«ضربة سبتمبر» تصدم صناديق التحوّط الصينية

تحمّلت خسائر كبيرة بسبب «ارتفاع مفاجئ» للسوق

رجل يمشي داخل مقر البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)
رجل يمشي داخل مقر البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)
TT

«ضربة سبتمبر» تصدم صناديق التحوّط الصينية

رجل يمشي داخل مقر البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)
رجل يمشي داخل مقر البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)

أدى الارتفاع المفاجئ والعنيف لسوق الأسهم الصينية إلى إلحاق ضربة قوية ببعض أكبر صناديق التحوط في البلاد؛ مما أجبرها على تغطية المراكز القصيرة على عجل وتحمّل خسائر في رهاناتها في سوق المشتقات المالية الخاضعة للتنظيم الشديد.

وكانت شركة «بكين إكس» لإدارة الأصول، و«تيش شارب كوانت - بكين كابيتال مانجمنت»، وصندوق «شنتشن تشنغ تشي»، من بين الصناديق التي تعرّضت لضربة عندما استعادت الأسهم الصينية المتعثرة ربع قيمتها في أقل من أسبوع في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، في أعقاب سلسلة من تدابير التحفيز.

وكانت خسائر الصناديق ناجمة عن المراكز القصيرة في مشتقات مؤشرات الأسهم الصينية التي تستخدمها استراتيجيات الصناديق المحايدة للسوق بالضرورة للتحوط من حيازات الأسهم.

ودفعت حالة النشوة في السوق -بعد أن أظهرت الصين نية جادة لإصلاح اقتصادها المريض- أسعار العقود الآجلة إلى الارتفاع بشكل حاد؛ مما تسبّب في خسائر بتلك المراكز التي لا يمكن تعويضها بمكاسب في حيازات النقد.

كما انقلبت استراتيجية صندوق التحوّط البريطاني العملاق «وينتون» رأساً على عقب، بسبب الانعكاس غير المتوقع للسوق الصينية؛ مما أجبر الشركة على التراجع بسرعة عن رهاناتها الهبوطية.

وقال مدير صندوق «شنغهاي بروفيشنال فند مانجمنت»، هو بو، إن الجهات التنظيمية فرضت قيوداً صارمة على «صناديق الكميات» التي تعتمد على البيانات، وشددت القيود على البيع على المكشوف للأسهم هذا العام؛ مما جعل السوق عرضة للتقلبات الجامحة.

وقال هو، إن الانخفاضات تؤكد خطر الاعتماد بشكل كبير على استراتيجية واحدة في السوق الصينية المتقلبة. وتابع: «تميل كل استراتيجية إلى الاصطدام بالحائط بعد فترة من الأداء المتفوّق. لذا، يحتاج المستثمرون إلى تبني استراتيجيات استثمار متنوعة، وإجراء مزيد من الأبحاث المتعمقة».

وسجلت شركة «بكين إكس»، التي تدير أكثر من 10 مليارات يوان (1.40 مليار دولار)، انخفاضاً بنسبة 5.6 في المائة في استراتيجيتها التحوطية في أواخر سبتمبر، وفقاً لبيانات السماسرة. وعانت شركة «تيك شارب» انخفاضاً بنسبة 5.2 في المائة، وصناديق «شنزين تشينغ تشي» بنسبة 4.6 في المائة.

وسجّل مؤشر يتتبع استراتيجيات «السوق المحايدة» في الصين انخفاضاً بنسبة 4.83 في المائة خلال الأسبوع الأخير من سبتمبر، ولم يتعاف منذ ذلك الحين. والتصحيح هو الثاني الأكبر في التاريخ، ونادراً ما يحدث للمنتجات المصممة لتحقيق عوائد مطلقة.

وكانت الأسواق الصينية في حالة غير معتادة منذ 24 سبتمبر، عندما كشفت السلطات عن تخفيضات أسعار الفائدة والسياسات الرامية إلى إنقاذ هدف النمو الاقتصادي بنسبة 5 في المائة هذا العام. وارتفع مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 20 في المائة منذ ذلك الحين.

وقال تيم كاو، وهو خبير في السوق: «لا تعمل الاستراتيجيات الكمية إلا في سوق متوازنة... في سوق مجنونة، تصبح جميع نماذج الكم تقريباً غير فعالة».

