​الذهب يتحدى العوامل التقليدية ويواصل ارتفاعه نحو القمة

توقعات بالوصول إلى 3000 دولار للأونصة بحلول 2025

سبائك ذهبية معروضة في بورصة الذهب الكورية بسيول (رويترز)
سبائك ذهبية معروضة في بورصة الذهب الكورية بسيول (رويترز)
TT

​الذهب يتحدى العوامل التقليدية ويواصل ارتفاعه نحو القمة

سبائك ذهبية معروضة في بورصة الذهب الكورية بسيول (رويترز)
سبائك ذهبية معروضة في بورصة الذهب الكورية بسيول (رويترز)

شهد سعر الذهب تغيرات ملحوظة وغير تقليدية خلال العام الحالي، حيث ارتفعت أسعاره إلى مستويات قياسية متتالية، ما يشير إلى انفصاله عن المؤثرات التاريخية المعروفة، مثل أسعار الفائدة، والتضخم، وقيمة الدولار. ويأتي هذا الارتفاع المستمر في الأسعار نتيجة للزخم القوي الناتج عن حالة عدم اليقين السياسي في الولايات المتحدة، والتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. وعلاوة على ذلك، فإن السياسات التيسيرية التي تتبناها البنوك المركزية العالمية تعمل على تعزيز الطلب على الذهب بوصفه ملاذاً آمناً.

ووفق صحيفة «فاينانشيال تايمز»، يتمتع الذهب بصفة «المناسب لكل الأجواء»، وهو ما يشير إلى وجود عوامل تتجاوز الاقتصاد والسياسة والتطورات العالمية. تعكس هذه الظاهرة تغيرات سلوكية زائدة في بعض الدول، مثل الصين ودول «متوسطة القوة»، حيث بات الذهب يُنظر إليه بوصفه أصلاً استثمارياً طويل الأجل.

سجل جديد وبداية قوية للأسبوع

في تفاصيل الأسبوع الحالي، افتتح سعر الذهب بتسجيل ارتفاع جديد إلى مستوى قياسي، حيث وصل سعر الذهب الفوري إلى 2.733.15 دولار للأونصة، بينما ارتفعت العقود الآجلة للذهب الأميركية بنسبة 0.3 في المائة لتسجل 2.747.60 دولار. وقد حقق الذهب زيادة بنسبة 2.4 في المائة خلال الأسبوع الماضي، وهي الزيادة الخامسة خلال الأسابيع الستة الماضية، وفقاً لمحلل السلع في «كوميرزبانك»، كارستن فريتش.

زيادة ملحوظة منذ بداية العام

لا يُعد هذا الارتفاع مجرد حالة عابرة، فمنذ بداية هذا العام، ارتفع سعر الذهب بأكثر من 30 في المائة. فخلال الاثني عشر شهراً الماضية، ارتفع سعر أونصة الذهب في الأسواق الدولية من 1.947 دولار إلى 2.715 دولار، أي بزيادة تقارب 40 في المائة. وإذا استمر هذا الاتجاه، فسوف يكون ذلك أقوى زيادة سنوية منذ 45 عاماً. كما أن الارتفاع المستمر في الأسعار خلال الأسابيع الأخيرة يعد لافتاً، خاصة في ظل ارتفاع الدولار الأميركي بأكثر من 3 في المائة منذ نهاية سبتمبر (أيلول)، وانخفاض توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي بشكل ملحوظ.

عوامل غير تقليدية

ومع ذلك، لا يمكن الاعتماد على العوامل التقليدية مثل الدولار، وتوقعات أسعار الفائدة لتفسير القوة الحالية لسعر الذهب، بل يمكن إرجاع ذلك إلى التوترات الزائدة في الشرق الأوسط، وبشكل خاص الصراع بين إسرائيل وإيران، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين التي تسبق الانتخابات الأميركية المرتقبة. ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية بعد أقل من أسبوعين، تشير الاستطلاعات إلى ازدياد فرص فوز الرئيس السابق دونالد ترمب، مما يزيد القلق بين المستثمرين، ويعزز من الإقبال على الذهب كونه وسيلة للتحوط ضد أي تقلبات محتملة في السياسات الاقتصادية.

