الرياض ودوشنبه لتنفيذ مشاريع استثمارية في قطاعات الطاقة والصناعة والتعدين

وزير الاستثمار الطاجيكي لـ«الشرق الأوسط»: توقيع 12 مشروعاً خلال زيارة مرتقبة للرئيس رحمان إلى السعودية

العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
TT

الرياض ودوشنبه لتنفيذ مشاريع استثمارية في قطاعات الطاقة والصناعة والتعدين

العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

كشف وزير الاستثمار الطاجيكي سلطان رحيمزاده، عن مساعٍ جارية مع السعودية، لإيجاد آليات تنفيذ مشاريع استثمارية في قطاعات الطاقة والصناعة والتعدين في طاجيكستان، مشيراً إلى توقيع 14 اتفاقية ومذكرة تعاون في مجالات الاقتصاد والاستثمار والعلوم والتعليم والنقل الجوي والشباب والرياضة والأمن ومكافحة الجريمة خلال عقدين.

وقال رحيمزاده، في حديث لـ«الشرق الأوسط» من الرياض: «حالياً، هناك 12 مشروعاً لاتفاقيات ومذكرات تفاهم جديدة للتعاون بين البلدين جاهزة للتوقيع. كما تجري دراسة 15 مشروع اتفاقية ثنائية بين الطرفين. ومن المنتظر أن يجري التوقيع عليها خلال الزيارة الرسمية المرتقبة للرئيس الطاجيكي إلى المملكة».

وزير الاستثمار الطاجيكي سلطان رحيمزاده

وأشار إلى أن الاتفاقية السعودية- الطاجيكية بشأن التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات، التي تم التوقيع عليها عام 2022 دخلت حيز التنفيذ، إذ تُعد أساساً قانونياً مهماً لجذب المستثمرين السعوديين إلى طاجيكستان وحماية حقوقهم ومصالحهم.

وأكد أن بلاده مستعدة لتوقيع اتفاقيات حماية استثمار منفصلة مع شركات القطاع الخاص، للاستثمار في القطاعات ذات الأولوية، لافتاً إلى أنها ستكون بمثابة ضمان من الدولة لحماية مصالح المستثمرين السعوديين.

وتابع: «وقّعت الشركتان السعوديتان (أكوا باور) و(فاس إنرجي) مذكرات تعاون أولية في مجال الطاقة المتجددة مع وزارتي الطاقة والموارد المائية، والصناعة والتكنولوجيات الجديدة، وتعتزم شركة (منارة) التابعة لـ(معادن) دخول سوق الاستثمار الطاجيكي».

وأضاف: «تُسهم السعودية في تنفيذ مشاريع تطوير البنية التحتية في طاجيكستان، من خلال البنك الإسلامي للتنمية، والصندوق السعودي للتنمية، ومؤسسات مالية دولية أخرى، إذ بلغ حجم تمويلات الصندوق السعودي للتنمية لمشاريع التنمية والبنية التحتية في البلاد، نحو 270 مليون دولار، ترتكز على القروض الميسرة».

الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود يستقبل إمام علي رحمان رئيس طاجيكستان (الشرق الأوسط)

علاقات وطيدة

وقال رحيمزاده: «هناك روابط روحية قوية وقواسم مشتركة تاريخية وثقافية تربط البلدين وتمتد على مر القرون. ونظراً إلى توافر الإرادة السياسية لقيادة البلدين، تعزّزت العلاقات ووصلت إلى أعلى مستوى. ونعمل حالياً على رفع مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادتين».

وأضاف أن «أهم آلية لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري هي اللجنة الحكومية المشتركة بين البلدين، التي أترأسها عن الجانب الطاجيكي، وعن الجانب السعودي المهندس خالد الفالح وزير الاستثمار، ونحن نعمل معاً بصفة وثيقة».

وحسب رحيمزاده، انعقد منتدى الاستثمار الطاجيكي- السعودي، لأول مرة، في مدينة دوشنبه في ديسمبر (كانون الأول) 2022 على هامش اجتماعات اللجنة المشتركة، وأسفر عن نتائج عملية وتوافقات؛ لتعزيز شراكات القطاعين العام والخاص في مجال الاستثمار بين البلدين.

وأضاف: «نحن متحمسون لمواءمة أنشطة اللجنة المشتركة للشراكة الاقتصادية والتجارية الاستراتيجية مع الأهداف الاستراتيجية للتنمية الوطنية لبلدينا لعام 2030. ونتطلع إلى تفعيل أنشطة مجلس الأعمال في البلدين، وإقامة المنتديات الاقتصادية والاستثمارية الدورية للمنتجات الزراعية والصناعية».

ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان خلال استقبال إمام علي رحمان رئيس طاجيكستان (الشرق الأوسط)

وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري لا يتناسب مع حجم الإمكانيات والفرص الموجودة لدى الجانبين، ما يحتم العمل على رفع مستوى التجارة وإزالة العوائق والمشكلات اللوجيستية.

وأكد سعي حكومته إلى جذب استثمارات القطاعين العام والخاص في السعودية إلى مشاريع طاجيكستان الاستثمارية في قطاعات الطاقة المتجددة والتعدين والصناعة والزراعة، لضمان التنمية الاقتصادية المستدامة.

وقال: «إن تطوير التعاون في مجال السياحة مفيد للجانبين، ومن أجل تنمية السياحة، أعفت الحكومة السعوديين من تأشيرات الدخول، بدءاً من أوائل عام 2022، في حين أطلقت شركة الطيران الطاجيكية (سومون إير)، في مارس (آذار) 2023، رحلات مباشرة بين دوشنبه وجدة، ما يعزّز التعاون الاقتصادي والتجاري والسياحي بين البلدين».

الاستثمار الخليجي- الآسيوي

وقال رحيمزاده: «استضافت الرياض في 29 مايو (أيار) الماضي منتدى الاستثمار لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول آسيا الوسطى، في إطار (خطة العمل المشتركة للحوار الاستراتيجي والتعاون بين الجانبين)، في الفترة 2023- 2027، التي اعتُمدت خلال القمة بين دول الخليج ودول آسيا الوسطى في 19 يوليو (تموز) 2023 بجدة».

وأضاف أن «مخرجات المنتدى ستخدم بوصفها خريطة طريق لتفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الجانبين، إذ شهد المنتدى عدة صفقات اقتصادية واستثمارية بين ممثلي القطاعين الخاص والحكومي».

خطة استثمارية خمسية

وحول أولوية حكومته بشأن العمل المشترك بين بلاده ودول الخليج وآسيا الوسطى، بين عامي 2023 و2027، قال رحيمزاده: «حددت طاجيكستان قضايا تعزيز العلاقات متعددة الأوجه مع الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية بصفتها أحد التوجهات المهمة لسياستها الخارجية».

وأضاف: «مستعدون لتعزيز التعاون متبادل المنفعة في مختلف مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والثقافة والمجالات ذات الاهتمام المشترك بين الطرفين، بما في ذلك في إطار خطة العمل المشتركة لدول الخليج وآسيا الوسطى للأعوام 2023- 2027».

وتابع: «من المهم استخدام إمكانات المؤسسات المالية في الدول الخليجية، بما في ذلك صناديق التنمية في السعودية والكويت والإمارات وقطر، إلى جانب (مركز الملك سلمان للدعم والمساعدة)، و(مؤسسة الشيخ زايد)، و(مجموعة البنك الإسلامي للتنمية)».

وتتمحور مجالات الأولوية الطاجيكية في تنفيذ المشاريع الاستثمارية في مجالات الطاقة والصناعة، بما في ذلك الصناعات الخفيفة والغذاء والتعدين، فضلاً عن الزراعة والمصارف والسياحة ورقمنة الاقتصاد والمعلومات والاتصالات وقدرات النقل والنقل لدى الطرفين».

فرص للاستثمار

ولفت رحيمزاده، إلى أن بلاده تتمتع بإمكانات كبيرة في مجال الطاقة الكهرومائية، تتمثّل في بناء عدد من المحطات ذات القدرات المختلفة، وتطوير قطاع «الطاقة الخضراء» بصورة شاملة، مصنفاً إنشاء مشاريع مشتركة لتصنيع المنتجات الزراعية الصديقة للبيئة لتصديرها إلى الأسواق الخليجية؛ بالواعدة.

وتولي طاجيكستان اهتماماً خاصاً لتنفيذ مشاريع التجارة والاقتصاد والنقل والاتصالات ذات الأهمية الإقليمية، منوهاً بأهمية جذب الموارد المالية من الصناديق العربية المذكورة لبناء الطرق والسكك الحديدية الحديثة، مع إمكانية الوصول إلى الموانئ البحرية»، مبيناً أن نظام الإعفاء الطاجيكي من التأشيرة الأحادي الجانب للخليجيين، الذي انطلق عام 2022، سيعزّز التعاون في قطاع السياحة.

وأشار إلى أن القوانين المعتمدة بشأن الاستثمارات واتفاقيات الاستثمار والمناطق الاقتصادية الحرة والشراكات بين القطاعين العام والخاص حديثة، وطُوّرت مع مراعاة مبادئ أفضل الممارسات في مجال إنفاذ القانون كافّة.

