«المركزي» الصيني «تحت الضغط» لدعم النمو المتعثر

عائد السندات الطويلة يهبط لأدنى مستوياته على الإطلاق

سيدات يلتقطن صوراً تذكارية على ساحل جزيرة هونغ كونغ (رويترز)
سيدات يلتقطن صوراً تذكارية على ساحل جزيرة هونغ كونغ (رويترز)
TT

«المركزي» الصيني «تحت الضغط» لدعم النمو المتعثر

سيدات يلتقطن صوراً تذكارية على ساحل جزيرة هونغ كونغ (رويترز)
سيدات يلتقطن صوراً تذكارية على ساحل جزيرة هونغ كونغ (رويترز)

قال مسؤول ببنك الشعب الصيني (المركزي)، يوم الخميس، إن الصين لا يزال لديها مجال لخفض كمية النقد التي يتعين على البنوك الاحتفاظ بها احتياطيات، في حين تواجه بعض القيود في خفض أسعار الفائدة، في إطار السعي إلى تعزيز التعافي الاقتصادي المتعثر في البلاد.

ويواجه بنك الشعب الصيني، الذي خفض أسعار الفائدة بشكل مطرد وضخ السيولة هذا العام، ضغوطاً لبذل مزيد من الجهود لضمان نمو الاقتصاد بنحو 5 في المائة هذا العام، بما يتماشى مع هدف الحكومة.

وقال زو لان، رئيس قسم السياسة النقدية بالبنك في إفادة صحافية، إن متوسط ​​نسبة الاحتياطي الإلزامي للمؤسسات المالية يبلغ نحو 7 في المائة في الوقت الحالي، «لذا هناك بعض المجال للخفض». وأكد أن البنك المركزي سيراقب الاتجاهات الاقتصادية المتطورة قبل إجراء أي تعديلات، مضيفاً أن البنك يراقب من كثب التغييرات السياسية في الاقتصادات الكبرى.

وخفض البنك المركزي الصيني متوسط ​​نسبة الاحتياطي الإلزامي المرجح من نحو 15 في المائة في عام 2018 إلى المستوى الحالي، وضخ أكثر من 12 تريليون يوان في الاقتصاد. وخفض نسبة الاحتياطي الإلزامي بنحو 50 نقطة أساس لجميع البنوك، والتي دخلت حيز التنفيذ في 5 فبراير (شباط)، لكن المؤشرات أظهرت أن اقتصاد الصين نما بشكل أبطأ بكثير من المتوقع في الربع الثاني، بسبب تباطؤ العقارات المطول والطلب المحلي الضعيف.

وتوقع «غولدمان ساكس»، يوم الخميس، أن يخفض بنك الشعب الصيني نسبة الاحتياطي الإلزامي بنحو 25 نقطة أساس في سبتمبر (أيلول)، وخفض سعر الفائدة بمقدار 10 نقاط أساس في الربع الرابع.

وأظهر مسح رسمي أُجري نهاية الأسبوع أن نشاط التصنيع المترامي الأطراف في الصين هبط إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر في أغسطس (آب)، مما يضغط على صناع السياسات للمضي قدماً في خطط توجيه مزيد من التحفيز إلى الأسر.

وقال زو إن هوامش الفائدة الصافية المتقلصة للبنوك من شأنها أن تحدّ من مزيد من التخفيضات في أسعار الودائع والإقراض. وقال نائب محافظ البنك المركزي، لو لي، في الإيجاز الصحافي: «سيستمر بنك الشعب الصيني في التزام سياسة نقدية داعمة»، مضيفاً أن البنك سيعمل على تعزيز الانخفاض المطرد في تكاليف تمويل الشركات وتكاليف الائتمان للأسر. وأضاف زو أن بنك الشعب الصيني سيوجه أسعار الفائدة في السوق إلى ما يقرب من سعر سياسته الرئيسي (سعر إعادة الشراء العكسي لمدة 7 أيام) مع تحويل تركيزه من الأهداف الكمية إلى أدوات قائمة على الأسعار مثل أسعار الفائدة.

ويريد البنك المركزي تحويل إطار سياسته لاستهداف تكلفة الائتمان بدلاً من حجمه، لكنَّ مخاطر السيولة والأسواق غير المتفاعلة تجعلان من الصعب تحويل الاقتصاد بعيداً عن الإقراض المصرفي الموجَّه من الدولة.

