والثلاثين هذا العام، يمكن أن تكون هذه آخر بطولة له في كأس الأمم الأفريقية.

لكنّه قال تحت أنظار زملائه: «بطلي هو كريستيانو رونالدو. إنه أكبر مني. أهتم كثيراً بجسدي. أحب تناول الطعام الصحي. بالنسبة لي، لا أعتقد أنها ستكون الأخيرة لأنني أشعر بتحسن عما كنت عليه عندما كنت في السابق».

وعادة ما يتبع البطولات الكبرى قفزات في مسيرة أبطالها، لكنّ نسوي يبدو «سعيداً ويسجل الأهداف» في فريق بلدة إليكانتي حيث «الحياة والطقس جميلان».

لكنّه قال ضاحكاً: «لا تعرف أبداً، ربما يأتي شخص ما غداً بعرض لا يمكنك رفضه، لكنني لا أفكر في ذلك حقاً».


مقالات ذات صلة

اليعقوبي: الكرة التونسية المتردية بحاجة لإرادة سياسية لتعود للواجهة الأفريقية

رياضة عالمية قيس اليعقوبي (الشرق الأوسط)

اليعقوبي: الكرة التونسية المتردية بحاجة لإرادة سياسية لتعود للواجهة الأفريقية

قال قيس اليعقوبي مدرب منتخب تونس الأول عقب الهزيمة أمام غامبيا إن الكرة في بلاده تعيش حالة متردية تتطلب تدخلاً سياسياً لإخراجها من هذه الحالة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
رياضة عربية جانب من بداية مواجهة الجزائر وغينيا الاستوائية (الشرق الأوسط)

«تصفيات أمم أفريقيا»: الجزائر تكتفي بالتعادل أمام غينيا الاستوائية

تعادل المنتخب الجزائري أمام نظيره من غينيا الاستوائية سلبياً، في المباراة التي أُجريت الخميس في مالابو، ضمن الجولة الخامسة من تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عالمية نادر الغندري لن يلحق بتشكيلة تونس (الاتحاد التونسي)

غربال بدلاً من الغندري في تشكيلة تونس لمواجهة مدغشقر

أعلن الاتحاد التونسي لكرة القدم اليوم (الاثنين) غياب نادر الغندري عن رحلة الفريق إلى جنوب أفريقيا لمواجهة مدغشقر ضمن تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025.

«الشرق الأوسط» (تونس)
رياضة عالمية الكاميرون هزمت كينيا وتأهلت لنهائيات أمم أفريقيا (الاتحاد الأفريقي)

الكاميرون إلى نهائيات أفريقيا 2025

ضمنت الكاميرون تأهلها إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم المقررة عام 2025 في المغرب.

«الشرق الأوسط» (كيرا تاون)
رياضة عالمية منتخب بوركينا فاسو تأهل لنهائيات المغرب 2025 (أ.ف.ب)

بوركينا فاسو تحجز أولى البطاقات إلى نهائيات أفريقيا 2025

حجزت بوركينا فاسو أولى البطاقات المؤهلة إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم المقررة عام 2025 في المغرب.

«الشرق الأوسط» (أبيدجان)

لويسمي: أي لاعب يتعرض لإصابة دماغية فعليه مغادرة الملعب فوراً

لويسمي لاعب ملقة الإسباني (الشرق الأوسط)
لويسمي لاعب ملقة الإسباني (الشرق الأوسط)
TT

لويسمي: أي لاعب يتعرض لإصابة دماغية فعليه مغادرة الملعب فوراً

لويسمي لاعب ملقة الإسباني (الشرق الأوسط)
لويسمي لاعب ملقة الإسباني (الشرق الأوسط)

احتاج لويسمي لاعب وسط ملقة الإسباني إلى عملية جراحية بعد إصابة في الرأس في عام 2012، وقد استفاد كثيراً من هذه التجربة المؤلمة التي أبعدته عن الملاعب لنحو ستة أشهر، وخرج اليوم ليسدي نصيحته إلى جميع اللاعبين بشأن ما يتوجب عليهم القيام به حال تعرضهم لإصابة في الدماغ خلال المباريات.

ووفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية» يتعافى معظم اللاعبين من الارتجاج في المخ بشكل كامل وآمن، لكن معرفة العلامات أمر أساسي... وفي حالة الاشتباه في وجود ارتجاج في المخ، يجب إبعاد اللاعب عن اللعب. يلعب لويس ميجيل سانشيز، المعروف باسم لويسمي، في نادي ملقة في دوري الدرجة الثانية الإسباني.

ومثل جميع أقرانه، يسعى اللاعب البالغ من العمر 32 عاماً لتحقيق أهداف فريقه، في حالتهم للبناء على صعودهم الموسم الماضي إلى الدرجة الثانية.

ولكن هناك تفصيل واحد لا ينساه، فهو يستطيع الاستمرار في الاستمتاع بالرياضة التي يحبها بفضل التدخل السريع للطبيب.

