هل سيتعافى اقتصاد باكستان بعد قرض صندوق النقد الدولي الجديد؟

رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)
رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)
TT

هل سيتعافى اقتصاد باكستان بعد قرض صندوق النقد الدولي الجديد؟

رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)
رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)

حصلت باكستان على دفعة قوية لاقتصادها المتداعي، من حزمة إنقاذ جديدة من مُقرِض عالمي، بينما تجد نفسها في تحدٍ كبير لتنفيذ الأهداف الصعبة في موازنتها العامة، التي تعهّدت بها أمام صندوق النقد الدولي، للحصول على 7 مليارات دولار.

ترى المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، أن حزمة الإنقاذ الجديدة، التي تمت الموافقة عليها لباكستان، تهدف إلى مساعدة الحكومة على التعافي الاقتصادي وتقليص التضخم، إلى جانب توفير فرص عمل وتحقيق نمو شامل.

وأضافت غورغييفا، في منشور لها على موقع التواصل الاجتماعي، «إكس»: «اجتماع مثمر للغاية مع رئيس وزراء باكستان شهباز شريف. ناقشنا برنامجاً جديداً لباكستان، يدعمه الصندوق، يساعد على التعافي المستمر، وتقليص التضخم، وزيادة العدالة الضريبية، وإجراء إصلاحات لتوفير فرص عمل جديدة، وتحقيق نمو شامل»، حسب صحيفة «ذا نيشن» الباكستانية (السبت).

تصريحات غورغييفا تأتي بعد أن وافقت الهيئة التنفيذية للصندوق، ومقره واشنطن، على قرض بقيمة 7 مليارات دولار، بموجب ما يُعرف بـ«تسهيل الصندوق الموسع».

تأتي أحدث حزمة إنقاذ لباكستان، في شكل قروض، في أعقاب التزام من قبل الحكومة بتنفيذ إصلاحات، بما في ذلك جهد واسع لتوسيع القاعدة الضريبية للبلاد، وهو إجراء انعكس في ميزانية مثقلة بالضرائب، تم تمريرها في وقت سابق من هذا العام، من قبل الإدارة الحالية.

ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على ترتيب ممتد لمدة 37 شهراً بموجب تسهيل الصندوق الموسع لباكستان. وقال صندوق النقد في بيان له يوم الخميس، إن الصرف الفوري للصندوق سيبلغ نحو مليار دولار. بينما أفاد مكتب رئيس الوزراء بأنه من المقرر أن يتم الإفراج عن الشريحة الأولى التي تبلغ قيمتها نحو 1.1 مليار دولار، على الفور.

ضمانات سعودية وإماراتية وصينية

سهّلت الضمانات التمويلية التي حصلت عليها باكستان، من السعودية والإمارات والصين، موافقة صندوق النقد الدولي على القرض الجديد، وامتنع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في باكستان، ناثان بورتر، عن تقديم تفاصيل عن حجم التمويل الإضافي الذي تعهّدت به السعودية والإمارات والصين، لكنه قال إن هذا التمويل بخلاف تمديد أجل الديون.

وسبق أن حصلت الدولة الواقعة في جنوب آسيا على 22 برنامج إنقاذ من صندوق النقد منذ عام 1958 في ظل ما تعانيه من أزمات.

وقال بورتر للصحافيين، في مؤتمر عبر الجوال، «لن أخوض في التفاصيل، لكن السعودية والإمارات والصين قدمت جميعها ضمانات تمويلية كبيرة تنضم إلى هذا البرنامج».

وشكر شريف دولاً صديقة لتسهيل صفقة باكستان مع صندوق النقد الدولي. وقال لوسائل الإعلام الباكستانية، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن باكستان استوفت جميع شروط المُقرض بمساعدة من الصين والسعودية. أضاف: «من دون دعمهما، لم يكن هذا ممكناً»، دون الخوض في تفاصيل المساعدة التي قدمتها بكين والرياض لإتمام الصفقة.

أهداف صعبة

حدّدت الدولة الواقعة في جنوب آسيا، أهداف إيرادات صعبة في موازنتها السنوية للمساعدة في الفوز بموافقة صندوق النقد على إجراءات جديدة للضرائب.

وحدّدت باكستان هدفاً لإيرادات الضرائب بقيمة 13 تريليون روبية (47 مليار دولار) للعام المالي الذي بدأ في 1 يوليو (تموز) الماضي، وهو ما يمثل قفزة بنسبة 40 في المائة تقريباً عن العام السابق، وانخفاضاً حاداً في عجزها المالي إلى 5.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من 7.4 في المائة في العام السابق.

وقال وزير الدولة للشؤون المالية والإيرادات والطاقة، علي برويز مالك، في تصريحات سابقة، إن الهدف من إخراج موازنة صعبة وغير شعبية هو استخدامها منطلقاً لبرنامج صندوق النقد، مضيفاً أن المقرض راضٍ عن الإجراءات المتخذة بشأن الإيرادات، بناءً على محادثاتهما.

