على مدار سنوات، نصب الشباب نفسه كأحد كبار الأندية السعودية على الصعيد البطولي، لكن واقعه اليوم لا يعكس عراقة تاريخه، ما يطرح تساؤلات حول الأسباب الرئيسية التي أدّت إلى تراجع مستوياته وتلاشي منجزاته، خصوصاً في المواسم الأخيرة.
الإجابة المنطقية تكشف واقعاً أقل إشراقاً لأنصار «شيخ الأندية»، فالشباب بالأدوات التي يملكها حالياً بعيد عن دائرة المنافسة. ومع ذلك، فإن التقييم الحقيقي لا ينبغي أن يُبنى على بدايات الموسم، بل على خواتيمه، لكن في ثنايا ذلك هناك مكتسبات، مثل البطولة الخليجية الحالية، التي تمثل اختباراً عملياً يقيس مدى قدرة الفريق على تحقيق مكتسبات تُسند مشروعه، أو ربما تكشف هشاشته.
وتعدّ المنافسة الخليجية أقل رتماً من بقية المسابقات، ما يجعلها فرصة مناسبة للشباب لرمي ثقله والمضي قدماً نحو منصة التتويج. ورغم التعثر بالتعادل أمام النهضة العماني، فإنه من الواجب على الفريق العودة بثقل فني أكبر خلال المباريات المتبقية في البطولة.
وفي كل، فإن ربط النجاح بتحقيق الألقاب سيهدم على الأرجح أي مشروع طويل المدى، والتسليم بالخروج من المنافسة سيجعل الفريق هشاً، لذا فالحل هو البقاء في دائرة الوسط بين الواقعية والطموح.
تاريخياً، كانت آخر بطولة دوري حقّقها الشباب تعود لموسم 2011 – 2012، فيما كانت آخر بطولاته على صعيد كأس الملك في نسخة 2014. أما الذهب الخليجي فيعود إلى نسخة 1994.
وعلى الصعيد الآسيوي، كان آخر ظهور بارز للشباب في دوري أبطال آسيا موسم 2022.
ويتولى قيادة الفريق حالياً الإسباني ألغواسيل، المدرب لم يخرج من دائرة ريال سوسيداد منذ بدء مسيرته التدريبية، لذلك هو يخوض تجربة أولى خارج إطار سان سباستيان الإسبانية، المدينة التي تحتضن مقر النادي الذي تولى قيادته لعدة سنوات قبل رحيله للشباب.

لم تكن بداية المدرب تدعو للتفاؤل، لكنه يبقى نافذة الأمل للشباب في العودة نحو تحسين موقعه ومكانته التنافسية التي يفتقدها منذ عدة سنوات.
ويتعين على ألغواسيل الذي سيقود الفريق لموسم رياضي رسم منهجية عودة الفريق، لكن ذلك لا يتطلب استعجالاً في الأمر، فهناك كثير من الأشياء يفتقدها الفريق، لا يمكن الرهان على أسماء تنقلت بين أندية عدة، مثل البرازيلي غروهي والمهاجم المغربي عبد الرزاق حمد الله، وأسماء مميزة أخرى، لكنها تفتقد للانضباط، مثل البلجيكي يانيك كاراسكو، الاسم الأبرز في الفريق، لكنه يحتاج كثيراً من الالتزام ليضع بصمة حقيقية.
وكانت فترة إعداد الشباب للموسم الجديد تأخرت عن الموعد المحدد، وهي تبعات ستلقى أو ألقت بظلالها على الفريق في البدايات، صفقات حضرت متأخرة، أو بالأحرى في الأيام الأخيرة، ما يعني أن الفريق كأنه أمضى الفترة الماضية مباريات تحضيرية.
ألغواسيل يملك أرقاماً لافتة مع فريق ريال سوسيداد، فقد أعاده لتحقيق كأس الملك بعد غياب يتجاوز 30 عاماً، وذلك في نسخة 2020 التي تأجلت بسبب جائحة كورونا للعام الذي يليه، ونجح الفريق الإسباني بمعانقة اللقب مُنهياً بذلك صيام 34 عاماً.
ومنذ توليه قيادة ريال سوسييداد، نجح ألغواسيل في قيادته للتأهل 5 مرات للبطولات الأوروبية، ما رسم مسيرة رائعة له مع الفريق.
وكانت اللحظة الأبرز له مع ريال سوسيداد هي العودة التي طال انتظارها لدوري أبطال أوروبا في موسم 2022 – 2023، وذلك بعد 20 عاماً من الغياب، إذ تصدر فريقه مجموعته في مسيرة تميزت بفوز ساحق على بنفيكا في لشبونة قبل التأهل لدور الستة عشر.
الموقع الرسمي لـ«لا ليغا» أشار في حديثه عن المدرب بعد رحيله أن هناك 10 أشياء لافتة في مسيرته، من بينها أن ألغواسيل ترك في سوسييداد أسلوب لعب مميزاً، ارتكز على الاستحواذ والتمرير السلس والعمل الجماعي، إلى جانب بصمة واضحة في دعم المواهب الشابة، حيث برز معه لاعبون، مثل مارتن زوبيمندي وإيغور زوبيلديا، كذلك نجاحاته لم تقتصر على الأرقام، بل امتدت لهيمنته على ديربيات الباسك، والأهم بناء علاقة استثنائية مع جماهير سوسييداد.
لم تكن بدايات ألغواسيل مع الشباب مثالية، لكن المدرب يمثل نافذة الأمل للنادي في العودة إلى مكانته التنافسية. تبعات التأخر في الإعداد، وتعاقدات اللحظة الأخيرة، ألقت بظلالها على أداء الفريق حتى الآن، إلا أن شخصية المدرب، ومسيرته السابقة، تمنحان أنصار الشباب سبباً للاعتقاد بأن المستقبل قد يكون مختلفاً.


