الفوز الساحق لمانشستر سيتي على ريال مدريد بداية عصر جديد لكرة القدم

مانشستر سيتي سحق ريال مدريد برباعية نظيفة  بعد  أن أظهر مزيجا من الذكاء (أ.ب)
مانشستر سيتي سحق ريال مدريد برباعية نظيفة بعد أن أظهر مزيجا من الذكاء (أ.ب)
TT

الفوز الساحق لمانشستر سيتي على ريال مدريد بداية عصر جديد لكرة القدم

مانشستر سيتي سحق ريال مدريد برباعية نظيفة  بعد  أن أظهر مزيجا من الذكاء (أ.ب)
مانشستر سيتي سحق ريال مدريد برباعية نظيفة بعد أن أظهر مزيجا من الذكاء (أ.ب)

على مدى 15 عاماً، كان لدى مانشستر سيتي هدف واحد يسعى لتحقيقه ويتعامل معه على أنه أولوية قصوى. فمنذ استحواذ الشيخ منصور بن زايد على النادي، كان الهدف الأساسي هو الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا. وفعل النادي الإنجليزي كل شيء ممكن من أجل تحقيق هذا الهدف، وخسر في الدور ربع النهائي والدور نصف النهائي؛ بل ووصل إلى المباراة النهائية أيضاً وخسرها، وأُجهضت محاولاته وآماله أمام أندية عملاقة؛ بل وارتكب بنفسه بعض الأخطاء التي ساهمت في تراجعه. والآن، أصبح مانشستر سيتي على بُعد مباراة واحدة من المجد القاري، ولا يقف بينه وبين الكأس ذات الأذنين سوى إنتر ميلان الإيطالي، ذلك الفريق الذي يحتل المركز الثالث في رابع أفضل دوري في أوروبا!

كثيرا ما يقال إنه لا يمكن التنبؤ على الإطلاق في كرة القدم، وإنه من الممكن أن يحدث أي شيء. حسناً، لن نتنبأ ولن نكتب السيناريو المتوقع؛ لكن هناك شعوراً بأن سيناريو حصول مانشستر سيتي على اللقب القاري الذي طال انتظاره كان يجب أن يكون على حساب فريق أكثر قوة من إنتر ميلان الذي يضم عدداً من اللاعبين الذين رحلوا عن الدوري الإنجليزي الممتاز منذ سنوات: إدين دزيكو، وهنريك مخيتاريان، وروميلو لوكاكو، وغيرهم. فهل يمكن أن يفوز إنتر ميلان بالمباراة النهائية؟ بالطبع يمكنه ذلك، فجمال كرة القدم يتمثل في أن المفاجآت غير المتوقعة يمكن أن تحدث، وأن الفريق الذي يبدو أضعف وأقل حظاً يمكن أن يهزم الفريق الأقوى.

لقد أظهر إنتر ميلان أنه فريق قوي من خلال الفوز على برشلونة في دور المجموعات، والفوز على ميلان في نصف النهائي، وكان يلعب بشكل منظم، ويعرف جيداً كيف يتحكم في رتم ووتيرة المباريات، خصوصاً عندما يتقدم في النتيجة.

لقد قدم فيديريكو ديماركو وفرانشيسكو أكيربي مستويات جيدة على مدار مواسم عديدة، وتألقا بشكل لافت في الدور نصف النهائي، لكن في المقابل نجح الظهير الأيمن لمانشستر سيتي، كايل ووكر، في القضاء على خطورة فينيسيوس جونيور تماماً، وبالتالي فمن غير المرجح أن يشعر المدير الفني لمانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، بأي قلق من خطورة الناحية اليسرى لإنتر ميلان. وصفق جمهور استاد «الاتحاد» لووكر الذي حول مواجهة طال انتظارها ضد جناح ريال مدريد الخطير إلى شيء يشبه نزهة في الحديقة.

