شراكة السعودية و«الفورمولا إي»... تطلعات لصناعة المستقبل في النقل المستدام

رياضة السيارات الحديثة تتحول لورشة عمل لتجربة الابتكارات التقنية وتطبيقها

TT

شراكة السعودية و«الفورمولا إي»... تطلعات لصناعة المستقبل في النقل المستدام

جانب من سباقات «الفورمولا إي» (الشرق الأوسط)
جانب من سباقات «الفورمولا إي» (الشرق الأوسط)

قد لا يتخيل البعض أن الفوز في سباقات «الفورمولا إي» - النسخة الكهربائية من «الفورمولا» - قد يقتصر فقط على قوة المحرك والسرعة ومهارة السائق في التجاوزات فقط كما هي الحال في النسخة التقليدية، وإنما يتعداها إلى قدرة وإبداع المتسابق في كيفية إدارة عمر البطارية إلى نهاية السباق، وهذا ما يجعل النسخة الكهربائية أكثر تعقيداً من تلك التقليدية.

مع انطلاق سباقات «الفورمولا إي»، بادرت السعودية إلى رعاية الحدث بشكل مكثف عبر عدد من المبادرات؛ من الدخول في شراكات الترويج، واستضافات الجولات، إلى دعم الفرق المتسابقة، ليس لمجرد تحقيق عوائد تسويقية - وهو أمر مباح بالطبع - وإنما للدور الجديد الذي تلعبه الرياض في احتضان هذا النوع من الفعاليات، والمساهمة في صناعة المستقبل.

ورشة عمل أو مركز أبحاث

يشرح عدد من الخبراء أنّ «الفورمولا إي» هي ورشة عمل أو مركز أبحاث لتجربة واختبار التقنيات الجديدة في السيارات الكهربائية. وفي حال نجاح تلك التقنيات، يصار إلى إسقاط هذه التجربة على السيارات الكهربائية العادية. فجزء من الشغف في متابعة سباقات «الفورمولا إي» يكمن في متابعة كم تبقّى من قدرة البطارية مع نهاية جولات السباق...

وكان هناك عديد من الأمثلة، حيث تراجع أحد المتسابقين بالجولات النهائية في سباق لندن الأخير من المركز الرابع إلى الثالث عشر؛ بسبب نفاد الطاقة التخزينية في البطارية مما جعل المنافسين يتجاوزونه قبل نهاية السباق. وهذا ما يفسر كيف يمكن للسائق إدارة قدرات البطارية للبقاء على قيد الحياة حتى الانتهاء من الجولات.

جولات عديدة لسباقات «الفورمولا إي» (الشرق الأوسط)

3 ركائز

يقول جيف دودز الرئيس التنفيذي لـ«فورمولا إي»: «لم يكن لدينا مشجعون من اليوم الأول، والآن لدينا 400 مليون مشجع، ولم تكن سرعة السيارات قياسية، حيث كانت السرعة القصوى نحو 140 ميلاً في الساعة، والآن تتجاوز 200 ميل في الساعة، مع وجود 130 سباقاً في جميع أنحاء العالم».

وحول شراكة «صندوق الاستثمارات العامة» مع «الفورمولا إي»، قال دودز في تصريحات على هامش السباق الأخير في العاصمة البريطانية لندن: «حدث كثير خلال الأشهر الـ6 الأخيرة، تعادل سنوات مكثفة بالنسبة لـ(الفورمولا إي). وكلتا الجهتين، أي صندوق الاستثمارات العامة والفورمولا إي، منظمتان ذواتا أهداف متقاربة تتحدان معاً، كما أنهما منظمتان مبتكرتان تلتزمان بالاستدامة والتطور، وتجتمعان لتوليد كثير من الأفكار الرائعة، لذا نحن الآن في شراكة لمحاولة تعزيز التعلم عن الاستدامة وعن التغير الذي يمكننا إحداثه».

