أدنى مستوى لحيازات الصين من سندات الخزانة الأميركية منذ 2009

أشخاص يسيرون بالقرب من ملصقات ترويجية لفيلم صيني (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من ملصقات ترويجية لفيلم صيني (رويترز)
TT

أدنى مستوى لحيازات الصين من سندات الخزانة الأميركية منذ 2009

أشخاص يسيرون بالقرب من ملصقات ترويجية لفيلم صيني (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من ملصقات ترويجية لفيلم صيني (رويترز)

انخفضت حيازات الصين من سندات الخزانة الأميركية إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2009، حيث تحتفظ بكين بالمزيد من سندات الحكومة الأميركية من خلال حسابات أقل أهمية وتنويع استثماراتها في الأصول البديلة.

فقد أظهرت البيانات التي نشرتها وزارة الخزانة الأميركية يوم الثلاثاء أن قيمة الديون السيادية الأميركية التي يحتفظ بها المستثمرون الصينيون انخفضت بمقدار 57 مليار دولار لتصل إلى 759 مليار دولار في عام 2024. ولا يشمل ذلك سندات الخزانة المملوكة للصين والمودعة في حسابات في دول أخرى، وفق صحيفة «فاينانشال تايمز».

ويقول محللون إن هذا التغيير يعكس جزئياً رغبة الصين في تنويع احتياطياتها الأجنبية من خلال شراء أصول مثل الذهب. لكنهم يضيفون أن بكين تسعى إلى إخفاء الحجم الحقيقي لحيازاتها من سندات الخزانة من خلال تحويلها إلى حسابات وديعة مسجلة في أماكن أخرى.

وقال براد سيتسر، وهو زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية ومسؤول سابق في وزارة الخزانة الأميركية: «اتخذت الصين قراراً في عام 2010 تقريباً بأن الاحتفاظ بسندات الخزانة يمثل خطراً، فقد بدا الأمر سيئاً من الناحية البصرية أن الكثير من ثروة الصين في أيدي منافس جيوسياسي».

وأضاف أن الانخفاض في حيازات الصين من المرجح أن يكون مبالغاً فيه بسبب نقل بعض الأصول إلى جهات إيداع الأوراق المالية مثل «يوروكلير» ومقرها بلجيكا، و«كليرستريم» ومقرها لوكسمبورغ، مما يعزز حيازات تلك الدول في البيانات الرسمية.

وقال: «لقد أصبح من الصعب بمرور الوقت تتبع ما تفعله الصين وكيف تؤثر التدفقات الصينية على الأسواق العالمية».

تتم مراقبة التحولات في الملكية الأجنبية لسندات الخزانة عن كثب نظراً لحاجة الحكومة الأميركية إلى تمويل عجز كبير في موازنتها في وقت يقلل فيه مصرفها المركزي من حيازاته من الديون الحكومية.

وقد انخفضت حيازات الصين من سندات الخزانة بنحو 550 مليار دولار منذ أن بلغت ذروتها في عام 2011. وارتفعت حيازات المملكة المتحدة بمقدار 34.2 مليار دولار في عام 2024، بينما زادت الحيازات البلجيكية بمقدار 60.2 مليار دولار، وارتفعت حيازات لوكسمبورغ بمقدار 84 مليار دولار. ولا تزال اليابان أكبر حائز بأكثر من تريليون دولار.

وقال شخص مطلع على إدارة الاحتياطيات الأجنبية للصين: «ليست كل سندات الخزانة الأميركية التي تحتفظ بها الصين مستضافة مباشرة في المؤسسات الأميركية». وأضاف أن بكين تحتفظ بجزء من أصولها الاحتياطية من خلال كيانات مثل «يوروكلير» أو «كليرستريم» بغرض تنويع المخاطر.

وأضاف هذا الشخص: «ومع ذلك، فإن إجمالي حيازات الصين من سندات الخزانة الأميركية ستنخفض ببطء، وهذا الاتجاه واضح، حيث تواصل الصين تنويع أصولها الاحتياطية».

وقال مارك سوبل، الرئيس الأميركي لمنتدى المؤسسات النقدية والمالية الرسمية، إن بنك الشعب الصيني يزيد من انكشافه على الأصول الأخرى مثل الذهب، الذي يُنظر إليه عادةً على أنه ملاذ في أوقات الضغوط الاقتصادية والسوقية.

وقد قفز سعر السبائك بنحو 12 في المائة هذا العام حتى الآن، في إشارة إلى زيادة الطلب بين كبار المشترين. أظهرت البيانات الصادرة عن مجلس الذهب العالمي أن الصين كانت ثالث أكبر مشترٍ للذهب في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2024، مضيفة 15.24 طن إلى احتياطياتها.

