«انهيار السوق» يدفع «بنك اليابان» إلى تفضيل التوقف عن رفع الفائدة

انتعاش الين وهبوط الأسهم قد يضرّان بالأرباح والمعنويات

رئيس الوزراء الياباني الجديد شيغيرو إيشيبا في مؤتمر صحافي بالعاصمة طوكيو يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الياباني الجديد شيغيرو إيشيبا في مؤتمر صحافي بالعاصمة طوكيو يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

«انهيار السوق» يدفع «بنك اليابان» إلى تفضيل التوقف عن رفع الفائدة

رئيس الوزراء الياباني الجديد شيغيرو إيشيبا في مؤتمر صحافي بالعاصمة طوكيو يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الياباني الجديد شيغيرو إيشيبا في مؤتمر صحافي بالعاصمة طوكيو يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

أظهر ملخص لاجتماع «بنك اليابان»؛ الذي عقد في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن صناع السياسات ناقشوا الحاجة إلى التباطؤ في رفع أسعار الفائدة مع غموض الأسواق المتوترة، مما قلل من فرص رفع أسعار الفائدة في الأمد القريب.

كما أظهر الملخص كيف أدى قرار «بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي» إجراء خفض مبالغ فيه لتكاليف الاقتراض، الذي جاء قبل يوم واحد من اجتماع «بنك اليابان» في 19 و20 سبتمبر الماضي، إلى زيادة المخاوف بشأن التوقعات الاقتصادية الأميركية.

وقال التقرير: «لقد ازدادت حالة عدم اليقين بشأن الاقتصاد الأميركي ووتيرة خفض أسعار الفائدة من جانب (بنك الاحتياطي الفيدرالي). ولا بد من الانتباه إلى احتمال أن يكون لهذه العوامل تأثير سلبي على أسعار صرف الين وأرباح الشركات في اليابان».

وأظهر التقرير أن أحد أنصار زيادات أسعار الفائدة في المستقبل دعا إلى التحلي بالصبر في اتخاذ القرار عقب «انهيار السوق»، وهو ما يمثل تحولاً عن الاجتماع السابق في يوليو (تموز) الماضي عندما صوت كثير من أعضاء مجلس الإدارة التسعة لمصلحة رفع أسعار الفائدة لتجنب خطر التضخم المرتفع للغاية.

يأتي ذلك بينما نقل التقرير عن أحد الأعضاء قوله: «ما زلت مقتنعاً بأنه إذا تأكد عدم وجود مراجعة هبوطية كبيرة لتوقعاتنا، فمن المستحسن رفع أسعار الفائدة دون إضاعة كثير من الوقت... ولكن رفع أسعار الفائدة ينبغي ألا يكون غاية في حد ذاته»، داعياً إلى ضرورة انتظار التوقيت «المناسب» لرفع تكاليف الاقتراض.

وفي ضوء حالة عدم اليقين الاقتصادي والسوقي، كان من غير المرغوب فيه أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة أكثر في هذه المرحلة؛ لأن فعل ذلك قد يشير إلى أن «البنك المركزي» يتحول إلى دورة تشديد نقدي كاملة، كما أظهر رأي ثالث.

وأظهر رأي رابع أن «حالة عدم اليقين الاقتصادي في الخارج قد زادت. يجب أن نفحص التطورات الخارجية والسوقية من كثب في الوقت الحالي»، مضيفاً أن رفع أسعار الفائدة يمكن أن ينتظر حتى تتضاءل مثل هذه الشكوك.

وفي اجتماع سبتمبر الماضي، أبقى «بنك اليابان» أسعار الفائدة قصيرة الأجل ثابتة عند 0.25 في المائة، وقال محافظه إنه يستطيع تحمل تمضية الوقت في مراقبة تداعيات حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي، مشيراً إلى أنه ليس في عجلة من أمره لرفع تكاليف الاقتراض أكثر.

وكتب المحللون في «إس إم بي سي نيكو سيكيوريتيز» في مذكرة بحثية: «على النقيض تماماً من شهر يوليو الماضي؛ عندما كانت التفاؤل بشأن الاقتصاد، والتركيز على مخاطر التضخم الصاعد، والدعوات إلى رفع أسعار الفائدة الإضافية، أغلبية واضحة، كان هناك عدد كبير جداً من الآراء الحذرة بشأن التوقعات في سبتمبر».