ويحدد قانون الاستثمار -وفق رحيمزاده- ضمانات وحقوقاً معينة للمستثمر، مثل اختيار النظام المناسب لمدة 10 سنوات، في حال إجراء تغييرات وإضافات تؤدي إلى تفاقم ممارسة الأنشطة، في حين لا يوجد فرق بين المستثمرين المحليين والأجانب، بالإضافة إلى أن للمستثمر حرية إرجاع أرباحه واختيار صناعاته.

وتابع: «في دول آسيا الوسطى، وحدها طاجيكستان لديها قانون اتفاقيات الاستثمار، الذي بموجبه يحصل المستثمر على حق الحصول على حوافز وامتيازات إضافية، إلى جانب توفير اتفاقية بين القطاعين العام والخاص، واتفاقية امتياز، واتفاقية تقاسم الإنتاج».

وتحتوي قائمة أفضليات الاستثمار، وفقاً للقانون، على أكثر من 100 بند، إذ تنص الأفضليات على الإعفاء الكامل أو الجزئي من دفع المدفوعات المالية، مشيراً إلى أن لكل اتفاقية ميزة تحدد الحقوق والضمانات.

مناطق اقتصادية حرة

وقال رحيمزاده: «أدخلنا نظام الإعفاء الضريبي الكامل، باستثناء الضريبة الاجتماعية وضريبة الدخل والرسوم الجمركية. وتشكل مناطقنا الاقتصادية الحرة منصة أعمال جاهزة لتنفيذ المشاريع المختلفة؛ إذ نقترب تدريجياً من دعم البنية التحتية الشاملة للأعمال».

كما «حددت الحكومة تنمية القطاع الخاص وريادة الأعمال والاستثمار في استراتيجية التنمية الوطنية للفترة حتى عام 2030، باعتبارها الوسيلة الرئيسية لتحقيق الأهداف الوطنية، وتتخذ باستمرار التدابير اللازمة لتهيئة الظروف المواتية لأنشطة الأعمال والاستثمار؛ لجعل اقتصاد البلاد جاذباً للاستثمارات ويركز على التصدير».

وأضاف: «الآن تحتل بلادنا المرتبة السادسة في العالم، من حيث إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة، وبحلول عام 2032، سيجري توفير إنتاج الكهرباء في البلاد بالكامل من هذه المصادر، أي 100 في المائة من (الطاقة الخضراء) -الآن 98 في المائة-، وعلى هذا الأساس، ووفقاً للمعايير الدولية، سيجري خفض انبعاثات غازات الدفيئة بحلول عام 2037».

طاجيكستان إلى «اقتصاد أخضر» بحلول 2037

شدد رحيمزاده على أن بلاده ستصبح دولة «اقتصاد أخضر» بحلول 2037، مؤكداً أن تنفيذ أحد الأهداف الاستراتيجية يتمثل في التصنيع المتسارع للبلاد، ما سيجعل من الممكن ضمان التنمية المستدامة للصناعة بوصفها منتجاً ذا قيمة مضافة عالية، ونتيجة لذلك ستظهر عشرات الآلاف من فرص العمل الجديدة.

وبصفته جزءاً من تنفيذ الأهداف الاستراتيجية، تهدف طاجيكستان، بوصفها مؤيدة للشراكة الوثيقة مع جميع البلدان الصديقة، إلى تفاعل واسع النطاق وعملي معها في مختلف مجالات الشراكة التجارية والاقتصادية.

«ويشمل ذلك تنفيذ المشاريع والبرامج المشتركة ذات المنفعة المتبادلة في مجالات الطاقة، وتطوير البنية التحتية للنقل، وصناعة التعدين، والزراعة، والسياحة، فضلاً عن تعزيز التجارة الحرة وإزالة الحواجز الجمركية، الأمر الذي من شأنه أن يوسّع بصفة كبيرة آفاق التعاون الدولي».

وأضاف: «لدينا عدد من المزايا النسبية في هذه المجالات، التي يمكن أن يكون استخدامها بمثابة حافز للتنمية الاقتصادية محلياً وخارجياً، إذ تتشكّل 60 في المائة من جميع موارد المياه في آسيا الوسطى على أراضي طاجيكستان، ما يخلق إمكانات هائلة للطاقة الكهرومائية. ومن خلال الاستخدام الفعال للموارد، يمكن تزويد المنطقة والدول المحيطة بالطاقة الرخيصة والصديقة للبيئة».