وكان الأمر ذاته في جميع أنحاء الملعب، عند مقارنة كل لاعب بنظيره في ريال، ليصبح بطل أوروبا 14 مرة الطرف الأضعف ويخسر 4-صفر. ومن الواضح أن إيرلينغ هالاند لن يشعر بالقلق من مواجهة مدافع يبلغ من العمر 35 عاماً قضى معظم حياته المهنية في ساسولو! ولم يسجل هالاند هدفاً خلال الأداء الرائع لمانشستر سيتي؛ لكنه أرعب دفاع ريال، وكان سيحقق ثلاثية لولا ثلاث تصديات رائعة من تيبو كورتوا، اللاعب الوحيد في ريال الذي خرج من أمسية ساحقة بأي رصيد. وقضى كريم بنزيمة -ماكينة أهداف ريال مدريد الفرنسية، وأحد أربعة لاعبين أساسيين في تشكيلة العملاق الإسباني سبق لهم الفوز بلقب أوروبا خمس مرات- الليلة في جيب جون ستونز أو روبن دياز. وبدا رودريغو، الذي حطمت أهدافه في اللحظات الأخيرة قلوب لاعبي سيتي في مباراة قبل النهائي العام الماضي، مجهولاً ضد مانويل أكانجي لاعب سيتي، وتم استبداله في النهاية. وكان لوكا مودريتش، العقل المدبر لريال مدريد، تحت هيمنة رودري تماماً.

وتفوق غوارديولا مدرب سيتي -الذي تبين أن خططه كانت سبباً في بعض خيبات أمل سيتي في دوري أبطال أوروبا على مر السنين، بما في ذلك المباراة النهائية قبل عامين ضد تشيلسي- على العظيم كارلو أنشيلوتي. وكان المدرب الإيطالي يتطلع للفوز بلقبه الخامس لدوري أبطال أوروبا بوصفه مدرباً؛ لكن مباراته 191 في البطولة تحولت إلى كابوس. وقال غوارديولا: «منذ الدقيقة الأولى، كان لدينا شعور بأن الفريق كان جاهزاً. شعرت بأننا مستعدون لتقديم عرض جيد». وقال ووكر إن سيتي لا يملك «نجوما بارزين» على الرغم من أنه يمكنك القول إن فريق غوارديولا يفيض بمثل هؤلاء ببساطة. ولم يستطع مدافع مانشستر يونايتد السابق ريو فرديناند إخفاء إعجابه بأداء سيتي. وقال: «لقد دمروا وضربوا وسحقوا عملاق كرة القدم الأوروبية».

غوارديولا بتخطيطاته الناجحة هذه المرة تفوق على أنشيلوتي (رويترز)

خسر إنتر ميلان مرتين بسهولة أمام بايرن ميونيخ بهدفين دون رد في دور المجموعات، في حين أطاح مانشستر سيتي بايرن ميونيخ من دون صعوبة تذكر في الدور ربع النهائي. ومن المرجح أن يكون التحدي الأكبر لمانشستر سيتي في المباراة النهائية في إسطنبول هو القرارات التي سيتخذها غوارديولا، الذي يرى البعض أنه يبالغ في التفكير في المناسبات المهمة. لقد كان الطريق شاقاً ومليئاً بالإحباطات والصعوبات بالنسبة لغوارديولا، كما هي الحال بالنسبة لمانشستر سيتي، فعندما فاز المدير الفني الإسباني بدوري أبطال أوروبا للمرة الثانية مع برشلونة على ملعب «ويمبلي» في عام 2011، لم يكن أحد يتخيل أن الأمر سيستغرق عقداً آخر من الزمان حتى يصل غوارديولا إلى المباراة النهائية مرة أخرى.

وإذا فاز مانشستر سيتي على إنتر ميلان، فسيصبح غوارديولا رابع مدير فني يفوز باللقب ثلاث مرات، في حين سيكون فارق الـ12 عاماً بين اللقبين (بين الفوز باللقب مع برشلونة عام 2011 والفوز باللقب مع مانشستر سيتي عام 2023) الأطول بعد يوب هاينكس (15 عاماً) وإرنست هابيل (13 عاماً). ومع ذلك، مرت 19 عاماً بين فوز كارلو أنشيلوتي بلقبه الأوروبي الأول، وبين الفوز باللقب للمرة الرابعة الموسم الماضي، لذلك لا يزال هناك متسع من الوقت أمام غوارديولا لكي يكسر الرقم القياسي المسجل باسم أنشيلوتي.