وقال مالك: «من الواضح أن إصلاحات الموازنة هذه تشكّل عبئاً على الاقتصاد المحلي، لكن برنامج صندوق النقد يدور حول الاستقرار».

إلى ذلك، انخفض العجز التجاري الباكستاني بنسبة 12.3 في المائة في العام المالي 2024، ليصل إلى 24.9 مليار دولار، مقارنة بـ27.47 مليار دولار في العام المالي 2023، بحسب بيانات مكتب الإحصاء.

وذكرت قناة «جيو نيوز» الباكستانية، أنه خلال الفترة من يوليو 2023 إلى يونيو (حزيران) 2024، شهد إجمالي صادرات باكستان زيادة بنسبة 10.54 في المائة ليصل إلى 30.645 مليار دولار، بينما تقلص إجمالي الواردات بنسبة 0.84 في المائة ​​ليصل إلى 54.73 مليار دولار.

وفي يونيو 2024، ارتفعت صادرات المنتجات الباكستانية بنسبة 7.3 في المائة لتصل إلى 2.529 مليار دولار، مقارنة بـ2.356 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. وهذه هي الزيادة الشهرية العاشرة على التوالي في الصادرات.

إشادة الصندوق

وفي بيان صدر يوم الخميس، أشاد صندوق النقد الدولي بباكستان؛ لاتخاذها خطوات رئيسية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي. فقد انتعش النمو، وانخفض التضخم إلى رقم أحادي، وسمحت سوق الصرف الأجنبي الهادئة بإعادة بناء الاحتياطي.

لكنه انتقد السلطات أيضاً، وحذّر من أنه على الرغم من التقدم، فإن نقاط الضعف والتحديات البنيوية التي تواجهها باكستان لا تزال هائلة. وقال إن بيئة الأعمال الصعبة والحوكمة الضعيفة والدور الضخم للدولة أعاقت الاستثمار، في حين ظلت القاعدة الضريبية ضيقة للغاية. وحذّر من أن «الإنفاق على الصحة والتعليم لم يكن كافياً لمعالجة الفقر المستمر، كما أن الاستثمار غير الكافي في البنية التحتية حدّ من الإمكانات الاقتصادية وترك باكستان عرضة لتأثير تغير المناخ».

وتعتمد باكستان منذ عقود على قروض صندوق النقد الدولي؛ لتلبية احتياجاتها الاقتصادية. وكانت الأزمة الاقتصادية الأخيرة هي الأطول أمداً، وشهدت باكستان أعلى معدل تضخم لها على الإطلاق، مما دفع البلاد إلى حافة التخلف عن سداد الديون السيادية في الصيف الماضي قبل خطة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي.

وقد تراجع التضخم منذ ذلك الحين، ورفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيفات باكستان للديون المحلية والأجنبية والديون غير المضمونة العليا إلى «سي إيه إيه 2» من «سي إيه إيه 3»، مشيرة إلى تحسن الظروف الاقتصادية الكلية، والسيولة الحكومية، والمواقف الخارجية الأفضل بشكل معتدل.


مقالات ذات صلة

«ستاندرد آند بورز» ترفع تصنيف سلطنة عمان بنظرة مستقبلية «مستقرة»

الاقتصاد حقل لإنتاج الغاز في سلطنة عمان (رويترز)

«ستاندرد آند بورز» ترفع تصنيف سلطنة عمان بنظرة مستقبلية «مستقرة»

رفعت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني تصنيف سلطنة عمان إلى «بي بي بي-» من «بي بي+»، معربة عن أملها في استمرار تعزيز المالية العامة للسلطنة.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد رئيس الوزراء الباكستاني يحضر الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (رويترز)

صندوق النقد الدولي يوافق على قرض بقيمة 7 مليارات دولار لباكستان

وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على قرض جديد بقيمة 7 مليارات دولار لباكستان، التي تعاني من ضائقة مالية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - إسلام آباد)
الاقتصاد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى السعودية أمين ماتي (لينكد إن)

صندوق النقد الدولي: النشاط غير النفطي في السعودية سيبقى قوياً

توقع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى السعودية، أمين ماتي، ألا يؤثر أي تراجع في أسعار النفط على نمو الناتج غير النفطي في السعودية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد شخص ينقل صندوق اقتراع إلى مركز فرز في نهاية التصويت بالانتخابات الرئاسية بسريلانكا 21 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

سريلانكا: إعادة فتح المحادثات مع صندوق النقد أكبر تهديد لاقتصاد البلاد

قال رئيس سريلانكا رانيل ويكرميسينج إن إعادة فتح المحادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج إنقاذ مالي من شأنها أن تشكل تهديداً كبيراً لاقتصاد البلاد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد خلال خطابها في صندوق النقد الدولي (موقع الصندوق على إكس)

