ارتفاع الطلب وخفض الفائدة يعززان نمو الصفقات العقارية بالسعودية

بلغت 50 مليار دولار بزيادة 35% في الأشهر التسعة الأولى من 2024

الرياض تستحوذ على نحو 60 % من إجمالي الصفقات العقارية (رويترز)
الرياض تستحوذ على نحو 60 % من إجمالي الصفقات العقارية (رويترز)
TT

ارتفاع الطلب وخفض الفائدة يعززان نمو الصفقات العقارية بالسعودية

الرياض تستحوذ على نحو 60 % من إجمالي الصفقات العقارية (رويترز)
الرياض تستحوذ على نحو 60 % من إجمالي الصفقات العقارية (رويترز)

عزز استمرار الطلب العالي على الوحدات السكنية في المدن الرئيسية في السعودية، وانتعاش السوق العقارية بفعل انخفاض أسعار الفائدة، نمو قيمة الصفقات العقارية في المملكة إلى 50 مليار دولار (188 مليار ريال)؛ أي ما نسبته 35 في المائة، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري 2024 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، حسب خبراء ومختصين في القطاع العقاري والذين يتوقعون استمرار هذا النمو خلال الربع القادم والسنوات القليلة القادمة في ظل المشاريع العقارية الضخمة التي تشهدها المدن الرئيسية، والفرص الاستثمارية المتنوعة التي تتميز بها السوق العقارية السعودية.

وبحسب بيانات وزارة العدل السعودية، سجلت الصفقات العقارية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، أكثر من 162 ألف صفقة عقارية. واستحوذ القطاع السكني على نحو 86 في المائة من إجمالي تلك الصفقات، في حين مثّل القطاع التجاري نحو 10 في المائة من تلك الصفقات. كما استحوذت منطقة الرياض على نحو 60 في المائة من إجمالي الصفقات العقارية بقيمة وصلت إلى 27 مليار دولار (101 مليار ريال)، تلتها منطقة مكة المكرمة بنسبة 19 في المائة وبقيمة وصلت إلى 11.8 مليار دولار (44.3 مليار ريال).

دليل على ثقة المستثمرين

ويرى الخبير والمقيّم العقاري المهندس أحمد الفقيه، خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط»، في نمو الصفقات العقارية دليلاً واضحاً على ثقة المتعاملين والمستثمرين بصلابة وجاذبية السوق العقارية السعودية، خصوصاً مع إطلاق الحكومة السعودية عدة مشاريع عقارية ضخمة بالعاصمة الرياض، وهو ما ظهر في استحواذها وحدها على نصف الحراك والصفقات العقارية خلال الأشهر التسعة الماضية من العام الجاري.

وأضاف أن «هذا النمو في الصفقات العقارية يأتي متوافقاً، وبشكل منطقي، مع الحراك الاستثماري الذي تشهده السعودية، في ظل زيادة التشريعات بالسوق والحوكمة والشفافية التي تشهدها السوق العقارية، وهو ما ظهر جلياً في قفز السوق إلى المرتبة 12 دولياً لتصبح ضمن نادي الأسواق الدولية الأربعين في الشفافية العقارية، وهو ما يعزز من جاذبيتها ويجعلها على رادارات الأموال والاستثمارات الدولية قريباً، وهذا بدوره سيرفع ويزيد من زخم الصفقات بشكل أكبر ولافت، وقد يتجاوز في الفترة القادمة أكثر من 35 في المائة، ويستمر هذا النمو للسنوات القريبة القادمة في ظل الفرص الكبيرة في السوق السعودية».

وكانت بيانات شركة الاستشارات العقارية العالمية «نايت فرانك» تحدثت عن أن قيمة مشاريع «رؤية 2030» التي تم إطلاقها خلال 8 أعوام وصلت إلى 1.3 تريليون دولار.

العرض والطلب محركان

من جانبه، قال الخبير العقاري صقر الزهراني لـ«الشرق الأوسط»، إن العرض والطلب هما المحركان الأساسيان في السوق العقارية بالمملكة، متوقعاً أن يؤدي الخفض التدريجي لأسعار الفائدة إلى تعزيز الطلب على العقار في الربع القادم من 2024 عبر تقليل تكاليف التمويل، مما يشجع المستثمرين والمشترين على استغلال هذه الفرصة.

وأرجع الزهراني نمو الصفقات العقارية في منطقة الرياض إلى كونها أصبحت وجهة رئيسية للهجرة الداخلية وكذلك للفرص الاستثمارية، مدفوعةً بمشاريع البنية التحتية والنمو السكاني المتزايد، مما يعزز الطلب على العقارات السكنية والتجارية في مدينة الرياض والمحافظات القريبة منها.

