الديون الفرنسية تثير قلق شركاء الاتحاد الأوروبي والأسواق

صورة جوية لبرج إيفل وأسطح المباني السكنية وأفق مدينة باريس (رويترز)
صورة جوية لبرج إيفل وأسطح المباني السكنية وأفق مدينة باريس (رويترز)
TT

الديون الفرنسية تثير قلق شركاء الاتحاد الأوروبي والأسواق

صورة جوية لبرج إيفل وأسطح المباني السكنية وأفق مدينة باريس (رويترز)
صورة جوية لبرج إيفل وأسطح المباني السكنية وأفق مدينة باريس (رويترز)

ازدادت المخاوف بين شركاء فرنسا في الاتحاد الأوروبي والأسواق المالية بشأن احتمال أن تؤدي هشاشة حكومتها الأقلية إلى إضعاف جهود تعزيز أوضاعها المالية العامة، ومن ثم تهدد بتقويض القواعد المالية الجديدة للاتحاد الأوروبي.

وكشفت فرنسا عن حكومة جديدة، يوم السبت، بقيادة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه. هذه الحكومة ستُضطر إلى الاعتماد على حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في التصويت على قضايا رئيسية مثل موازنة عام 2025، أو خطة خفض الديون لمدة 7 سنوات، وهي مطلوبة بموجب قواعد الاتحاد الأوروبي، وفق «رويترز».

ويعارض كل من اليمين المتطرف واليسار المتطرف - اللذين يمتلك كل واحد منهما نحو ثلث المقاعد في البرلمان - تخفيضات الإنفاق، حتى مع وضع العجز في موازنة فرنسا على وشك الارتفاع إلى نحو 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، أي ضعف الحد الأقصى للاتحاد الأوروبي.

وقال مسؤول في منطقة اليورو، طلب عدم الكشف عن هويته بسبب الحساسيات السياسية المتعلقة بالموضوع: «إن الهشاشة السياسية للتحالف واضحة».

وأضاف: «لن أقول إن التوقعات متفائلة للغاية».

وتقدر المفوضية الأوروبية أن الدين العام الفرنسي، الذي بلغ 110.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، سيرتفع إلى 112.4 في المائة هذا العام، و113.8 في المائة في عام 2025 ما لم يتم اتخاذ إجراءات. وتشترط قواعد الاتحاد الأوروبي انخفاضاً بنسبة 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً.

وقال مسؤول ثانٍ في منطقة اليورو: «هذه معضلة حقيقية، من الواضح. وضع خطة لخفض الديون تتوافق مع الإطار الجديد، وتكون مقبولة سياسياً في البرلمان الفرنسي العدائي سيكون صعباً للغاية».

وأضاف: «في النهاية، يجب أن يأمل المرء في أن يكون هناك إدراك كافٍ في باريس بأن تكلفة الفشل يمكن أن تكون باهظة للغاية، وهذا سيشجع بعض الأحزاب على إعارة دعمها المؤقت للحكومة على الأقل».

ويؤدي قلق السوق بشأن الأوضاع المالية العامة الفرنسية إلى رفع تكاليف الاقتراض الفرنسي. وارتفع العائد على سندات فرنسا لأجل 10 سنوات لفترة وجيزة فوق عائد سندات إسبانيا، يوم الثلاثاء، للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية لعام 2008.

معالجة خاصة؟

يعتزم بارني تقديم موازنة عام 2025 إلى البرلمان الفرنسي والمفوضية الأوروبية بحلول منتصف أكتوبر (تشرين الأول). ومن المتوقع تقديم خطة لمدة 7 سنوات للإصلاحات والاستثمارات، وخفض الديون بعد بضعة أسابيع، بحلول نهاية أكتوبر.

وبينما يعتقد المسؤولون في الاتحاد الأوروبي أن ضغط السوق قد يدفع السياسيين الفرنسيين لاتخاذ قرارات صعبة، فإنهم يخشون أن تقوض خطةٌ ضعيفةٌ مصداقيةَ الإطار المالي الجديد للاتحاد الأوروبي الذي دخل حيز التنفيذ في أبريل (نيسان).

وقال مسؤول ثالث كبير في منطقة اليورو: «لا أتوقع أن تهرب فرنسا بسهولة هذه المرة، سيكون هذا ضربة كبيرة للقواعد الجديدة».

واستفادت فرنسا، في الماضي، من معاملة خاصة من الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالامتثال لقواعده المالية. وكثيراً ما خالفت فرنسا القواعد الأوروبية التي تتطلب من الدول الأعضاء الحفاظ على عجز الموازنة بأقل من 3 في المائة من الناتج الاقتصادي، ولم تحقق باريس فائضاً منذ عام 1974، أي قبل 3 سنوات من ولادة الرئيس إيمانويل ماكرون.

وأوضح رئيس المفوضية السابق جان كلود يونكر ذات مرة أن فرنسا حصلت على معاملة خاصة لأن «فرنسا هي فرنسا».

وتهدف القواعد الجديدة - مع السماح للدول بالتفاوض على مسارات خفض ديونها الخاصة مع المفوضية الأوروبية - إلى إظهار الأسواق أن حكومات الاتحاد الأوروبي جادة في تقليل الديون بعد الوباء وأزمة الطاقة.

