إدارة بايدن تدرس إنشاء صندوق ثروة سيادي أميركي

في خروج عن عقيدة واشنطن الاقتصادية ووسط محاولتها التنافس مع منافسين جيوسياسيين

بايدن يتحدث إلى أعضاء النقابات العمالية حول أجندته الاستثمارية في أميركا خلال زيارة إلى مركز التدريب المحلي التابع لاتحاد العمال في آن أربور بولاية ميشيغن (أ.ب)
بايدن يتحدث إلى أعضاء النقابات العمالية حول أجندته الاستثمارية في أميركا خلال زيارة إلى مركز التدريب المحلي التابع لاتحاد العمال في آن أربور بولاية ميشيغن (أ.ب)
TT

إدارة بايدن تدرس إنشاء صندوق ثروة سيادي أميركي

بايدن يتحدث إلى أعضاء النقابات العمالية حول أجندته الاستثمارية في أميركا خلال زيارة إلى مركز التدريب المحلي التابع لاتحاد العمال في آن أربور بولاية ميشيغن (أ.ب)
بايدن يتحدث إلى أعضاء النقابات العمالية حول أجندته الاستثمارية في أميركا خلال زيارة إلى مركز التدريب المحلي التابع لاتحاد العمال في آن أربور بولاية ميشيغن (أ.ب)

يعمل البيت الأبيض على تطوير خطط لإنشاء صندوق ثروة سيادي أميركي قادر على القيام باستثمارات كبيرة في القطاعات الاستراتيجية، في خروج عن العقيدة الاقتصادية لواشنطن وذلك في محاولتها التنافس مع منافسين جيوسياسيين أثرياء، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

وقال مسؤول في البيت الأبيض يوم الجمعة إن كبار أعضاء إدارة بايدن، بمن فيهم جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي، وداليب سينغ، كبير مساعدي الاقتصاد الدولي، كانوا يعملون على الخطط «بهدوء» في الأشهر الأخيرة.

أضاف أن «هيكل الصندوق ونموذج التمويل واستراتيجية الاستثمار لا تزال قيد المناقشة النشطة». ومع ذلك، كان الدفع «جاداً بما يكفي» لدرجة أن وكالات حكومية أخرى شاركت وخططت لـ«إشراك الكونغرس وأصحاب المصلحة الرئيسيين في القطاع الخاص في الخطوات التالية».

لسنوات، نظرت واشنطن بحذر إلى صناديق الثروة السيادية - مجموعات من الأموال التي تحتفظ بها الحكومة وتستثمرها - التي يتم إنشاؤها في دول حول العالم، بحجة أنها تشوّه التجارة والاستثمار العالميين وتمثل منافسة اقتصادية غير عادلة. لكن الخطط الجارية تحت رئاسة جو بايدن هي أحدث علامة على الطريقة التي تغير بها نهج أميركا تجاه الاقتصاد العالمي مع تصاعد المنافسة مع الصين وروسيا، وتصاعد التوترات في الشرق الأوسط.

وقال مسؤول البيت الأبيض إن «فرضية» الجهد كانت أن الولايات المتحدة «تفتقر إلى مجموعة من رأس المال الصبور والمرن الذي يمكن نشره في الداخل والخارج لتعزيز المصالح الاستراتيجية... بالوتيرة والحجم اللازمين للولايات المتحدة للانتصار في بيئة جيوسياسية متنازع عليها».

وأوضح أن الاستثمارات يمكن نشرها لدعم مرونة سلاسل التوريد وتمويل «الشركات غير السائلة ولكن المذيّبة التي تحتاج إلى نطاق أكبر للتنافس ضد منافسيها [الصين]». بالإضافة إلى ذلك، يمكن لصندوق الثروة الأميركي ضخ الأسهم في القطاعات التي توجد بها حواجز عالية للدخول، مثل بناء السفن المتخصصة والاندماج النووي.

ولفت المسؤول إلى أن استخداماً آخر قد يتضمن تمويل إنشاء «احتياطيات صناعية من المعادن الحيوية».

كانت المحادثات بين البيت الأبيض والولايات المتحدة، والتي أوردتها وكالة «بلومبرغ» للأنباء لأول مرة، مستمرة داخلياً منذ أشهر. لكن فكرة إنشاء صندوق ثروة سيادي أميركي ظهرت على الساحة السياسية هذا الأسبوع عندما أيدها الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي يترشح لولاية ثانية، خلال خطاب ألقاه في النادي الاقتصادي في نيويورك.

وقال ترمب، يوم الخميس، إنه يتصور أن الصندوق هو وسيلة لمعالجة قضايا الديون المستمرة وقال إنه سيتم تمويله من خلال خطته لفرض الرسوم الجمركية على جميع الواردات. أضاف: «سنكون قادرين على الاستثمار في مراكز التصنيع الحديثة والقدرات الدفاعية المتقدمة والبحوث الطبية المتطورة والمساعدة في توفير مليارات الدولارات في الوقاية من الأمراض في المقام الأول. وسوف يساعد العديد من الأشخاص في هذه الغرفة في تقديم المشورة والتوصية بالاستثمارات لهذا الصندوق».

