رغم أن الشاب الصيني تشانغ جينغ حقق مكاسب جيدة من البورصة خلال الأيام الماضية التي شهدت ارتفاعات كبرى، فإنه لا يزال متردداً قبل اتخاذ قرار بشراء منزل، ومنتظراً مزيداً من التوضيحات من الحكومة حول إجراءات التحفيز.
وقال جينغ البالغ من العمر 28 عاماً، الذي يعتقد أن شراء منزل لأول مرة سيحسن فرصه في العثور على شريك للزواج: «ما زلت لا أملك الثقة الكافية».
وأضاف خلال وجوده في معرض عقاري كبير في مركز التكنولوجيا الجنوبي في شنتشن أقيم خلال عطلة نهاية الأسبوع: «أحتاج إلى رؤية كيف تتطور الأمور. آمل أن تتمكن الحكومة من تقديم بعض السياسات الفعالة لتحفيز الاقتصاد».
ويبدو أن المشترين والمستثمرين والمستهلكين ينتظرون بفارغ الصبر الحوافز الاقتصادية الصينية الموعودة، ولكنهم مترددون إلى حد كبير في اتخاذ قرارات الإنفاق الكبيرة - على غرار شراء المنازل - وهي القرارات التي قد تؤدي مجتمعة إلى تحويل الاقتصاد المتباطئ.
وقال وزير المالية لان فوان، يوم السبت، إن الحكومة تخطط «لزيادة كبيرة» في الديون لإحياء النشاط الاقتصادي، رغم أنه لم يوضح حجمها أو توقيتها، الأمر الذي أصاب كثيراً من الذين تابعوا الحدث بخيبة الأمل.
وقد تكون التفاصيل مفقودة لأسباب إجرائية؛ إذ يحتاج إصدار الديون الإضافية إلى موافقة البرلمان الذي من المقرر أن يجتمع في الأسابيع المقبلة. ومع ذلك، قال المحللون إن الإعلانات التدريجية وغير المكتملة تتعارض مع الإلحاح المطلوب للاقتصاد الذي يواجه خطر تفويت هدف النمو هذا العام الذي يبلغ نحو 5 في المائة ويواجه ضغوطاً انكماشية حادة.
ويتوقع خبراء الاقتصاد الحاجة من 2 إلى 3 تريليونات يوان (283 إلى 424 مليار دولار) من الحوافز المالية الإضافية. وقال بعض المستثمرين إن الرقم يحتاج إلى أن يكون أعلى من ذلك للحفاظ على مكاسب السوق.
ومن العوامل الرئيسية التي تعرقل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، التباطؤ المطول في سوق العقارات التي شكلت ما يقرب من ربع النشاط الاقتصادي في ذروتها عام 2021.
وقد أعطت بعض إعلانات السياسات في أواخر سبتمبر (أيلول) دفعة للقطاع العقاري، وأعادت إحياء الاهتمام بشكل رئيسي من المشترين لأول مرة مثل تشانغ.
وخفض البنك المركزي أسعار الفائدة، وضخ تريليون يوان في القطاع المصرفي. انضمت مدن كبيرة مثل شنتشن وقوانغتشو وشنغهاي إلى بقية البلاد في إزالة معظم القيود المفروضة على شراء المساكن.
ودفعت هذه التدابير الأسهم الصينية إلى أعلى مستوياتها في عامين قبل أن تتراجع بسبب عدم اليقين بشأن الافتقار إلى التفاصيل. وخلال العطلة الوطنية من 1 إلى 8 أكتوبر (تشرين الأول)، قفزت المبيعات مقدرة بمساحة الأرضية بنسبة 23 في المائة عن العام الماضي.
وفي شنتشن، حيث الأسعار حالياً أقل بنحو 40 في المائة عن ذروتها، تم توقيع نحو 1841 عقد بيع بصفة مؤقتة للمنازل الجديدة خلال الفترة، بزيادة 664 في المائة عن العام الماضي، حسبما ذكرت هيئة الإسكان في المدينة.
وفي منطقة خليج دايا القريبة، تقول لوحات الإعلانات الجديدة: «أسعار المنازل عند أدنى مستوياتها. الآن هو الوقت المناسب للشراء».
ولكن في معرض العقارات، لم يكن بعض البائعين واثقين من إمكانية استدامة التحسن. وكان تشين جينغتاو، مدير المبيعات في شركة تطوير العقارات «مانجينغهوا»، يعرض شققاً في مشروعين مختلفين - أحدهما أكثر مركزية، ويشهد زيادة «ملحوظة» في اهتمام المشترين، والآخر في الضواحي، وهو ليس كذلك.
في حين كانت السياسات الأخيرة «مواتية»، لم يكن تشين متأكداً من أن الأسوأ قد مر، وخاصة في شنتشن، موطن كثير من الصناعات التصديرية، خاصة أنها تأتي في وقت من التوترات التجارية الزائدة. ودعا المرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترمب إلى فرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية إذا فاز في انتخابات الشهر المقبل.
وقال تشين: «الأسهم والعقارات والتجارة كلها غير مستقرة للغاية. يفقد كثير من الناس وظائفهم، ولا يستطيع الشباب العثور على فرص عمل، ولا يوجد مجال لزيادة الأجور. كيف يمكنهم شراء المنازل؟».
ومع متوسط نمو بنسبة 5 في المائة، لا تزال الصين تنمو بشكل أسرع من معظم دول العالم... ولكن بالنسبة لملايين المستهلكين، الذين بلغوا سن الرشد عندما كان متوسط النمو 9 في المائة، يبدو الأمر وكأنه ركود.
ويعاني ما يقرب من واحد من كل خمسة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً من البطالة. وأظهر تقرير خاص صادر عن منصة التوظيف «شاوبين» أن متوسط الأجر المعروض في 38 مدينة رئيسية انخفض بنسبة 2.5 في المائة في الربع الثالث من الربع الثاني.
وكان وانغ تشي يو، نائب المدير العام لوحدة العقارات في شركة «مترو شنتشن»، من أصحاب الرأي القائل بأن «الأوقات الأكثر صعوبة لم تمر بعد». وقال إنه من الواضح أن سياسة الحكومة تجاه القطاع «تغيرت»، ولكن «القوة الشرائية للناس تحتاج أيضاً إلى الدعم».