قوة الدولار تضغط على الأسواق العالمية

موظف بنك يعد أوراق الدولار الأميركي بأحد الفروع في هانوي (رويترز)
موظف بنك يعد أوراق الدولار الأميركي بأحد الفروع في هانوي (رويترز)
TT

قوة الدولار تضغط على الأسواق العالمية

موظف بنك يعد أوراق الدولار الأميركي بأحد الفروع في هانوي (رويترز)
موظف بنك يعد أوراق الدولار الأميركي بأحد الفروع في هانوي (رويترز)

ارتفع الدولار الأميركي بالقرب من أعلى مستوى له في عامين مقابل مجموعة من العملات، يوم الجمعة، مع استمرار الرهان من قبل المستثمرين على أن الفجوة بين النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة وبقية العالم ستتسع. في المقابل، تكبدت الأسهم الصينية أكبر انخفاض أسبوعي لها منذ عام 2022.

وحقق مؤشر الدولار، الذي يتتبع أداء العملة الأميركية مقابل سلة من 6 عملات رئيسية، أعلى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2022. في حين انخفض اليورو إلى 1.02248 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2022، كما وصل الجنيه الإسترليني والين الياباني إلى أدنى مستوياتهما في أشهر عدة. ورغم أن اليورو شهد بعض الاستقرار عند 1.0280 دولار، والجنيه الإسترليني عند 1.2392 دولار، فإن قوة الدولار استمرَّت في الهيمنة على الأسواق، وفق «رويترز».

وقد استفاد الدولار من استمرار التفاؤل بشأن السياسات الاقتصادية للرئيس المنتخب دونالد ترمب، حيث راهن المستثمرون على أن سياساته ستعزز النمو والتضخم؛ مما يعني تقليص احتمالات خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» وزيادة العوائد على سندات الخزانة الأميركية، في الوقت الذي تواصل فيه البنوك المركزية الأوروبية خفض أسعار الفائدة. ورغم تراجع عوائد سندات الخزانة الأميركية عن مستوياتها المرتفعة في أواخر ديسمبر (كانون الأول)، حيث بلغ العائد القياسي لسندات الخزانة لأجل 10 سنوات 4.549 في المائة، فإن الدولار استمرَّ في الارتفاع مدفوعاً بمخاوف النمو الاقتصادي في أماكن أخرى.

وقال فرنسيسكو بيسول، محلل العملات في «آي إن جي»: «بعيداً عن تداعيات الحمائية الأميركية المرتقبة في ظل إدارة ترمب، نعتقد أن الضغوط تزيد بسبب ارتفاع أسعار الغاز؛ نتيجة إغلاق خط الأنابيب في أوكرانيا». وأضاف: «كان الجنيه الإسترليني الأكثر تضرراً يوم أمس، وربما لا يكون من قبيل المصادفة أن الجنيه الإسترليني هو الأكثر ارتباطاً سلباً بأسعار الغاز بين عملات مجموعة العشرة».

وشهدت أسعار الغاز بالجملة في أوروبا ارتفاعاً ملحوظاً، حيث سجَّلت أعلى مستوياتها في أكثر من عام، بفعل انخفاض درجات الحرارة، وتراجُع مستويات الغاز المخزنة، فضلاً عن انتهاء صفقة طويلة الأمد بين روسيا وأوروبا لتوريد الغاز عبر أوكرانيا. وأضافت هذه العوامل مزيداً من الضغوط على الأسهم الأوروبية، التي تراجعت بنسبة 0.3 في المائة يوم الجمعة، مما عكس بعض المكاسب التي حققتها في اليوم السابق، رغم الارتفاع الطفيف لأسهم النفط والغاز.

وكان انخفاض الأسهم الأوروبية جزئياً؛ نتيجة لتعويض التراجع الذي شهدته أسواق الأسهم الأميركية، يوم الخميس، حيث أغلقت المؤشرات الرئيسية على انخفاض واسع النطاق، وتراجعت أسهم «تسلا» بنسبة 6.1 في المائة بعد إعلان أول انخفاض سنوي في عمليات تسليم السيارات. ومع ذلك، ارتفعت العقود الآجلة لمؤشرَي «ستاندرد آند بورز»، و«ناسداك» بنحو 0.4 في المائة، يوم الجمعة.