لاغارد: المصارف المركزية قد تواجه تقلبات تضخمية لسنوات مقبلة

قالت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، الجمعة، إن التحولات العميقة في الاقتصاد العالمي قد تجعل التضخم متقلباً لسنوات مقبلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اغتيال حسن نصر الله قد يدعم الطلب على الذهب

سبائك ذهب (رويترز)
سبائك ذهب (رويترز)
TT

اغتيال حسن نصر الله قد يدعم الطلب على الذهب

سبائك ذهب (رويترز)
سبائك ذهب (رويترز)

يوماً بعد يوم، يزداد الذهب بريقاً مقارنة بالأصول الأخرى التي ترتفع مخاطرها بزيادة الاضطرابات الجيوسياسية حول العالم، وتصاعد وتيرة الصراع في منطقة الشرق الأوسط.

وتوقّعت منصة «آي صاغة» ارتفاع حجم الطلب على المعدن الأصفر النفيس، بعد تأكيد اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، في لبنان من قبل إسرائيل، وذلك بعد أن لامس سعر أوقية الذهب أعلى مستويات له على الإطلاق عند 2685 دولاراً، وبعد أن أشارت بيانات التضخم الأميركي في سبتمبر (أيلول)، إلى إحراز تقدم نحو هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة، وهو ما يدعم خفض أسعار الفائدة.

وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، إن «اغتيال حسن نصر الله، قد يشعل المنطقة ويوسع نطاق الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، ويرفع الطلب على الذهب، الذي يعد الملاذ الآمن وقت الأزمات، وسط حالة من عدم اليقين السياسي في الولايات المتحدة قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني)».

واختتمت الأوقية تعاملات الأسبوع عند 2658 دولاراً، لتحقق ارتفاعاً أسبوعياً بنسبة 1.4 في المائة، بلغ 36 دولاراً، بعد أن لامست الأوقية مستوى 2685 دولاراً في أعلى مستوى لها على الإطلاق، وفق إمبابي.

ووفقاً لبيانات منصة «آي صاغة»، فقد ارتفعت أسعار الذهب بالبورصة العالمية بنحو 596 دولاراً، وبنسبة 29 في المائة في عام 2024، وهو أكبر ارتفاع سنوي منذ عام 2010.

وهبطت أسعار الذهب إلى أدنى مستوى في 3 أيام، خلال الأسبوع الماضي، بعد أن كشف مكتب التحليل الاقتصادي الأميركي، أن التضخم في سبتمبر في طريقه لتحقيق هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي، ما يدعم مزيداً من التيسير النقدي وخفض أسعار الفائدة بنحو 50 نقطة أساس في اجتماع نوفمبر المقبل، إلا أن «الذهب فشل في اكتساب الزخم بفعل عمليات التصحيح وجنى الأرباح». وفق إمبابي.

وأظهر مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي في الولايات المتحدة، الذي يستبعد تكاليف الغذاء والطاقة المتقلبة، وهو مقياس التضخم المُفضّل لدى البنك المركزي الأميركي، أن أسعار المستهلك تظل مرتفعة. وكشفت البيانات عن ارتفاع مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي في الولايات المتحدة بنسبة 2.7 في المائة في الأشهر الـ12 الماضية، ارتفاعاً من 2.6 في المائة في يوليو (تموز). ومع ذلك، ارتفع التضخم الرئيسي بنسبة 2.2 في المائة فقط بسبب انخفاض أسعار الطاقة.

وشهدت صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب تدفقات صافية متواضعة الأسبوع الماضي، ولم تسهم بعد بشكل كامل في ارتفاع سعر الذهب، على الرغم من أن المحللين يتوقّعون مزيداً من النشاط من صناديق الاستثمار المتداولة في الأشهر المقبلة.

وتترقب الأسواق كلمة جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، في الاجتماع السنوي للجمعية الوطنية لاقتصادات الأعمال، يوم الاثنين المقبل.

ورفع بنك «يو بي إس» توقعاته لأسعار الذهب، وتوقّع تسجيل مزيد من المكاسب خلال العام المقبل.

وتوقّع المصرف السويسري وصول أسعار المعدن النفيس إلى 2750 دولاراً للأوقية بحلول نهاية 2024 من تقديراته السابقة البالغة 2600 دولار، أما بحلول منتصف العام المقبل فقد توقّع وصولها إلى 2850 دولاراً، ثم إلى 2900 دولار بحلول الرُّبع الثالث من 2025.

وأشار البنك إلى أن المعدن الأصفر يميل تاريخياً للارتفاع بنسبة تصل إلى 10 في المائة في الأشهر الـ6 التي تعقب أول خفض للفائدة من قبل «الاحتياطي الفيدرالي»، كما أنه مع اقتراب الانتخابات الأميركية يتوقع البنك زيادة حالة عدم اليقين؛ مما يعزز الطلب على الذهب بوصفه ملاذاً آمناً.