بين التشديد والتيسير... الرسوم تُعمّق الانقسام في سياسات الفائدة العالمية

وسط ضغوط الدولار والتضخم

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT

بين التشديد والتيسير... الرسوم تُعمّق الانقسام في سياسات الفائدة العالمية

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

تشهد البنوك المركزية الكبرى تبايناً في توجهاتها، في وقت تهدد فيه الرسوم الجمركية التي يفرضها البيت الأبيض بزيادة التضخم في الولايات المتحدة، بينما يؤدي الهروب من الدولار إلى تعزيز قوة العملات الأخرى بطريقة تُفضي إلى تراجع التضخم فيها.

وبينما يُبقي بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة ثابتة في الوقت الحالي، تقترب سويسرا من العودة إلى أسعار الفائدة السلبية مجدداً، في حين تظل اليابان حالة استثنائية حيث تميل نحو رفع أسعار الفائدة، وفق «رويترز».

وفيما يلي نظرة على مواقف 10 بنوك مركزية في الأسواق المتقدمة:

1. سويسرا

يعقد البنك الوطني السويسري اجتماعه المقبل في 19 يونيو (حزيران)، ويُظهر استعداده لخفض أسعار الفائدة إلى المنطقة السلبية (من 0.25 في المائة حالياً)، وذلك لمنع ارتفاع قيمة الفرنك السويسري الذي قد يضر بالاقتصاد المعتمد على الصادرات ويزيد من مخاطر الانكماش. ومع ذلك، قد يتجنب البنك الوطني السويسري اللجوء إلى السياسات النقدية غير التقليدية بسبب تزايد الطلب على الفرنك، الذي ارتفع بنسبة 7 في المائة تقريباً مقابل الدولار منذ أوائل أبريل (نيسان).

2. كندا

أبقى بنك كندا أسعار الفائدة عند 2.75 في المائة في أبريل بعد سبعة تخفيضات متتالية. ورغم انقسام صانعي السياسات حول الحاجة إلى مزيد من التيسير، قال المحافظ تيف ماكليم إن حالة عدم اليقين بشأن التجارة العالمية جعلت التوقعات غير دقيقة. مع ذلك، تتوقع أسواق المال أن يخفض بنك كندا أسعار الفائدة ربع نقطة بحلول يوليو (تموز)، مع خفض آخر بحلول نهاية العام.

3. نيوزيلندا

يتوقع المتداولون أن يخفض بنك الاحتياطي النيوزيلندي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.25 في المائة في 28 مايو (أيار)، لحماية الاقتصاد الذي يعتمد على الصين من التأثيرات التجارية السلبية. ومن المتوقع أن يستمر البنك في خفض الفائدة لبقية العام، حيث يساعد الدولار النيوزيلندي القوي على إبقاء التضخم ضمن النطاق المستهدف.

4. السويد

أبقى البنك المركزي السويدي سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 2.25 في المائة يوم الخميس، لكنه ترك الباب مفتوحاً أمام تخفيضات محتملة في المستقبل. وشهد النشاط الصناعي السويدي نمواً في أبريل، ويعزز الإنفاق الحكومي على الدفاع والبناء الآمال في تجنب الركود.

5. منطقة اليورو

خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة للمرة السابعة خلال عام في أبريل، ومن المتوقع أن يتم خفض آخر بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 2 في المائة في 5 يونيو، مع احتمالية خفض إضافي بحلول نهاية العام. انخفض التضخم في منطقة اليورو إلى 2.2 في المائة، فيما يسهم ارتفاع قيمة اليورو في تقليص أسعار الواردات.

6. الولايات المتحدة

أبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة عند 4.25 في المائة-4.50 في المائة يوم الأربعاء، رغم الانتقادات من الرئيس دونالد ترمب لمقاومته خفض الفائدة. وأعلن البنك المركزي الأميركي عن ارتفاع مخاطر التضخم والبطالة، مما يزيد من غموض التوقعات الاقتصادية الأميركية في ظل تأثير الرسوم الجمركية. وتتوقع أسواق المال مزيداً من التيسير النقدي بمقدار 75 نقطة أساس بنهاية العام.

7. بريطانيا

خفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 4.25 في المائة يوم الخميس، وسط انقسام غير متوقع بين صانعي السياسات بشأن التأثيرات الاقتصادية للرسوم الجمركية. ويتوقع المتداولون خفضاً آخر بحلول أغسطس (آب).

