«الذكاء الاصطناعي لخير البشرية»... «قمة الرياض العالمية» تجمع المختصين وصناع القرار

خبير دولي لـ«الشرق الأوسط»: منصة لإطلاق «حلول التكنولوجيا المستقبلية» ودعم التنوع الاقتصادي بالمملكة

فتاة تجرب إحدى التقنيات الحديثة في «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» عام 2022 (سدايا)
فتاة تجرب إحدى التقنيات الحديثة في «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» عام 2022 (سدايا)
TT

«الذكاء الاصطناعي لخير البشرية»... «قمة الرياض العالمية» تجمع المختصين وصناع القرار

فتاة تجرب إحدى التقنيات الحديثة في «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» عام 2022 (سدايا)
فتاة تجرب إحدى التقنيات الحديثة في «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» عام 2022 (سدايا)

تحت شعار «الذكاء الاصطناعي لخير البشرية»، تنطلق «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي»، في الرياض يوم الثلاثاء، تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة «الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)».

وعشية «القمة» التي تنظمها «سدايا» والتي يتوقع أن يشارك فيها 456 متحدثاً من 100 دولة، و32 ألف زائر محلي ودولي، قال خبراء ومختصون إن «القمة» ستتعمق في مسار تنظيم الذكاء الاصطناعي وأخلاقياته، معوّلين على نتائجها في تطوير «الذكاء الاصطناعي المسؤول».

إحدى التقنيات الحديثة في «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» خلال 2022 (سدايا)

وقال الخبير الأميركي مارك مينيفيتش، المستشار لدى الأمم المتحدة رئيس قسم سياسة الذكاء الاصطناعي في «المركز الدولي لبحوث الذكاء الاصطناعي (IRCAI)» الذي ترعاه اليونيسكو، لـ«الشرق الأوسط»: «ستكون (القمة) نقطة انطلاق للحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي، وداعمة للتنويع الاقتصادي والاستدامة».

وحول تقييمه أهمية «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في السعودية بنسختها الثالثة، قال مينيفيتش، وهو مؤلف كتاب «كوكبنا مدعوم بالذكاء الاصطناعي»: «تعدّ النسخة التي ستنطلق الثلاثاء محورية للغاية، فهي تجمع في الرياض رواد الذكاء الاصطناعي؛ لمعالجة الموضوعات الحيوية».

وأضاف أن «تركيز السعودية على (الذكاء الاصطناعي من أجل الإنسانية)، إلى جانب التقدم في الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط، والرعاية الصحية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ومبادرات المدن الذكية مثل (نيوم)... يسلط الضوء على التزامها بأن تصبح رائدة عالمياً».

وحول طبيعة مشاركته في جلسات القمة، قال مينيفيتش: «بصفتي عضواً في المجلس الاستشاري لـ(الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي)، ومتحدثاً، فسأؤكد على الدور الكبير لمسؤولي الذكاء الاصطناعي في تطويره من أجل الخير، عبر الحوكمة والابتكار والاعتماد الاستراتيجي ونشر التقنيات».

وشرح مينيفيتش، وهو عضو أيضاً في «منتدى التنافسية الدولية»، أن «(القمة) توفر منصة عالمية لمناقشة كيف يمكن للمؤسسات الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، مع الحفاظ على المعايير الأخلاقية والامتثال التنظيمي».

ووفق مينيفيتش، فإن السعودية «تعزز ريادتها في مجال (الذكاء الاصطناعي من أجل الإنسانية)، في عدد من مشروعاتها الحيوية، عبر تقنين الصناعات ذات الصلة في مجالات عدة؛ من بينها خدمات الرعاية الصحية، فضلاً عن إدارة الأعمال، وإنشاء المدن الصناعية»، لافتاً إلى أنه «من المرجح أن تؤدي هذه الجهود المتوافقة مع (رؤية 2030) إلى جذب استثمارات جديدة، وشراكات دولية، ومبادرات كثيرة، مثل تنمية مواهب الذكاء الاصطناعي، وإضفاء (الطابع الديمقراطي) مفتوح المصدر على استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي».

ويشير مصطلح «الذكاء الاصطناعي الديمقراطي» إلى زيادة إمكانية الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي والاستفادة منها من قبل مجموعة أوسع من المستخدمين.

ولفت مينيفيتش إلى أن التركيز على تنمية «مواهب الذكاء الاصطناعي» و«الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر» يضع السعودية في «طليعة تطورات الذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على المعايير الأخلاقية».

وشدد على أن التوجه السعودي للتوسع في مجال الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط، ومبادرات المدن الذكية، «يوضح التزامها بقيادة ابتكارات الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم».

وأكد أن الاستثمارات السعودية تتجلى في قطاع الذكاء الاصطناعي لتحقيق المصلحة العامة، عبر مبادرات مثل «سدايا» و«أرامكو ديجيتالز» و«نيوم»، فضلاً عن تعزيز حلول الرعاية الصحية المدعومة بالذكاء الاصطناعي في «مستشفى الملك فيصل».

