40 ألف وظيفة... خسائر لندن بعد «بريكست»

الناتج الاقتصادي في القطاع المالي انخفض 15 % منذ 2019

منظر عام لمدينة لندن من موقع بناء «بيسوبغيت 22» (رويترز)
منظر عام لمدينة لندن من موقع بناء «بيسوبغيت 22» (رويترز)
TT

40 ألف وظيفة... خسائر لندن بعد «بريكست»

منظر عام لمدينة لندن من موقع بناء «بيسوبغيت 22» (رويترز)
منظر عام لمدينة لندن من موقع بناء «بيسوبغيت 22» (رويترز)

قال عمدة مدينة لندن، مايكل ماينلي، إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كلّف المركز المالي في لندن نحو 40 ألف وظيفة، وهو تأثير يفوق بكثير التقديرات السابقة.

وأوضح ماينلي في حديثه لـ«رويترز»، أن دبلن كانت الأكثر استفادة من هذا الوضع، حيث اجتذبت 10 آلاف وظيفة، بينما استفادت مدن، مثل ميلانو وباريس وأمستردام أيضاً من الوظائف التي هاجرت من لندن بعد تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في عام 2016.

وأضاف ماينلي، الذي يشغل منصب الرئيس الشرفي للمركز المالي لمدينة لندن الذي يمتد على مساحة ميل مربع، ويضم بنك إنجلترا والبنوك الدولية وشركات التأمين، قائلاً: «كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كارثة. في عام 2016 كان لدينا 525 ألف عامل، وتقديري هو أننا فقدنا ما يقل قليلاً عن 40 ألفاً».

التقدير الذي قدمه ماينلي، الذي قضى سنوات في تتبع تطورات المركز المالي البريطاني قبل أن يصبح عمدة لندن ولديه اتصالات مع مئات الشركات في المدينة، أعلى بكثير من تقديرات المستشارين في شركة «إرنست آند يونغ»، الذين قدروا أن 7 آلاف وظيفة فقط قد غادرت لندن متجهة إلى الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2022.

ومع ذلك، أشار ماينلي إلى أن مدينة لندن تنمو، بما في ذلك مجالات خارج مجال التمويل، حيث تعوض الوظائف الجديدة التداعيات الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقد زاد عدد العمال ليصل إلى 615 ألفاً مع نمو قطاعي التأمين وتحليل البيانات.

لكن تقديره يسلط الضوء على حجم تداعيات «بريكست»، حيث تسعى بريطانيا إلى إعادة بناء الجسور إلى القارة الأوروبية. وأكد ماينلي: «صوتت المدينة بنسبة 70 مقابل 30 للبقاء. لم نكن نريد ذلك»، مضيفاً أنه كثف جهوده «للمشاركة بشكل أكبر» مع أوروبا، حيث قام بتسع زيارات إلى دول في المنطقة هذا العام.

وتأتي مساعي ماينلي لتعزيز العلاقات مع القارة وسط تباطؤ اقتصادي أوسع في بريطانيا، التي تعاني من انقسامات بشأن خروجها من الاتحاد الأوروبي. ورغم أن البعض كان يأمل منح «بريكست» لندن حرية تقليل الهجرة والتخلص من لوائح الاتحاد الأوروبي وتعزيز الاقتصاد، فإن الهجرة ارتفعت، وثبت أن اللوائح صعبة التفكيك، كما تباطأ الاقتصاد.

ويسعى رئيس الوزراء البريطاني الجديد، كير ستارمر، إلى إعادة بناء العلاقات مع أوروبا، التي تأثرت بسبب سنوات من المفاوضات المضطربة حول خروج بريطانيا. ويريد ستارمر إزالة بعض العوائق أمام ممارسة الأعمال التجارية مع دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك اتفاقية الاعتراف المتبادل بالمؤهلات المهنية، لكنه استبعد العودة إلى السوق الموحدة.

وأشار ماينلي إلى أن «هناك الكثير مما يمكننا القيام به بشأن التأشيرات» لمساعدة المدينة، مضيفاً: «نحن نعمل أيضاً على صفقات تجارية ثنائية مع ألمانيا».

ولطالما كان القطاع المالي في البلاد جوهرة التاج الصناعي البريطاني، إلا أنه شهد تراجعاً ملحوظاً. وانخفض الناتج الاقتصادي في قلب القطاع المالي البريطاني، بما في ذلك البنوك وصناديق الثروة، بأكثر من 15 في المائة منذ أواخر عام 2019 قبل مغادرة المملكة المتحدة رسمياً للاتحاد الأوروبي. وبشكل عام انخفض ناتج الخدمات المالية في بريطانيا بنسبة 1 في المائة منذ أواخر عام 2019، وهو تناقض صارخ مع فرنسا وألمانيا، حيث زاد بنسبة 8 في المائة، وكان في آيرلندا بنسبة 18 في المائة، وفقاً للبيانات الوطنية.

في السابق، كانت صادرات الخدمات المالية البريطانية تتفوق على خدمات الأعمال الأخرى، مثل الخدمات القانونية أو الإعلان. وقال مكتب مسؤولية الموازنة في مارس (آذار) إن توقعاته بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يتسبب في انكماش أحجام التجارة بنسبة 15 في المائة كانت «على المسار الصحيح على نطاق واسع».

ووفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة، يعتقد معظم البريطانيين أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان فاشلاً حتى الآن، لكنّ المؤيدين يشددون على أن بريطانيا تتمتع بحرية أكبر في اتباع مسارها الخاص خارج الاتحاد الأوروبي. كما يشيرون إلى التباطؤ الاقتصادي في ألمانيا، والاضطرابات السياسية في فرنسا، بوصف ذلك دليلاً على أوجه القصور في الاتحاد.


