القطاع الخاص السعودي يختتم عام 2024 بأقوى نمو في المبيعات

توقعات بزيادة الناتج المحلي غير النفطي بأكثر من 4 % خلال 2025

العاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)
العاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)
TT

القطاع الخاص السعودي يختتم عام 2024 بأقوى نمو في المبيعات

العاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)
العاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)

شهد القطاع الخاص غير النفطي في السعودية نهاية قوية لعام 2024، حيث ازدادت المبيعات والنشاط التجاري بشكل ملحوظ، بدعم من الطلب المرتفع داخلياً وخارجياً. ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بأكثر من 4 في المائة في عامي 2024 و2025 مدفوعاً بتحسن كبير في ظروف الأعمال، وفق ما جاء في تقرير مؤشر مديري المشتريات الصادر عن بنك الرياض.

ورغم تحديات التضخم، سجل مؤشر مديري المشتريات الصادر عن بنك الرياض 58.4 نقطة في ديسمبر (كانون الأول)، ما يعكس انتعاشاً اقتصادياً قوياً ومتسارعاً، رغم تراجعه الطفيف عن مستوى 59.0 نقطة الذي سجله في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه.

هذا الأداء الجيد يعكس تحسناً في مجمل القطاعات غير النفطية، حيث لوحظت زيادة ملحوظة في حجم الأعمال الجديدة في شهر ديسمبر، وهي الأسرع في 12 شهراً، مما يعكس زيادة في الطلبين المحلي والعالمي.

وقد ساعدت جهود التسويق المتجددة، بالإضافة إلى الطلب القوي من العملاء، في تحفيز الشركات على زيادة إنتاجها وتوسيع عملياتها، لا سيما في مجالات الجملة والتجزئة.

والجدير بالذكر أن المؤشر ظل فوق المستوى المحايد 50.0 نقطة منذ سبتمبر (أيلول) من عام 2020، ما يعكس توسعاً مستمراً في النشاط الاقتصادي غير النفطي في السعودية.

وكان صندوق النقد الدولي توقع في وقت سابق استمرار زخم الإصلاحات غير النفطية في المملكة، وأن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في العام الحالي بين 3.9 و4.4 في المئة، مع إمكانية زيادته إلى 8 في المائة في حال تنفيذ استراتيجية الإصلاحات بشكل كامل.

التوسع في الأسواق الخارجية

وتعد زيادة الصادرات أحد أبرز العوامل التي أسهمت في تحفيز الاقتصاد غير النفطي في السعودية، حيث شهد القطاع قفزة في طلبات التصدير الجديدة.

وحسب بيانات الدراسة، كانت زيادة طلبات التصدير في ديسمبر الماضي هي الأكبر منذ 17 شهراً، وهو ما يبرز نجاح السياسات السعودية في فتح أسواق جديدة، وتطوير علاقات تجارية دولية قوية، بما في ذلك الابتكارات المستمرة في المنتجات.

وعزز التحسن في الطلبين المحلي والدولي من مستوى الإنتاج، حيث شهدت الشركات زيادة ملحوظة في إنتاجها في ديسمبر، بما يتماشى مع توقعات زيادة الطاقة الإنتاجية.

وكانت الشركات في سعي مستمر لتحسين قدرتها التشغيلية، وهو ما ساعد على زيادة المخزون بشكل ملحوظ، حيث تسارع معدل المشتريات إلى أعلى مستوى له في تسعة أشهر. وأظهرت هذه التحسينات قدرة القطاع على تلبية الطلب الزائد بفاعلية.

ضغوط تكاليف الإنتاج

ورغم التحسن الكبير في الإنتاج والمبيعات، فإنه لا يزال القطاع يواجه تحديات مرتبطة بالتضخم الحاد في تكاليف مستلزمات الإنتاج، خاصة مع ارتفاع الطلب على المواد الأولية. وقد أسهمت هذه الضغوط في زيادة أسعار المنتجات، رغم أن بعض الشركات اختارت خفض الأسعار للحد من تأثيرات المنافسة القوية ومستويات المخزون المرتفعة. من جانب آخر، وعلى الرغم من ارتفاع تكاليف المواد، كانت الزيادة في تكاليف الأجور أقل حدة، وهو ما ساعد على تخفيف الضغوط الاقتصادية المرتبطة بالرواتب.