وعزا نمو الصفقات العقارية في منطقة مكة المكرمة، بالحالة الاستثنائية للمنطقة، إلى كونها أرضاً مقدسة، وتشهد باستمرار ارتفاعاً في الطلب على العقار، بفضل تدفق الحجاج والمعتمرين، إلى جانب المشاريع التطويرية الكبرى في باقي محافظات المنطقة.

ويرى أن الصراعات الإقليمية في بعض دول الجوار وتمتع المملكة بموقع استراتيجي مستقر، ساهما في تعزيز جاذبية السوق العقارية بالمملكة.

عقارات في مكة المكرمة غرب السعودية (واس)

ولفت الزهراني إلى أن الاستقرار السياسي والأمني جعل من المملكة بيئة آمنة للاستثمارات الأجنبية والمحلية، خاصة في ظل الاضطرابات السياسية التي تؤثر على بعض الأسواق العقارية الإقليمية، مما يجعل من السوق السعودية ملاذاً آمناً لرؤوس الأموال الباحثة عن استثمارات مستقرة وطويلة الأمد.

وزاد بأن تلك الصراعات الإقليمية زادت من الهجرة إلى المملكة، مما ساهم في رفع الطلب على الوحدات السكنية والأنشطة العقارية، خصوصاً في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة، كما ساهمت في تراجع الاستثمارات في بعض الدول، ومن الممكن أن تستفيد السعودية من تحويل رؤوس الأموال إليها نتيجة استقرارها السياسي والاقتصادي.

وحول توقعاته للسوق العقارية خلال الربع الأخير من 2024، توقع استمرار نمو الصفقات العقارية مدفوعاً بثلاثة عوامل، تتمثل في ارتفاع الطلب الموسمي خاصةً في منطقة مكة المكرمة نتيجة مواسم العمرة والحج، وزيادة المشاريع السكنية والتجارية في الرياض بالتزامن مع الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية، وكذلك تخفيف القيود على التمويل مع استمرار انخفاض الفائدة، مما يشجع على زيادة الصفقات العقارية.

وأشار الزهراني إلى 6 عوامل يرى أنها ستسهم على المدى الطويل في تعزيز النمو المستقبلي للسوق العقارية السعودية، وهي: مشاريع البنية التحتية الكبيرة التي تشهدها مدن ومحافظات المملكة ودورها في تحسين جودة الحياة وزيادة جاذبية المدن، والطلب المتزايد على الوحدات السكنية في المدن نتيجةً للنمو السكاني والهجرة الداخلية، والإصلاحات الحكومية التنظيمية والتشريعية وأهميتها في تسهيل إجراءات التملك والاستثمار، وجاذبية السوق السعودية للاستثمارات الأجنبية مدفوعةً بالاستقرار السياسي في المملكة، وتنوع طرق وأساليب التمويل مثل الصناديق الاستثمارية ومنصات التمويل الجماعي، بالإضافة إلى الاستقرار السياسي في المملكة مقارنة بالدول المجاورة، مما يزيد من ثقة المستثمرين.


مقالات ذات صلة

السعودية توقّع تسع صفقات استراتيجية لتعزيز مرونة سلاسل الإمداد العالمية

الاقتصاد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال مؤتمر الاستثمار المقام في العاصمة السعودية الرياض (وزارة الاستثمار)

السعودية توقّع تسع صفقات استراتيجية لتعزيز مرونة سلاسل الإمداد العالمية

أعلن وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، تسع صفقات استراتيجية جديدة، تهدف إلى تعزيز الاستدامة والمشاركة السعودية في سلاسل الإمداد العالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد شعار مجموعة «أداني» على مبنى في مومباي (إ.ب.أ)

بعد «فيتش»... «موديز» تتخذ إجراءات تصنيفية ضد 7 شركات تابعة لـ«أداني»

قالت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، يوم الثلاثاء، إنها خفضت النظرة المستقبلية لتصنيفات 7 كيانات تابعة لمجموعة «أداني» إلى «سلبي» من «مستقر».

