بوسكيتس... الموهبة الفريدة التي غيرت برشلونة وكرة القدم

دوره المحوري بصفته لاعب ارتكاز قد لا يلاحظه كثيرون لكنه أصبح مثلاً يحتذى لدى المدربين

بوسكيتس يرفع كأس الدوري في ختام مشواره الحافل مع برشلونة (د.ب.أ)
بوسكيتس يرفع كأس الدوري في ختام مشواره الحافل مع برشلونة (د.ب.أ)
TT

بوسكيتس... الموهبة الفريدة التي غيرت برشلونة وكرة القدم

بوسكيتس يرفع كأس الدوري في ختام مشواره الحافل مع برشلونة (د.ب.أ)
بوسكيتس يرفع كأس الدوري في ختام مشواره الحافل مع برشلونة (د.ب.أ)

كانت أعظم موهبة يمتلكها سيرجيو بوسكيتس تتمثل دائماً في قدرته على اختيار التوقيت المناسب للانقضاض على الكرة وتمريرها، والآن رأى نجم خط الوسط الإسباني أن هذا هو الوقت المناسب للرحيل عن برشلونة بعدما قاد الفريق للتتويج بطلاً للدوري.

وقال قائد النادي الكاتالوني الذي حصد 32 لقباً خلال 15 موسماً احترافياً مع برشلونة: «لم يكن قراراً سهلاً، لكن اللحظة قد حانت».

لقد كان بوسكيتس، الذي سيبلغ بعد شهر ونصف الخامسة والثلاثين من عمره، مرة جديدة عنصراً لا غنى عنه في مسيرة الفريق للتتويج بلقب الدوري هذا الموسم بدوره المهم في الهجوم والدفاع. ولم يعلن بوسكيتس الذي أحرز 3 ألقاب في دوري أبطال أوروبا و9 بالدوري المحلي بحال الفوز بعد وجهته المستقبلية، لكن المؤكد أن برشلونة سيفتقد لاعب ارتكاز قل ما وجد مثله بالملاعب.

شغل بوسكيتس مركزاً دفاعياً في الوسط وراء النجمين آندريس إنييستا وتشافي هيرنانديز (زميله ومدربه الحالي)، وكان هذا الثلاثي وراء الحملة الناجحة لإسبانيا في مونديال 2010 عندما توجت البلاد بكأس العالم الوحيدة في تاريخها.

بوسكيتس يتلقى تكريماً من مدربه وزميله السابق تشافي (إ.ب.أ)

وخاض بوسكيتس (34 عاماً) أكثر من 700 مباراة مع برشلونة وحصد كل أنواع الجوائز، لكنه هو و إنييستا وتشافي لم يتمكن أحدهم من حصد الكرة الذهبية لأفضل لاعب بالعالم، بل أعلى مركز له في ترتيب هذه الجائزة كان العشرين في 2012.

لقد قرر بوسكيتس الرحيل عن «كامب نو» و«نادي حياتي»، لينهي حقبة رائعة في مسيرته الكروية الحافلة، وهو في القمة متوجاً بالدوري.

كان تشافي هيرنانديز، الذي سبق له أن لعب إلى جانب بوسكيتس قبل أن يصبح مديره الفني الآن، يريده أن يبقى، تماماً كما كان لويس إنريكي يريده أن يستمر مع المنتخب الإسباني، لكن بوسكيتس اعتزل اللعب الدولي بعد كأس العالم 2022 في قطر، وسيرحل عن برشلونة أيضاً، دون أن يكشف إذا ما كان سيعتزل أم سيواصل المشوار في دولة أخرى. باعتزال بوسكيتس دولياً لم يعد المنتخب الإسباني يضم أي لاعب من الفريق الذي توج بلقب كأس العالم 2010، كما لم يعد برشلونة يضم أي لاعب من الذين فازوا بكل شيء مع العملاق الكتالوني، ذلك الجيل الذي غير كل شيء، بما في ذلك لعبة كرة القدم نفسها.

انضم بوسكيتس إلى برشلونة في عام 2005، ولعب أول مباراة أمام راسينغ سانتاندير في سبتمبر (أيلول) 2008، قبل أن يلعب 721 مباراة بقميص برشلونة بعد ذلك. واعترف المدير الفني لسانتاندير في وقت لاحق بأنه لم يكن يعرف الكثير عنه، بل لم يكن أحد تقريباً يعرف عنه شيئاً، باستثناء المدير الفني السابق لبرشلونة جوسيب غوارديولا.

