«ستاندرد آند بورز»: ازدهار سوق العقارات السكنية بالسعودية يعكس الأسس القوية للنمو

أشارت إلى أن «رؤية 2030» تستهدف رفع معدل تملك المنازل إلى 70 % بدعم حكومي

العاصمة السعودية الرياض (الموقع الإلكتروني للهيئة الملكية لمدينة الرياض)
العاصمة السعودية الرياض (الموقع الإلكتروني للهيئة الملكية لمدينة الرياض)
TT

«ستاندرد آند بورز»: ازدهار سوق العقارات السكنية بالسعودية يعكس الأسس القوية للنمو

العاصمة السعودية الرياض (الموقع الإلكتروني للهيئة الملكية لمدينة الرياض)
العاصمة السعودية الرياض (الموقع الإلكتروني للهيئة الملكية لمدينة الرياض)

تشهد السوق العقارية السكنية في السعودية نمواً مزدهراً يعكس أساسيات النمو القوية ويستند إلى قاعدة سكانية شابة تزيد عن 35 مليون نسمة. ويستمر عدد الوحدات السكنية الجديدة وقروض الرهن العقاري في الارتفاع، بما يتماشى مع هدف البلاد بزيادة نسبة ملكية المنازل.

ووفق التقرير الصادر عن «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغز»، والذي حمل عنوان «العقارات السكنية في السعودية: السوق تشهد ازدهاراً»، فقد شهدت مدينتا الرياض وجدة ارتفاعاً في أسعار المبيعات السنوية بنسبتيْ 10 و5 في المائة على التوالي، خلال النصف الأول من عام 2024، وفقاً لتقرير «ديناميكيات سوق السعودية للنصف الأول من عام 2024»، الصادر عن شركة الاستشارات العقارية «جيه إل إل». كما ظلت العائدات الإيجارية مرتفعة، مسجلة نمواً سنوياً بنسبة 9 في المائة بالرياض، و4 في المائة بجدة.

وارتفع إجمالي عدد المعاملات العقارية عبر فئات الأصول بنسبة 38 في المائة، ليصل إلى أكثر من 106.7 ألف معاملة، خلال النصف الأول من عام 2024، في حين زادت قيمتها بنسبة 50 في المائة لتبلغ 127.3 مليار ريال (33.89 مليار دولار)، وفق تقرير «مراجعة سوق العقارات السكنية في السعودية - صيف 2024»، الصادر عن شركة «نايت فرنك» العالمية.

ومن منظور وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغز»، يُتوقع أن تبقى المؤشرات الاقتصادية في السعودية ونمو السكان قوية. وقامت الوكالة مؤخراً بمراجعة النظرة المستقبلية للتصنيفات السيادية للمملكة إلى إيجابية، بعد أن كانت مستقرة؛ انعكاساً للتوقعات القوية للنمو في القطاع غير النفطي ومرونة الاقتصاد أمام تقلبات أسعار النفط.

ويُتوقع أن يستمر الطلب على العقارات السكنية في الارتفاع، خصوصاً في الرياض وجدة؛ بفضل النمو السكاني القوي بمعدل 3.3 في المائة في المتوسط، خلال الفترة بين 2024 و2027، مدعوماً جزئياً بتدفقات العمالة الأجنبية.

ووفق التقرير، لم تشهد السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي تأثيراً كبيراً من الصراع في الشرق الأوسط، حيث بقيت عائدات الديون مستقرة، واستمرت تدفقات السياحة بقوة. ومع ذلك، إذا تصاعدت التوترات، فقد يكون هناك ارتفاع في علاوة المخاطر على الديون، وتراجع في السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر، وتدفقات رأس المال، إلى جانب ضغوط إضافية على الإنفاق الدفاعي.

عدد الرهون العقارية السكنية سيستمر في الارتفاع

وسيستمر الطلب على الرهون العقارية السكنية في النمو، بفضل تشكيل الأُسر الجديدة وانخفاض أسعار الفائدة. كما ستُواصل السعودية جهودها في مجال التحرير الاجتماعي والنمو الاقتصادي، بما يتماشى مع احتياجات وتطلعات الفئة السكانية الشابة التي تشكل نسبة كبيرة من السكان. ولهذا تتوقع الوكالة أن يظل تشكيل الأسر الجديدة في نمو مستمر، مع انتقال مزيد من العائلات السعودية الشابة إلى المدن الكبرى، بحثاً عن فرص العمل.