وأضاف حول رؤية «الفورمولا إي»: «عندما تأسست هذه السلسلة، قامت على 3 ركائز أساسية؛ الأولى كانت تنظيم سباق سيارات بمستوى عالٍ، لذا أردنا أن نكون في الوقت المناسب سباق السيارات الأبرز في العالم، والثانية كانت تطوير تقنية المركبات الكهربائية، وهذا يعود بالمنفعة المباشرة على تصنيع السيارات، والركيزة الثالثة كانت منصة تعليمية للتثقيف حول الكربون والمناخ والاستدامة. لذلك بالنسبة لنا الأمر لا يعني أن نجمع بينها، فهي موجودة معاً منذ البداية، وبالنسبة لنا هذه المبادئ الثلاثة تسير جنباً إلى جنب».

وزاد جيف دودز: «أعتقد بأن السباق هو ما يجلب الحماس. فنحن عندما نصور ونقوم بالبث التلفزيوني يتلهف الناس لمشاهدة السباقات لأنها حماسية، وهو أمر في غاية التشويق، والأجواء ذات تنافسية عالية، ولكننا نجدها فرصة للدخول إلى محادثة أكثر عمقاً للحديث عن تطوير التقنية والاستدامة».

وقال: «إذا وصلنا إلى نهاية العام بإنجازنا لموسم سباقات عالمية المستوى، حماسية جداً، من دون أن نوجه رسالة حول الاستدامة أو التطوير أو التقنية فيسكون عاماً غير جيد لي، لذلك هذه الأمور الثلاثة لها القدر نفسه من الأهمية، وجمعيها متساوية في عملنا».

مشاركة الجهات السعودية تهدف لصناعة مستقبل التنقل المستدام (الشرق الأوسط)

مشاركة «صندوق الاستثمارات العامة»

وتظهر الشراكات السعودية بوضوح من خلال وجودها في سباقات «الفورمولا إي»، يتصدرها «صندوق الاستثمارات العامة» - الصندوق السيادي السعودي - الذي دخل في شراكة «E360» مع بطولات سباقات المحركات الكهربائية العالمية، وهي: «فورمولا إي» لسباقات السيارات الكهربائية السريعة، و«إكستريم إي» لسيارات الدفع الرباعي الكهربائية، و«إي 1» للزوارق الكهربائية السريعة، وذلك بهدف تعزيز نمو رياضات المحركات الكهربائية وتطوير دورها في إحداث تقدم بمستقبل التنقل المستدام. وبحسب الصندوق، تمتد الشراكة لسنوات، حيث تشكل منصة لمبادرات تُبرز قوة رياضة المحركات الكهربائية، وقدرتها على تعزيز الابتكار التكنولوجي، وإحداث نقلة نوعية في مستقبل التنقل المستدام، كما ستكون ركيزة للمساهمة بجهود الحد من انبعاثات الكربون.

وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود الرعاية الأوسع لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، وتتماشى مع استراتيجية الصندوق في اختيار مجالات الرعاية، التي تركز على الاستثمار في الأفراد والمبادرات، والشراكات التي تتبنى الركائز الـ4 الاستراتيجية للصندوق: الشمولية، والاستدامة، والشباب، والتكنولوجيا.

كما تأتي ضمن مساعي برنامج الرعايات الخاص بالصندوق، الذي يقدم كثيراً من الفرص عبر الاستثمار في الأفراد والمبادرات، والشراكات التي تحقق تأثيراً إيجابياً على الساحة العالمية. ويعمل «صندوق الاستثمارات العامة» على تحفيز التحول على مستوى العالم.

«الفورمولا إي» ورشة عمل لتجربة التقنيات على وسائل التنقل (الشرق الأوسط)

وتسهم الشراكة في تعزيز الفرص التعليمية في مجال هندسة رياضات المحركات الكهربائية، وتعزيز جودة الحياة، وتعزيز التحول في الرياضة محلياً وعالمياً، التي ستُمكّن شراكة الصندوق لجميع بطولات سباقات المحركات الكهربائية الـ3 من تقديم مبادرات رائدة بينها، فعاليات «بي إي إف إلكتريك 360» للقيادات، التي تجمع بين كبار الخبراء والقيادات في قطاعات مختلفة لتسريع التحول في مجال التنقل المستدام. بالإضافة إلى مبادرات تعليمية في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في السعودية، بالتزامن مع كل سباق من سباقات البطولات الـ3، وبرامج التدريب المهني مع شركاء الصناعة والتقنية في كل بطولة، والمبادرات تُبرز قوة رياضة المحركات الكهربائية، وقدرتها على تعزيز الابتكار التكنولوجي وإحداث نقلة نوعية في مستقبل التنقل المستدام، كما ستكون ركيزة للمساهمة بجهود الحد من انبعاثات الكربون.