كان بوسكيتس طفلاً طويلاً ونحيلاً، وهو نجل حارس مرمى الفريق الكتالوني السابق كارلوس في التسعينات، الذي زعم ذات مرة أن يديه قد احترقتا بسبب التقاطه مكواة «لإنقاذ» سيرجيو الصغير قبل أن تسقط على رأسه. لعب بوسكيتس تحت قيادة غوارديولا في الفريق الرديف بنادي برشلونة، قبل أن يتم تصعيده للفريق الأول. لم يكن كثيرون يفهمون سبب تصعيده، لكنه سرعان ما أثبت أنه لاعب من الطراز العالمي وقاد الفريق للفوز بالثلاثية التاريخية، بما في ذلك الفوز بدوري أبطال أوروبا في روما.

خلال مشواره الاحترافي الممتد 15 موسماً توج بوسكيتس بدوري أبطال أوروبا أعوام 2009 و2011 و2015، و8 ألقاب في الليغا و7 في كأس الملك، ومثلها في كأس السوبر المحلية، و3 كؤوس عالمية للأندية، ومثلها في كأس السوبر الأوروبية.

ويقول بوسكيتس: «منذ أن كنت طفلاً أتيت إلى هنا لمتابعة المباريات أو مشاهدتها على التلفزيون. لطالما حلمت بارتداء هذا القميص في هذا الملعب، ما تحقق تجاوز كل أحلامي».

وأردف قائلاً: «لم أكن لأصدقكم لو قلتم لي عندما وصلت لاعباً شاباً إنني سألعب 15 موسماً في أفضل نادٍ بالعالم. نادي حياتي الذي كنت وسأظل فيه دائماً مشجعاً وعضواً ولاعباً وقائداً، وتجاوز (خوض) 700 مباراة».

كان بوسكيتس أحد أعمدة الجيل الذهبي لبرشلونة الذي هيمن على أوروبا في أوائل عام 2010، إلى جانب الأرجنتيني ليونيل ميسي وآندريس إنييستا وتشافي. كان هذا الفريق أيضاً العمود الفقري، خصوصاً أسلوب اللعب الأساسي للمنتخب الإسباني بطل العالم 2010 وأوروبا 2012.

في الحقيقة، لا يمكن تقييم بوسكيتس من خلال الأرقام، بل يمكن وصفه بأنه «ضد الإحصاءات»، لأنه من نوعية اللاعبين الذين لا يمكن الحكم على مستواهم أو إدراك أهمية الدور الذي يقومون به بسهولة. بدأ بوسكيتس مسيرته مهاجماً، وسجل هدفاً في أول مشاركة له مع الفريق الرديف لبرشلونة، لكن خلال مسيرته مع الفريق الأول لم يكن يراوغ كثيراً أو يسجل كثيراً من الأهداف - سجل 20 هدفاً فقط - حيث بات يلعب محور ارتكاز. لم يكن يدافع بالشكل المتعارف عليه ويتدخل على المنافسين بقوة من أجل استخلاص الكرات، لكنه كان يستغل ذكاءه الكروي وقدرته على فهم وقراءة المباريات لإفساد هجمات المنافسين. لم يكن يمتلك قوة بدنية هائلة، أو يقطع عدداً لا حصر له من الكيلومترات داخل المستطيل الأخضر، ولم يكن يمتلك سرعة فائقة، لكنه كان يتحكم في إيقاع وريتم المباريات ويطوعها وفق إرادته تماماً، فتراه يُسرع من وتيرة المباريات أو يبطئها حسبما يحتاجه فريقه من المباراة. وبالتالي، كانت قوة بوسكيتس الأساسية تتمثل في ذكائه وسرعة تفكيره ورؤيته الثاقبة داخل الملعب.

وقال تشافي عن بوسكيتس، الذي غير تعريف مهام محور الارتكاز: «إنه أحد أفضل لاعبي خط الوسط في كرة القدم العالمية، وأفضل لاعب خط وسط دفاعي في تاريخ إسبانيا». لقد كان بوسكيتس المحرك الأساسي لفريقه واللاعب الذي يعتمد عليه كل شيء، حيث كان يتميز بالسرعة الذهنية الفائقة، وكان يعرف تماماً متى يبطئ اللعب ومتى يوقفه، والأهم من ذلك متى وكيف يضغط على الفريق المنافس. لقد كان يسهم، بهدوئه الكبير وثقته بنفسه، في رفع مستوى زملائه من حوله. وكون خط وسط نارياً في برشلونة، إلى جانب تشافي وآندريس إنييستا.