وتعرض لويسمي لضربة في الرأس في أثناء لعبه مع الفريق الاحتياطي لنادي إشبيلية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012. وفي حالته، كان التصرف السريع للطبيب وإدارته الطبية وإصراره على إخضاعه للفحوصات أمراً أساسياً.

وقد كان هذا التصرف السريع علامة مميزة للويسمي، الذي أصبح الآن مثالاً يحتذى به في التعامل مع الارتجاج بجدية واتباع إرشادات الأطباء عند حدوثه.

ونقل الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن لويسمي قوله: «كانت تلك الدقيقة الأخيرة من المباراة. جاءت كرة عرضية وذهبت أنا والخصم إليها واصطدمت رؤوسنا... دخل الطاقم الطبي لكنني لم أفقد الوعي أو أعاني من فقدان الذاكرة. شعرت أنني بخير على الرغم من الضربة القوية في الرأس، لكن الطبيب أخبرني أن صوتي كان غريباً بعض الشيء وأصر على إجراء فحص بالأشعة المقطعية قبل أن يسمح لي بالعودة إلى المنزل».

وأضاف: «أظهر الفحص بالأشعة المقطعية كسر عظمتين في جمجمته تحتاجان إلى جراحة فورية... بعد الجراحة، أمضيت ستة أشهر كاملة قبل أن أعود إلى الملعب. أمضيت يومين في المستشفى، حيث لم أكن على دراية بما سيحدث».

وتابع: «كانت إصابة غير شائعة في كرة القدم، ومعقدة، ولم أر مثلها من قبل. اعتقدت أنها إصابة سريعة. وخلال هذه الأشهر الستة، كنت تحت مراقبة عائلتي دائماً. كان التعامل مع الأمر معقداً».

وأشار: «لولا الطبيب الذي أصر على اصطحابي لإجراء الفحوصات، لما كنت لأعرف. الصحة قبل كل شيء».

وتعد حالة اللاعب الإسباني تذكيراً صارخاً للاعبين والموظفين وكل من له علاقة باللعبة الجميلة بأنه لا توجد مباراة تستحق المخاطرة وأهمية مراعاة النصائح الطبية بعد الاشتباه أو التأكد من الإصابة بارتجاج في المخ.

وأشار اللاعب الإسباني: «أعتقد كما يعتقد الأطباء، إذا كانت هناك ضربة في الرأس، فإن أول شيء يجب فعله هو مغادرة المباراة. لا شيء يحدث. الحياة تستمر، وهذا هو الأهم، وعليك أن تعرف ما لديك في الوقت الراهن، وكلما كان ذلك أسرع كان أفضل، ومن هناك اتبع إرشادات التعافي التي يتم إعطاؤها لك».

وعلى مر السنين، كانت كرة القدم تتكيف مع هذه المشكلة المستمرة، على سبيل المثال من خلال تطبيق بدائل إضافية دائمة للارتجاج، وهو أمر يفتخر به لويسمي.

وقال: «إنه الشيء الأكثر منطقية في العالم. ربما هناك لاعبون لا يقدرون أهميته، لكنني أراه أمراً جيداً وضرورياً. انظر فقط إلى ما حدث لي».

ويعرف لاعب خط الوسط مدى فائدة حالته في توعية الجميع بأعراض الارتجاج، موضحاً: "خذها مني، يجب أن نأخذ إصابات الدماغ على محمل الجد. لو لم أتعرض لإصابة ما كنت لأدرك أهميتها».

ومع مرور الوقت، أصبح لويسمي معتاداً على سرد قصته وهو فخور برؤية كيف أصبحت المنظمات والدوريات والاتحادات والأندية تشارك بشكل متزايد في هذه القضية. ويضيف: «أصبحت الكيانات المختلفة على استعداد ووعي بها وتميل إلى الاستجابة بسرعة».

وأوضح: «عندما تعرضت لتلك الضربة على رأسي، لولا إصرار الطبيب، لا أعلم ماذا كان سيحدث لي».

وأظهر لويسمي مزيجاً من التعجب والتقدير عند تذكر حادثته في عام 2012 «أخذوني إلى المستشفى مرتدياً زي المباراة، بما في ذلك حذائي. كنت أشعر أنني بخير وكنت أتحدث مع الطبيب بعيداً، ولكن عندما أجروا لي الأشعة المقطعية وجدوا أن عظمتين من عظام الجمجمة قد تعرضتا للكسر، وأصيب شريان وتكونت جلطة. وبعد ساعات، أجريت لي عملية جراحية».

ووجه لويسمي نصيحة مهمة لأي شخص يتعرض لإصابة في الدماغ: «عندما أرى حادثاً في الملعب أو في المنزل، أي ارتجاج، أصر دائماً على أن يراجع الشخص الطبيب ويخضع للفحوصات. ليس لديك ما تخسره بالذهاب إلى المستشفى، وقد تمنع حدوث شيء خطير».