ومع ذلك، في حين أن حيازات بنك الشعب الصيني من الذهب قفزت بنسبة 13 في المائة خلال العامين الماضيين، فإن السبائك لا تزال تمثل جزءاً صغيراً نسبياً من إجمالي احتياطيات المصرف المركزي.

وقال سوبل إن الانخفاض في حيازات سندات الخزانة لا يعني بالضرورة أن الصين تبيع الأصول الدولارية بشكل عام. ويقول بعض المحللين إن الصين كانت تزيد من مشترياتها من الديون الأميركية الآمنة الأخرى مثل سندات الوكالة. وتعكس التغيرات في قيمة حيازات الخزانة الصينية أيضاً التقلبات في القيمة السوقية للسندات.

وأضاف سوبل: «لا أعرف ما إذا كانوا قد خفضوا إجمالي حيازاتهم الدولارية بشكل عام، ولكن من المؤكد أنهم يستثمرون في مجموعة أوسع من الأدوات من خلال أدوات مختلفة».

وأوضح المحللون أن القفزة في حيازات المملكة المتحدة من سندات الخزانة كانت مدفوعة بتدفق الأموال من صناديق الثروة السيادية الأجنبية والعائلات الثرية وصناديق التحوط عبر لندن، في حين أن ديناميكية مماثلة كانت تلعب دوراً في بلجيكا.

وقال آندي برينر، رئيس قسم الدخل الثابت الدولي في شركة «نيت آليانس»، إنه بالنظر إلى أن العوائد على سندات الخزانة البريطانية أعلى من تلك التي على سندات الخزانة، فمن غير المرجح أن يكون مشتري سندات الخزانة في المملكة المتحدة مستثمرين بريطانيين، بل «يتعلق الأمر بأموال أجنبية (بما في ذلك) أموال الشرق الأوسط».

ولفت سيتسر إلى أن صناديق التحوط تحتفظ على الأرجح بسندات الخزانة الأميركية في المملكة المتحدة بوصفها جزءاً مما يسمى تجارة الأساس، وهي استراتيجية عالية الاستدانة تشتري فيها الصناديق السندات الأميركية وتبيع العقود الآجلة للاستفادة من فروق الأسعار الصغيرة.


مقالات ذات صلة

عائدات سندات اليورو تسجل أكبر تراجع أسبوعي منذ نوفمبر

الاقتصاد علم الاتحاد الأوروبي على أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

عائدات سندات اليورو تسجل أكبر تراجع أسبوعي منذ نوفمبر

سجلت عائدات السندات في منطقة اليورو أكبر تراجع أسبوعي لها منذ نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث يقيّم المستثمرون المخاطر المرتبطة بالرسوم الجمركية وتباطؤ الاقتصاد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سيارة شرطة متوقفة أمام مبنى بلدية إسطنبول الكبرى (أ.ف.ب)

انخفاض حاد للسندات التركية... والأسهم الممتازة في أسوأ أداء يومي منذ 2023

تراجعت العملة والأسهم والسندات في تركيا يوم الأربعاء، بعد أن اعتقلت السلطات الخصم السياسي الرئيسي للرئيس رجب طيب إردوغان بتهم من بينها الفساد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

مع زيادة الإنفاق الألماني... عوائد سندات اليورو تقترب من أعلى مستوياتها

اقتربت عوائد سندات منطقة اليورو، يوم الأربعاء، من أعلى مستوياتها في عدة أشهر، وذلك عقب موافقة البرلمان الألماني على زيادة ضخمة في الإنفاق العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متعامل في بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ف.ب)

لتجاوز «عاصفة» السوق... المستثمرون يضخّون 22 مليار دولار في الديون الأميركية قصيرة الأجل

ضخّ المستثمرون 22 مليار دولار في الديون الحكومية الأميركية قصيرة الأجل، بعدما أدت المخاوف بشأن الرسوم الجمركية إلى سباق على أصول الملاذ الآمن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تُعرض بيانات السوق على جزء من لوحة إلكترونية في بورصة تل أبيب (أرشيفية - رويترز)

تراجع الشيقل والسندات والأسهم الإسرائيلية مع تهديد انهيار الهدنة في غزة

شهدت العملة الإسرائيلية تراجعاً ملحوظاً إلى جانب سنداتها وسوق الأسهم بعد تهديد موجة من الغارات الجوية التي شنها الجيش الإسرائيلي في غزة بإنهاء الهدنة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب )

ألمانيا تنهي عقود التقشف... «البوندسرات» يوافق على خطة الإنفاق الضخمة

جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)
جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)
TT

ألمانيا تنهي عقود التقشف... «البوندسرات» يوافق على خطة الإنفاق الضخمة

جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)
جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)

وافق المجلس الاتحادي الألماني (البوندسرات) يوم الجمعة على خطة إنفاق ضخمة تهدف إلى إنعاش النمو في أكبر اقتصاد في أوروبا وتعزيز الجيش، متجاوزاً العقبة الأخيرة في مسار التحول السياسي التاريخي.