وذكرت «بلومبرغ» أن التصدي لسيطرة خصوم الولايات المتحدة على المواد الحيوية والتكنولوجيا الناشئة يشكل دافعاً رئيسياً للمشروع، ويشعر المساعدون بقلق خاص إزاء القدرة على الاستفادة من رأس المال بنفس وتيرة وحجم البلدان الأخرى. على سبيل المثال، قامت مؤسسة الاستثمار الصينية باستثمارات كبيرة في الموارد الطبيعية، مستفيدة من احتياطيات النقد الأجنبي في البلاد. وقالت الوكالة إن العاملين على هذا الجهد حريصون على إضفاء الطابع الرسمي على الاقتراح خلال الأشهر المتبقية من فترة ولاية بايدن الرئاسية.

التواصل مع الكونغرس

إن إنشاء أي صندوق يتطلب صدور قانون من الكونغرس، حيث من المرجح أن يثبت الصراع حول مصدر التمويل المحتمل أنه أمر مثير للجدال، وفق «بلومبرغ». ولم يبدأ البيت الأبيض بعد في إشراك المشرّعين في الفكرة - على الرغم من أنهم يخططون لمناقشة الاقتراح مع الكونغرس والقطاع الخاص في المستقبل القريب.

في العام الماضي، اقترحت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين بقيادة الجمهوري من لويزيانا بيل كاسيدي وأنغوس كينغ، وهو مستقل من ولاية مين يشترك مع الديمقراطيين، إنشاء صندوق استثماري بأرباح تساعد في تعزيز مزايا الضمان الاجتماعي.

وتحظى فكرة إنشاء صندوق ثروة سيادي أميركي ببعض الدعم الخارجي على الأقل. فقد قال ملياردير صناديق التحوط جون بولسون، وأحد أكبر حلفاء ترمب في «وول ستريت»، يوم الخميس إنه يؤيد إنشاء الولايات المتحدة لمجموعة من شأنها أن تتجاوز 1.7 تريليون دولار تستخدمها النرويج للاستثمارات.

وأضاف بولسون في مقابلة مع تلفزيون «بلومبرغ»: «سيكون من الرائع أن نرى أميركا تنضم إلى هذا الحزب وبدلاً من الديون، لديها مدخرات. سيكون، بمرور الوقت، أكبر من أي من الصناديق القائمة». ولكن وزير الخزانة السابق لورانس سامرز وصف الفكرة بأنها «غير مكتملة». وقال سامرز في برنامج «وول ستريت ويك» يوم الجمعة: «إن الأمر مختلف إذا كنت النرويج أو الإمارات العربية المتحدة... لكن لدينا عجز تجاري كبير. لدينا عجز كبير في الموازنة». ورأى أنه «من الصعب تصديق أن تخصيص الكثير من الأموال لاستثمارات غير محددة تتم بطرق غير محددة، حيث لا تعرف حتى ما الذي ستسمى به، هو اقتراح مسؤول بشكل خاص».

دعم مختلط

يزعم المنتقدون أن الصندوق يمكن استغلاله في مشاريع سياسية لرؤساء في السلطة، ويثبت أنه من الصعب تمويله - خاصة وأن الأمة تستمر في تشغيل عجز كبير يساهم في الدين الوطني الذي يتجاوز 35 تريليون دولار.

وقال جاريد بيرنشتاين، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض، إنه سيكون «حذراً جداً من الانخراط في أي صندوق ثروة صغير... من المؤكد أنني لم أتحدث عن هذا في الاجتماعات التي حضرتها».

في حين تساءل الخبير الاقتصادي المحافظ دوغلاس هولتز-إيكين عن الحاجة إلى صندوق. وقال: «ما المشكلة التي سيحلها هذا؟ في رأيي، لا شيء. لا توجد أي فائدة منه بغض النظر عمن يقترحه. كل ما سيفعله هذا هو عزل هذه العملية عن التدقيق والرقابة السياسية، وهذا هو آخر شيء نحتاجه».


مقالات ذات صلة

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

الاقتصاد يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
الاقتصاد إعلان توظيف على نافذة مطعم «شيبوتل» في نيويورك (رويترز)

الطلبات الأسبوعية لإعانات البطالة الأميركية تنخفض على غير المتوقع

انخفض، الأسبوع الماضي، على غير المتوقع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات بطالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

مقترحات ترمب الاقتصادية تعيد تشكيل سياسة «الفيدرالي» بشأن الفائدة

قبل بضعة أسابيع، كان المسار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً. فمع تباطؤ التضخم وإضعاف سوق العمل، بدا أن البنك المركزي على المسار الصحيح لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.