بنك إنجلترا... لا خفض متوقعاً للفائدة والتركيز على برنامج التشديد الكمي

مبيعات سنداته قد تحرر مليارات الدولارات لحزب العمال

وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز في أثناء مغادرتها «11 داونينغ ستريت» بلندن الأسبوع الماضي (رويترز)
وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز في أثناء مغادرتها «11 داونينغ ستريت» بلندن الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

بنك إنجلترا... لا خفض متوقعاً للفائدة والتركيز على برنامج التشديد الكمي

وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز في أثناء مغادرتها «11 داونينغ ستريت» بلندن الأسبوع الماضي (رويترز)
وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز في أثناء مغادرتها «11 داونينغ ستريت» بلندن الأسبوع الماضي (رويترز)

بينما يبدو من غير المحتمل أن يخفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة، يوم الخميس، وسط ترقب لأدلة حول تحركاته المستقبلية، يتجه اهتمام المستثمرين إلى معرفة قرار البنك المركزي بشأن وتيرة مبيعاته للسندات، الذي هو سياسي ساخن. إذ إن قرار بنك إنجلترا زيادة سرعة مبيعاته من السندات يعد خطوة مهمة لخطط الإنفاق التي وضعتها وزارة الخزانة قبل تقديم الموازنة في 30 أكتوبر (تشرين الأول).

وفي اجتماعها يوم الخميس، ستقرر لجنة السياسة النقدية وتيرة برنامج التشديد الكمي للأشهر الـ12 المقبلة، حيث سيقلص البنك ميزانيته العمومية من خلال بيع سندات في الأسواق المالية (المعروفة بالـgilts، وهي سندات حكومية تصدر في المملكة المتحدة) والسماح للسندات الحالية بالاستحقاق دون إعادة استثمارها.

مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

إن القرار بشأن وتيرة التشديد الكمي له آثار كبيرة على الحكومة، حيث يخسر البنك مليارات الجنيهات على مبيعاته من السندات، مع تغطية وزارة الخزانة للخسائر. وبالتالي، سيؤثر حجم الخسائر في السنوات المقبلة على مقدار الحيز المالي الذي يتعين على وزيرة الخزانة راشيل ريفز، الوصول إليه لتحقيق هدفها المتمثل في خفض نسبة الدين على مدى خمس سنوات متجددة. وقد قدَّر البنك أن إنهاء مبيعات السندات النشطة تماماً سيوفر 10 مليارات جنيه إسترليني من الحيز المتاح للحكومة.

وعلى الرغم من التداعيات المالية، يتوقع بعض المحللين أن يسرع البنك من وتيرة بيع السندات على مدار الأشهر الـ12 المقبلة. ويتوقع الاقتصاديون في بنك «جي بي مورغان» أن ترتفع وتيرة التشديد الكمي من 100 مليار جنيه إسترليني إلى 120 مليار جنيه إسترليني، فيما قال المحللون في «دويتشه بنك» إن البنك سيختار 127 مليار جنيه إسترليني، وهو ما سيتضمن بيع 40 مليار جنيه إسترليني من سندات إلى السوق. ويقدَّر معدل السندات المستحقة بنحو 87 مليار جنيه إسترليني خلال العام المقبل.

وفي حال سرّع البنك مبيعاته من السندات، فإن ذلك سيزيد من التوقعات بأن حزب العمال سيغيِّر مقياس الدين المستخدم في هدفه المالي لاستبعاد الخسائر المالية التي تكبَّدها البنك. وقد يمنح هذا القرار وزارة الخزانة ما يزيد على 20 مليار جنيه إسترليني كمجال للمناورة المالية، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف المبلغ المقدر بـ9 مليارات جنيه إسترليني الذي جرى قياسه في الموازنة الأخيرة في مارس (آذار)، وفق مجلة «صنداي تايمز».

وقال مايكل سوندرز، عضو لجنة السياسة النقدية حتى عام 2022، إنه من المرجح أن تحوِّل ريفز مقياس الدين إلى مقياس يستثني الخسائر الرأسمالية التي يتكبدها البنك، مما يزيل تأثير التشديد الكمي على المالية العامة.

وأضاف: «المنطق هو أن الحيز المالي للحكومة لن يتأثر بقرارات البنك بشأن التشديد الكمي. وهذا من شأنه أن يحرر نحو 17 مليار جنيه إسترليني سنوياً من الحيز المالي». وقال إن المكاسب الإضافية غير المتوقعة من تغيير مقياس الدين من المحتمل أن تدَّخرها ريفز بدلاً من إنفاقها في موازنتها الأولى.

وقال أندرو غودوين، كبير الاقتصاديين البريطانيين في شركة «أكسفورد إيكونوميكس» للاستشارات: «قد يكون التصويت على وتيرة برنامج التيسير الكمي هو الأهم».

محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي يشارك بندوة البنك المركزي الأوروبي في سينترا الإيطالية (رويترز)

وقد قال محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي، إن برنامج التشديد الكمي ضروري لاستعادة قوة البنك المركزي إذا كان عليه تحفيز الاقتصاد من خلال شراء السندات مرة أخرى.

يعتقد غودوين ومعظم المتنبئين الآخرين، أن بنك إنجلترا من المرجح أن يُبقي على برنامج التشديد الكمي عند 100 مليار جنيه إسترليني سنوياً، لكنه قال إن الزيادة إلى 115-120 مليار جنيه إسترليني هي سيناريو معقول.

قرار الفائدة

من جهة ثانية، قال جميع الاقتصاديين الـ65 في استطلاع أجرته «رويترز» إن بنك إنجلترا سيُبقي على الأرجح على أسعار الفائدة عند 5.0 في المائة في 19 سبتمبر (أيلول)، بعد خفضها من أعلى مستوى لها منذ 16 عاماً عند 5.25 في المائة في أغسطس (آب).

كما توقع المحللون في «غولدمان ساكس» أن «تُبقي لجنة السياسة النقدية على سعر الفائدة عند 5.0 في المائة وأن تختار اللجنة الحفاظ على الوتيرة الحالية لخفض المخزون بقيمة 100 مليار جنيه إسترليني».

وسيكون المدخل الرئيسي القادم لبنك إنجلترا هي بيانات التضخم في المملكة المتحدة التي سيتم إصدارها يوم الأربعاء، وهو اليوم السابق لإعلان سياسته. ومن المرجح أن تُظهر البيانات التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة.

وكانت الأخبار حول ضغوط الأسعار متباينة. إذ تراجع نمو الأجور، كما توقع أعضاء لجنة السياسة النقدية الشهر الماضي، فيما فشل الاقتصاد في النمو في يوليو (تموز).

وقد سعًرت الأسواق يوم الخميس، باحتمال واحد من كل خمسة تقريباً لخفض سعر الفائدة الأسبوع المقبل، مع تسعير تخفيض بنسبة 0.25 نقطة مئوية بالكامل لشهر نوفمبر (تشرين الثاني).

ومع ارتفاع نمو الأجور وتضخم الخدمات في بريطانيا، يعتقد المستثمرون أن بنك إنجلترا سيخفف من سياسته بنسبة أقل من «الاحتياطي الفيدرالي» خلال العام المقبل وبشكل مماثل للبنك المركزي الأوروبي -على الرغم من أن البنك المركزي الأوروبي قد خفض بالفعل أسعار الفائدة مرتين هذا العام، بما في ذلك قبل يوم واحد.

وقال الاقتصاديون في «نومورا» إن تصويت بنك إنجلترا المتقارب (5-4 في أغسطس) واستطلاعات الأعمال الصحية تشير إلى تثبيتٍ يوم الخميس المقبل. وأضافوا: «نحن نرى أن لجنة السياسة النقدية ستتخطى اجتماع هذا الشهر وتخفض أسعار الفائدة مرة أخرى فقط في نوفمبر»، ورأوا أن سواتي دينغرا، من لجنة السياسة النقدية، من المرجح أن تكون الصوت الوحيد المؤيد لخفض أسعار الفائدة هذه المرة.


مقالات ذات صلة

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

الاقتصاد عامل في مصنع «رافو» الذي يزوِّد وزارة الدفاع الفرنسية وشركات الطيران المدني الكبرى بالمعدات (رويترز)

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

تواجه موازنة فرنسا الوطنية أزمة خانقة دفعت المشرعين إلى اقتراح قانون يُلزم الفرنسيين العمل 7 ساعات إضافية كل عام دون أجر، وهي ما تعادل يوم عمل كاملاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)

اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

تفكر اليابان في إنفاق 13.9 تريليون ين (89.7 مليار دولار) من حسابها العام لتمويل حزمة تحفيزية جديدة تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد منظر عام لأفق مدينة عمان (رويترز)

الأردن يقر موازنة 2025 ويخفض العجز الأولي إلى 2%

أقر مجلس الوزراء الأردني مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الاقتصاد منظر عام يُظهر منطقة الأعمال المركزية بوسط مدينة نيروبي (رويترز)

كينيا تستهدف خفض عجز الموازنة 3.8 % في السنة المالية المقبلة

أعلنت كينيا استهدافها خفض عجز الموازنة بنسبة 3.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2025-2026، الممتدة من يوليو (تموز) 2025 - يونيو (حزيران) 2026

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
الاقتصاد مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

«بنك إنجلترا»: تأثير الموازنة على التضخم يثير الغموض بشأن خفض الفائدة

قال كبار مسؤولي بنك إنجلترا إن التأثيرات المحتملة للزيادات الضريبية في أول موازنة تقدّمها الحكومة على التضخم تُعدّ أكبر نقطة غموض فيما يتعلق بالفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.