هل تعطي الألعاب الأولمبية الاقتصاد الفرنسي دفعة لتعزيز نموه؟

البنك المركزي توقع ارتفاع الناتج المحلي بنسبة بين 0.35 % و0.45 %

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ يلوحان خلال حفل ختام دورة الألعاب الأولمبية (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ يلوحان خلال حفل ختام دورة الألعاب الأولمبية (أ.ب)
TT

هل تعطي الألعاب الأولمبية الاقتصاد الفرنسي دفعة لتعزيز نموه؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ يلوحان خلال حفل ختام دورة الألعاب الأولمبية (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ يلوحان خلال حفل ختام دورة الألعاب الأولمبية (أ.ب)

أما وقد أسدلت ستارة دورة الألعاب الأولمبية في باريس بعد 16 يوماً من المنافسات، فإن سؤالاً مهماً يجدر طرحه اليوم مرتبطاً بمدى استفادة الاقتصاد الفرنسي من هذه الألعاب وسط استمرار انعكاس حالة عدم اليقين السياسي على أسواق الأسهم الفرنسية.

ففرنسا، وهي ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بعد ألمانيا، تعول على الألعاب الأولمبية لتعزيز نموها الضعيف. في وقت تعاني من عجز مالي مرتفع يقدره صندوق النقد الدولي بأن يبقى عند 5.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام مستبعداً انخفاضه قبل عام 2027 وبشكل طفيف إلى 4.5 في المائة؛ لكن باريس تؤكد أنها ستقوم بكل ما ضروري للوفاء بتعهدها خفض العجز في الموازنة إلى الحد الأقصى الذي حدده الاتحاد الأوروبي وهو 3 في المائة بحلول عام 2027.

وكان نمو الناتج المحلي الإجمالي جاء أقوى من المتوقع في النصف الأول من العام، مرتفعاً بنسبة 0.3 في المائة في الربع الثاني، محافظاً على الوتيرة نفسها التي سجلها في الربع الأول، حيث تم تعديلها بالزيادة من 0.2 في المائة إلى 0.3 في المائة.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع النمو إلى 1.3 في المائة بحلول عام 2025 من 0.8 في المائة في عام 2024 - وهو أقل قليلاً من توقعات وزارة المالية - مع تحسن الظروف المالية، وبدء الاستثمار في التعافي، وتحسن القدرة الشرائية والاستهلاك لدى الأسر.

وتوقع البنك المركزي الفرنسي في مسح شهري، أن تؤدي دورة الألعاب الأولمبية إلى تسريع النمو الاقتصادي الفرنسي في الربع الثالث. وقال بنك فرنسا إن الناتج المحلي الإجمالي من المقرر أن يزيد بنسبة تتراوح بين 0.35 في المائة و0.45 في المائة، مقارنة بتوسع بنسبة 0.3 في المائة في الفترتين السابقتين، وذلك بفضل الإيرادات من مبيعات التذاكر للألعاب وعقود حقوق البث التلفزيوني. وهذا يشير إلى أن ما يصل إلى 0.25 في المائة من النمو يمكن أن يُعزى إلى الألعاب الأولمبية، مع الفوائد الاقتصادية المدفوعة إلى حد كبير بمبيعات التذاكر وحقوق البث التلفزيوني.

وأضاف أن التأثير الكامل على النشاط لم يتم تقييمه بعد.

بنك فرنسا (موقع المصرف)

وأظهر الاستطلاع الذي شمل 8500 شركة، وأجري بين 22 يوليو (تموز) و5 أغسطس (آب)، أن حالة عدم اليقين في الأعمال التجارية الفرنسية قد خفت منذ ارتفاعها خلال الانتخابات التشريعية المفاجئة التي عقدت في وقت سابق من الصيف. ومع ذلك، تظل أعلى في قطاعي الصناعة والخدمات، مقارنة بما كانت عليه قبل حل الرئيس إيمانويل ماكرون للجمعية الوطنية في 9 يونيو.

وكان مكتب الإحصاء الفرنسي توقع في يوليو (تموز) الماضي أن تساهم الألعاب الأولمبية بنسبة 0.3 في المائة في نمو الاقتصاد الفرنسي في الربع الثالث من العام الحالي، وهو ما قد يرفع النمو الإجمالي إلى 0.5 في المائة.