وعادة ما يجري تداول العقود الآجلة للمؤشرات الصينية بسعر أقل من مؤشرات الأسهم المرتبطة بها، بسبب نقص الأدوات التي تسمح بالمواقف القصيرة الهبوطية في أسواق البر الرئيسي للصين. وتحوّل هذا الخصم الدائم بين عشية وضحاها إلى علاوة، مما وجّه ضربة إلى صناديق التحوّط.

وفي 30 سبتمبر، ارتفع الفارق بين العقود الآجلة لمؤشر «سي إس آي 300» والمؤشر القياسي الأساسي إلى 142.80 نقطة، وهو الأكبر في تسع سنوات. وألغى هذا الانفجار استراتيجيات التحوط للصناديق؛ إذ لم تعد العقود الآجلة تساعد في تعويض المواقف في سوق الأسهم.

وأدى التغيير السريع في الاتجاه أيضاً إلى زعزعة استراتيجيات متابعة الاتجاه، مثل تلك الموجودة في «وينتون». سجل مؤشر يتتبع استراتيجيات متابعة الاتجاه أول خسارة أسبوعية له في شهر.

وتعرّضت شركة «وينتون» التي تدير نحو 6 مليارات يوان في الصين، لانخفاض بنحو 8 في المائة، وفقاً للمستثمرين.

وأبلغ مدير الأموال المستثمرين في اجتماع عُقد مؤخراً أن الرهانات الهبوطية على الأسهم الصينية والطاقة والمعادن الأساسية أثرت في الأداء، وفقاً لمذكرة حصلت عليها «رويترز». وأبلغت «وينتون» المستثمرين أن المراكز القصيرة في العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم فُكّكت، في حين خُفّضت الرهانات الهبوطية على السلع الأساسية بمقدار الثلث.

وواجهت صناديق التحوّط العاملة في الصين مثل هذه الضغوط من قبل. ففي فبراير (شباط)، توقفت السيولة السوقية في الأسهم الأصغر حجماً فيما وصفه البعض بـ«زلزال الكم» في الصين.

ويتوقع المستثمرون أن تستغرق هذه الصناديق بعض الوقت للتعافي. وطلبت وحدة إدارة الثروات في بنك «تشاينا ميرشانتس» من المستثمرين التحلي بالصبر، ونصحتهم بعدم استرداد المنتجات على عجل.

وقال مؤسس ومدير الاستثمار في شركة «ووتر ويزدوم» لإدارة الأصول، يوان يووي: «بالنسبة إلى الصناديق التي اضطرت إلى إغلاق المراكز القصيرة بسبب نداءات الهامش، لن تلتئم الجروح في أي وقت قريب».


مقالات ذات صلة

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

مشاة في إحدى الطرقات بالحي المالي وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

قالت غرفة التجارة الأميركية في الصين إن مجموعة من المسؤولين التنفيذيين من الشركات الأجنبية والصينية التقت رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، في بكين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أفق فرانكفورت مع الحي المالي (رويترز)

معنويات الأعمال في ألمانيا تتراجع... مؤشر «إيفو» يشير إلى ركود محتمل

تراجعت المعنويات الاقتصادية في ألمانيا أكثر من المتوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يمثل مزيداً من الأخبار السلبية لبلد من المتوقع أن يكون الأسوأ أداءً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد زوار إحدى الحدائق الوطنية في العاصمة اليابانية طوكيو يتابعون التحول الخريفي للأشجار (أ.ف.ب)

عائد السندات اليابانية العشرية يتراجع عقب اختيار بيسنت للخزانة الأميركية

تراجع عائد السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات الاثنين مقتفياً أثر تراجعات عائد سندات الخزانة الأميركية

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد غوتام أداني ويطالبون باعتقاله (رويترز)

المعارضة الهندية تعطّل البرلمان بسبب «أداني»

تم تعليق عمل البرلمان الهندي بعد أن قام نواب المعارضة بتعطيله للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، فيما انخفضت أسعار سندات «أداني»

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد شخص يمشي أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