كما تعد المشتريات المستمرة من البنوك المركزية الأجنبية دافعاً رئيسياً وراء قوة الذهب. هذه المشتريات تعكس رغبة الدول في تنويع احتياطياتها بعيداً عن الهيمنة التقليدية للدولار، رغم استمرار «الاستثنائية الاقتصادية» الأميركية. يعكس هذا الاهتمام أيضاً بحثاً عن بدائل لنظام المدفوعات القائم على الدولار الذي سيطر على النظام الدولي لعقود. ووفق مجلس الذهب العالمي، فإن البنوك المركزية حول العالم اشترت أكثر من 1000 طن من الذهب في كل من العامين الماضيين، وهو الرقم الذي لم يتم تجاوزه في السنوات السابقة.

وبينما قد يُنظر إلى أداء الذهب على أنه جزء من زيادة عامة في أسعار الأصول، حيث ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز» الأميركي بنحو 35 في المائة خلال الفترة نفسها، فإن هذه العلاقة ليست شائعة. كما يمكن أن يُعزى الارتفاع في أسعار الذهب إلى مخاطر النزاعات العسكرية وتأثيراتها المدمرة، لكن رحلة سعر الذهب تشير إلى وجود عوامل أعمق.

تحولات في النظام العالمي

وعند السؤال عن الأسباب، يتكرر الحديث عن فقدان الثقة في إدارة الولايات المتحدة للنظام العالمي، إلى جانب تطورين بارزين. يتم الإشارة إلى «تسليح» الولايات المتحدة للرسوم الجمركية والعقوبات، بالإضافة إلى انخراطها الزائد في نظام متعدد الأطراف قد أُسس منذ 80 عاماً.

وما يتعرض له الدولار لا يقتصر على تآكل نفوذه، بل يشير أيضاً إلى تحول تدريجي في كيفية عمل النظام العالمي. على الرغم من عدم وجود بدائل قادرة على استبدال الدولار بشكل كامل، إلا أن كثيراً من الدول بدأت في إنشاء قنوات جديدة تحاول الالتفاف حول النظام القائم، مما يعكس اهتماماً متزايداً بالتنويع في العلاقات الاقتصادية، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

مستقبل الذهب

تبدو آفاق الذهب قوية لاستمرار الصعود، على الرغم من قوة الدولار الأميركي والعوائد التي قد تعيق تقدمه قليلاً. يشير مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إلى ضرورة اتباع دورة أقل حدة في خفض أسعار الفائدة، مما قد يؤثر أيضاً على أسعار الذهب.

في هذا السياق، قد يصل سعر الذهب إلى 3000 دولار للأونصة بحلول عام 2025 إذا استمرت الظروف الحالية في السوق. ومن المتوقع أن يواجه السوق مقاومة رئيسية عند مستوى 2812.50 دولار.


مقالات ذات صلة

الصين تكتشف احتياطيات من الذهب بقيمة 83 مليار دولار في هونان

الاقتصاد رجل يفتح مغلفاً يحتوي على سبائك ذهب وزنها 50 غراماً في بكين (رويترز)

الصين تكتشف احتياطيات من الذهب بقيمة 83 مليار دولار في هونان

أعلنت الصين اكتشاف احتياطيات ضخمة من الذهب في مقاطعة هونان الوسطى، تُقدّر قيمتها بنحو 600 مليار يوان (نحو 82.9 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد صائغ يعرض قطعة من الذهب في متجره بمدينة الكويت (أ.ف.ب)