وفقاً لوزيرة السياحة الفرنسية أوليفيا غريغوار، يبدو أن الاقتصاد الفرنسي تلقى دفعة قوية من دورة الألعاب الأولمبية في باريس، بفضل تدفق الزوار وزيادة الإنفاق في قطاعات مثل الفنادق والمطاعم والمتاحف،

وقال غريغوار لصحيفة «لا تريبون ديمانش» الفرنسية إن الإنفاق على الفنادق في المدن التي تستضيف الأحداث الأولمبية ارتفع بنسبة 16 في المائة مقارنة بالعام السابق، في حين شهدت المبيعات المرتبطة بالسياحة في المتاحف والمطاعم زيادة بنسبة 25 في المائة على أساس سنوي.

باريس عوّلت على الألعاب الأولمبية لتعزيز نموها الضعيف (إ.ب.أ)

بالإضافة إلى ذلك، قالت «فيزا» إن بياناتها أظهرت أن الشركات الصغيرة في باريس سجلت زيادة بنسبة 26 في المائة في المبيعات لحاملي بطاقات فيزا خلال عطلة نهاية الأسبوع الأولى من الألعاب الأوليمبية مقارنة بالعام السابق.

وقالت الرئيسة التنفيذية لشركة «فيزا أوروبا» شارلوت هوغ: «تظهر أحدث بياناتنا زيادة كبيرة في الإنفاق الاستهلاكي بين حاملي بطاقات فيزا خلال عطلة نهاية الأسبوع التي شهدت حفل الافتتاح».

وأوضحت «فيزا»، التي كانت واحدة من الشركات الراعية للألعاب الأولمبية، إن حاملي بطاقاتها في الولايات المتحدة شكلوا الشريحة الأكبر من الإنفاق الأجنبي المرتبط بالألعاب الأولمبية، حيث زاد إنفاقهم بنسبة 29 في المائة عن العام السابق. وأضافت الشركة في تقرير أصدرته في وقت سابق من هذا الأسبوع أن الألعاب الأولمبية أسفرت أيضاً عن زيادات كبيرة في الإنفاق من حاملي بطاقات «فيزا» في البرازيل واليابان.

من الحفل الختامي للألعاب الأولمبية (رويترز)

مع ذلك، لا يزال التأثير الكامل لهذه المكاسب غير مؤكد بسبب التحديات السياسية المستمرة. وأشار كبير خبراء الاقتصاد في بنك فرنسا، أوليفييه غارنييه: «لا يزال من المبكر للغاية معرفة كيف سيؤثر هذا الغموض على قرارات التوظيف والاستثمار»، في إشارة إلى ضعف الموقف السياسي لرئيس الوزراء إيمانويل ماكرون.

وكانت الانتخابات التشريعية المبكرة أسفرت عن برلمان معلق دون وجود أي مجموعة سياسية في وضع يسمح لها بتشكيل أغلبية قابلة للتنفيذ. وخلال حملة مضطربة، توقع المستثمرون إمكانية تولي الأحزاب التي تعهدت بإلغاء إصلاحات ماكرون المؤيدة للأعمال السلطة.

ولم يعين الرئيس بعد رئيس وزراء جديداً قادراً على تشكيل حكومة. وقال ماكرون إنه سينتظر حتى نهاية الألعاب الأوليمبية على الأقل، ودعا إلى التوصل إلى تسوية بين الأحزاب المختلفة لتشكيل أغلبية.

تحسن البيانات الاقتصادية

تشير البيانات الاقتصادية الأخيرة إلى أن فرنسا أحرزت تقدماً إيجابياً في مجالات رئيسية، حيث انخفض معدل البطالة إلى 7.3 في المائة في الربع الثاني، من 7.5 في المائة في الربع السابق، مسجلاً أدنى مستوى منذ الربع الثالث من عام 2023.