وتنهي التشريعات الجديدة عقوداً من المحافظة المالية في ألمانيا؛ إذ أنشأت صندوقاً بقيمة 500 مليار يورو (546 مليار دولار) لتمويل مشاريع البنية التحتية، مع تخفيف القواعد الصارمة للاقتراض للسماح بزيادة الإنفاق على الدفاع، وفق «رويترز».

ونجح الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي، اللذان يجريان محادثات ائتلافية بعد انتخابات الشهر الماضي، في تمرير الحزمة في البرلمان المنتهية ولايته لتجنب معارضة المشرعين من أقصى اليسار واليمين في «البوندستاغ» الجديد الذي يبدأ عمله في 25 مارس (آذار).

ودافع الزعيم المقبل، فريدريش مرتس، عن الجدول الزمني الضيق الذي أغضب الأحزاب المعارضة المتطرفة، بالإشارة إلى الوضع الجيوسياسي المتغير بسرعة.

ويخشى قادة الاتحاد الأوروبي من أن التحولات في السياسة الأميركية تحت إدارة الرئيس دونالد ترمب قد تعرض القارة لهجوم متزايد من روسيا والصين المتزايدتين قوة.

وقال ماركوس سويدير، رئيس وزراء بافاريا: «التهديد من الشرق، من موسكو، لا يزال قائماً، في حين أن الدعم من الغرب لم يعد كما اعتدنا عليه». وأضاف: «العلاقة مع الولايات المتحدة قد اهتزت عميقاً بالنسبة لي ولعديد من الآخرين. الألمان قلقون».

«خطة مارشال» الألمانية

تشكل هذه الإصلاحات تراجعاً كبيراً عن «قاعدة الديون» التي تم فرضها بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، والتي تعرضت لانتقادات عديدة باعتبارها قديمة وتضع ألمانيا في قيد مالي.

وقال رئيس بلدية برلين، كاي فيغنر: «دعونا نكن صرحاء: ألمانيا قد أُهملت جزئياً على مر العقود». وأضاف: «لقد تم إدارة بنيتنا التحتية في السنوات الأخيرة أكثر من أن يتم تطويرها بشكل فعّال».

ووصف سويدير الحزمة بأنها «خطة مارشال»، في إشارة إلى المساعدات الاقتصادية الأميركية التي ساعدت في إنعاش الاقتصاد الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية.

ومع ذلك، يرى الاقتصاديون أن الأمر سيستغرق وقتاً قبل أن تبدأ التحفيزات في التأثير إيجابياً على الاقتصاد الذي انكمش على مدى عامين متتاليين.

وقال الاقتصادي في بنك «بيرنبرغ»، سالومون فيدلر: «ربما يستغرق الأمر حتى منتصف العام قبل أن تتمكن الحكومة الجديدة من تمرير موازنة عادية لعام 2025». وأضاف أنه لن يكون قبل وقت لاحق من هذا العام حتى يبدأ الإنفاق الجديد في التأثير بشكل فعلي.

انطلاقة قوية لمرتس؟

تمنح موافقة البرلمان على التشريعات مرتس الذي فاز حزبه في الانتخابات الشهر الماضي، انتصاراً كبيراً قبل أن يؤدي اليمين مستشاراً. ومع ذلك، فقد كلفه ذلك بعض الدعم؛ إذ وعد مرتس خلال حملته الانتخابية بعدم فتح صنابير الإنفاق بشكل فوري، ليعلن بعدها بفترة قصيرة عن تحول كبير في السياسة المالية.

واتهمه البعض، بما في ذلك داخل معسكره، بأنه خدع الناخبين. وأظهر استطلاع للرأي أجرته قناة «زد دي إف» يوم الجمعة أن 73 في المائة من المشاركين يشعرون بالخذلان منه، بما في ذلك 44 في المائة من ناخبي الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي.

وأظهر الاستطلاع أيضاً انخفاض دعم الحزب إلى 27 في المائة، في حين ارتفع دعم حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف إلى 22 في المائة.

وقال مرتس يوم الجمعة إنه يشعر بالقلق من هذه الاتهامات، لكنه فهمها إلى حدٍّ ما، مشيراً إلى أنه كان عليه أن يتصرف بسرعة بسبب التغيرات التي طرأت على السياسة الأميركية.

وأضاف في حدث في فرنكفورت: «أعلم أنني قد استنفدت مصداقيتي بشكل كبير، بما في ذلك مصداقيتي الشخصية».