رفعت ساحل العاج وتيرة أعمالها بعد مخاوف بشأن استعداداتها لاستضافة كأس أمم أفريقيا لكرة القدم بدءاً من 13 يناير (كانون الثاني)، حيث تضع حالياً اللمسات الأخيرة داخل الملاعب وخارجها؛ تحضيراً لحدث قاري تنتظره القارة السمراء كل عامين.
وأكّد رئيس اللجنة المنظمة لكأس أفريقيا، فرنسوا أميتشيا، أن «الأنظار كلها ستتجه نحو ساحل العاج، وليس لدينا أي خوف حقيقي».
يتناقض هذا الهدوء مع مخاوف تعزّزت في الثاني عشر من سبتمبر (أيلول).
ففي تلك الأمسية، غمرت عاصفة قوية عشب «ملعب إبيمبيه الأولمبي»، الذي يتسع لـ60 ألف متفرج وبُني بتكلفة كبيرة للكأس القارية في ضواحي أبيدجان، مما أدى إلى إيقاف مباراة ودية بين ساحل العاج ومالي.
لخّصت السلطات آنذاك ما حصل بأنّها «أمطار استثنائية»، لكنها تصرّفت على نحو سريع بإقالة رئيس الوزراء باتريك آتشي، ووزير الرياضة بولان دانهو.
بعدها كُلف شخص جديد لرئاسة الحكومة، هو روبير بوغريه مامبيه، مع توليه أيضاً حقيبة الرياضة، بمهمة واضحة «تنظيم أجمل كأس أمم أفريقية في التاريخ».
وبعد 3 أشهر، يبدو أن ملعب إبيمبيه، الذي سيستضيف 10 مباريات، بما في ذلك المباراة الافتتاحية والمباراة النهائية في 11 فبراير (شباط)، قادر الآن على امتصاص المياه من العواصف.
وقال رئيس الاتحاد العاجي لكرة القدم إدريس ديالو: «لقد انزعجنا جميعاً مما رأيناه. لكن السلطات تعاملت مع المشكلة بشكل مباشر، وتمت تسوية العشب بالكامل».
ويؤكّد ديدييه باسكال، مدير الأعمال في شركة «غريغوري»، التي تولت مهمة الإنقاذ: «لم يكن لدى العشب ما يكفي من الانحدار، وكانت التربة تفتقر إلى النفاذية. قمنا بتركيب فتحات للتسرب، نظّفنا وأعدنا زرع البذور وتصحيح تخطيط العشب. لقد عملنا 20 ساعة يومياً لمدة أسبوع منذ ذلك الحين، شهدنا عواصف كبيرة، ولا بركة واحدة».
ستستضيف ملاعب أخرى، تم بناؤها أو تجديدها، المباريات في أبيدجان، هي: ياموسوكرو (وسط)، وبواكيه (وسط)، وسان بيدرو (جنوب)، وكورهوغو (شمال).
ويتوقع ديالو: «بفضل ملاعبنا، سنصبح مركزاً لفرق المنطقة التي ليست لديها ملاعب معتمدة. في السابق، كانوا جميعاً يلعبون في المغرب، والآن سيأتون إلى هنا».
كما هي الحال مع كل حدث رياضي كبير، يُطرح السؤال حول إرث الملاعب، خصوصاً في بلد لا تجتذب فيه البطولة المحلية اهتمام الجماهير.
ويأمل المنظمون في أن تحصل الفرق المحلية في دوري الدرجة الأولى، التي تلعب جميعها تقريباً في أبيدجان في الوقت الحالي، على عدد أكبر من المتفرجين بفضل الملاعب الأقرب إلى موطنها.
وباستخدام نحو 1.5 مليار دولار من إجمالي الاستثمارات، سمحت كأس أفريقيا بتسريع بعض مشروعات البنى التحتية.
أُعيد تصميم الطريق «الساحلية» التي يبلغ طولها 350 كيلومتراً، والرابطة بين العاصمة الاقتصادية وميناء سان بيدرو الكبير بالكامل، مما أدى إلى خفض وقت السفر بين المدينتين إلى النصف، وتم تمديد طريق سريعة أخرى لربط أبيدجان بمدينة ياموسوكرو ثم بواكيه، وهما المدينتان المستضيفتان. كما بُني عديد من التجمعات الخاصة لكأس أفريقيا لاستيعاب الفرق.
وفي ظل مشاركة 24 دولة، منها المتاخمة لساحل العاج مثل بوركينا فاسو وغينيا وغانا، يمكن لكأس الأمم الأفريقية أن تجذب ما يصل إلى 1.5 مليون زائر، وفقاً للمنظمين.
يُعدّ هذا الحدث استثنائياً بالنسبة لدولة استضافت المسابقة مرة واحدة فقط، في عام 1984، حين شاركت 8 دول فقط.
وتشكّل مسألة الأمن أيضاً أحد الأسئلة الأساسية، فبالإضافة إلى الخطر الجهادي في هذا البلد المتاخم لمالي وبوركينا فاسو، فإن موضوع أمن الجماهير هو السبب الرئيسي للقلق الذي أثارته مصادر متخصّصة عدّة.
وقبل عامين، لقي 8 أشخاص حتفهم في تدافع خلال دور الـ16 لكأس الأمم الأفريقية في الكاميرون.
وأكد المدير العام للشرطة بساحل العاج، يوسف كوياتيه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «سنفتح الملاعب في وقت مبكر جداً، وننظّم الجماهير في طوابير حتى يتمكّنوا من الدخول بهدوء. وسنطلب من الناس الحضور مبكراً».
وسيُنشر نحو 17 ألف عنصر من الجيش والأمن، بالإضافة إلى 2500 مراقب لتأمين المسابقة.
بدوره، قال رئيس الشرطة: «هذا ليس الحدث الكبير الأول الذي تستضيفه ساحل العاج، فقد استضفنا الألعاب الفرنكوفونية (في عام 2017). نحن مرتاحون».