ووفقاً للمعلومات، تؤكد مشاركة «صندوق الاستثمارات العامة» في قطاعات الرياضات الكهربائية التزام الصندوق بقيادة الابتكار التكنولوجي الجديد في المجال البيئي، وتعزيز مستقبل أنظمة النقل والتنقل المعتمدة على الكهرباء، وهي ضمن سياق الالتزام بالاستدامة.

دعم الابتكار

وبحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن مفهوم دعم الابتكار في مجال الاستدامة ومستقبل التنقل يمثل إحدى الركائز الرئيسة لاستراتيجية «صندوق الاستثمارات العامة»، حيث يحرص على تعزيز شراكات الاستراتيجية مع شركاء محليين ودوليين، كما يستثمر في التعاون المبتكر انطلاقاً من شعاره «نستثمر للأفضل».

ومن ضمن استراتيجيته لدفع التحول الاقتصادي وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، يعمل الصندوق على تطوير مستقبل التنقل المستدام في السعودية، بما في ذلك الاستثمار في قطاع السيارات الكهربائية، والاستثمار في التعدين بوصفه قطاعاً استراتيجياً ومصدراً للمواد الأولية اللازمة لصناعة البطاريات.

تقول هوازن نصيف، المديرة المكلفة الاستدامة في «صندوق الاستثمارات العامة»: «يعد الصندوق أحد المستثمرين الأكثر تأثيراً في القطاع الرياضي؛ لأننا نؤمن بقدرة الرياضة على إحداث التغيير الإيجابي في المجتمعات. فمن خلال الترويج للرياضات المستدامة مثل (الفورمولا إي) و( إي 1) و(إكستريم إي)، يمكننا تعزيز الممارسات المسؤولة، والعمل للحد من تغير المناخ، ودعم الانتقال إلى الطاقة النظيفة والمتجددة».

في المقابل، تؤكد «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)» أنها عملت بشكل وثيق مع «الفورمولا إي» لدمج حلولها المستدامة في منظومة أعمال السباق العالمي، حيث أسهم الجمع بين ثقافة الابتكار المستمر في تقديم حلول جديدة للسيارات الكهربائية تعزز تحويل الحياد الكربوني إلى واقع ملموس.

القطاعات ذات الأولوية

يُعدّ قطاع المركبات والتنقّل من ضمن القطاعات المحلية الاستراتيجية ذات الأولوية الـ13 التي يركّز عليها «صندوق الاستثمارات العامة» في استثماراته. ولهذا، أطلق الصندوق أول علامة تجارية وطنية للسيارات الكهربائية في السعودية «سير»، كما دعم تأسيس الأكاديمية الوطنية للمركبات والسيارات في المملكة؛ وذلك في إطار استثماراته على كامل مستوى المنظومة بهدف بناء قطاع محلي متكامل وجاهز للمستقبل.

ويوفّر قطاع المركبات والتنقل فرصاً متنوعة، وعديداً من الوظائف التي تتطلّب مهارات عالية، كما يُسهم في رفع الناتج المحلّي الإجمالي غير النفطي، وتمكين القطاع الخاص، وتعزيز مجالات البحث والتطوير، وسد الثغرات في القدرات على المستوى الإقليمي.

«تسارع»

أسس «صندوق الاستثمارات العامة» شركة «تسارع» للاستثمار في قطاع السيارات والتنقل، بوصفها شركةً استثماريةً تهدف إلى تسريع عجلة نمو قطاع السيارات والتنقل في المملكة، وقيادة استثمارات استراتيجية وشراكات مع شركات القطاع الخاص المحلية والدولية، لتمكين النمو المستدام وإتاحة الفرص عبر مجالات التنقل محلياً؛ دعماً لجهود المملكة لتصبح رائدة عالمياً في هذا القطاع الحيوي. وتدعم «تسارع» توجه الصندوق للوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2050.

كما أطلق الصندوق شركة «البنية التحتية للسيارات الكهربائية» بالشراكة مع الشركة السعودية لتطوير بنية تحتية عالية الجودة لدعم خدمات الشحن السريع للسيارات الكهربائية في البلاد، وتسريع الانتقال إلى المركبات الكهربائية، وتعمل الشركة على توفير أكثر من 5 آلاف شاحن سريع بحلول 2030.