وتستهدف «رؤية 2030» تحقيق معدل تملُّك للمنازل يبلغ 70 في المائة بحلول عام 2030، والمملكة في طريقها لتحقيق هذا الهدف، حيث بلغ معدل التملك 63.7 في المائة بنهاية عام 2023، وفقاً لوزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان. كما تدعم الحكومة السعودية القطاع العقاري عبر عدة مبادرات مهمة؛ من أبرزها برنامج «سكني»، التابع للوزارة، الذي يسهم في تلبية الطلب على الرهون العقارية من المواطنين السعوديين، بالإضافة إلى صندوق التنمية العقارية الذي يوفر رهوناً عقارية دون فوائد، وبضمانات ميسَّرة.

وشهد الإقراض العقاري نمواً بنسبة 5.3 في المائة، خلال النصف الأول من عام 2024 حتى 30 يونيو (حزيران)، وهي النسبة نفسها التي سجلها العام الماضي. ومن المتوقع أن يتسارع هذا النمو مع استمرار انخفاض أسعار الفائدة.

وتتوقع الوكالة أن تنخفض أسعار الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس، بحلول نهاية عام 2025، بما في ذلك خفض بنسبة 50 نقطة أساس في سبتمبر (أيلول) 2024. ومن المرجح أن يساعد هذا الانخفاضُ في أسعار الفائدة البنوكَ على جمع الأموال من أسواق رأس المال الدولية بشكل أكثر كفاءة، وتصفية بعض الرهون العقارية من ميزانياتها العمومية بشكل أسرع. وهذا سيعزز قدرة البنوك على توسيع محفظتها الائتمانية. كما تتوقع أن يظل نمو الإقراض العقاري في حدود الـ9 في المائة، خلال الفترة من 2024 إلى 2025، مع تركيز الجزء الأكبر من هذا النمو على المشاريع الكبرى المرتبطة بـ«رؤية 2030».

السوق السعودية مليئة بالتحديات

يواجه قطاع العقارات السكنية في السعودية عدداً من التحديات؛ أبرزها ارتفاع تكاليف الأراضي والإنشاءات والمواد، بالإضافة إلى القيود المفروضة على القدرة الإنشائية، والمنافسة الشديدة على التمويل مع مشاريع «رؤية 2030» الأخرى. علاوة على ذلك، قد يواجه المطورون الجدد صعوبة في الوصول إلى سوق رأس المال الديناميكي والمتطور، وفق تقرير «ستاندرد آند بورز».

ومع ذلك يشهد المخزون الإجمالي من الوحدات السكنية نمواً مستمراً، ففي الرياض بلغ عدد الوحدات السكنية 1.5 مليون وحدة، بعد تسليم 16.2 ألف وحدة، خلال النصف الأول من عام 2024. أما في جدة فقد وصل عدد الوحدات إلى 891 ألف وحدة، بعد تسليم 11.3 ألف وحدة، وفقاً لتقرير ديناميكيات السوق من «جيه إل إل»، للنصف الأول من 2024. ومن المتوقع أن يرتفع العدد بمقدار 16 ألف وحدة إضافية في كلتا المدينتين، خلال النصف الثاني من العام. وستستمر الهجرة الداخلية إلى المدن الكبرى في تعزيز نقص العقارات بهذه المناطق، مما يسهم في استمرار الطلب القوي على الوحدات السكنية.

الاستثمار الأجنبي في العقار لا يزال محدوداً

تسعى السعودية لجذب 100 مليار دولار (نحو 375 مليار ريال) من الاستثمار الأجنبي المباشر ضمن «رؤية 2030»؛ أي ما يعادل نحو 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. ومع ذلك فإن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر السنوية لم تتجاوز متوسط 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على مدار السنوات الثلاث الماضية. ومن العوامل التي تحدُّ من تدفق هذه الاستثمارات، القوانين والأنظمة التي، على الرغم من الإصلاحات المستمرة، قد تظل معقدة ومرهِقة للمستثمرين الأجانب، وفق ما جاء في التقرير.

من جهة أخرى، يُعد تعزيز الاستثمارات الأجنبية بقطاع العقارات، خاصة في العقارات السكنية، طريقة سريعة نسبياً وبسيطة لزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر؛ بشرط أن تتمكن الحكومة وشركات العقارات من توفير الفرص المناسبة للمستثمرين الدوليين.

ومن الممكن أن تسهم إصلاحات سياسة التأشيرات والتغييرات التنظيمية في تسريع تدفق الاستثمار الأجنبي إلى قطاع العقارات.

وقالت محللة التصنيف الائتماني لدى «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغز»، سابنا جاغتياني: «نعتقد أن المؤشرات الاقتصادية ونمو السكان في السعودية سيظلان قويين، وأن تكوين الأسر الجديدة وتراجع معدلات الفائدة سيسهمان في دعم الطلب على الرهون العقارية السكنية». وأضافت جاغتياني: «نتوقع أن يظل الطلب على العقارات السكنية مرتفعاً، ولا سيما في الرياض وجدة؛ بفضل النمو السكاني القوي بمعدل 3.3 في المائة في المتوسط، خلال الفترة 2024-2027؛ مدفوعاً بالهجرة الداخلية وتدفقات الوافدين».