وفي تلك الفترة، تعرض غوارديولا لسوء حظ كبير -تلك المباريات التي سيطر عليها فريقه تماماً وصنع عدداً هائلاً من الفرص؛ لكنه فشل في تحويلها إلى أهداف- لكنه ارتكب أيضاً بعض الأخطاء بسبب قلقه من تعرض فريقه لهجمات مرتدة سريعة، وبالتالي كان يبالغ في التفكير، ويجري تغييرات خططية وتكتيكية كبيرة من أجل تجنب ذلك؛ لكن هذه التغييرات كانت تأتي بنتائج عكسية.

وإذا حصل مانشستر سيتي على اللقب، فسيظل الفوز على ريال مدريد برباعية نظيفة خالداً، مثل فوز أياكس برباعية نظيفة على بايرن ميونيخ عام 1973، أو فوز ميلان بخماسية نظيفة على ريال مدريد في عام 1989، وسيُنظر إلى هذه المباراة على أنها إحدى تلك المباريات التي كانت بداية لعصر جديد. وربما كانت هذه هي اللحظة الرمزية التي نجحت فيها الأندية الثرية في تجاوز أندية النخبة التقليدية.

لقد كانت كل المؤشرات من فترة تؤكد أن هذا سيحدث في نهاية المطاف. لقد تحدى ريال مدريد المنطق في كثير من المرات، وكان من الممكن أن يفوز مانشستر سيتي بالسهولة نفسها في الدور نصف النهائي الموسم الماضي. صحيح أن ريال مدريد لديه ما يكفي من الموارد والتاريخ والعراقة؛ لكن مانشستر سيتي تفوق عليه تماماً، وكانت الفوارق واضحة للغاية بين الفريقين. وتجب الإشارة هنا إلى أنه منذ أن وجه الدوري الإنجليزي الممتاز 115 تهمة لمانشستر سيتي بسبب مخالفات مالية، لم يخسر الفريق أي مباراة. كما تلاشت كل الشكوك التي ظهرت في بداية الموسم بشأن ما إذا كان هالاند سيؤدي إلى الإخلال بتوازن الفريق. لقد استقر مانشستر سيتي بطريقة رائعة، وأصبح قوة تسحق المنافسين واحداً تلو الآخر، بما في ذلك أندية النخبة التقليدية، مثل بايرن ميونيخ وريال مدريد.

ويمكن القول إن أكثر شيء أضافه هالاند إلى مانشستر سيتي -بعيدا عن الأهداف بالطبع- هو الوضوح والسهولة، بمعنى أن غوارديولا لم يعد بحاجة إلى تعقيد الأمور على نفسه والمبالغة في التفكير؛ لأن اللعب بشكل مباشر وصريح سيمكنه من الفوز وتحقيق أهدافه في نهاية المطاف. ربما يحقق إنتر ميلان المفاجأة ويصنع معجزة في إسطنبول؛ لكن كل المؤشرات تؤكد أن مانشستر سيتي في طريقه لتحقيق الهدف الذي يسعى إليه منذ فترة طويلة، وهو الصعود إلى منصة التتويج الأوروبية، ورفع الكأس ذات الأذنين!


مقالات ذات صلة

بريست يتألق أوروبياً ويعاني محلياً

رياضة عالمية فرحة لاعبي بريست بالفوز الأخير أوروبياً على آيندهوفن (رويترز)

بريست يتألق أوروبياً ويعاني محلياً

مع إحدى أصغر الميزانيات في الدوري الفرنسي، يحقق فريق بريست نجاحا كبيرا في النسخة الحالية بدوري أبطال أوروبا.

«الشرق الأوسط» (بريست)
رياضة عالمية دافيدي كالابريا قائد ميلان الإيطالي (د.ب.أ)

كالابريا قائد ميلان: أرفض التشكيك في التزامي

رفض دافيدي كالابريا قائد ميلان الإيطالي الانتقادات التي واجهها عبر الإنترنت.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية أرني سلوت يرفض الحديث عن مستقبل صلاح مع ليفربول (إ.ب.أ)

سلوت: لن أتحدث عن مفاوضات صلاح

أكد أرني سلوت، المدير الفني لفريق ليفربول، رفضه الحديث عن مستقبل النجم الدولي المصري محمد صلاح مع النادي الأحمر.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية غوندوغان نجم السيتي خلال مواجهة اليوفي بدوري أبطال أوروبا (أ.ف.ب)