وتابع: «استُكشفت 400 راسب من المعادن المختلفة، التي توفر الأساس للتطوير الفعّال لصناعة التعدين والمعادن وإنتاج مواد البناء، في حين تخلق الظروف الطبيعية والمناخية الممتازة تربة مواتية لزراعة المنتجات الزراعية الصديقة للبيئة ومعالجتها الصناعية اللاحقة».

المزايا التنافسية الاستثمارية

لفت رحيمزاده إلى المزايا التنافسية الأخرى لبلاده، مثل إمكانات النقل وتوافر قوة عاملة مدربة وغير مكلفة نسبياً، مع إمكانات واسعة لتطوير السياحة. وشدد على أن حكومة طاجيكستان تولي أهمية استثنائية لمواصلة عملية الإصلاحات المؤسسية لخلق مناخ استثماري أكثر ملاءمة وتحسين بيئة الأعمال.

وأضاف: «منفتحون على جميع المستثمرين، الذين يخلقون صناعات تنافسية حديثة ووظائف جديدة، ويقدمون الخدمات في الأسواق المحلية والأجنبية، ويلتزمون بالقوانين الوطنية»، داعياً الدول الخليجية إلى تكثيف الحوار المباشر مع الشركات العامة والخاصة في بلاده.

وختم: «في الطريق نحو تحقيق أهم المهام والأهداف بالنسبة إلينا، نأمل في تبادل الخبرات، والاستفادة من الفرص التكنولوجية والابتكارية والاستثمارية للدول المتقدمة في العالم الإسلامي، وتحسين آليات التعاون، وفتح آفاق جديدة للتفاعل، والتعاون الدولي في المجالات محل الاهتمام المشترك».


مقالات ذات صلة

شركات فرنسية لضخ استثمارات جديدة في السوق المصرية

الاقتصاد حسام هيبة رئيس هيئة الاستثمار والمناطق الحرة يوقع مذكرة تفاهم مع وكالة ترويج الاستثمار الفرنسية بحضور حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية (هيئة الاستثمار المصرية)

شركات فرنسية لضخ استثمارات جديدة في السوق المصرية

تعهدت شركات فرنسية عدة بضخ استثمارات جديدة في السوق المصرية، خلال الفترة المقبلة، وذلك في قطاعات متنوعة أبرزها النقل والأغذية والدواء.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد لافتة موجودة عند مدخل متحف «نينتندو» الجديد الواقع داخل مصنع قديم تم تجديده (أ.ف.ب)

«كيودو»: الصندوق السيادي السعودي يدرس زيادة حصته في «نينتندو»

ذكرت وكالة «كيودو» للأنباء يوم السبت أن «صندوق الاستثمارات العامة» السعودي يدرس زيادة حصته في «نينتندو» وشركات ألعاب يابانية أخرى.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر يتحدث خلال زيارة لمصنع في تشيستر (رويترز)

رئيس الوزراء البريطاني يُعرب عن ثقته بجذب استثمارات خاصة جديدة

قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إنه واثق بجذب مزيد من الاستثمارات الخاصة إلى بريطانيا في الأسابيع والأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد الصورة الرسمية للجنة التعاون المالي والاقتصادي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية (واس)

الجدعان: تعزيز التعاون بين مجلس التعاون الخليجي مهم للتغلب على التحديات

قال وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، إن دول مجلس التعاون الخليجي تتشارك في الفرص والتحديات.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي بالرياض (الشرق الأوسط)

التراخيص الاستثمارية في السعودية تقفز بنسبة 49.6 % في الربع الثاني

شهدت التراخيص الاستثمارية المصدرة من وزارة الاستثمار السعودية خلال الربع الثاني من العام الحالي قفزة نوعية لتبلغ نحو 2728 ترخيصاً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

توترات الشرق الأوسط تشعل أسواق النفط

شعلة في أحد الحقول النفطية الإيرانية على شاطئ الخليج العربي (رويترز)
شعلة في أحد الحقول النفطية الإيرانية على شاطئ الخليج العربي (رويترز)
TT

توترات الشرق الأوسط تشعل أسواق النفط

شعلة في أحد الحقول النفطية الإيرانية على شاطئ الخليج العربي (رويترز)
شعلة في أحد الحقول النفطية الإيرانية على شاطئ الخليج العربي (رويترز)

واصلت أسعار النفط الارتفاع، الجمعة، وكانت تمضي نحو تسجيل مكاسب أسبوعية قوية، وسط تقييم المستثمرين باحتمالات حدوث تعطل للإمدادات في حالة اتساع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط رغم وفرة الإمدادات في السوق العالمية.