بوسكيتس يودع جماهير برشلونة دون تحديد وجهته الجديدة (ا ب)

ومن حسن حظه أنه لعب في حقبة استثنائية، سواء على مستوى النادي أو المنتخب، ولعب إلى جانب لاعبين عظماء مثل إنييستا، وتشافي، وليونيل ميسي، وديفيد فيا، وفرناندو توريس، وسيرخيو راموس، وجيرارد بيكيه، وكارليس بويول، وتييري هنري، وصمويل إيتو، وزلاتان إبراهيموفيتش، ولويس سواريز، ونيمار... وغيرهم من اللاعبين الاستثنائيين. وفي مونديال جنوب أفريقيا، شكك كثيرون في أهمية بوسكيتس وتساءلوا عن الدور الذي يلعبه مع المنتخب الإسباني، فرد المدرب فيسنتي ديل بوسكي قائلاً: «لو كان بإمكاني أن أصبح لاعباً الآن، فإنني أود أن أكون مثل بوسكيتس». لقد احتضنه المديرون الفنيون وزملاؤه، ووصفه الأسطورة الهولندي يوهان كرويف بأنه «هدية»، كما وصفه غوارديولا بأنه «لا يقدر بثمن». يتذكر غوارديولا أن ميسي ذهب إليه بعد أن شارك بوسكيتس في أول حصة تدريبية مع الفريق الأول، وقال له ببساطة: «يمكنه أن يلعب!».

وقال بوسكيتس: «لا أريد أن يتحدث الناس عني. أنا لا أظهر في كثير من المقابلات الصحافية، وليس لدي حساب على (تويتر). ينال المهاجمون عليّ المديح والثناء، لكنني لست أنانياً بهذا الشكل، فأنا لا أبحث عن الثناء أو عن الأدوار القيادية. أُفضل أن يحرز المهاجمون الأهداف، فهم يعيشون على ذلك، ولا أهتم أنا بهذا. لو كنت أريد تسجيل الأهداف لما لعبت في هذا المركز. أنا أحب المركز الذي ألعب به، وأحب الدور الذي أقوم به». لكنه لم يكن يلعب مثل أي محور ارتكاز آخر. هناك مقولة منسوبة إلى ديل بوسكي، التي ربما لا تكون حقيقية لكنها تعبر عن الأمر بشكل مثالي، تقول في ملخصها: «إذا شاهدت المباراة فإنك لن ترى بوسكيتس، لكن إذا تابعت بوسكيتس فستشاهد المباراة».

وعنه قال المدير الفني السابق لمنتخب إسبانيا، لويس إنريكي، منذ وقت ليس ببعيد: «إنه لاعب فريد من نوعه». في الحقيقة، من الصعب تذكر لاعب مثل بوسكيتس تمكن من تغيير الطريقة التي يُنظر بها إلى المركز الذي يلعب فيه، وإلى إعادة تعريف مهام مركزه. لقد بدا مختلفاً تماماً عن الآخرين في البداية، لكنه أصبح بعد ذلك مثالاً يحتذى. وأوضح: «اللعب في مركز خط الوسط المدافع يتطلب أن يكون اللاعب ذكياً من الناحية الخططية والتكتيكية أكثر من أن يكون قوياً من الناحية البدنية. يجب عليه أن يتسم بالسرعة الشديدة في التفكير، والقدرة على تقديم الحلول الدفاعية والهجومية، والقدرة على التحكم في كل شيء». في الحقيقة، ظل بوسكيتس قادراً على القيام بكل هذه الأمور لفترة طويلة.