وفي مسار آخر، قدمت وزارة المالية الصينية، يوم الخميس، مسودة قواعد لإدارة الأنشطة التجارية المحلية لشركات المحاسبة الأجنبية. ووفقاً للمسودة، ستتولى الإدارات المالية مهمة مساعدة السلطات في إنفاذ القوانين واللوائح المتعلقة بهذه الشركات وممثليها. وقالت الوزارة إن شركات المحاسبة الأجنبية يجب أن تلتزم بشكل صارم بالقوانين واللوائح الصينية في أثناء عملها في البلاد.

وفي غضون ذلك، هبط العائد على السندات طويلة الأجل في الصين إلى أدنى مستوياته على الإطلاق يوم الخميس، مع تضاعف الرهانات على مزيد من التيسير النقدي على الرغم من تحذيرات البنك المركزي المتكررة والإجراءات الأخيرة لتهدئة عمليات شراء السندات الحكومية المحمومة.

وهبط العائد على السندات الصينية لأجل 30 عاماً إلى أدنى مستوياته على الإطلاق عند 2.29 في المائة في تعاملات بعد الظهر وسط تقارير إعلامية تفيد بأن البلاد تدرس خفض أسعار الفائدة على قروض الرهن العقاري القائمة لمساعدة سوق العقارات المتعثرة.

وصعدت أسعار العقود الآجلة للسندات لأجل 30 عاماً، التي تتحرك عكسياً مع العائدات، بنحو 0.5 في المائة إلى مستوى قياسي.

يأتي هذا الحماس المتجدد بشأن السندات بعد أيام من إعلان بنك الشعب الصيني أنه باع سندات خزانة طويلة الأجل في أغسطس في خطوة يقول المحللون إنها كانت تهدف إلى منع العوائد الطويلة الأجل من الهبوط بشكل أكبر.

وحذر بنك الشعب الصيني مراراً وتكراراً من شراء السندات بتهور لمنع مخاطر الفقاعة التي قد تؤدي إلى أزمة على غرار أزمة بنوك وادي السيليكون... ولكن يبدو أن المستثمرين يراهنون على أن الضعف المستمر في الاقتصاد الذي يعاني من ركود سوق العقارات وضعف الاستهلاك سيدفع بكين إلى طرح مزيد من تدابير التيسير.


مقالات ذات صلة

ترمب يشارك بمنتدى دافوس الاقتصادي الأسبوع المقبل

الولايات المتحدة​ يعود ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير في تزامن مع بدء منتدى دافوس السنوي الخامس والخمسين للقادة السياسيين ورجال الأعمال (رويترز)

ترمب يشارك بمنتدى دافوس الاقتصادي الأسبوع المقبل

قال منظمو المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس اليوم (الثلاثاء) إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سيشارك عبر الإنترنت في اجتماع للمنتدى ينعقد الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يقدم بياناً حول السياسة العامة في الجمعية الوطنية (إ.ب.ا)

رئيس الوزراء الفرنسي يعلن خفض توقعات النمو إلى 0.9 % هذا العام

قال رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا بايرو، في أول خطاب له أمام المشرعين في الجمعية الوطنية، يوم الثلاثاء، إن حكومته خفضت توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2025.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد نواف سلام يلوّح بيده لدى وصوله للقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون في قصر بعبدا (وكالة حماية البيئة)

سلام بعد تكليفه: الأزمة الاقتصادية وإعادة إعمار لبنان على رأس الأولويات

تعهد رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام، الثلاثاء، بالعمل على بناء الدولة الحديثة في لبنان الذي دمرته الأزمات المتوالية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد جانب من العاصمة السعودية الرياض (رويترز)

6 تريليونات دولار ناتج محلي متوقع لدول الخليج في 2025

توقع أمين عام مجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، وصول الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس الست، إلى 6 تريليونات دولار خلال عام 2025.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز تتحدث في مجلس العموم بعد زيارتها الأخيرة للصين (أ.ف.ب)

ريفز: الاضطرابات المالية تؤكد ضرورة تسريع جهود تحفيز النمو في بريطانيا

أصرت وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، على أن الاضطرابات في الأسواق المالية تؤكد ضرورة تسريع وتعميق جهود تحفيز النمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«أسبوع أبوظبي» يؤكد ضرورة التوازن بين الحصول على الطاقة وضمان الاستدامة

