بانيتا: «المركزي» الأوروبي سيواصل نهجه المرن لمواجهة التوترات

دونري: تصاعد المخاطر الجيوسياسية يهدد جودة الائتمان ويُنعش القروض المتعثرة

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
TT

بانيتا: «المركزي» الأوروبي سيواصل نهجه المرن لمواجهة التوترات

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

أكد فابيو بانيتا، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي ورئيس «المركزي» الإيطالي، أن البنك سيواصل تبني نهج مرن في رسم سياساته النقدية، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية بين إسرائيل وإيران، إلى جانب تزايد الغموض بشأن السياسات التجارية للولايات المتحدة.

وفي كلمة ألقاها خلال مؤتمر مصرفي في ميلانو، أشار بانيتا إلى أن التضخم في منطقة اليورو مرشح للبقاء دون الهدف المحدد عند 2 في المائة لفترة مطولة، في ظل اقتصاد يعاني من ضعف هيكلي مستمر، مشدداً على أن التوقعات الاقتصادية تواجه «مخاطر كبيرة يصعب قياسها»، ناتجة عن السياسة التجارية الأميركية والتوترات في الشرق الأوسط، وفق «رويترز».

وقال بانيتا: «في ظل هذه الأوضاع، أكد مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، خلال اجتماعه الأخير، التزامه بنهج مرن مع إبقاء جميع الخيارات مفتوحة». وأضاف: «سيُواصل المجلس اتخاذ قراراته بناءً على كل اجتماع على حدة، دون الالتزام مسبقاً بمسار محدد للسياسة النقدية».

تحذيرات من ارتفاع القروض المتعثرة

وفي السياق ذاته، حذّرت شارون دونري، المشرفة على البنك المركزي الأوروبي، من احتمالات تزايد القروض المتعثرة، لا سيما في القطاعات الأكثر هشاشة مثل الشركات الصغيرة والمستهلكين والعقارات التجارية الواقعة في مناطق أقل جاذبية.

ورغم تحذيرات سابقة أطلقها البنك منذ جائحة كوفيد-19، ثم مع بدء دورة رفع أسعار الفائدة في 2022، فإن نسب التعثر ظلت في أدنى مستوياتها التاريخية. ومع ذلك، لاحظت دونري خلال كلمتها في مؤتمر ميلانو ارتفاعاً طفيفاً في القروض المتأخرة خلال عام 2024، بالإضافة إلى مؤشرات أولية تُنذر بتدهور محتمل في جودة الائتمان.

وأشارت إلى أن «التوترات الجيوسياسية الراهنة تُضيف طبقة جديدة من عدم اليقين، وتشكل مصدراً فعلياً لمخاطر سلبية على التوقعات الاقتصادية». وأضافت أن البنوك التي لديها انكشاف كبير على الصناعات التصديرية، مثل قطاع التصنيع، باتت معرضة لتقلبات سلاسل التوريد وتهديدات الحمائية التجارية.

كما حذرت من تدهور التوقعات الخاصة بقروض العقارات التجارية في المناطق «غير الرئيسية»، نظراً لتأثيرات عوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية، التي باتت تُؤثر بشدة على معدلات الطلب. وشددت على أن البنوك يجب أن تتهيأ لاحتمالات تراجع جودة الائتمان بشكل أكبر، خاصة إذا تدهورت الظروف الاقتصادية.

تباطؤ ملحوظ في الفائض التجاري

وفي مؤشر إضافي على الضغوط الاقتصادية، أظهرت بيانات «المركزي» الأوروبي تراجعاً حاداً في فائض الحساب الجاري لمنطقة اليورو خلال أبريل (نيسان)، مدفوعاً بانخفاض ملحوظ في صادرات السلع والخدمات.