وبعد تقدم بوسكيتس في السن، كان من الطبيعي أن يشكك البعض - بمن في ذلك بوسكيتس نفسه - في قدرته على اللعب بالقوة نفسها. كانت هناك أيام صعبة أيضاً، وكانت تكلفة إبقائه وسط أزمة برشلونة المالية عالية، لكنه رأى أن الوقت قد حان للرحيل. وبعد نهاية كأس العالم الأخيرة في قطر، حاول لويس إنريكي إقناع بوسكيتس بالاستمرار في اللعب الدولي حتى مونديال الولايات المتحدة 2026، وقال: «أعتقد أنه قد أسيء فهمه، ربما لأنه كان موجوداً منذ سنوات طويلة، وقد رأى الناس ما يكفي منه الآن». وفي الوقت نفسه، وصفه تشافي بأنه «محوري» لفريقه حتى الآن، وحاول إقناعه بالاستمرار حتى النهاية. لكن نقطة القوة الأكثر بروزاً بالنسبة إلى بوسكيتس تتمثل في قدرته على اختيار الوقت المناسب، وقد رأى أن هذا وقت الرحيل وخوض تجربة أخرى!

* خدمة «الغارديان»



الدوري الإيطالي: بولونيا يُسقط فيورنتينا

بولونيا هزم فيورنتينا في الدوري الإيطالي (د.ب.أ)
بولونيا هزم فيورنتينا في الدوري الإيطالي (د.ب.أ)
TT

الدوري الإيطالي: بولونيا يُسقط فيورنتينا

بولونيا هزم فيورنتينا في الدوري الإيطالي (د.ب.أ)
بولونيا هزم فيورنتينا في الدوري الإيطالي (د.ب.أ)

توقف مسلسل انتصارات فيورنتينا عند ثمانية على التوالي، ومني بهزيمته الأولى منذ منتصف سبتمبر (أيلول)، وذلك بسقوطه على أرض بولونيا 0 - 1 الأحد في المرحلة السادسة والعشرين من الدوري الإيطالي لكرة القدم.

وفي ظل غياب مدربه رافاييلي بالادينو بسبب وفاة والدته روزا صباح الأحد، سقط فيورنتينا على يد الفريق الذي يشرف عليه مدربه السابق فينتشينزو إيتاليانو، وتلقى الهزيمة الأولى منذ خسارته أمام أتالانتا في 15 سبتمبر (2 - 3) والثانية فقط هذا الموسم.

وبفشله في التفوق على إنجاز عام 1960 حين حقق ثمانية انتصارات متتالية، تجمد رصيد «فيولا» عند 31 نقطة في المركز الرابع مؤقتاً بفارق الأهداف خلف إنتر حامل اللقب وأمام لاتسيو، وذلك بانتظار المواجهة المنتظرة بين الأخيرين الاثنين على الملعب الأولمبي في روما.

ويملك فيورنتينا مباراة تأجلت ضد إنتر بسبب الأزمة القلبية للاعبه إدواردو بوف الذي غادر المستشفى وزار زملاءه في مركز التمارين.

وفي المقابل، رفع بولونيا، خامس الموسم الماضي بقيادة مدرب يوفنتوس الحالي تياغو موتا، رصيده إلى 25 نقطة في المركز السابع مؤقتاً بانتظار مباراة ميلان مع جنوا لاحقاً الأحد.

وبعد شوط أول غابت عنه الفرص الحقيقية باستثناء واحدة لفيورنتينا، عبر مويس كين بكرة رأسية إثر ركلة ركنية تألق الحارس البولندي لوكاس سكوروبسكي في صدها (44)، بدأ بولونيا الشوط الثاني بكرة في القائم للأرجنتيني سانتياغو كاسترو بعد تمريرة رأسية من البديل الأسكوتلندي لويس فيرغسون (46)، وصولاً إلى تسجيل هدف المباراة الوحيد في الدقيقة (59) عبر الدنماركي ينس أودغارد من تمريرة عرضية للأرجنتيني بنجامين دومينغيز فشل زميله السويسري ريمو فرولر في تحويلها داخل الشباك، لكنها سقطت أمام أودغارد الذي سددها في المرمى (59).

وبعد أربع هزائم متتالية، حقق فيرونا فوزه الثاني هذا الموسم بعيداً عن ملعبه والخامس بالمجمل، وجاء على حساب بارما 3 - 2 ليرفع رصيده إلى 15 نقطة في المركز السادس عشر بفارق الأهداف خلف مضيفه مباشرة، فيما ابتعد ليتشي بعض الشيء عن منطقة الخطر ورفع رصيده إلى 16 نقطة بفوزه على ضيفه مونزا التاسع عشر قبل الأخير 2 - 1.