الآفاق المستقبلية

وقال الخبير الاقتصادي الأول في «بنك الرياض»، الدكتور نايف الغيث، إن القطاع الخاص غير المنتج للنفط في المملكة اختتم عام 2024 على نحو إيجابي، مما يعكس الخطوات الناجحة التي تحققت في إطار «رؤية 2030»، وإن تسجيل مؤشر مديري المشتريات 58.4 نقطة يؤكد على مرونة القطاع وتوسعه.

وتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير المنتج للنفط بأكثر من 4 في المائة في عامي 2024 و2025 مدفوعاً بتحسن كبير في ظروف الأعمال. وقد عزز ارتفاع الطلبات الجديدة هذا النمو، مما يشير إلى زيادة ثقة السوق وارتفاع الطلب. ويأتي هذا الارتفاع مدعوماً بالطلب المحلي المرتفع وزيادة الصادرات، مما ساعد على ارتفاع إجمالي حجم المبيعات إلى أعلى مستوياته في عام. ونتيجة لذلك، شهد النشاط التجاري وحجم المخزون ارتفاعات قوية، مما يعكس قدرة القطاع على تلبية الطلب الزائد والاستفادة منه.

وأكمل الغيث: «رغم وجود تحديات مثل التضخم الحاد في التكاليف بسبب الطلب القوي على مستلزمات الإنتاج، فقد تمكن القطاع من التعامل مع هذه الضغوط بشكل ناجح، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن الشهر الماضي شهد زيادة ملحوظة في تكاليف المواد، مما أدى لارتفاع التضخم في مستلزمات الإنتاج، فإنه قد ارتفعت تكاليف الأجور بوتيرة أقل حدة، وساعد هذا التوازن على تخفيف ضغوط الرواتب».

وأضاف أن هذا الأداء القوي للقطاع الخاص غير المنتج للنفط في المملكة بنهاية عام 2024 يسلط الضوء على نجاح «رؤية 2030» في توجيه الاقتصاد نحو التنويع والمرونة، وفي ظل التوقعات باستمرار زيادة الناتج المحلي الإجمالي غير المنتج للنفط، فإن القطاع في وضع جيد يؤهله للمساهمة بشكل كبير في الأهداف الاقتصادية طويلة الأجل للمملكة.


مقالات ذات صلة

الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

الاقتصاد وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)

الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر ارتفاع أعداد المسافرين 15 في المائة عام 2024 لتصل إلى أكثر من 128 مليون مسافر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

«ستاندرد آند بورز» تتوقع تأثيراً محدوداً لزيادة أسعار الديزل على كبرى الشركات السعودية

قالت وكالة «ستاندرد آند بورز» العالمية للتصنيف الائتماني إن زيادة أسعار وقود الديزل في السعودية ستؤدي إلى زيادة هامشية في تكاليف الإنتاج للشركات الكبرى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رجل يستخدم جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به بجوار شعارات «لينوفو» خلال مؤتمر الهاتف المحمول العالمي في برشلونة (رويترز)

«لينوفو» تبدأ إنتاج ملايين الحواسيب والخوادم من مصنعها في السعودية خلال 2026

أعلنت مجموعة «لينوفو المحدودة» أنها ستبدأ إنتاج ملايين الحواسيب الشخصية والخوادم من مصنعها بالسعودية خلال 2026.

الاقتصاد أحد المصانع التابعة لشركة التعدين العربية السعودية (معادن) (الشرق الأوسط)

الإنتاج الصناعي في السعودية يرتفع 3.4 % في نوفمبر مدفوعاً بنمو نشاط التعدين

واصل الإنتاج الصناعي في السعودية ارتفاعه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مدعوماً بنمو أنشطة التعدين والصناعات التحويلية، وفي ظل زيادة للإنتاج النفطي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».