«الشرق الأوسط» (نيودلهي) «الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)

مصير قضية الرشوة المزعومة للملياردير الهندي غوتام أداني قد يتوقف على رئاسة ترمب

تم توجيه الاتهام إلى الملياردير الهندي غوتام أداني من قبل المدعين العامين الأميريين لدوره المزعوم في مخطط لرشوة المسؤولين الهنود بقيمة 265 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي) «الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي جو بايدن يوقع على قانون الاستثمار في البنية التحتية بالبيت الأبيض 15 نوفمبر 2021 (رويترز)

البيت الأبيض: سياسات بايدن تجذب استثمارات اقتصادية أميركية بقيمة تريليون دولار

أعلنت الإدارة الأميركية يوم الاثنين أن الشركات تعهدت باستثمار أكثر من تريليون دولار في قطاعات صناعية أميركية، مثل أشباه الموصلات والطاقة النظيفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد المهندس خالد الفالح خلال كلمته الافتتاحية بمؤتمر الاستثمار العالمي في نسخته الثامنة والعشرين المنعقد بالرياض (الشرق الأوسط) play-circle 01:10

الاستثمارات الأجنبية تتضاعف في السعودية... واستفادة 1200 مستثمر من «الإقامة المميزة»

تمكنت السعودية من مضاعفة حجم الاستثمارات 3 أضعاف والمستثمرين بواقع 10 مرات منذ إطلاق «رؤية 2030».

عبير حمدي (الرياض) زينب علي (الرياض)

السعودية توقّع تسع صفقات استراتيجية لتعزيز مرونة سلاسل الإمداد العالمية

وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال مؤتمر الاستثمار المقام في العاصمة السعودية الرياض (وزارة الاستثمار)
وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال مؤتمر الاستثمار المقام في العاصمة السعودية الرياض (وزارة الاستثمار)
TT

السعودية توقّع تسع صفقات استراتيجية لتعزيز مرونة سلاسل الإمداد العالمية

وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال مؤتمر الاستثمار المقام في العاصمة السعودية الرياض (وزارة الاستثمار)
وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال مؤتمر الاستثمار المقام في العاصمة السعودية الرياض (وزارة الاستثمار)

أعلن وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، تسع صفقات استراتيجية جديدة ضمن برنامج «جسري» لتعزيز مرونة سلاسل الإمداد العالمية، مؤكداً أن هذه الصفقات تأتي في إطار «رؤية 2030» للتحول الاقتصادي، وتهدف إلى تحسين الوصول إلى المواد الأساسية وتعزيز التصنيع المحلي، بالإضافة إلى تعزيز الاستدامة والمشاركة السعودية في سلاسل الإمداد العالمية.

وفي كلمة له خلال مؤتمر «الاستثمار العالمي 28» الذي يُعقد هذا الأسبوع في الرياض، بمشاركة أكثر من 100 دولة، أشار الفالح إلى أن هذه الصفقات تمثّل خطوة مهمة نحو تحقيق هدف المملكة في بناء سلاسل إمداد أكثر مرونة وكفاءة.

وأكد أن البرنامج يعكس رؤية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الذي كان له الدور البارز في إطلاق هذه المبادرة قبل عامين، مشيراً إلى أن البرنامج هو جزء من الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، ويشمل عدة برامج حكومية داعمة، مثل برنامج تطوير الصناعة الوطنية واللوجيستيات (ندلب).

وأضاف الفالح أن المملكة تسعى إلى تسهيل الوصول للمعادن الأساسية، وتشجيع التصنيع المحلي، وزيادة الوصول إلى أسواق الطاقة الخضراء العالمية. وأوضح أن «التوريد الأخضر» هو جزء من المبادرة السعودية؛ إذ ستعزّز المملكة سلاسل الإمداد عبر الاستثمار في الطاقة المتجددة.

وأشار الفالح إلى أن المملكة بصدد تطوير 100 فرصة استثمارية جديدة في 25 سلسلة قيمة، تتضمّن مشروعات رائدة في مجالات، مثل: الطاقة الخضراء والذكاء الاصطناعي. وأوضح أن الحكومة السعودية تقدّم حوافز خاصة إلى الشركات الراغبة في الاستثمار بالمناطق الاقتصادية الخاصة.

وأوضح أن المملكة تستعد للتوسع في استثمارات جديدة تشمل قطاعات، مثل: أشباه الموصلات والتصنيع الرقمي، في إطار التعاون المستمر بين القطاعات الحكومية والقطاع الخاص لتعزيز قدرة المملكة على تحقيق أهداف «رؤية 2030».

واختتم الفالح كلمته بتأكيد التزام الحكومة السعودية الكامل بتحقيق هذه الرؤية، مشيراً إلى أن الوزارات الحكومية المعنية ستواصل دعم هذه المبادرة الاستراتيجية التي تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة وتوطين الصناعات المتقدمة في المملكة.