الشيخ محمد بن زايد وعدد من رؤساء الدول في افتتاح «أسبوع أبوظبي للاستدامة» (وام)
الشيخ محمد بن زايد وعدد من رؤساء الدول في افتتاح «أسبوع أبوظبي للاستدامة» (وام)
TT

«أسبوع أبوظبي» يؤكد ضرورة التوازن بين الحصول على الطاقة وضمان الاستدامة

الشيخ محمد بن زايد وعدد من رؤساء الدول في افتتاح «أسبوع أبوظبي للاستدامة» (وام)
الشيخ محمد بن زايد وعدد من رؤساء الدول في افتتاح «أسبوع أبوظبي للاستدامة» (وام)

أكدت الإمارات على أن العالم يشهد مرحلة تغييرات جذرية تقودها ثلاثة عوامل قوية ومؤثرة تتضافر معاً لإعادة صياغة وتشكيل المستقبل، ويتمثل ذلك في نهوض الأسواق الناشئة، والنقلة النوعية في منظومة الطاقة، والتطور الكبير في الذكاء الاصطناعي.

وهذه التوجهات مجتمعة قادرة على دفع عجلة التقدم، وتسريع ذلك بوتيرة غير مسبوقة، كما شدّدت على ضرورة عدم الاختيار بين الحصول على الطاقة وضمان الاستدامة، لأن هذا التفكير يعوق ويبطئ التقدم.

وجاءت الدعوة الإماراتية خلال انطلاق افتتاح «أسبوع أبوظبي للاستدامة 2025» بحضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.

وأشار الشيخ محمد بن زايد إلى أن «(أسبوع أبوظبي للاستدامة) يمثل منصة عالمية لطرح الرؤى وتبادل الخبرات من أجل مستقبل أفضل للبشرية، ويجسد التزام دولة الإمارات الثابت بدعم كل ما يعزز العمل الجماعي الدولي لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار للجميع، إضافة إلى نهج البلاد في تبني التكنولوجيا المتقدمة وتوظيفها لتحقيق نقلة نوعية في نظم الطاقة، ودفع عجلة التقدم الاقتصادي بما يضمن تحقيق الاستقرار والرفاهية للمجتمعات».

وأضاف أن الاستدامة تُمثل ركيزة أساسية ضمن استراتيجيات التنمية الوطنية لدولة الإمارات.

ازدياد الطلب على الطاقة

من جهته، قال الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر)، خلال كلمة رئيسة ألقاها، إن «دولة الإمارات ملتزمة بمواصلة دورها الرائد في دعم مسيرة التنمية المستدامة، وتعزيز التعاون الدولي، والعمل على توحيد جهود مختلف الأطراف ضمن مسار واحد يفتح الباب أمام النمو، ويقود جهود الرفاهية والازدهار، ويطلق العِنان لفرص اقتصادية غير مسبوقة»، مشدداً على أن ازدياد الطلب العالمي على الطاقة يستدعي توفير خيارات متنوعة من مصادرها لدفع عجلة التقدم المستدام.

وأضاف الدكتور سلطان الجابر: «مع بداية الربع الثاني من القرن الحادي والعشرين، نشهد مرحلة مفصلية نقف فيها بين عالَمين، أحدهما نعرفه، وآخر نستكشف ملامحه واحتمالاته، هذه المرحلة التي أسميها (نقلة نوعية من الحاضر إلى المستقبل)».

ثلاثة عوامل

وأوضح أن هناك ثلاثةَ عوامل قوية ومؤثرة تتضافر معاً لإعادة صياغة وتشكيل مستقبل البشرية بطرق لم نكن لنتخيلها، وهي نهوض الأسواق الناشئة المسؤولة حالياً عن أكثر من نصف معدلات النمو والازدهار في العالم، والنقلة النوعية في منظومة الطاقة، التي تسهم في توسيع نطاق مزيج الطاقة وخلق قطاعات جديدة بالكامل، والتطور الكبير في الذكاء الاصطناعي، ودوره في تسريع وتيرة التغيير. مؤكداً أن هذه التوجهات مجتمعة قادرة على دفع عجلة التقدم، وتسريع ذلك بوتيرة غير مسبوقة.

