لم تكن رباعية الهلال ومن بعدها سداسية غريمه النصر في شباك إنتر ميامي الأميركي بقيادة الأسطورة ليونيل ميسي، مجرد حدث عابر شهده «موسم الرياض»، وتحديدا ملعب «المملكة أرينا»، بل رسالة بليغة وواضحة المعالم بطلها الأسطورة البرتغالي كريستيانو رونالدو قائد النصر إلى منافسه الأرجنتيني، وتأكيد لمقولته الأخيرة بأن الدوري السعودي يتفوق على الأميركي «بمراحل».
وإذا كان البعض عدّ الخسارة الأولى أمام الهلال بنتيجة (3-4) تحمل دلالات على قوة الصراع الذي شهدته المباراة، فإن الهزيمة الثانية أمام النصر بنتيجة (0-6)، فتحت الباب واسعاً أمام النقد والتحليل بالنسبة لعشاق إنتر ميامي، الذي يبدو أنه قدم إلى السعودية باحثاً عن تحديات جديدة وتجارب كروية مثمرة، ليجد نفسه في خضم تجربة عصيبة لا تنسى.
وحقق النصر السعودي فوزا ساحقا في مباراة «الرقصة الأخيرة»، لكن وسط غياب النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو ومشاركة محدودة للأرجنتيني ليونيل ميسي.
وسجّل أهداف النصر كل من البرتغالي أدميلسون أوتافيو (3)، والبرازيلي أندرسون تاليسكا (10، و51 من ركلة جزاء، و73) والإسباني أيمريك لابورت (12) ومحمد مران (68).
ويلتقي قطبا الرياض الخميس المقبل على «كأس موسم الرياض»، في مواجهة نارية ستشهد بلا أدنى شك متابعة جماهيرية واسعة.
وغاب رونالدو عن النصر بداعي الإصابة في ربلة الساق، وهو السبب الذي دفع ناديه إلى إلغاء جولة كانت تشمل خوض مباراتين وديتين في الصين الأسبوع الماضي. وبالتالي، حرم غيابه الجماهير التي ملأت الملعب من مشاهدة مواجهة أخرى بين أفضل لاعبَين في العالم طوال عقد ونيّف. وفاز الثنائي معا بــ 13 كرة ذهبية (8 لميسي و5 لرونالدو).
وتعود آخر مواجهة بين اللاعبَين إلى يناير (كانون الثاني) 2023 في الرياض أيضا عندما لعب رونالدو في فريق من نجوم الدوري السعودي أمام باريس سان جرمان الفرنسي الذي كان يضمّ ميسي آنذاك.
ووجد ليونيل ميسي نفسه في مأزق حين اختار إنتر ميامي على الانضمام إلى أحد أندية الدوري السعودي. فالقرار الذي كان يُفترض به أن يكون خطوة إلى الأمام لتعزيز مسيرته الاحترافية، بات في مرمى سهام النقد بعد الأداء الباهت الذي ظهر عليه الفريق في كأس «موسم الرياض».
وبينما كانت الكرة تتنقل بين أقدام لاعبي النصر بسلاسة تامة يحسدون عليها، بدا لاعبو إنتر ميامي كطلاب في محاضرة ميدانية لفنون كرة القدم.
وبدورها بدت الجماهير السعودية التي احتشدت في مدرجات ملعب أرينا وكأنها تشاهد عرضا حيا لمجموعة من سحرة الكرة، فيما تعالت الهتافات الساخرة ضد ليونيل ميسي، الذي تبدلت ملامح وجهه كثيرا بعد كل هدف في تلك المواجهة التاريخية.
هذه الخسارة المدوية ليست مجرد هزيمة في مباراة ودية، بل هي استفتاء على مستوى الدوريين، وكأنما تقول: «هل كانت خطوة ميسي الانتقالية مجرد مراوغة محبطة؟». بينما يُثبت النصر أن الكرة السعودية لا تقف على شخص واحد، بل هي جماعية، تكتيكية وتنافسية بجدارة.
مواجهتان متتاليتان وعشرة أهداف؛ هذا ليس مجرد إحصاء، بل هو توقيع على ورقة تأكيد بأن الدوري السعودي متفوق بمراحل على الدوري الأميركي.
والواقع أن هذه النتائج تضع مؤيدي الدوري الأميركي في موقف صعب، حيث يجب عليهم إعادة تقييم نظرتهم للأمور بشكل أوسع. ليس هناك شك في أن وجود لاعب بحجم ميسي في الدوري هو أمر يُثري الدوري الأميركي ويزيد من متابعيه، لكن السؤال يبقى: هل يمكن للنجم الأرجنتيني وحده أن يرفع من مستوى الفريق والدوري بأكمله؟!
ولعل أكثر ما يلفت هو أن رونالدو، الذي لم يشارك في المباراة، قد يكون الفائز الأكبر دون أن يبذل قطرة عرق. كما أن تصريحاته السابقة التي كانت موضع تهكم في البداية، أصبحت بمثابة رسالة بليغة إلى غريمه الأرجنتيني.
وختاما لا يمكن تجاهل الجوانب الإيجابية التي قد يجلبها ميسي للدوري الأميركي على المدى البعيد، لكن في ليلة كأس «موسم الرياض»، كانت الكفة مائلة إلى حد كبير جدا لصالح الدوري السعودي، والأرقام تتحدث بصوت عالٍ: ستة أهداف نظيفة، وذكرى لن تُنسى لميسي وفريقه، تُخبرنا أن في عالم كرة القدم، النتائج هي الفيصل.