8. أستراليا

أبقى بنك الاحتياطي الأسترالي أسعار الفائدة ثابتة عند 4.1 في المائة في أبريل، لكن أسواق المال توقعت بنسبة تزيد على 90 في المائة خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس في مايو، مع إمكانية خفض إضافي بحلول نهاية العام.

9. النرويج

تخلى البنك المركزي النرويجي عن خططه لتخفيف السياسة النقدية مع تراجع عملته المرتبطة بالنفط، إلى جانب توقعات التجارة العالمية، مما يُشكل تهديداً تضخمياً جديداً. وكما كان متوقعاً، أبقى البنك المركزي النرويجي أسعار الفائدة ثابتة عند أعلى مستوى لها في 17 عاماً عند 4.50 في المائة يوم الخميس.

10. اليابان

ظل بنك اليابان، الذي كان من المتوقع منذ فترة طويلة أن يواصل رفع أسعار الفائدة، حذراً في انتظار رؤية تأثير الرسوم الجمركية على اقتصاده الموجه نحو التصدير، وبعد أن تضررت المصانع اليابانية بسبب رفع الولايات المتحدة للرسوم الجمركية على السيارات المستوردة. وأبقى بنك اليابان على تكاليف الاقتراض ثابتة عند 0.5 في المائة في الثاني من مايو، مع تصريح المحافظ كازو أويدا بأن تعهده بخفض التضخم إلى 2 في المائة «تأخر إلى حد ما»، في حين كان المستثمرون ينتظرون بقلق نتائج محادثات التجارة عالية المخاطر بين الولايات المتحدة واليابان.


مقالات ذات صلة

الجنيه الإسترليني يسجل أعلى مستوى منذ 2022

الاقتصاد أحد موظفي البنك يعد أوراق الجنيه الإسترليني في «بنك كاسيكورن» ببانكوك (أرشيفية - رويترز)

الجنيه الإسترليني يسجل أعلى مستوى منذ 2022

سجَّل الجنيه الإسترليني، يوم الجمعة، أعلى مستوياته في أكثر من 3 سنوات، متجهاً نحو تحقيق أكبر مكاسب أسبوعية له مقابل الدولار منذ أوائل أبريل (نيسان).

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متسوقون يتجولون في سوق بورو بلندن (رويترز)

الطقس المشمس يعزز مبيعات التجزئة في بريطانيا خلال أبريل

عزز الطقس المشمس مبيعات التجزئة البريطانية في أبريل (نيسان)، وزادت ثقة الأسر هذا الشهر، وفقًا لأرقام نُشرت يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان خلال استعراض التقرير الفصلي الثاني للتضخم للعام الحالي في مؤتمر صحافي الخميس (إعلام تركي)

«المركزي التركي» يحافظ على توقعاته السابقة للتضخم لـ3 سنوات

حافظ البنك المركزي التركي على توقعاته للتضخم بحلول نهاية العام الحالي والعامين المقبلين دون تغيير، وتعهد باستمراره في السياسة النقدية المتشددة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد أشخاص يمرون أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

بريطانيا تبدأ سنتها المالية باقتراض يفوق التوقعات

استهلت الحكومة البريطانية السنة المالية 2025 - 2026 باقتراض أعلى من المتوقع في أبريل مما يعكس استمرار الضغوط على الموازنة العامة

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد فاتح كاراهان في مؤتمر صحافي بإسطنبول 7 فبراير 2025 (رويترز)

محافظ «المركزي التركي» يؤكد استمرار الإجراءات لخفض التضخم

أكد محافظ البنك المركزي التركي، فاتح كاراهان، يوم الخميس، أن البنك سيواصل اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة في حال أثرت ظروف الطلب سلباً على توقعات التضخم.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول )

الأسواق الناشئة تتصدر الأداء العالمي بفضل تقييماتها الجذابة

رجل يشير إلى لوحة تعرض تقلبات مؤشرات السوق في بورصة ساو باولو بالبرازيل (رويترز)
رجل يشير إلى لوحة تعرض تقلبات مؤشرات السوق في بورصة ساو باولو بالبرازيل (رويترز)
TT

الأسواق الناشئة تتصدر الأداء العالمي بفضل تقييماتها الجذابة

رجل يشير إلى لوحة تعرض تقلبات مؤشرات السوق في بورصة ساو باولو بالبرازيل (رويترز)
رجل يشير إلى لوحة تعرض تقلبات مؤشرات السوق في بورصة ساو باولو بالبرازيل (رويترز)

تتصدر صناديق أسهم الأسواق الناشئة الأداء العالمي هذا العام، مدفوعةً بتقييمات جذابة، وتراجع تمركز المستثمرين فيها خلال السنوات الماضية، إلى جانب انحسار الضغوط الاقتصادية بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعليق الرسوم الجمركية.