وبيّن أن مساعي القيادة لتعزيز التكاتف وتضافر الجهود عالمياً ألهمت العمل الدولي متعدد الأطراف، وساعدت في تغليب العزم والتصميم على الشكوك والمخاوف، ونجحت في توحيد جهود العالم للتوصل إلى «اتفاق الإمارات» التاريخي خلال مؤتمر الأطراف (كوب 28) الذي استضافته الإمارات في عام 2023.

جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«أسبوع أبوظبي للاستدامة» (الشرق الأوسط)

عدم استقرار إمدادات الطاقة المتجددة

وأشار الدكتور سلطان إلى أن عدم استقرار إمدادات الطاقة المتجددة كان على مدار عقود، أكبر عائق لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه المصادر. لكنَّ هذا التحدي تمت معالجته حالياً من خلال إطلاق دولة الإمارات لمشروع رائد في هذا المجال.

وقال: «من أهم التحديات التي يواجهها القطاع هو كيفية توفير الطاقة لعالم يشهد حركةً مستمرة من خلال مصادر غير مستقرة، وتحويل المصادر المتجددة إلى طاقة موثوقة يمكن الاعتماد عليها، واليوم أصبحت لدينا إجابة. وبهذا الصدد يسرُّني أن أعلن عن إطلاق أول منشأة للطاقة المتجددة في العالم قادرة على توفير الطاقة المتجددة على نطاق واسع بشكل مستقر ومستمر في الأوقات كافة».

وأشار إلى الطفرة التي حدثت في قطاع الطاقة، التي ارتبطت بالتوجهات العالمية الثلاثة، خاصةً النمو الكبير في الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى ارتفاع حجم الطلب الإجمالي على الطاقة.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي

وقال: «قبل بدء استخدام أدوات وحلول الذكاء الاصطناعي، كان الطلب المتوقع على الطاقة في طريقه إلى الارتفاع من 9 آلاف غيغاواط إلى أكثر من 15 ألف غيغاواط بحلول عام 2035. ولكن مع نمو تطبيقات، مثل (شات جي بي تي) بمقدار نصف مليار زيارة كل شهر، واستخدامها طاقةً تعادل عشرة أضعاف ما يستخدمه البحث لمرة واحدة على (غوغل)، فقد يصل الطلب بحلول 2050 إلى 35 ألف غيغاواط. إننا نتحدث هنا عن نسبة زيادة تقدر بنحو 250 في المائة، ولا يوجد مصدر واحد للطاقة بإمكانه تلبية هذا الطلب غير المسبوق».

وأكد الحاجة إلى تطبيق نهج يعتمد على مزيج متنوع من المصادر لضمان أمن الطاقة وتوفيرها لمليارات الأشخاص، بما يشمل طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة النووية، والغاز، والهيدروجين، والنفط الأقل كثافة من حيث الانبعاثات. وكذلك الاعتماد على تقنيات، مثل تخزين الطاقة باستخدام البطاريات، والتقاط وتخزين الكربون، بالإضافة إلى مصادر الطاقة الجديدة، والتقنيات النظيفة التي لم يتم اكتشافها بعد.

وقال: «تم إطلاق (إكس آر جي XRG) لتنضم إلى محفظة أبوظبي المتنوعة من الطاقة، وهي شركة استثمارية دولية في مجال الطاقة تسهم في تحقيق أقصى استفادة من الطاقة عبر الاستثمار في مختلف مجالات القطاع، من الغاز إلى الكيماويات والوقود منخفض الكربون، والبنية التحتية للطاقة».

تنويع المصادر

وشدّد على أنه لا يوجد مصدر واحد للطاقة بإمكانه تلبية الطلب غير المسبوق عليها، خاصةً مع افتقار مليار شخص في العالم إلى الطاقة حتى الآن، مما يؤكد ضرورة تنويع خيارات مصادرها.

كما شدّد على ضرورة عدم الاختيار بين الحصول على الطاقة وضمان الاستدامة، لأن هذا التفكير يعوق ويبطئ التقدم، مؤكداً أن الطاقة والاستدامة ليستا متعارضتين، بل هما متكاملتان، ويتطلب ذلك إنشاء مسارٍ جديد يضمهما معاً، ويفسح المجال أمام النمو، ويقود جهود الرفاهية والازدهار، ويطلق العنان للفرص الاقتصادية غير المسبوقة، ويقود البشرية للوصول إلى النقلة النوعية من الحاضر إلى المستقبل.