وأضافوا: «مع وجود عدد كبير من الآراء التي تدعو إلى ضرورة التدقيق في المخاطر الاقتصادية السلبية، فمن الصعب التنبؤ برفع (بنك اليابان) أسعار الفائدة في المستقبل القريب»، متوقعين أن يأتي الارتفاع التالي في يناير (كانون الثاني) من العام المقبل.

وأنهى «بنك اليابان» أسعار الفائدة السلبية في مارس (آذار) الماضي، ورفع تكاليف الاقتراض قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة خلال يوليو، على أساس الرأي بأن اليابان تحرز تقدماً نحو تحقيق هدف التضخم بنسبة اثنين في المائة بشكل دائم.

وأدى رفع أسعار الفائدة في يوليو، وتعليقات المحافظ كازو أويدا المتشددة، إلى جانب بيانات سوق العمل الأميركية الضعيفة، إلى ارتفاع حاد في الين وهبوط سوق الأسهم في أوائل أغسطس (آب) الماضي. ومنذ ذلك الحين، أكد صناع السياسات في «بنك اليابان» على الحاجة إلى مراعاة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن تقلبات السوق.

ويراجع «بنك اليابان» أسعار الفائدة التالية في 30 و31 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، عندما يصدر المجلس أيضاً توقعات ربع سنوية جديدة للنمو والأسعار. ويعقد اجتماعاً آخر في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وتوقع أغلب خبراء الاقتصاد؛ الذين استطلعت «رويترز» آراءهم في الفترة من 4 إلى 12 سبتمبر الماضي، أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة مرة أخرى بحلول نهاية العام.

ونقل عن أحد الأعضاء قوله: «في إدارة السياسة النقدية، من الضروري أن نولي الاهتمام الواجب للمخاطر السلبية التي تهدد اقتصاد اليابان ونراقب البيانات بعناية»، وهو ما يسلط الضوء على تحول تركيز «بنك اليابان» بعيداً عن خطر تجاوز التضخم نحو دعم التعافي الهش.

وأظهر الملخص أن عضوا آخر قال إن التراجع الحاد للين عن نقاط الضعف السابقة قد يضر بالصادرات ويثني المصنعين عن زيادة الأجور.

ويضيف رحيل رئيس الوزراء فوميو كيشيدا، الذي عَيّن أويدا محافظاً للبنك المركزي وأيد تطبيع سياسة «بنك اليابان»، إلى حالة عدم اليقين بشأن جهود البنك لرفع أسعار الفائدة. وقال شيغيرو إيشيبا، الذي عُيّن رئيساً جديداً للوزراء، يوم الأحد، إن اتجاه السياسة النقدية اليابانية يجب أن يظل متساهلاً.

ونقل عن أحد أعضاء مجلس الإدارة قوله في ملخص سبتمبر الماضي: «فيما يتعلق بالرفع المقبل لأسعار الفائدة، فأنا أركز على التطورات في التضخم الاستهلاكي، والزخم نحو محادثات الأجور في العام المقبل، والتطورات الاقتصادية في الولايات المتحدة».


مقالات ذات صلة

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

الاقتصاد المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
الاقتصاد رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)

ولاية جديدة لرئيسة منظمة التجارة العالمية وسط شبح «حروب ترمب»

قالت منظمة التجارة العالمية إن رئيسة المنظمة نغوزي أوكونجو - إيويالا أُعيد تعيينها لفترة ثانية في اجتماع خاص يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الاقتصاد مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد موظفان يرفعان علم الصين أمام مقر البورصة في جزيرة هونغ كونغ (رويترز)

الصين تمدد الإعفاءات الجمركية على بعض المنتجات الأميركية حتى 2025

قالت الصين إنها ستمدد إعفاءات التعريفات الجمركية على واردات بعض المنتجات الأميركية حتى 28 فبراير 2025.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا يلقي كلمته أمام البرلمان في طوكيو الجمعة (أ.ف.ب)

اليابان تستكمل ميزانية إضافية بقيمة 92 مليار دولار لحزمة إنفاق جديدة

استكملت الحكومة اليابانية ميزانية تكميلية بقيمة 92 مليار دولار، الجمعة، لحماية الأسر من ارتفاع تكاليف المعيشة

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
TT

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)

أكد البنك المركزي التركي استمرار دعم الموقف المتشدد في السياسة النقدية من خلال السياسات الاحترازية الكلية بما يتماشى مع تراجع التضخم.

وأكد البنك في تقرير الاستقرار المالي للربع الثالث من العام أنه «في واقع الأمر، مع مساهمة الإطار الاحترازي الكلي الذي قمنا بتعزيزه، يتحرك نمو الائتمان بما يتماشى مع تراجع التضخم».

وأضاف التقرير، الذي أعلنه البنك، الجمعة، أنه بينما يتم تعزيز آلية التحويل النقدي، يتم تشكيل التسعير في الأسواق المالية بما يتماشى مع سياسة سعر الفائدة والتوقعات.

وفي تقييمه للسياسة الاقتصادية الحالية، قال رئيس البنك المركزي التركي، فاتح كاراهان في التقرير، إن «أسعار الفائدة على الودائع ستبقى عند مستويات داعمة لمدخرات الليرة التركية».

وأضاف كاراهان أن «استمرار عملية خفض التضخم يزيد من الاهتمام والثقة في أصول الليرة التركية، وأن الزيادة المطردة في حصة ودائع الليرة التركية مستمرة، وأدى الانخفاض الكبير في رصيد الودائع المحمية من تقلبات سعر الصرف إلى تعزيز قوة العملة التركية».

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان (موقع البنك)

وتابع كاراهان أن «مزيج السياسات الحالي يدعم تحسين تصور المخاطر تجاه الاقتصاد التركي وانخفاض علاوة المخاطر، وانعكاساً لذلك؛ تعززت قدرة الاقتراض الأجنبي للشركات والبنوك».

وأوضح أنه بمساهمة انخفاض مستوى ديون الشركات، كان انعكاس تشديد الأوضاع المالية على مؤشرات جودة الأصول محدوداً، بالإضافة إلى التدابير الحكيمة وسياسات توفير البنوك والاحتياطيات القوية لرأس المال والسيولة بقيت المخاطر عند مستوى يمكن التحكم فيه.

كان كاراهان أكد، في كلمة خلال الاجتماع العادي لجمعية غرفة صناعة إسطنبول، الخميس، أهمية سياسات البنك المركزي بالنسبة للصناعة والإنتاج والاستقرار المالي، مشيراً إلى أن القدرة على التنبؤ ستزداد فيما يتعلق باستمرار عملية تباطؤ التضخم وما يتبعها من استقرار الأسعار.

وأضاف: «وبالتالي، يمكن اتخاذ قرارات الاستثمار والإنتاج والاستهلاك من منظور طويل الأجل».

وفي معرض تأكيده على أن عملية خفض التضخم مستمرة، قال كاراهان: «انخفض معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين إلى 48.6 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو انخفاض كبير مقارنة بذروته في مايو (أيار)، ونتوقع أن ينخفض ​إلى 44 في المائة في نهاية العام.

وأضاف أن الاتجاه الرئيس للتضخم يتحسن التضخم، على الرغم من أنه أبطأ مما توقعنا في أشهر الصيف، وسيستمر التضخم، الذي انخفض بسرعة بسبب التأثير الأساسي، في الانخفاض مع تحسن التضخم الشهري في الفترة المقبلة، ونهدف إلى خفض التضخم إلى 21 في المائة بحلول نهاية عام 2025.

مسار التضخم الأساسي وتوقعاته تدفع «المركزي التركي» للحفاظ على سياسته النقدية المتشددة (إعلام تركي)

وتابع: «موقفنا الحازم في سياستنا النقدية سيستمر في خفض الاتجاه الرئيس للتضخم الشهري من خلال موازنة الطلب المحلي، وارتفاع قيمة الليرة التركية الحقيقية، وتحسن توقعات التضخم، لقد حافظنا على سعر الفائدة الذي رفعناه إلى 50 في المائة في مارس (آذار)، ثابتاً لمدة 8 أشهر، وسنواصل موقف سياستنا النقدية المتشددة حتى يتحقق الانخفاض وتتقارب توقعات التضخم مع النطاق المتوقع على المدى المتوسط (5 في المائة)».

بالتوازي، أعلن معهد الإحصاء التركي أن اقتصاد تركيا سجَّل نمواً بنسبة 2.1 في المائة في الربع الثالث من العام على أساس سنوي.

وكان اقتصاد تركيا سجل نمواً في الربع الأول من العام بنسبة 5.3 في المائة، وفي الربع الثاني بنسبة 2.4 في المائة.

وظلت توقعات النمو للعام الحالي ثابتة عند 3.1 في المائة، بحسب نتائج استطلاع المشاركين في السوق لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي نشره البنك المركزي التركي، الأربعاء، في حين تراجعت التوقعات من 3.3 في المائة إلى 3.2 في المائة لعام 2025.