نائبة محافظ «بنك إنجلترا»: خطر ارتفاع التضخم أكبر من انخفاضه

عبّرت نائبة محافظ بنك إنجلترا، كلير لومبارديللي، يوم الاثنين، عن قلقها بشأن احتمال ارتفاع التضخم إلى مستويات أعلى من التوقعات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الذهب يتراجع 3 % على خلفية تقارير عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»

سبائك ذهبية معروضة في بورصة الذهب بسيول لدى كوريا الجنوبية (رويترز)
سبائك ذهبية معروضة في بورصة الذهب بسيول لدى كوريا الجنوبية (رويترز)
TT

الذهب يتراجع 3 % على خلفية تقارير عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»

سبائك ذهبية معروضة في بورصة الذهب بسيول لدى كوريا الجنوبية (رويترز)
سبائك ذهبية معروضة في بورصة الذهب بسيول لدى كوريا الجنوبية (رويترز)

انخفضت أسعار الذهب بنحو 3 في المائة يوم الاثنين، كاسرةً بذلك موجة صعود استمرّت خمس جلسات إلى أعلى مستوياتها في نحو ثلاثة أسابيع؛ إذ أدت التقارير التي أفادت باقتراب إسرائيل من وقف إطلاق النار مع «حزب الله»، إلى جانب ترشيح الرئيس المنتخب دونالد ترمب لسكوت بيسنت وزيراً للخزانة الأميركية؛ إلى توتر جاذبية المعدن النفيس بوصفه ملاذاً آمناً.

وانخفض الذهب الفوري بنسبة 3 في المائة تقريباً إلى 2634.78 دولار للأونصة بحلول الساعة 10:25 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (15:25 بتوقيت غرينتش)، وهو أكبر انخفاض يومي بالنسبة المئوية منذ السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وبينما تراجعت العقود الآجلة للذهب الأميركي بنسبة 2.8 في المائة إلى 2636.50 دولار، كانت أسعار الذهب مهيّأة لعمليات بيع بسبب استنفاد عمليات الشراء بعد ارتفاع الأسبوع الماضي.

وقال استراتيجي السلع لدى «تي دي سيكيوريتيز»، دانيال غالي، إن ترشيح سكوت بيسنت وزيراً للخزانة الأميركية قد أزال بعضاً من علاوة المخاطر المرتبطة بالولايات المتحدة. وأضاف: «الأكثر من ذلك، دفعت التقارير التي تفيد بأن إسرائيل ولبنان قد اتفقا على شروط اتفاق لإنهاء الصراع بين إسرائيل و(حزب الله) أسعار الذهب إلى مزيد من الانخفاض».

وقال المحلل في «يو بي إس»، جيوفاني ستاونوفو، إن بعض المتعاملين في السوق يرون أن بيسنت أقل سلبية في حال نشوب حرب تجارية. وسجلت السبائك أعلى مستوى لها منذ 6 نوفمبر في التعاملات الآسيوية المبكرة بعد الارتفاع الأسبوعي الذي سجّلته الأسبوع الماضي بنسبة 6 في المائة تقريباً، وهو أفضل مستوى لها منذ مارس (آذار) 2023، مدفوعة بتصاعد التوترات في الصراع الروسي - الأوكراني.

ويستعد المتداولون أيضاً لأسبوع محوري؛ إذ من المتوقع أن يقدّم محضر اجتماع «الاحتياطي الفيدرالي» في نوفمبر، ومراجعات الناتج المحلي الإجمالي الأميركي، وبيانات نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية؛ رؤى حول توقعات سياسة «البنك المركزي». وقال نائب الرئيس، كبير استراتيجيي المعادن في شركة «زانر» للمعادن، بيتر غرانت: «ما زلت أتوقع خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر (كانون الأول)، لكن المتحدثين الأخيرين في مجلس (الاحتياطي الفيدرالي) اتخذوا نبرة أكثر حذراً مع اقتراب عام 2025، مما قد يشكّل رياحاً معاكسة للذهب».

وانخفضت الفضة الفورية بنسبة 3.1 في المائة إلى 30.34 دولار للأونصة. وانخفض البلاتين بنسبة 1.8 في المائة إلى 946.40 دولار. كما انخفض البلاديوم بنسبة 2.3 في المائة إلى 985.75 دولار.