ترى وكالة «ستاندرد آند بورز» أن هناك فرصة نمو كبيرة وغير مستغلة لتمويل رأس المال الخاص في السعودية. يعود هذا التصور الإيجابي إلى الحاجات التمويلية الضخمة التي تتطلبها أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية لـ«رؤية 2030»، إلى جانب النمو المتوقع في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
خلفية نمو الدين
شهد إجمالي الدين في القطاعين العام والخاص بالمملكة، ارتفاعاً كبيراً في الفترة ما بين 2021 و2024، مسجلاً معدل نمو سنوي مركباً بنسبة 12 في المائة.
ويغطي هذا النمو مصادر تمويل متنوعة تشمل إصدارات السندات والصكوك، والزيادات التدريجية في الإقراض المصرفي، واللجوء إلى تمويل رأس المال الخاص. هذا الأخير، الذي يُعد حديثاً نسبياً في السوق السعودية، يعتمد على مقرضين غير مصرفيين يقدمون قروضاً مباشرة للمقترضين، وتوزع أدواته الائتمانية على عدد محدود من المستثمرين.
يذكر أن تمويل رأس المال الخاص هو مصطلح شامل يُستخدم لوصف توفير رأس المال للشركات، أو الأصول التي ليست مدرجة أو متداولة علناً في البورصات. ويشمل هذا التمويل مجموعة واسعة من الأدوات والآليات التي يتم فيها جمع الأموال من مصادر خاصة (مثل المستثمرين المؤسسيين، أو الأفراد ذوي الملاءة المالية العالية)، واستثمارها مباشرة.
وتشير بيانات «ستاندرد آند بورز» إلى أن مساهمة الائتمان الخاص لا تتجاوز 2 في المائة من إجمالي رصيد الدين السعودي، إلا أنه سجل نمواً هائلاً بلغ 10 أضعاف منذ عام 2020، ليصل إلى 3.7 مليار دولار في عام 2024.
تنوع المشهد الاستثماري
يتميز المشهد في تمويل رأس المال الخاص بتنوع كبير في الجهات المشاركة؛ فالقطاعات المستفيدة من هذا التمويل بين عام 2020 وأغسطس (آب) 2025، واسعة النطاق، وتشمل صناعات تقليدية راسخة؛ مثل البتروكيميائيات وشركات الطيران، بالإضافة إلى قطاعات سريعة التوسع كالخدمات الرقمية وحلول الدفع الإلكتروني. كما امتد التمويل ليشمل مجموعات تكتلية خاصة كبرى، وصولاً إلى الشركات الأصغر حجماً؛ مثل متاجر تجزئة الأغذية ووكالات السفر. أما قاعدة المستثمرين فتتنوع أيضاً لتشمل مستثمرين آسيويين، وكيانات مرتبطة بالحكومة، وبنوكاً أميركية كبرى، وصناديق استثمار سعودية التزمت بضخ أموال في الديون الخاصة داخل المملكة.
دعم أهداف التنمية
يُعدّ قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة محركاً رئيسياً للنمو في تمويل رأس المال الخاص، حيث تتطلب أهداف «رؤية 2030» لدفع التنويع الاقتصادي أحجاماً كبيرة من التمويل. وتتطلب هذه الأهداف رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 35 في المائة بحلول عام 2030، مقارنة بـ21.9 في المائة فقط في عام 2023، وفق ما ذكرت «ستاندرد آند بورز». هذا النمو الطموح يتطلب تمويلاً كبيراً لسد الفجوة الحالية، حيث ارتفعت مديونية هذا القطاع (قروضه مقسومة على مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي) من 22 في المائة في 2020، إلى 28 في المائة في 2023. ويُمكن لرأس المال الخاص، بالتعاون مع البنوك، أن يلعب دوراً مهماً في تلبية هذه الاحتياجات، مما يخفف من مخاطر التركز القطاعي، والمخاطر المرتبطة بالتعرض لعميل واحد لدى البنوك المحلية، ويحرر رؤوس الأموال لديها.
وبحسب «ستاندرد آند بورز»، فإن السوق الإقليمية تحتاج إلى مزيد من عمليات الاندماج والاستحواذ وعمليات التخارج العامة، لإثبات نضجها وبناء ثقة المستثمرين.