التنويع الاقتصادي

ولفت مينيفيتش إلى أن الريادة السعودية في مجال «الذكاء الاصطناعي من أجل الإنسانية»، والتزامها بالذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة والاستدامة، يجعلانها وجهة جاذبة للاستثمار الأجنبي، مرجحاً أن تعمل «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» على تعزيز التعاون الذي يدفع بالتنويع الاقتصادي.

وتوقع أن يساهم القطاع في خلق وظائف عالية المهارات، مع تطوير قطاعات كثيرة، مثل الرعاية الصحية والتمويل، مشيراً إلى أن «هذه الجهود، المتوافقة مع (رؤية 2030)، ستعمل على تعزيز القدرة التنافسية العالمية للمملكة، وإدخال الابتكار في الصناعات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي».

من «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» عام 2022 (سدايا)

جذب عمالقة التكنولوجيا العالميين

من جهته، أكد عبد الله بن زيد المليحي، رئيس «الشركة السعودية للتميز القابضة» المستثمر السعودي في قطاع الذكاء الاصطناعي، لـ«الشرق الأوسط»، أن المؤتمر «سيؤسس لمنصة عالمية بهدف إظهار التزام المملكة باستخدام الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة للتنويع الاقتصادي والريادة العالمية في التقنيات المتطورة».

وقال: «يعدّ مؤتمر الذكاء الاصطناعي في المملكة معلماً أساسياً في رحلتها لتصبح رائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. سيعرض الحدث التقدم السريع الذي أحرزته المملكة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي والابتكار وإنشاء نظام بيئي رقمي يتماشى مع (رؤية 2030)».

ووفق المليحي، فستشمل الموضوعات الرئيسية في «القمة»، دمج الذكاء الاصطناعي في المشروعات الضخمة مثل «نيوم»، والتقدم في البنية التحتية لمعالجة البيانات، وتطوير تقنيات خاصة بالذكاء الاصطناعي تعمل على تطوير قطاعات مثل الرعاية الصحية والطاقة والتنمية الحضرية.

وأقر المليحي بأن «أحد التحديات الأشد إلحاحاً هو القدرة على تلبية الطلب المتصاعد على البنية التحتية القابلة للتطوير، مع الحفاظ على كفاءة الطاقة، فيما يتطلب التبني السريع للذكاء الاصطناعي عبر القطاعات المتنوعة التوازن بين التقدم التكنولوجي وأمن البيانات».

ومن المرجح، وفق المليحي، أن يسفر المؤتمر عن «شراكات تدفع الابتكار عبر قطاعات عدة، مثل الرعاية الصحية والخدمات اللوجيستية والطاقة، وتساعد في تسريع نمو تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل تطوير المدن الذكية وإدارة الموارد. وستدعم هذه التطورات بشكل مباشر أهداف (رؤية المملكة 2030) عبر تعزيز التنوع الاقتصادي والقيادة التكنولوجية».


مقالات ذات صلة

الاقتصاد رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

اليابان تناشد بايدن الموافقة على صفقة «نيبون - يو إس ستيل»

أرسل رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، رسالةً إلى الرئيس الأميركي جو بايدن يطلب منه الموافقة على استحواذ «نيبون ستيل» على «يو إس ستيل».

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد يابانيون يمرون أمام شاشة إلكترونية في العاصمة طوكيو تعرض حركة الأسهم على مؤشر نيكي (أ.ب)

رئيس الوزراء الياباني يدعو الشركات لزيادة كبيرة في الأجور

قال رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا يوم الثلاثاء إنه سيطلب من الشركات تنفيذ زيادات كبيرة في الأجور في مفاوضات العمل العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
مشاة في إحدى الطرقات بالحي المالي وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

قالت غرفة التجارة الأميركية في الصين إن مجموعة من المسؤولين التنفيذيين من الشركات الأجنبية والصينية التقت رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، في بكين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أفق فرانكفورت مع الحي المالي (رويترز)

معنويات الأعمال في ألمانيا تتراجع... مؤشر «إيفو» يشير إلى ركود محتمل

تراجعت المعنويات الاقتصادية في ألمانيا أكثر من المتوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يمثل مزيداً من الأخبار السلبية لبلد من المتوقع أن يكون الأسوأ أداءً.

«الشرق الأوسط» (برلين)

اليابان تناشد بايدن الموافقة على صفقة «نيبون - يو إس ستيل»

رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
TT

اليابان تناشد بايدن الموافقة على صفقة «نيبون - يو إس ستيل»

رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

أرسل رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، رسالةً إلى الرئيس الأميركي جو بايدن يطلب منه الموافقة على استحواذ «نيبون ستيل» على «يو إس ستيل»؛ لتجنب إفساد الجهود الأخيرة لتعزيز العلاقات بين البلدين، وفقاً لمصدرَين مطلعَين على الأمر.