الذهب يواصل مكاسبه مع احتدام الحرب الروسية - الأوكرانية

ارتفعت أسعار الذهب، يوم الخميس، للجلسة الرابعة على التوالي مدعومة بزيادة الطلب على الملاذ الآمن وسط احتدام الحرب الروسية - الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عملة ذهبية نادرة بقيمة 20 دولاراً تحمل صورة نسر مزدوج من عام 1870 بِيعت بمليون و440 ألف دولار في مزاد علني (أ.ب)

الذهب يرتفع على وقع تفاقم التوتر بين روسيا وأوكرانيا

ارتفعت أسعار الذهب، للجلسة الثالثة على التوالي، إلى أعلى مستوى في أسبوع، يوم الأربعاء، مدفوعةً بتراجع الدولار وتفاقم التوتر بين روسيا وأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك من الذهب النقي بمصنع «نوفوسيبيرسك» لصياغة وتصنيع المعادن الثمينة في روسيا (الشرق الأوسط)

الذهب يبلغ أعلى مستوى في أسبوع مع تراجع الدولار

ارتفعت أسعار الذهب لأعلى مستوى في أسبوع بدعم من تراجع الدولار، بينما تنتظر السوق تعليقات من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي حول الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جزء من احتياطي الذهب في مجمع بنك البرتغال المحصّن في كاريغادو (رويترز)

بعد انخفاضاته الحادة الأسبوع الماضي... الذهب يعاود ارتفاعه

ارتفعت أسعار الذهب اليوم الاثنين بعد التراجع الحاد الذي شهدته الأسبوع الماضي، لكن التوقعات بشأن تخفيضات أقل لأسعار الفائدة الأميركية حدّت من هذا التعافي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

سوق الأسهم السعودية تُنهي الأسبوع بتراجع إلى 11840 نقطة

مستثمران يتابعان أسعار الأسهم على شاشة «تداول» السعودية (رويترز)
مستثمران يتابعان أسعار الأسهم على شاشة «تداول» السعودية (رويترز)
TT

سوق الأسهم السعودية تُنهي الأسبوع بتراجع إلى 11840 نقطة

مستثمران يتابعان أسعار الأسهم على شاشة «تداول» السعودية (رويترز)
مستثمران يتابعان أسعار الأسهم على شاشة «تداول» السعودية (رويترز)

أغلق مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية «تاسي» آخِر جلسات الأسبوع، متراجعاً بمقدار 27.40 نقطة، وبنسبة 0.23 في المائة، إلى 11840.52 نقطة، وبسيولة بلغت قيمتها 5.4 مليار ريال (1.4 مليار دولار).

وتراجع سهم عملاق الطاقة «أرامكو السعودية»، بمعدل 0.18 في المائة، إلى 27.95 ريال، بتداولات كانت الأكثر نشاطاً، وبلغت 513 مليون ريال.

وتصدَّر سهم «الكابلات السعودية» الشركات الأكثر خسارة، بتراجع قدره 4 في المائة، عند 97.90 ريال.

كما تراجع سهما «الحفر العربية» و«أديس» بنسبة 1 في المائة، عند 110.40 و18.18 ريال على التوالي.

وانخفض سهم «سينومي ريتيل» بمقدار 1 في المائة، إلى 13.68 ريال.

في المقابل، ارتفع سهم «فقيه الطبية» بنسبة 1 في المائة، عند 58.90 ريال.

وزاد سهم مصرف الراجحي بمعدل 0.5 في المائة، ليصل إلى 93.50 ريال.

وكان سهم «الباحة» الأكثر ربحية بالنسبة القصوى 10 في المائة، يليه سهم «الإعادة السعودية» بمقدار 7 في المائة.

وأغلق مؤشر الأسهم السعودية الموازية «نمو» مرتفعاً 681.17 نقطة، عند مستوى 30540.28 نقطة، بتداولات وصلت قيمتها إلى 148 مليون ريال، وبلغت كمية الأسهم المتداولة 17 مليون سهم.