الشراكات السعودية

وتدخل السعودية في عدد من الشراكات، حيث يرعى السباق كل من «صندوق الاستثمارات العامة» و«مجموعة الخطوط السعودية»، وشركة «سابك»، بالإضافة إلى مشاركة «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG») مع فريق «دي إس أوتوموبيل»، ومشاركة «نيوم» الاستراتيجية مع شركة «ماكلارين ريسينغ».


مقالات ذات صلة

«رالي فنلندا»: أوجيه يحقق فوزاً مفاجئاً

رياضة عالمية سيباستيان أوجيه (أ.ف.ب)

«رالي فنلندا»: أوجيه يحقق فوزاً مفاجئاً

أحرز الفرنسي سيباستيان أوجيه رالي فنلندا الأحد رغم أن كالي روفانبيرا زميله بفريق تويوتا كان قريباً جداً من تحقيق الفوز للمرة الأولى في بلاده.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
رياضة عالمية لويس هاميلتون (أ.ف.ب)

«جائزة بلجيكا الكبرى»: مشاعر متباينة لهاميلتون بعد تجريد راسيل من لقبه

اعترف البريطاني لويس هاميلتون سائق مرسيدس بأنه يعيش مشاعر متباينة بعد تجريد زميله جورج راسيل من لقب سباق جائزة بلجيكا الكبرى ضمن بطولة العالم لسباقات فورمولا 1.

«الشرق الأوسط» (برلين )
رياضة عالمية جورج راسل فقد لقب جائزة بلجيكا الكبرى لمصلحة لويس هاميلتون (أ.ف.ب)

«جائزة بلجيكا الكبرى»: استبعاد راسل وإعلان هاميلتون فائزاً

استُبعد البريطاني جورج راسل، الفائز بسباق جائزة بلجيكا الكبرى على حلبة سبا فرانكورشان، بعدما تبيّن إثر الفحص أن وزن سيارته مرسيدس أقل من الحدّ الأدنى المسموح.

«الشرق الأوسط» (سبا فرانكورشان)
رياضة عالمية جورج راسل يحتفل بفوزه بلقب جائزة بلجيكا الكبرى في الفورمولا 1 (أ.ف.ب)

«جائزة بلجيكا الكبرى»: جورج راسل يحقق الفوز... وثنائية أولى لمرسيدس منذ 2022

تُوّج البريطاني جورج راسل بسباق جائزة بلجيكا الكبرى في الجولة الـ14 على حلبة سبا فرانكورشان، الأحد، متفوقاً على زميله ومواطنه لويس هاميلتون.

«الشرق الأوسط» (سبا فرانكورشان)
رياضة عالمية سائق «فيراري» شارل لوكلير ينطلق أولاً في بلجيكا (أ.ف.ب)

«جائزة بلجيكا الكبرى»: لوكلير سائق «فيراري» أول المنطلقين

ينطلق شارل لوكلير سائق «فيراري» من المركز الأول بجائزة بلجيكا الكبرى ضمن بطولة العالم لسباقات «فورمولا 1».

«الشرق الأوسط» (سبا-فرانكورشان)

تعافٍ قوي للاقتصاد الياباني بفضل زيادة الاستهلاك والإنفاق

رجل يلتقط صورة لشاشة تعرض تحركات الأسهم في بورصة طوكيو باليابان (رويترز)
رجل يلتقط صورة لشاشة تعرض تحركات الأسهم في بورصة طوكيو باليابان (رويترز)
TT

تعافٍ قوي للاقتصاد الياباني بفضل زيادة الاستهلاك والإنفاق

رجل يلتقط صورة لشاشة تعرض تحركات الأسهم في بورصة طوكيو باليابان (رويترز)
رجل يلتقط صورة لشاشة تعرض تحركات الأسهم في بورصة طوكيو باليابان (رويترز)

نما الاقتصاد الياباني بنسبة 3.1 في المائة على أساس سنوي، وبأسرع كثيراً من المتوقع في الربع الثاني، متعافياً من ركود في بداية العام، بفضل ارتفاع قوي في الاستهلاك والإنفاق الرأسمالي، ودعم الحجة لرفع آخر لأسعار الفائدة في الأمد القريب.