وانضم بايدن إلى نقابة عمالية أميركية قوية في معارضة استحواذ أكبر شركة يابانية لصناعة الصلب على الشركة الأميركية العريقة مقابل 15 مليار دولار، وأحال الأمر إلى لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، وهي لجنة حكومية سرية تراجع الاستثمارات الأجنبية؛ بحثاً عن مخاطر الأمن القومي. والموعد النهائي لمراجعة لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة هو الشهر المقبل، قبل أن يتولى الرئيس المنتخب دونالد ترمب - الذي تعهَّد بعرقلة الصفقة - منصبه في 20 يناير (كانون الثاني).

وقد توافق لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة على الصفقة، ربما مع اتخاذ تدابير لمعالجة المخاوف المتعلقة بالأمن القومي، أو توصي الرئيس بعرقلتها. وقد تُمدِّد المراجعة أيضاً.

وقال إيشيبا في الرسالة، وفقاً لنسخة من النص اطلعت عليها «رويترز»: «تقف اليابان بوصفها أكبر مستثمر في الولايات المتحدة، حيث تظهر استثماراتها اتجاهاً تصاعدياً ثابتاً. إن استمرار هذا الاتجاه التصاعدي للاستثمار الياباني في الولايات المتحدة يعود بالنفع على بلدَينا، ويبرز قوة التحالف الياباني - الأميركي للعالم». وأكدت المصادر أنه تم إرسالها إلى بايدن في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وتابع إيشيبا: «في ظل رئاستك، وصل هذا التحالف إلى قوة غير مسبوقة. نطلب باحترام من الحكومة الأميركية الموافقة على الاستحواذ المخطط له من قبل شركة (نيبون ستيل) حتى لا نلقي بظلالنا على الإنجازات التي تحقَّقت على مدى السنوات الأربع الماضية»، كما جاء في الرسالة.

ورفضت السفارة الأميركية في اليابان التعليق. وأحال مكتب إيشيبا الأسئلة إلى وزارة الخارجية التي لم يكن لديها تعليق فوري. ورفضت شركة «نيبون ستيل» التعليق، ولم ترد شركة «يو إس ستيل» على الفور على طلب التعليق خارج ساعات العمل في الولايات المتحدة.

ويبدو أن نهج إيشيبا المباشر يمثل تحولاً في موقف الحكومة اليابانية بشأن الصفقة، التي أصبحت قضيةً سياسيةً ساخنةً، في ولاية أميركية متأرجحة رئيسة في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر.

وكان سلف إيشيبا، فوميو كيشيدا، قد سعى إلى إبعاد إدارته عن عملية الاستحواذ المثيرة للجدل، ووصفها بأنها مسألة تجارية خاصة حتى مع تصاعد المعارضة السياسية في الولايات المتحدة.

وبدا أن عملية الاستحواذ على وشك أن تُعرقَل عندما زعمت لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة في رسالة أرسلتها إلى الشركات في 31 أغسطس (آب) أن الصفقة تُشكِّل خطراً على الأمن القومي من خلال تهديد سلسلة توريد الصلب للصناعات الأميركية الحيوية.

ولكن تم تمديد عملية المراجعة في النهاية إلى ما بعد الانتخابات؛ لإعطاء اللجنة مزيداً من الوقت لفهم تأثير الصفقة على الأمن القومي والتواصل مع الأطراف، وفقاً لما قاله شخص مطلع على الأمر.

وقبل تولي إيشيبا منصبه في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، قال إن أي تحرك أميركي لمنع الصفقة لأسباب تتعلق بالأمن القومي سيكون «مقلقاً للغاية» نظراً للعلاقات الوثيقة بين الحلفاء.

والتقى إيشيبا وبايدن لأول مرة بصفتهما زعيمَين، على هامش قمة دولية في بيرو في وقت سابق من هذا الشهر. وقال إيشيبا في خطابه إن الرجلين لم يتمكّنا من الخوض في مناقشات بشأن العلاقة الاقتصادية في ذلك الاجتماع؛ بسبب قيود الوقت، وإنه يريد متابعة الأمر لجذب انتباهه إلى الصفقة في «منعطف حرج».

وقدَّمت شركة «نيبون ستيل» ضمانات وتعهدات استثمارية مختلفة من أجل الفوز بالموافقة. وأكد إيشيبا في خطابه إلى بايدن أن الصفقة ستفيد كلا البلدين، وقال: «إن شركة (نيبون ستيل) ملتزمة بشدة بحماية عمال الصلب في الولايات المتحدة، وفتح مستقبل مزدهر مع شركة الصلب الأميركية وعمالها. وستُمكِّن عملية الاستحواذ المقترحة شركات الصلب اليابانية والأميركية من الجمع بين التقنيات المتقدمة وزيادة القدرة التنافسية، وستسهم في تعزيز قدرة إنتاج الصلب وتشغيل العمالة في الولايات المتحدة»... ولم يتضح ما إذا كان بايدن قد ردَّ على الرسالة.