مقالات ذات صلة

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

عالم الاعمال «جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

مجموعة «جي إف إتش» المالية تعلن إطلاق «أوت لايف» (OUTLIVE)، وهي شركة عقارية مبتكرة تهدف إلى وضع معايير جديدة  للصحة والرفاهية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)
TT

السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)

تتجه السعودية إلى زيادة الوصول للمواد الأساسية، وتوفير التصنيع المحلي، وتعزيز الاستدامة، والمشاركة في سلاسل التوريد العالمية، وذلك بعد إعلان وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح، 9 صفقات جديدة، إلى جانب 25 اتفاقية أخرى، معظمها ما زالت تحت الدراسة ضمن «جسري» المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمي، مؤكداً أن هذه المبادرة «ليست سوى البداية».

جاء هذا الإعلان في كلمته خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد»، التي تُقام في مؤتمر الاستثمار العالمي الثامن والعشرين، الثلاثاء، في الرياض، بمشاركة أكثر من 100 دولة، قائلاً إن هذه الصفقات تمثّل خطوة مهمة نحو تحقيق هدف المملكة في بناء سلاسل إمداد أكثر مرونة وكفاءة.

وأكد أن البرنامج يعكس رؤية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الذي كان له الدور البارز في إطلاق هذه المبادرة قبل عامين، مشيراً إلى أن البرنامج هو جزء من الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، ويشمل عدة برامج حكومية داعمة، مثل برنامج تطوير الصناعة الوطنية واللوجيستيات (ندلب).

الطاقة الخضراء

وأضاف الفالح أن المملكة تسعى إلى تسهيل الوصول للمعادن الأساسية، وتشجيع التصنيع المحلي، وزيادة الوصول إلى أسواق الطاقة الخضراء العالمية.

وأوضح أن «التوريد الأخضر» هو جزء من المبادرة السعودية؛ إذ ستعزّز المملكة سلاسل الإمداد عبر الاستثمار في الطاقة المتجددة، لافتاً إلى أننا بصدد تطوير 100 فرصة استثمارية جديدة في 25 سلسلة قيمة تتضمّن مشروعات رائدة في مجالات، مثل: الطاقة الخضراء والذكاء الاصطناعي.

وحسب الفالح، فإن الحكومة السعودية تقدّم حوافز خاصة إلى الشركات الراغبة في الاستثمار بالمناطق الاقتصادية الخاصة، وأن بلاده تستعد للتوسع في استثمارات جديدة تشمل قطاعات، مثل: أشباه الموصلات، والتصنيع الرقمي، في إطار التعاون المستمر بين القطاعات الحكومية والقطاع الخاص، لتعزيز قدرة المملكة على تحقيق أهداف «رؤية 2030».

وشدد على التزام الحكومة الكامل بتحقيق هذه الرؤية، وأن الوزارات المعنية ستواصل دعم هذه المبادرة الاستراتيجية التي تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة وتوطين الصناعات المتقدمة في المملكة.

الصناعة والتعدين

من ناحيته، كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف، عن جذب ما يزيد على 160 مليار دولار إلى السوق السعودية، وهو رقم مضاعف بواقع 3 مرات تقريباً، وترقية رؤوس الأموال في قطاع التعدين إلى مليار دولار، وأن استثمارات الثروة المعدنية تخطت 260 مليون دولار.

وزير الصناعة والثروة المعدنية يتحدث إلى الحضور (الشرق الأوسط)

وأبان أن السعودية تعمل بشكل كامل لتأكيد التعاون المبني على أساسات صحيحة وقوية، وأطلقت عدداً من الاستراتيجيات المهمة، وهي جزء لا يتجزأ من صنع مجال سلاسل الإمداد والاستدامة.

وتحدث الخريف عن مبادرة «جسري»، كونها ستُسهم في ربط السعودية مع سلاسل الإمداد العالمية، ومواجهة التحديات مثل تحول الطاقة والحاجة إلى مزيد من المعادن.

وأضاف أن المملكة لا تزال مستمرة في تعزيز صناعاتها وثرواتها المعدنية، وتحث الشركات على الصعيدين المحلي والدولي على المشاركة الفاعلة وجذب استثماراتها إلى المملكة.

بدوره، عرض وزير الدولة، عضو مجلس الوزراء، الأمين العام للجنة التوطين وميزان المدفوعات، الدكتور حمد آل الشيخ، استثمارات نوعية للمملكة في البنى التحتية لتعزيز موقعها بصفتها مركزاً لوجيستياً عالمياً.