من جهته، قال بن بينيت، استراتيجي الاستثمار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في «ليغال آند جنرال إنفستمنت مانجمنت»: «كانت بداية العام صعبة للأسواق، لكن في مثل هذه الأوقات يمكن أن تحدث تغييرات غير متوقعة في الأسواق غير السائلة». وأضاف: «على الرغم من ذلك، فإنه من المتوقع أن تؤثر قوة الدولار وارتفاع عوائد السندات في معنويات الأسواق، ويأمل مستثمرو الأسهم أن يتغير هذا قريباً».

مخاوف النمو في الصين تؤثر على الأسواق

على صعيد آخر، تتصدر مخاوف النمو في الصين اهتمامات المستثمرين، حيث تراجع مؤشر الأسهم القيادية في البلاد بنسبة 5.2 في المائة هذا الأسبوع، وهو أكبر انخفاض أسبوعي له منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022. وفي السياق ذاته، انخفض اليوان الصيني إلى ما دون المستوى الفني 7.3 لكل دولار، مسجلاً أدنى مستوى له في 14 شهراً؛ بسبب تراجع العوائد الصينية، وتوقعات خفض أسعار الفائدة في مواجهة قوة الدولار الأميركي، وتهديد الرسوم الجمركية المحتملة من إدارة ترمب المقبلة.

وشهدت العوائد على السندات الحكومية الصينية انخفاضاً حاداً، حيث تراجعت عوائد السندات لأجل 10 سنوات وأجل 30 عاماً بنحو 3 نقاط أساس لتسجل أدنى مستوياتها على الإطلاق. ورغم إعلان الصين زيادة حادة في التمويل من سندات الخزانة طويلة الأجل في عام 2025 لتحفيز الاستثمار وتعزيز الاستهلاك، فإن ذلك لم يكن له تأثير إيجابي في معنويات السوق.

وعلى الرغم من الاضطرابات السياسية في كوريا الجنوبية، فإن الأسهم هناك ارتفعت بعد 5 جلسات من التراجع، وذلك بعد تصريحات وزير المالية بالإنابة الذي أكد التزامه باستقرار الأسواق المالية في البلاد.


مقالات ذات صلة

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

الاقتصاد شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

تسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في ديسمبر، بينما انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة، مما يعكس قوة سوق العمل في نهاية العام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أوراق الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار الأميركي يرتفع مدعوماً بعائدات السندات

ارتفع الدولار الأميركي، يوم الخميس، مدعوماً بزيادة عائدات سندات الخزانة، مما أدى إلى ضغط كبير على الين الياباني والجنيه الإسترليني واليورو.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد شخص يَعرض دولارات أميركية بمتجر لصرف العملات في مانيلا بالفلبين (رويترز)

الدولار القوي يضغط على العملات الرئيسية وسط ارتفاع العوائد الأميركية

ظل الدولار قوياً، يوم الأربعاء، مع هبوط الين إلى مستويات لم يشهدها منذ نحو ستة أشهر؛ مدفوعاً ببيانات أميركية قوية دفعت العوائد إلى الارتفاع.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة )
الاقتصاد شخص يمشي أمام لوحة إلكترونية تعرض مؤشر «نيكي 225» الياباني في شركة أوراق مالية بطوكيو (أ.ب)

الأسهم الآسيوية تتراجع بفعل توقعات الفائدة الأميركية

تراجعت الأسهم الآسيوية يوم الأربعاء؛ حيث أبقى الدولار القوي الين واليوان واليورو بالقرب من أدنى مستوياتهما في عدة أشهر.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة الجنيه الإسترليني (رويترز)

الجنيه الإسترليني يرتفع لأعلى مستوى في أسبوع

ارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.25 في المائة إلى 1.2548 دولار، بعد أن وصل إلى 1.2562 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ 31 ديسمبر (كانون الأول).

«الشرق الأوسط» (لندن)

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».