وبحسب بيانات بورصة لندن، حققت الصناديق التي تتابع الأسهم في أميركا اللاتينية وأوروبا الناشئة مكاسب تقارب 24 في المائة منذ بداية العام، بينما ارتفعت صناديق الأسواق الناشئة الأوسع نطاقاً بنسبة 9.3 في المائة، وفق «رويترز».

وسجلت صناديق الأسهم التي تركز على المغرب، وكولومبيا، واليونان، والبرازيل، والبرتغال مكاسب تجاوزت 30 في المائة هذا العام، مقارنةً بعائد ضعيف لم يتجاوز 0.17 في المائة لصناديق الأسهم الأميركية، وارتفاع نسبته 6.8 في المائة فقط لصناديق الأسهم العالمية. ويمثل هذا الأداء انعكاساً لسنوات من تفوّق الأسواق المتقدمة، التي حققت خلالها الأسهم الأميركية، بقيادة شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مكاسب بارزة.

لكن في عام 2025، بدأ المستثمرون في تقليص تعرضهم للأصول الأميركية، بفعل تصاعد المخاوف من تباطؤ اقتصادي وشيك، وقلقهم من تقلب السياسات الاقتصادية في عهد ترمب، مما أثر على الثقة بالدولار.

وأظهرت بيانات «إل إس إي جي» أن صناديق الأسهم المخصصة للأسواق الناشئة استقطبت تدفقات بقيمة 10.6 مليار دولار خلال أول خمسة أشهر من العام، بزيادة 43 في المائة عن الفترة نفسها من 2024.

ويعزو مالكولم دورسون، مدير المحفظة الأول في «غلوبال إكس»، هذه الزيادة إلى ضعف التركيز في الأسواق الناشئة، مشيراً إلى أن المستثمرين الأميركيين يخصصون لها ما بين 3 في المائة إلى 5 في المائة فقط، على الرغم من أنها تمثل 10.5 في المائة من وزن مؤشر «إم إس سي آي» العالمي ونحو ربع القيمة السوقية العالمية.

كما يسلّط المحللون الضوء على تحسّن الأساسيات الاقتصادية. فدول أميركا اللاتينية مثلاً محمية نسبياً من آثار الرسوم الجمركية بسبب عجزها التجاري مع الولايات المتحدة، في حين تتجه الاقتصادات الآسيوية بشكل متزايد نحو تعزيز الاستهلاك المحلي.

وفي هذا السياق، رفع بنك «جي بي مورغان» تصنيفه لأسهم الأسواق الناشئة من «محايد» إلى «زيادة الوزن»، متوقعاً أن تقوم معظم البنوك المركزية في الاقتصادات الناشئة، باستثناء البرازيل، بتيسير سياساتها النقدية، الأمر الذي من شأنه تنشيط النمو وتعزيز جاذبية الأسهم.

كما ساهمت مكاسب أسهم التكنولوجيا في دعم أسواق الصين وهونغ كونغ، مع عودة اهتمام المستثمرين الأجانب الباحثين عن فرص في الذكاء الاصطناعي وشركات التكنولوجيا منخفضة التكلفة مثل «ديب سيك».

وترى أليسون شيمادا، مديرة المحافظ الاستثمارية في «أولسبرينغ غلوبال إنفستمنتس»، أن المكسيك والبرازيل ما زالتا تتمتعان بالمرونة رغم تصاعد التوترات التجارية، مضيفة: «قصة المستهلك الصيني تبدو مثيرة للاهتمام حالياً، وبكين تُركّز بشكل واضح على دعم الاقتصاد الاستهلاكي». كما رأت أن السوق الهندية قد تكون مشبعة بالشراء، لكنها لا تزال تحتوي على فرص جذابة، خصوصاً في قطاعات الطاقة والتمويل غير المصرفي.

وبحلول نهاية أبريل (نيسان)، كان مؤشر «إم إس سي آي» للأسواق الناشئة يُتداول عند مضاعف ربحية متوقّع (12 شهراً) يبلغ 11.96، وهو أقل من متوسطه لعقد كامل عند 12.1 وفي المقابل، يتداول مؤشرا «إم إس سي آي» للولايات المتحدة والعالم عند مضاعفي ربحية 20.5 و18.1، على التوالي، أي أعلى بكثير من متوسطاتهما لعشر سنوات والبالغة 18.8 و16.9.