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.10 دولار، أي 1.42 في المائة، إلى 78.72 دولار للبرميل بحلول الساعة 1226 بتوقيت غرينتش، بينما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.07 دولار، أي 1.45 في المائة، إلى 74.78 دولار للبرميل. واتجه الخامان لتحقيق مكاسب أسبوعية بنحو 10 في المائة.

وقال المحلل آشلي كيلتي من «بانمور غوردون»: «أنقذت إيران ماء وجهها بهجومها الصاروخي على إسرائيل يوم الثلاثاء، لكن المخاوف تتزايد من احتمال أن تستهدف إسرائيل البنية التحتية النفطية الإيرانية في إطار ردها؛ ما قد يؤدي إلى ردود مقابلة وجر الدول المجاورة إلى الصراع».

وقال الرئيس جو بايدن مساء الخميس إن الولايات المتحدة تدرس ما إذا كانت ستؤيد ضربات إسرائيلية لمنشآت النفط الإيرانية رداً على الهجوم الصاروخي الذي شنّته طهران على إسرائيل، في الوقت الذي واصل فيه الجيش الإسرائيلي قصف بيروت استمراراً لصراعه مع جماعة «حزب الله» اللبنانية.

وساهمت تعليقات بايدن في ارتفاع أسعار النفط بخمسة في المائة، في وقت تدرس فيه إسرائيل خياراتها في الرد بعد أن شنت إيران أكبر هجماتها على إسرائيل الثلاثاء... إلا أن المخاوف بشأن الإمدادات ظلت محدودة بالنظر لتوافر قدرة إنتاجية فائضة لدى منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وحقيقة أن إمدادات النفط الخام العالمية لم تتأثر حتى الآن بالاضطرابات في الشرق الأوسط.

وأعلنت الحكومة الليبية المتمركزة في الشرق والمؤسسة الوطنية للنفط ومقرها طرابلس، الخميس، إعادة فتح جميع حقول النفط وموانئ التصدير بعد حل نزاع رئاسة المصرف المركزي؛ ما أنهى أزمة أدت إلى خفض إنتاج النفط بشدة. ويسمح هذا للبلاد بزيادة مستويات إنتاجها ليعود إلى نحو 1.2 مليون برميل يومياً.

وفي سياق منفصل، أعلنت شركة النفط الوطنية الكولومبية «إيكوبترول» وشركة النفط البرازيلية العملاقة «بتروبراس» مساء الخميس أنهما اكتشفتا في البحر الكاريبي قبالة سواحل كولومبيا احتياطياً «ضخماً» من الغاز الطبيعي يمكن أن «يضاعف احتياطيات» كولومبيا من هذه الثروة.

ويقع حقل الغاز هذا قبالة سواحل مدينة سانتا مارتا، وقد تمّ اكتشافه في 2022.

وقالت «إيكوبترول» في منشور على منصة «إكس» إنّ احتياطيات هذا الحقل من الغاز باتت تقدر الآن «بنحو 6000 مليار قدم مكعبة من الغاز» بفضل «أكبر بئر يتم اكتشافها منذ تسعينات القرن الماضي».

بدوره، قال روجيريو سواريس، المدير العام للأصول الاستكشافية في «بتروبراس»، خلال فعالية في قرطاجنة (شمال البلاد) إن هذا الحقل «لديه القدرة على مضاعفة احتياطيات كولومبيا» من الغاز الطبيعي. ويقارب حجم هذا الحقل حجم حقل كوتشوبا في ريوهاتشا الذي يزوّد البلاد بالغاز منذ 45 عاماً.

ويأتي هذا الإعلان غداة إعلان حكومة الرئيس اليساري غوستافو بيترو عن خطة بقيمة 40 مليار دولار لتمويل التحول الطاقوي لتحرير البلاد من اعتمادها على النفط والغاز والفحم.

وبيترو الذي أصبح في منتصف 2022 أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا، ينتقد بشدّة الوقود الأحفوري ويريد أن تتخصص شركة «إيكوبترول» العامة، أكبر ربّ عمل في البلاد مع 33000 موظف، في الطاقات المتجددة.

وعلّقت حكومة بيترو منح عقود جديدة للتنقيب عن النفط. وتتعرض هذه السياسة لانتقاد شديد من قِبل المعارضة المحافظة والنقابات النفطية التي تدعو إلى «تحوّل تدريجي دون المساس بالأمن الاقتصادي». ويمثّل قطاع المحروقات 2.8 في المائة من إجمالي الناتج المحلّي الكولومبي، بحسب الأرقام الرسمية. ويشكّل النفط أحد منتجات التصدير الرئيسية لرابع أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية.