روسيا والمعادن النادرة... مصدر مهم للإيرادات وتوجه نحو صفقات تطوير مشتركة بشأنها

تمتلك 658 مليون طن... وثاني أكبر منتج للألمنيوم في العالم

روسيا تمتلك احتياطات تفوق بكثير تلك الموجودة في أوكرانيا (تاس)
روسيا تمتلك احتياطات تفوق بكثير تلك الموجودة في أوكرانيا (تاس)
TT

روسيا والمعادن النادرة... مصدر مهم للإيرادات وتوجه نحو صفقات تطوير مشتركة بشأنها

روسيا تمتلك احتياطات تفوق بكثير تلك الموجودة في أوكرانيا (تاس)
روسيا تمتلك احتياطات تفوق بكثير تلك الموجودة في أوكرانيا (تاس)

تمتلك روسيا كثيراً من رواسب المعادن الأرضية النادرة، وهي منفتحة على إبرام صفقات لتطوير مشروعات بشأنها، وفق ما أعلنه الكرملين، يوم الثلاثاء، بعد عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الولايات المتحدة فرصة التنقيب المشترك عن رواسب المعادن الأرضية النادرة في البلاد، بالإضافة إلى توريد الألمنيوم إلى السوق المحلية الأميركية، بموجب اتفاق اقتصادي مستقبلي.

وقال المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف: «الأميركيون بحاجة إلى المعادن الأرضية النادرة. لدينا كثير منها».

وقد طرحت روسيا فكرة التعاون في مجال تطوير مشروعات المعادن بعد أن عارضت كييف مطالب الولايات المتحدة بصندوق بقيمة 500 مليار دولار في جزء من اتفاق أوسع لمنح واشنطن حصة من عائدات المعادن في أوكرانيا. وقال ترمب في مناسبات متعددة إن الولايات المتحدة مهتمة بشكل خاص بالمعادن الأرضية النادرة في أوكرانيا، على الرغم من أن البلاد لا تملك احتياطات كبيرة معترفاً بها دولياً بأنها مجدية اقتصادياً.

وقال بوتين، في مقابلة مع وسائل الإعلام الحكومية نشرت على الإنترنت في وقت متأخر من يوم الاثنين: «لدينا بالتأكيد الكثير - وأريد أن أؤكد على ذلك - من موارد من هذا النوع، أكثر بكثير من أوكرانيا». وأضاف أن «روسيا من الدول الرائدة دون منازع في احتياطات هذه المعادن الأرضية النادرة».

وأوضح بوتين أن أي اتفاق محتمل بين الولايات المتحدة وأوكرانيا بشأن الموارد الطبيعية لن يؤثر على روسيا. وأشار إلى أن روسيا لديها احتياطات أكبر بكثير من المعادن النادرة مقارنة بأوكرانيا، مبدياً الانفتاح على العمل مع شركاء أجانب في تطوير مشروعات رواسب المعادن النادرة، بما فيها تلك الموجودة في الأجزاء المحتلة من أوكرانيا، التي أطلق عليها بوتين «المناطق الخاضعة للسيطرة حديثاً».

كما عرض بوتين توريد مليوني طن من الألمنيوم إلى الولايات المتحدة إذا رُفعت القيود المفروضة على الواردات، وطرح أنه يمكن للشركات الروسية أن تنظر في مشروع مشترك لـ«المعدن خفيف الوزن» بمنطقة كراسنويارسك في سيبيريا.

ولم يقدم مزيداً من التفاصيل بشأن عرضه، الذي قدمه بعد نحو أسبوعين من أمر ترمب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع واردات الألمنيوم الأميركية.

وكان بوتين عقد يوم الاثنين اجتماعاً بشأن استخراج ومعالجة المعادن النادرة والخام، قال خلاله إن هذا القطاع يلعب دوراً رئيسياً في تغذية الاقتصاد الحديث فيما يتصل بالموارد. وأضاف: «هناك طلب على المعادن النادرة في قطاعات متعددة؛ بما فيها الإلكترونيات الدقيقة، والطاقة، والبنية الأساسية للاقتصاد الرقمي، وكثير من التطبيقات المدنية والدفاعية الأخرى. والواقع أننا نتحدث عن كل القطاعات تقريباً في إطار التكنولوجيا الجديدة التي تحدد التقدم في مختلف أنحاء العالم». ولفت إلى أنه «تتعين علينا مواكبة هذه التطورات للتنافس بنجاح في الأسواق العالمية وخلق أساس متين لوضع الاقتصاد الروسي على المسار الصحيح نحو التنمية المستدامة والمستقرة».

بوتين في اجتماع عبر الفيديو بشأن تطوير مشروعات المعادن الأرضية النادرة في روسيا (إ.ب.أ)

ما المعادن النادرة في روسيا؟

تُعدّ روسيا أكبر منتج للألمنيوم في العالم بعد الصين. وكانت روسيا في يوم من الأيام مورداً رئيسياً للولايات المتحدة، لكن الشحنات توقفت بشكل أساسي بعد أن فرضت الولايات المتحدة تعريفة جمركية بنسبة 200 في المائة على الألمنيوم الروسي عام 2023. وحتى قبل ذلك، لم تورد روسيا أكثر من مليون طن من الألمنيوم إلى الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، وفق «بلومبرغ».

وتبلغ احتياطات روسيا من 29 نوعاً من المعادن حالياً 658 مليون طن، بما فيها احتياطات 15 نوعاً من المعادن الأرضية النادرة تبلغ 28.5 مليون طن، وفق وزارة الموارد الطبيعية في الاتحاد الروسي، وهذا أكثر بمرتين مما تقدره «هيئة المسح الجيولوجي الأميركية» (10 ملايين طن)، مما يجعل الاحتياطات الروسية من المعادن الأرضية النادرة ثانيَ أكبر احتياطي بعد الصين (44 مليون طن).

والمعادن الأرضية النادرة من الموارد الاستراتيجية التي تتنافس عليها الاقتصادات الكبرى في العالم، والتي أطلقت عليها وزارة الطاقة الأميركية «معادن التكنولوجيا». وهي تُستخدم في كل شيء؛ بدءاً من إطارات الطائرات، إلى رقائق الكومبيوتر، وحتى المحركات الكهربائية.

أنواع المعادن النادرة

ومن المعادن النادرة المهمة الموجودة في روسيا ما يلي:

* العناصر الأرضية النادرة: تمتلك روسيا احتياطات كبيرة من العناصر الأرضية النادرة، التي تستخدم في مجموعة واسعة من التقنيات الحديثة، مثل الإلكترونيات، والسيارات الكهربائية، والطاقة المتجددة.

* النيوبيوم والتنتالوم: يُستخدمان في صناعة السبائك الفائقة المستخدمة في صناعات الطيران والفضاء.

* البلاتين والمعادن النفيسة: تمتلك روسيا احتياطات كبيرة من البلاتين والمعادن النفيسة الأخرى، التي تستخدم في صناعة المجوهرات، والإلكترونيات، والمحولات الحفازة.

* التيتانيوم: من المعادن المهمة المستخدمة في صناعات الطيران والفضاء والدفاع.

أهمية المعادن النادرة في روسيا

تلعب المعادن النادرة دوراً حيوياً في الاقتصاد الروسي، فهي تعدّ مصدراً مهماً للإيرادات من خلال التصدير. كما أنها ضرورية لتطوير الصناعات الحديثة في روسيا، مثل صناعة الإلكترونيات، والطاقة المتجددة.

الصادرات

في عام 2023، حلّت روسيا في المركز الـ31 على لائحة أكبر مصدري المعادن النادرة والسكانديوم والإتريوم في العالم. وفي العام نفسه، كانت «المعادن النادرة والسكانديوم والإتريوم» في المرتبة الـ3812 من حيث أكثر المنتجات تصديراً في روسيا.

أما الوجهة الرئيسية لصادرات المعادن النادرة والسكانديوم والإتريوم من روسيا فكانت: تركيا وكازاخستان واليابان والصين.

وكانت أسرع سوقين نمواً في استيراد المعادن النادرة والسكانديوم والإتريوم من روسيا بين عامي 2022 و2023 هما تركيا واليابان.

الواردات

في عام 2023، احتلت روسيا المركز الـ12 بين أكبر مستوردي المعادن النادرة والسكانديوم والإتريوم في العالم. وفي العام نفسه، كانت «المعادن النادرة والسكانديوم والإتريوم» المنتج رقم 2675 الأعلى استيراداً إلى روسيا.

تستورد روسيا أنواعاً من المعادن النادرة والسكانديوم والإتريوم بشكل أساسي من الصين، وتايبيه الصينية، وتركيا، وكازاخستان.


مقالات ذات صلة

الخريف: دقة المعلومات ركيزة أساسية لنجاح الاستثمارات الصناعية في السعودية

الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف (الشرق الأوسط)

الخريف: دقة المعلومات ركيزة أساسية لنجاح الاستثمارات الصناعية في السعودية

أكد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف أن المملكة تمتلك كل مصادر المعلومات التي تُمكّن متخذي القرار من اتخاذ القرارات السليمة في الوقت المناسب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير 2025 (أ.ب) play-circle 03:44

ترمب يمارس ضغوطاً على زيلينسكي لتوقيع اتفاقية المعادن

يمارس الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضغوطاً متزايدة على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لتوقيع اتفاق بشأن المواد الخام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير المالية الأوكراني سيرغي مارشينكو (حسابه على منصة «إكس») play-circle

كييف: نحرز تقدماً في اتفاقية المعادن مع واشنطن

قال وزير المالية الأوكراني سيرغي مارشينكو إن كييف وواشنطن أحرزتا تقدماً في اتفاقية المعادن لكن من غير المرجح التوصل إلى اتفاق نهائي خلال الأسبوع الجاري.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس التنفيذي لـ«معادن» بوب ويلت خلال الإعلان عن الهوية المؤسسية الجديدة للشركة (الموقع الرسمي لشركة معادن)

«معادن» السعودية تطلق هويتها الجديدة تحت شعار «نستكشف الغد»

أعلنت شركة التعدين العربية السعودية «معادن»، كبرى شركات التعدين متعددة السلع بالشرق الأوسط، هويتها المؤسسية الجديدة معلِنة بدء فصل طموح في مسيرتها الجديدة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ ماسك وإلى جانبه روبوت أوبتيموس الشبيه بالبشر (أرشيفية)

ماسك: تأثر إنتاج الروبوتات الشبيهة بالبشر بقيود الصين على المعادن النادرة

قال إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إن إنتاج روبوتات أوبتيموس الشبيهة بالبشر تأثر بالقيود التي فرضتها الصين على المغانط المصنوعة من العناصر الأرضية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رئيس «طيران الإمارات»: متفائل بمستقبل القطاع... وفتح الأجواء السورية يُعزز آفاق الحركة الجوية

الشيخ أحمد بن سعيد خلال المؤتمر الصحافي في معرض «سوق السفر العربي» (إ.ب.أ)
الشيخ أحمد بن سعيد خلال المؤتمر الصحافي في معرض «سوق السفر العربي» (إ.ب.أ)
TT

رئيس «طيران الإمارات»: متفائل بمستقبل القطاع... وفتح الأجواء السورية يُعزز آفاق الحركة الجوية

الشيخ أحمد بن سعيد خلال المؤتمر الصحافي في معرض «سوق السفر العربي» (إ.ب.أ)
الشيخ أحمد بن سعيد خلال المؤتمر الصحافي في معرض «سوق السفر العربي» (إ.ب.أ)

شدَّد الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، الرئيس الأعلى والرئيس التنفيذي لـ«طيران الإمارات» والمجموعة، عن تفاؤله بمستقبل قطاع الطيران خلال عام 2025 وما بعده، مؤكداً أن التحديات العالمية مستمرة، لكنها لن توقف خطط التوسع والنمو، في إشارة إلى تأثير التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وأشار الشيخ أحمد بن سعيد إلى أن فتح المجال الجوي السوري أمام الحركة الجوية يُمثل خطوة إيجابية ستُسهم في تحسين مسارات الرحلات، وتقليل مدة التشغيل لشركات الطيران، ومنها «طيران الإمارات».

وفي تصريحات صحافية على هامش فعاليات معرض «سوق السفر العربي»، قال الشيخ أحمد بن سعيد إن العالم لن يخلو من التحديات، مشيراً إلى التغيرات السياسية والأحداث العالمية مثلما حدث مؤخراً في إسبانيا والبرتغال وفرنسا من انقطاع الكهرباء، ما يفرض على الشركات اتخاذ إجراءات احترازية للتعامل مع المتغيرات.

وأضاف: «أنا متفائل عموماً بمستقبل القطاع خلال 2025 و2026، رغم التحديات. التعامل مع التعريفات أو الأوضاع التشغيلية يجب أن يكون مبنياً على تطورات واقعية وليس على توقعات مبكرة، ونحن دائماً نعمل بخطط مدروسة للتعامل مع أي مستجدات».

خطط تسليمات الطائرات

وأكد الرئيس الأعلى والرئيس التنفيذي لـ«طيران الإمارات» أن الشركة تسلّمت بالفعل 4 طائرات من طراز «إيرباص A350»، مشيراً إلى أن الشركة تُخطط لتسلم بين 15 و18 طائرة من الطراز نفسه بحلول نهاية العام الحالي.

وقال: «الوجهات المخصصة لهذه الطائرات قد أُعلن عنها، والخطة التوسعية تستهدف رفع عدد المقاعد في الدرجة السياحية الخاصة بشكل كبير. وحالياً، نخطط لرفع الطاقة الاستيعابية في هذه الدرجة من مليوني مقعد إلى 4 ملايين بحلول 2026»، موضحاً أن الولايات المتحدة الأميركية تستحوذ على الحصة الأكبر من المقاعد، تليها أستراليا ونيوزيلندا وأوروبا وعدد من الوجهات الأخرى.

توقيع طلبيات جديدة في معرض الطيران

وحول احتمالية إعلان «طيران الإمارات» عن طلبات طائرات جديدة خلال المعرض، قال: «من الممكن ذلك، ولكن القرار يعتمد على ظروف السوق. نحن في تواصل دائم مع المصنعين، ولن نتوقف عن دراسة الخيارات المتاحة».

فتح الأجواء السورية

وعن وجهة نظره في فتح المجال الجوي السوري والحركة بين الإمارات وسوريا، قال الشيخ أحمد بن سعيد: «القرار اتُّخذ بين حكومة البلدين، ولكن تفعيل الرحلات يعتمد على استكمال الاستعدادات المتعلقة بسلامة وأمن المطارات، وأيضاً بتأمين التغطية التأمينية المطلوبة»، مؤكداً أن فتح الأجواء سيوفر وقتاً وتكلفة على شركات الطيران، ما سيسهم في تحسين كفاءة التشغيل.

شراء طائرات «بوينغ» المخصصة للصين

وعن إمكانية شراء طائرات «بوينغ» كانت مخصصة للصين، أوضح الشيخ أحمد أن المسألة ليست بالسهولة المتوقعة؛ نظراً لأن تجهيزات الطائرات مصممة خصيصاً للسوق الصينية، ما يتطلب تعديلات مكلفة. وأضاف: «في هذه الحالة، قد يكون من الأفضل شراء طائرات جديدة بدلاً من تحمل تكلفة إعادة تجهيز الطائرات».

نتائج مالية إيجابية

وكشف الرئيس الأعلى والرئيس التنفيذي لـ«طيران الإمارات» والمجموعة أن نتائج السنة المالية المنتهية ستكون أفضل من العام السابق مع تحقيق نمو مزدوج في الأرباح، مشيراً إلى أن الظروف ساعدت في ذلك، خصوصاً من ناحية انخفاض أسعار الوقود وتحسن أداء الشحن الجوي.

وأوضح أن «طيران الإمارات» تتعامل بشكل يومي مع تقلبات أسعار الصرف، عبر فريق متخصص من القسم المالي، عاداً المرونة في التعامل مع هذه التغيرات ضرورية للحفاظ على استقرار العمليات.

وفيما يتعلّق بالشراكات التي وقعتها المجموعة، قال الشيخ أحمد: «كثير من الاتفاقات التجارية التي أبرمت مؤخراً كان لها أثر إيجابي على تنوع الوجهات وخدمة المسافرين، وننظر دائماً إلى هذه الشراكات بوصفها جزءاً من خطتنا لدعم نمو الشبكة».

تحديات تسليمات الطائرات وتأثيرها على الخطط

وحول التأخير في تسليم الطائرات، خصوصاً لطيران «فلاي دبي»، أشار إلى أن الشركة تتوقع تسلم نحو 12 طائرة جديدة بنهاية العام الحالي، مشدداً على أهمية استمرار تسلم الطائرات الجديدة لدعم خطط التوسع المستقبلي.

وفي ختام تصريحاته، أكد أن مراجعة خطط الأساطيل تتم بشكل مستمر وفقاً لاحتياجات السوق والتطورات الاقتصادية، مع الحفاظ على خطط تحديث وصيانة الطائرات لضمان كفاءة العمليات واستمرارية النمو.