وفي الوقت نفسه، ارتفع التضخم السنوي إلى 2.3 في المائة في يوليو (تموز)، مقارنة بشهر يونيو (حزيران)، وهو أقل قليلاً من التقديرات البالغة 2.4 في المائة. ورغم تسارع أسعار الطاقة، فقد تباطأت الزيادة في أسعار الخدمات. ويُنظر إلى هذه التطورات على أنها إيجابية لثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، على الرغم من حالة عدم اليقين السياسي المستمرة التي من المرجح أن تؤثر على المشاعر.

الأسواق الفرنسية

في المقابل، تظل أسواق الأسهم الفرنسية متشائمة بسبب حالة عدم اليقين السياسي المستمرة. إذ انخفض مؤشر كاك 40 القياسي بنحو 10 في المائة منذ الانتخابات البرلمانية الأوروبية في أوائل يونيو، في حين انخفض مؤشر يورو ستوكس 600 بنسبة 5 في المائة خلال الفترة نفسها. وتأثر القطاع المصرفي الفرنسي بشكل خاص بالمخاوف بشأن التحولات السياسية المحتملة وتأثيرها على المالية العامة.

وفي الوقت نفسه، عانت أسهم السلع الاستهلاكية الفاخرة الفرنسية أيضاً، حيث أدى التباطؤ الاقتصادي العالمي إلى تقليص إنفاق المستهلكين، وخاصة في الصين. كما أدت عمليات البيع الأخيرة في السوق العالمية إلى زيادة الضغوط على الأسهم الفرنسية. ومع ذلك، فإن تحسن إنفاق المستهلكين وانتعاش النمو الاقتصادي قد يؤثران على أرباح الشركات في الربع الثالث.


مقالات ذات صلة

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

الاقتصاد رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

أكد البنك المركزي التركي استمرار دعم الموقف المتشدد في السياسة النقدية من خلال السياسات الاحترازية الكلية بما يتماشى مع توقعات التضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)

بنك إنجلترا يحذر من تأثير زيادة الحواجز التجارية على النمو العالمي

حذر بنك إنجلترا يوم الجمعة من أن زيادة الحواجز التجارية قد تؤثر سلباً على النمو العالمي وتزيد من حالة عدم اليقين بشأن التضخم مما قد يتسبب في تقلبات في الأسواق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
الاقتصاد منظر عام للعاصمة المنامة (رويترز)

صندوق النقد الدولي يشيد بمرونة الاقتصاد البحريني رغم التحديات المالية

شهد الاقتصاد البحريني نمواً ملحوظاً؛ حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الفعلي بنسبة 3 في المائة عام 2023.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)

الناتج المحلي الأميركي ينمو 2.8 % في الربع الثالث

نما الاقتصاد الأميركي بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام، وهو نفس التقدير الأولي الذي أعلنته الحكومة يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تايلاند للتوصل لاتفاق مع رابطة التجارة الحرة الأوروبية

حاويات في أحد مواني تايلاند البحرية (رويترز)
حاويات في أحد مواني تايلاند البحرية (رويترز)
TT

تايلاند للتوصل لاتفاق مع رابطة التجارة الحرة الأوروبية

حاويات في أحد مواني تايلاند البحرية (رويترز)
حاويات في أحد مواني تايلاند البحرية (رويترز)

قال وزير التجارة التايلاندي، بيتشاي ناريبثافان، إن بلاده تتوقع التوصل إلى اتفاق تجارة حرة مع أعضاء رابطة التجارة الحرة الأوروبية، أوائل يناير (كانون الثاني) المقبل، بعد اختتام المفاوضات.

ومن المرجح أن يمهد الاتفاق الطريق أمام تايلاند للوصول إلى اتفاقيات تجارة مع شركاء رئيسيين آخرين في أوروبا، حسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء السبت.

ومن المتوقع أن توقع رئيسة الوزراء باتونجتارن شيناواترا على اتفاق تجارة حرة، خلال مشاركتها في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أوائل يناير.

وتشمل الدول الأعضاء في رابطة التجارة الحرة الأوروبية، آيسلندا وليختنشتاين والنرويج وسويسرا. وخلال الأشهر الـ10 الأولى، بلغ إجمالي قيمة تجارة تايلاند مع الرابطة 10.3 مليار دولار أو 2.03 في المائة من إجمالي تجارة البلاد مع العالم.