غوندوغان: على الجميع تقديم أفضل أداء لتبديل حظوظنا

اعترف الألماني إلكاي غوندوغان، لاعب وسط مانشستر سيتي الإنجليزي، بأن فريقه "لم يعد جيدا بشكل كاف"، في الوقت الذي فشل فيه في إيجاد حل لتبديل حظوظه بالموسم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية كايل ووكر (أ.ف.ب)

سيتي يدين الإساءة العنصرية ضد قائده ووكر

أدان مانشستر سيتي الإساءات العنصرية، عبر الإنترنت، التي استهدفت قائد فريقه كايل ووكر بعد الخسارة 2 - صفر أمام يوفنتوس الإيطالي في دوري أبطال أوروبا.

«الشرق الأوسط» (مانشستر )

هافرتز لاعب آرسنال: نقطة إيفرتون محبطة... علينا أن نتماسك

كاي هافرتز متحسراً على إحدى الفرص الضائعة أمام إيفرتون (رويترز)
كاي هافرتز متحسراً على إحدى الفرص الضائعة أمام إيفرتون (رويترز)
TT

هافرتز لاعب آرسنال: نقطة إيفرتون محبطة... علينا أن نتماسك

كاي هافرتز متحسراً على إحدى الفرص الضائعة أمام إيفرتون (رويترز)
كاي هافرتز متحسراً على إحدى الفرص الضائعة أمام إيفرتون (رويترز)

دعا كاي هافرتز، لاعب آرسنال، الفريق إلى «التماسك» بعد الانتكاسة الأخرى التي تعرض لها الفريق في حملته للفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم هذا الموسم.

ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، أهدر آرسنال فرصة ذهبية للاقتراب من ليفربول في السباق على اللقب، بعد أن سقط رفاق النجم الدولي المصري محمد صلاح في فخّ التعادل 2 - 2 مع فولهام على ملعب «آنفيلد»، أمس (السبت).

وأضاع آرسنال نقطتين ثمينتين، بتعادله 1 - 1 مع ضيفه إيفرتون، أمس أيضاً، وهي النتيجة التي استقبلت بصيحات استهجان قليلة عند إطلاق صافرة النهاية.

وكان هذا هو التعادل الثاني لفريق المدرب الإسباني ميكيل أرتيتا، في غضون 6 أيام فقط، وهو ما يعني حصول آرسنال على 13 نقطة فقط من إجمالي 27 ممكنة في آخر 9 مباريات بالمسابقة.

وقال هافرتز، الذي أحرز هدفاً وحيداً فقط بالدوري خلال الشهرين الماضيين: «إن آرسنال يجب أن يستعيد عافيته قبل مباراة دور الثمانية بكأس الرابطة أمام ضيفه كريستال بالاس، يوم الأربعاء المقبل، بملعب (الإمارات)»، مشيراً إلى «أنه ستكون مواجهة أخرى بين الفريقين في ملعب (سيلهيرست بارك)، معقل منافسه، ببطولة الدوري يوم السبت المقبل».

وأكد الدولي الألماني: «نحاول أن ننظر لأنفسنا. ونسعى للفوز بالمباريات والحصول على النقاط. أعتقد أن هذه هي النقطة الأكثر إحباطاً ضد إيفرتون».

وأضاف هافرتز، في تصريحاته التي نقلتها وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا): «التفاصيل الصغيرة في منطقة الجزاء لم نتمكن من القيام بها. لم نجد التمريرة الأخيرة. في بعض الأحيان، أعتقد أن التمركز في منطقة الجزاء لم يكن مثالياً، لذلك يتعين علينا النظر في ذلك، وتحسينه في المباريات المقبلة».

وشدّد هافرتز: «نحاول أن نكون إيجابيين، وأن نتماسك كمجموعة، ونجعل الأمر أفضل في المرة المقبلة».

يذكر أن آرسنال يحتل المركز الثالث في ترتيب الدوري الإنجليزي برصيد 30 نقطة، بفارق 6 نقاط خلف ليفربول (المتصدر)، الذي ما زال يمتلك مباراة مؤجلة.