وقال مسؤول رابع في منطقة اليورو: «أعتقد أن الخطة الفرنسية ستكون اختباراً». وأضاف: «سنرى مقدار الإبداع الذي سيكون هناك"، مشيراً إلى أنه حتى إذا بدت الخطة الأولية صارمة عند تقديمها، فقد يتم منح باريس بعض المرونة في وقت لاحق، عندما تتحقق المفوضية من تنفيذها على مر السنين.


مقالات ذات صلة

تراجع مبيعات التجزئة البريطانية أكثر من المتوقع قبيل موازنة ستارمر

الاقتصاد متسوقون يمشون في شارع أكسفورد في لندن (رويترز)

تراجع مبيعات التجزئة البريطانية أكثر من المتوقع قبيل موازنة ستارمر

تراجعت مبيعات التجزئة البريطانية بشكل أكبر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية التي أضافت إلى مؤشرات أخرى على فقدان الزخم الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عامل في مصنع «رافو» الذي يزوِّد وزارة الدفاع الفرنسية وشركات الطيران المدني الكبرى بالمعدات (رويترز)

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

تواجه موازنة فرنسا الوطنية أزمة خانقة دفعت المشرعين إلى اقتراح قانون يُلزم الفرنسيين العمل 7 ساعات إضافية كل عام دون أجر، وهي ما تعادل يوم عمل كاملاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)

اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

تفكر اليابان في إنفاق 13.9 تريليون ين (89.7 مليار دولار) من حسابها العام لتمويل حزمة تحفيزية جديدة تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد منظر عام لأفق مدينة عمان (رويترز)

الأردن يقر موازنة 2025 ويخفض العجز الأولي إلى 2%

أقر مجلس الوزراء الأردني مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الاقتصاد منظر عام يُظهر منطقة الأعمال المركزية بوسط مدينة نيروبي (رويترز)

كينيا تستهدف خفض عجز الموازنة 3.8 % في السنة المالية المقبلة

أعلنت كينيا استهدافها خفض عجز الموازنة بنسبة 3.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2025-2026، الممتدة من يوليو (تموز) 2025 - يونيو (حزيران) 2026

«الشرق الأوسط» (نيروبي)

تراجع مبيعات التجزئة البريطانية أكثر من المتوقع قبيل موازنة ستارمر

متسوقون يمشون في شارع أكسفورد في لندن (رويترز)
متسوقون يمشون في شارع أكسفورد في لندن (رويترز)
TT

تراجع مبيعات التجزئة البريطانية أكثر من المتوقع قبيل موازنة ستارمر

متسوقون يمشون في شارع أكسفورد في لندن (رويترز)
متسوقون يمشون في شارع أكسفورد في لندن (رويترز)

تراجعت مبيعات التجزئة البريطانية بشكل أكبر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية التي أضافت إلى مؤشرات أخرى على فقدان الزخم الاقتصادي قبيل أول موازنة للحكومة الجديدة، برئاسة رئيس الوزراء كير ستارمر.

وكان استطلاع للرأي أجرته «رويترز» بين الاقتصاديين قد توقّع انخفاضاً شهرياً في أحجام المبيعات بنسبة 0.3 في المائة، مقارنة بشهر سبتمبر (أيلول).

وكان الانخفاض في أكتوبر هو الأكبر منذ يونيو (حزيران) عندما تراجعت المبيعات بنسبة 1 في المائة مقارنة بشهر مايو (أيار). كما تم تعديل الزيادة الشهرية في المبيعات في سبتمبر إلى 0.1 في المائة بعد أن كانت قد قُدِّرت سابقاً بزيادة 0.3 في المائة.

وانخفض الجنيه الإسترليني بنحو 5 سنتات مقابل الدولار الأميركي فور صدور البيانات، قبل أن يعاود التعافي.

وقال «المكتب الوطني للإحصاء» إن التجار في جميع القطاعات أفادوا بأن المستهلكين قلصوا الإنفاق قبل أول موازنة ضريبية وإنفاقية للحكومة الجديدة في 30 أكتوبر.

وأضاف المكتب أن سبباً محتملاً آخر لضعف المبيعات كان عطلة نصف الفصل الدراسي في إنجلترا وويلز، التي عادة ما تقع ضمن فترة تقارير البيانات في أكتوبر، ولكنها لم تحدث هذا العام.

وكانت مبيعات الملابس ضعيفةً بشكل خاص في أكتوبر، وهو ما كان قد أظهرته الأرقام السابقة التي أصدرتها «جمعية التجزئة البريطانية»، التي تمثل الصناعة، والتي ربطت الانخفاض بطقس كان أكثر دفئاً من المعتاد.

وقال «المكتب الوطني للإحصاء» إنه في الـ12 شهراً حتى أكتوبر، ارتفعت أحجام المبيعات بنسبة 2.4 في المائة، وهو تباطؤ عن الزيادة البالغة 3.2 في المائة في سبتمبر، وأضعف من التوقعات المتوسطة في استطلاع «رويترز»، التي كانت تشير إلى زيادة بنسبة 3.4 في المائة.