وكان بنك اليابان قد توقّع أن يساعد التعافي الاقتصادي القوي في بلوغ التضخم هدفه البالغ 2 في المائة بصفة مستدامة، وهو ما يدعم رفع أسعار الفائدة مرة أخرى، بعد أن رفعها الشهر الماضي في سعيه المستمر للخروج من سنوات التحفيز النقدي الضخم.

وتأتي الزيادة القوية في الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بمتوسط توقعات السوق لزيادة 2.1 في المائة، وتبعت انكماشاً معدلاً بنسبة 2.3 في المائة في الربع الأول، وفقًا لبيانات حكومية يوم الخميس. وتترجم القراءة إلى ارتفاع ربع سنوي بنسبة 0.8 في المائة، متجاوزة زيادة بنسبة 0.5 في المائة توقّعها خبراء الاقتصاد في استطلاع «رويترز».

وقال كازوتاكا مايدا، الخبير الاقتصادي في معهد «ميجي ياسودا» للأبحاث: «النتائج إيجابية بوجه عام، مع وجود علامات على انتعاش الاستهلاك الخاص مدعوماً بنمو الأجور الحقيقية. وهي تدعم وجهة نظر بنك اليابان وتبشّر بالخير لمزيد من رفع أسعار الفائدة، رغم أن البنك المركزي سيظل حذراً؛ إذ تسبّبت الزيادة الأخيرة في أسعار الفائدة بارتفاع حاد في الين».

وارتفع الاستهلاك الخاص، الذي يمثّل أكثر من نصف الناتج الاقتصادي، بنسبة 1.0 في المائة، مقارنة بالتوقعات بزيادة بنسبة 0.5 في المائة، وهي أول زيادة في خمسة أرباع.

وكان الاستهلاك الخاص نقطة ضعف في الاقتصاد، الذي تعثّر على مدى العام الماضي مع كفاح الأسر وسط ارتفاع تكاليف المعيشة الذي أُلقي باللوم فيه جزئياً على ارتفاع أسعار الواردات، بسبب ضعف الين.

وكان الاستياء العام من ارتفاع تكاليف المعيشة أحد العوامل التي دفعت رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا إلى إعلان استقالته الشهر المقبل.

وقال كينجو تاناهاشي، الخبير الاقتصادي في «نومورا» للأوراق المالية، إن بديل كيشيدا قد يدعو إلى انتخابات مبكرة في الخريف إذا كانت نسبة الموافقة مرتفعة، مضيفاً أن بنك اليابان من غير المرجح أن يختار زيادة إضافية في أسعار الفائدة خلال تلك المدة.

وقال تاناهاشي: «نعتقد أن بنك اليابان سيرفع أسعار الفائدة مرة أخرى في أكتوبر (تشرين الأول) أو ديسمبر (كانون الأول)، لكن احتمال رفع أسعار الفائدة في أكتوبر انخفض بصورة كبيرة في ضوء قرار رئيس الوزراء كيشيدا بعدم الترشح لمنصبه».

وقال وزير الاقتصاد يوشيتاكا شيندو، في بيان، إن الحكومة تتوقّع أن يستمر الاقتصاد في التعافي تدريجياً، إذ كانت محادثات الأجور الربيعية قوية هذا العام، وسيُرفع الحد الأدنى للدخل في أكتوبر.

وقال شيندو، في إشارة إلى الحذر، إن اليابان يجب أن تولي اهتماماً وثيقاً لمخاطر التباطؤ الاقتصادي في الخارج وتقلبات السوق، مع تنامي مخاوف المستثمرين من ركود محتمل في الولايات المتحدة، التي أشعلت شرارة الانهيار الأسبوع الماضي في الأسواق المالية العالمية.

وأغلق المؤشر نيكي مرتفعاً 0.8 في المائة عند 36726.64 نقطة، ليواصل تحقيق المكاسب لليوم الرابع على التوالي، في حين أنهى المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً التداولات على صعود 0.9 في المائة عند 2600.75 نقطة.