وانخفض الفائض إلى 19.8 مليار يورو، أي نحو 22.79 مليار دولار، (بعد التعديل الموسمي)، مقارنة بـ50.9 مليار يورو (58.59 مليار دولار) في الشهر السابق، بينما أظهرت البيانات غير المعدلة تراجعاً إلى 19.3 مليار يورو (22.21 مليار دولار) من 60.1 مليار يورو (69.18 مليار دولار). وتتماشى هذه الأرقام مع مؤشرات أخرى مثل تراجع الإنتاج الصناعي وضعف التجارة الخارجية، ما يعكس تأثيراً مباشراً لحالة عدم اليقين المرتبطة بالرسوم الأميركية، إذ لجأت الشركات الأوروبية إلى تسريع صادراتها إلى الولايات المتحدة قبل تنفيذ التعريفات الجديدة، ثم تباطأت لاحقاً بشكل حاد.


مقالات ذات صلة

«المركزي الأوروبي» يختبر قدرة البنوك على مواجهة المخاطر الجيوسياسية في 2026

الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف أمام المقر الرئيسي لـ«البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يختبر قدرة البنوك على مواجهة المخاطر الجيوسياسية في 2026

أكدت كلوديا بوخ، رئيسة «المجلس الإشرافي» في «البنك المركزي الأوروبي»، الثلاثاء، أن «البنك» سيُجري العام المقبل اختباراً لمدى قدرة البنوك على التعامل مع المخاطر.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت (ألمانيا))
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» في اختبار جديد وسط تهديدات ترمب التجارية

أفاد خمسة من صناع السياسات في المركزي الأوروبي بأن تهديد الرئيس الأميركي بفرض رسوم جمركية 30 في المائة على واردات الاتحاد الأوروبي يزيد من تعقيد اتخاذ القرار.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد امرأة تتسوق في إحدى الأسواق المحلية في مدينة نيس (رويترز)

التضخم الفرنسي يتجاوز التوقعات في يونيو

تجاوزت أسعار المستهلك في فرنسا التقديرات الأولية لشهر يونيو (حزيران)، مؤكدة اتجاهاً أوسع في منطقة اليورو نحو ارتفاع تدريجي في معدلات التضخم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد مقر مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

شنابل من «المركزي الأوروبي»: عقبات خفض الفائدة كبيرة رغم مرونة الاقتصاد

قالت إيزابيل شنابل، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، في مقابلة نُشرت يوم الجمعة، إن العوائق أمام خفض أسعار الفائدة لا تزال «كبيرة جداً».

«الشرق الأوسط» (ميلانو - فرانكفورت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

كبير اقتصاديي «المركزي الأوروبي»: المخاطر تتجاوز الرسوم الجمركية التقليدية

قال فيليب لين كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي الأربعاء إن البنك يأخذ في اعتباره جملة من المخاطر التي تتجاوز التعريفات الجمركية التقليدية

«الشرق الأوسط» (بروكسل - مدريد)

البنوك الأميركية الكبرى تواجه الضبابية الاقتصادية بتكيّف لافت في الربع الثاني

شعار «سيتي بنك» في بورصة نيويورك (رويترز)
شعار «سيتي بنك» في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

البنوك الأميركية الكبرى تواجه الضبابية الاقتصادية بتكيّف لافت في الربع الثاني

شعار «سيتي بنك» في بورصة نيويورك (رويترز)
شعار «سيتي بنك» في بورصة نيويورك (رويترز)

في وقت تتزايد فيه الضبابية الاقتصادية العالمية وتتصاعد التوترات الجيوسياسية والتجارية، أظهرت البنوك الأميركية الكبرى قدرة لافتة على التكيّف وتحقيق نتائج تفوقت على توقعات «وول ستريت». وبينما يواصل المستثمرون ترقّب انعكاسات السياسات الضريبية الجديدة والرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، تسعى المؤسسات المالية إلى تعزيز مكانتها من خلال التوسّع المدروس، وتكييف استراتيجياتها التشغيلية لمواكبة التحولات الاقتصادية والرقابية المتسارعة.

وفي التفاصيل، رفع بنك «جي بي مورغان تشيس» توقعاته لصافي دخل الفوائد لعام 2025 إلى نحو 95.5 مليار دولار، ارتفاعاً من تقدير سابق بلغ 94.5 مليار دولار، مستفيداً من الأداء القوي في قسمَي الخدمات المصرفية الاستثمارية والتداول، اللذين ساعدا على تجاوز التوقعات الربحية للربع الثاني، وفق «رويترز».

وأوضح البنك أن صافي دخل الفوائد -وهو الفارق بين إيرادات القروض وتكاليف الودائع- تلقى دعماً من انتعاش نشاط السوق، وسط تحركات المستثمرين للاستفادة من تقلبات الأسواق والتحوّط ضد مخاطر السياسات التجارية الجديدة. وقد أسهمت هذه الديناميكيات في زيادة إيرادات التداول بنسبة 15 في المائة لتصل إلى 8.9 مليار دولار، مدفوعة بمكاسب في أدوات الدخل الثابت والأسهم. كذلك، ارتفعت رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية بنسبة 7 في المائة إلى 2.5 مليار دولار بفضل نشاط قوي في عمليات الدمج والاستحواذ وتغطية الديون.

الرئيس التنفيذي جيمي ديمون أشار، في بيان، إلى أن «الاقتصاد الأميركي لا يزال صامداً»، لافتاً في الوقت نفسه إلى «وجود مخاطر هيكلية» مثل الرسوم الجمركية، والتوترات الجيوسياسية، وارتفاع العجز المالي، وتضخم أسعار الأصول، رغم الإيجابيات المرتبطة بإصلاح النظام الضريبي وتخفيف القيود التنظيمية.

ورغم تقليص عدد الموظفين بأكثر من 1300 موظف، ليبلغ إجمالي القوة العاملة 317160 موظفاً، حافظ البنك على موقعه بوصفه أكبر البنوك الأميركية من حيث التوظيف، متوقعاً استقرار عدد الموظفين خلال 2025.

وسجّل البنك ربحاً قدره 4.96 دولار للسهم بعد استبعاد التكاليف غير المتكررة، متجاوزاً متوسط توقعات المحللين البالغ 4.48 دولار، بحسب تقديرات جمعتها بورصة لندن. وبلغت مخصصات خسائر الائتمان 2.85 مليار دولار، مقارنة بـ3.05 مليار دولار قبل عام.

وبينما سجلت أسهم البنك تراجعاً طفيفاً في تداولات ما قبل الافتتاح، ظل المستثمرون يترقبون تصريحات المسؤولين التنفيذيين في القطاع المصرفي؛ لرصد التأثير المحتمل لرسوم ترمب الجمركية ومشروع قانون الإنفاق الجديد، الذي يتوقع أن يضيف أكثر من 3 تريليونات دولار إلى الدين العام الأميركي خلال العقد المقبل، وسط انتقادات من بعض الجمهوريين وحلفاء ترمب، من ضمنهم إيلون ماسك.

ورغم حالة الضبابية، برزت مؤشرات إيجابية في الربع الثاني، حيث اجتاز البنك اختبارات الضغط التي يجريها «الاحتياطي الفيدرالي»، مما أتاح له إعلان عمليات إعادة شراء أسهم بقيمة 50 مليار دولار. كما اقترح «الفيدرالي» تعديلاً تنظيمياً على نسبة الرفع المالي المُكمّلة، وقد يسمح للبنوك الكبرى بخفض رؤوس الأموال المحتفظ بها مقابل الأصول المنخفضة المخاطر. وسُجّل تراجع بنسبة 17 في المائة في إجمالي الأرباح، إلا أن المقارنة تأثرت بمكسب استثنائي قدره 8 مليارات دولار في صفقة تبادل أسهم مع «فيزا» في العام الماضي.

«سيتي غروب» أيضاً تجاوز التوقعات، مسجلاً صافي دخل بلغ 4 مليارات دولار، أو 1.96 دولار للسهم، بنمو سنوي نسبته 25 في المائة. وقد ارتفعت إيرادات الأسواق بنسبة 16 في المائة إلى 5.9 مليار دولار، في حين سجلت الإيرادات الإجمالية للربع الثاني نمواً بنسبة 8 في المائة إلى 21.7 مليار دولار، مع تحقيق أرقام قياسية في قطاعات الخدمات المصرفية الشخصية، وإدارة الثروات، والخدمات الأميركية.

وفي بيان لها، أكدت الرئيسة التنفيذية، جين فريزر، أن البنك «حقق ربعاً قوياً آخر»، مشيرة إلى أن «سيتي» «لا يزال في قلب بعض أهم الصفقات» في السوق. وقد ارتفعت رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية بنسبة 13 في المائة، في حين قفزت الإيرادات المصرفية الإجمالية بنسبة 19 في المائة إلى 1.9 مليار دولار.

وتصدّر «سيتي» عدداً من أبرز الصفقات خلال الربع، منها الاكتتاب العام الأولي لشركة العملات المستقرة «سيركل» بقيمة 1.05 مليار دولار، وإدراج منصة «إي تورو» بقيمة 650 مليون دولار، فضلاً عن تقديم المشورة إلى «تشارتر كوميونيكيشنز» في صفقة استحواذ ضخمة بلغت 21.9 مليار دولار.

إلا أن «سيتي» لا يزال يعمل على معالجة أوجه القصور التنظيمية المتراكمة، بعد العقوبات التي واجهها عام 2020. وقد أعلن البنك التخلص من 211 طلباً تنظيمياً في النصف الأول من العام، إلى جانب تعزيز الرقابة في 85 دولة. ومع ذلك، لا تزال أسهم البنك تُتداول بخصم كبير مقارنة بنظرائه، رغم تسجيل ارتفاع بنسبة 24.3 في المائة منذ بداية العام.

أما «ويلز فارغو» فقد أعلن صافي دخل بلغ 5.49 مليار دولار (1.60 دولار للسهم)، متجاوزاً التوقعات، لكنه خفّض توقعاته لصافي دخل الفوائد لعام 2025. ويتوقع البنك الآن أن يبقى صافي الدخل من الفوائد قريباً من مستوى عام 2024 البالغ 47.7 مليار دولار، مقابل تقديرات سابقة أشارت إلى نمو بين 1 في المائة و3 في المائة.

وأوضح البنك أن التراجع في أعمال الأسواق أسهم في خفض التوقعات، لكن ارتفاع الإيرادات غير المعتمدة على الفوائد يُتوقع أن يُعوّض هذا الأثر. وسجّل البنك ربحاً أساسياً قدره 1.54 دولار للسهم، متجاوزاً متوسط التوقعات البالغ 1.41 دولار.

من جانب آخر، استفاد البنك من خفض مخصص خسائر الائتمان إلى 1.01 مليار دولار، مقابل 1.24 مليار دولار العام الماضي، وسجل نمواً بنسبة 9 في المائة في رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية إلى 696 مليون دولار.

وجاء الربع الثاني بعد رفع «الاحتياطي الفيدرالي» سقف أصول «ويلز فارغو»، البالغ 1.95 تريليون دولار، ما يتيح للبنك استئناف نموه بوتيرة أسرع. وأشار الرئيس التنفيذي، تشارلي شارف، إلى أن البنك الآن في موقع يؤهله إلى التوسع بقوة في الخدمات المصرفية التجارية والاستثمارية والتداول، لكنه شدد على أن التوسع سيتم «بحذر».

وبعد سنوات من المعالجات التنظيمية، أزال «ويلز فارغو» سبعة أوامر موافقة تنظيمية خلال العام الحالي، ليبقى عليه أمر واحد من عام 2018. كما واصل تقليص عدد موظفيه ليصل إلى 212804 موظفاً بنهاية يونيو (حزيران).