مقالات ذات صلة

​انخفاض الثقة في الاقتصاد البريطاني من 45 % إلى 28 % خلال عقد

الاقتصاد أشخاص يتسوقون في شارع أكسفورد بلندن (رويترز)

​انخفاض الثقة في الاقتصاد البريطاني من 45 % إلى 28 % خلال عقد

تراجعت الثقة في قوة الاقتصاد البريطاني من 45 % خلال مايو عام 2015 إلى 28 % حالياً أي بعد عقد كامل وذلك بسبب تكاليف المعيشة و«بريكست» والحروب

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كير ستارمر يعقد مؤتمراً صحافياً مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا في لندن (أ.ب)

ما بنود اتفاق إعادة ضبط العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي؟

استقبل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، يوم الاثنين، قادة الاتحاد الأوروبي في لندن، في خطوة تهدف إلى إعادة ضبط العلاقات بين الجانبين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ستارمر وفون دير لاين في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع في لندن (د.ب.أ)

بريطانيا والاتحاد الأوروبي يفتحان «عصراً جديداً» للعلاقات

اتفقت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على إعادة ضبط تاريخية للعلاقات بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد 5 سنوات على «بريكست».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد استبدال علم بريطانيا بعلم الاتحاد الأوروبي بعد بريكست في 2020 (رويترز)

هل تعود لندن إلى أحضان بروكسل من جديد؟

من المقرر أن يوافق رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، هذا الأسبوع، على اتفاق لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وتسهيل التجارة في بعض المنتجات الغذائية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا علما الاتحاد الأوروبي (يسار) وبريطانيا (رويترز)

بعد 5 سنوات من «بريكست»... غالبية البريطانيين يؤيدون العودة للاتحاد الأوروبي

يعتبر 3 من 10 بريطانيين أن الخروج من الاتحاد الأوروبي كان أمراً جيداً، وفق استطلاع نُشر الأربعاء بعد 5 سنوات على مغادرة بلادهم رسمياً الاتحاد.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ثلاث ناقلات نفط تبتعد عن مضيق هرمز وسط تصاعد التوترات

قوارب إيرانية مُحمّلة بالبضائع المهرّبة تعبر مضيق هرمز (أرشيفية - أ.ف.ب)
قوارب إيرانية مُحمّلة بالبضائع المهرّبة تعبر مضيق هرمز (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

ثلاث ناقلات نفط تبتعد عن مضيق هرمز وسط تصاعد التوترات

قوارب إيرانية مُحمّلة بالبضائع المهرّبة تعبر مضيق هرمز (أرشيفية - أ.ف.ب)
قوارب إيرانية مُحمّلة بالبضائع المهرّبة تعبر مضيق هرمز (أرشيفية - أ.ف.ب)

أظهرت بيانات تتبع السفن من «مارين ترافيك»، يوم الاثنين، أن ثلاث ناقلات نفط ومواد كيميائية فارغة ابتعدت عن مضيق هرمز وغيّرت مسارها، وسط تزايد الشكوك بشأن ما إذا كانت إيران ستتخذ إجراءات انتقامية في هذا الممر المائي الحيوي بعد الغارات الجوية الأميركية على منشآت طهران النووية.

ورست سفينتا «ماري سي» و«ريد روبي»، اللتان كانتا محملتَيْن بحمولات زائدة، وكانتا تُبحران سابقاً باتجاه المضيق، بالقرب من الفجيرة قبالة سواحل الإمارات. وأبحرت سفينة «كوهزان مارو» في خليج عمان بالقرب من المياه العمانية، وفقاً لبيانات منصة «مارين ترافيك»، ونقلتها «رويترز».

وكانت بيانات تتبع السفن ذكرت أن ناقلتَيْن عملاقتَيْن على الأقل قامتا بدورات انعطاف في مضيق هرمز عقب الضربات العسكرية الأميركية على إيران.

وقالت شركة «سنتوسا شيب بروكرز»، ومقرها سنغافورة، إنه خلال الأسبوع الماضي انخفضت ناقلات النفط الفارغة التي دخلت الخليج بنسبة 32 في المائة، في حين انخفضت مغادرة ناقلات النفط المحملة بنسبة 27 في المائة عن مستويات أوائل مايو.

وأظهرت بيانات «كبلر» و«إل إس إي جي»، أن سفينة «كوزويسدوم ليك»، وهي ناقلة نفط خام ضخمة جداً (VLCC)، وصلت إلى المضيق يوم الأحد قبل أن تعود أدراجها وتتجه جنوباً. وعادت أدراجها يوم الاثنين، مستأنفة رحلتها نحو ميناء زركوه في الإمارات العربية المتحدة.

وأظهرت بيانات «إل إس إي جي» أن سفينة «ساوث لويالتي»، وهي أيضاً ناقلة نفط خام عملاقة، اتخذت مساراً مشابهاً وبقيت خارج المضيق يوم الاثنين. وكان من المقرر أن تُحمّل النفط الخام من محطة البصرة العراقية، وفقاً لبيانات «كبلر» ومصدري شحن.

وأظهرت بيانات «كبلر» و«إل إس إي جي» أنه كان من المقرر أن تُحمّل «كوزويسدوم ليك» النفط الخام لتسليمه إلى الصين. وقد استأجرتها شركة «يونيبك»، وهي الذراع التجارية لشركة «سينوبك» الصينية الحكومية.