وزادت الأسهم التي تتأثر مباشرة بالأداء الاقتصادي، وقفزت أسهم البنوك 2.8 في المائة، لتتصدّر مكاسب القطاع، في حين ارتفعت أسهم قطاع شركات الأوراق المالية ومنتجي النفط والفحم 2.7 في المائة.

وقال كينجي آبي، كبير الخبراء الاستراتيجيين في «دايوا» للأوراق المالية، إن الأخبار الاقتصادية الإيجابية قدّمت دعماً في وقت يواصل فيه المستثمرون شراء الأسهم التي سجلت أداء أضعف من المتوقع منذ الشهر الماضي. وأضاف أن «أسعار الأسهم اليابانية هبطت منذ منتصف يوليو (تموز) إلى أوائل أغسطس (آب)، وهي الآن أقل من قيمتها الحقيقية».

وهوى «نيكي» 12.4 في المائة في الخامس من أغسطس في أكبر انخفاض يومي له منذ «الاثنين الأسود»، وسط مخاوف من ركود في الولايات المتحدة وارتفاع حاد في قيمة الين. وتمكّن المؤشر من تعويض كل الخسائر التي تكبّدها من ذلك الهبوط، لكنه لا يزال بعيداً عن أعلى مستوى له على الإطلاق عند 42426.77 نقطة الذي سجله في 11 يوليو.

وساعد تدفق السياحة أيضاً في تعزيز مبيعات التجزئة في اليابان. وسلطت شركة «فاست ريتيلنغ»، مالكة العلامة التجارية للملابس «يونيكلو»، الضوء على قوة السوق المحلية في أحدث أرباحها، مدعومة بارتفاع مبيعات السلع المعفاة من الرسوم الجمركية.

ومن المتوقع أن يصل إنفاق السائحين إلى 8 تريليونات ين (54.74 مليار دولار) هذا العام، وفقاً للحكومة، التي ترى في السياحة محركاً مهماً للنمو في اقتصاد يعاني منذ مدة طويلة من الشيخوخة السكانية.

وزاد الإنفاق الرأسمالي، وهو محرك رئيسي للنمو الذي يقوده الطلب الخاص، بنسبة 0.9 في المائة في الربع الثاني، بما يتماشى مع متوسط توقعات السوق في استطلاع أجرته «رويترز». وقد يتعرّض الاستثمار التجاري لضغوط في الأشهر المقبلة مع مواجهة المصدرين ضغوط الطلب العالمي. وأظهرت البيانات أن الطلب الخارجي، أو الصادرات ناقص الواردات، خفّض النمو بمقدار 0.1 نقطة مئوية.

ورفع بنك اليابان أسعار الفائدة خلال الشهر الماضي، وفصّل خطة لتقليص مشترياته الضخمة من السندات، في خطوة أخرى نحو التخلص التدريجي من التحفيز النقدي الضخم.

وتُعد اليابان حالة شاذة عالمياً في رفع أسعار الفائدة؛ إذ بدأت معظم البنوك المركزية الكبرى، بما في ذلك بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، في تخفيف السياسة أو تتحرك في هذا الاتجاه.

وقال مارسيل ثيليانت، رئيس قسم آسيا والمحيط الهادئ في «كابيتال إيكونوميكس»، إن أول ارتفاع في الاستهلاك منذ أكثر من عام «من شأنه أن يشجّع بنك اليابان على المضي قدماً في رفع أسعار الفائدة مرة أخرى في وقت لاحق من هذا العام».

وبالتزامن، أظهرت البيانات النهائية، الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية، يوم الخميس، تراجع الإنتاج الصناعي الياباني بأكبر وتيرة له في خمسة أشهر، بما يزيد على التقديرات الأولية في يونيو (حزيران) الماضي.

وتراجع الإنتاج الصناعي 4.2 في المائة على أساس شهري خلال يونيو، مقارنة بارتفاع بنسبة 6.3 في المائة في مايو (أيار) الماضي. كما أظهرت البيانات تراجع الصادرات 4.7 في المائة خلال يونيو، مقارنة بمايو. في حين كشفت البيانات ارتفاع نسبة المخزونات بنسبة 1.7 في المائة.

وتراجع الإنتاج الصناعي بصفة حادة بنسبة 7.9 في المائة على أساس سنوي خلال يونيو، مقارنة بارتفاع بنسبة 1.1 في المائة في مايو.