كيف زرعت «مغامرة» ماكرون الانتخابية الذعر في الأسواق الفرنسية؟

فقد مؤشر «كاك 40» 6 في المائة من قيمته وهو أكبر انخفاض أسبوعي له منذ أكثر من عامين (رويترز)
فقد مؤشر «كاك 40» 6 في المائة من قيمته وهو أكبر انخفاض أسبوعي له منذ أكثر من عامين (رويترز)
TT

كيف زرعت «مغامرة» ماكرون الانتخابية الذعر في الأسواق الفرنسية؟

فقد مؤشر «كاك 40» 6 في المائة من قيمته وهو أكبر انخفاض أسبوعي له منذ أكثر من عامين (رويترز)
فقد مؤشر «كاك 40» 6 في المائة من قيمته وهو أكبر انخفاض أسبوعي له منذ أكثر من عامين (رويترز)

تراجعت الأسهم الفرنسية واليورو، الأسبوع الماضي، حيث أثار عدم اليقين السياسي في فرنسا وإمكانية تشكيل برلمان يهيمن عليه اليمين المتطرف قلق المستثمرين، في حين ارتفعت الفجوة بين تكاليف الاقتراض بين الحكومتين الفرنسية والألمانية. بينما تفوّقت المملكة المتحدة على فرنسا بوصفها أكبر بورصة في أوروبا بعد قرار ماكرون.

وتبلغ قيمة الأسهم في فرنسا الآن مجتمعة 3.13 تريليون دولار (2.47 تريليون جنيه إسترليني)، متخلفةً عن الأسواق البريطانية، التي تبلغ قيمتها مجتمعة 3.18 تريليون دولار (2.51 تريليون جنيه إسترليني) وفقاً للبيانات التي جمعتها «بلومبرغ».

ويتصدر حزب «التجمع الوطني» بزعامة مارين لوبن المشكك في الاتحاد الأوروبي، استطلاعات الرأي بعد القرار المفاجئ للرئيس إيمانويل ماكرون بالدعوة إلى انتخابات مبكرة، في حين شكّلت الأحزاب اليسارية في فرنسا تحالفاً جديداً لخوض الانتخابات.

ومكمن قلق الأسواق هو أن رئيس الوزراء الفرنسي اليميني المتطرف قد يتبنى سياسات اقتصادية عالية الإنفاق تحت شعار «فرنسا أولاً»، وهو ما من شأنه أن يزيد من كومة الديون الضخمة التي تثقل كاهل البلاد. وقد بدأ بعض المستثمرين يتحدثون عن خطر تفكك منطقة اليورو، على الرغم من أن ذلك لا يزال بعيد المنال.

تفاعل الأسواق

وشهدت الأسهم الفرنسية عمليات بيع مكثفة. وصل مؤشر «كاك 40» القيادي إلى أدنى مستوياته منذ يناير (كانون الثاني)، بعد أن فقد 6 في المائة الأسبوع الماضي، وهو أكبر انخفاض أسبوعي له منذ أكثر من عامين.

ونقلت «رويترز» عن توم أوهارا، مدير المحفظة في فريق الأسهم الأوروبية في شركة «جانوس هندرسون إنفستورز»: «ركز على الشركات العالمية المدرجة في أوروبا. وبالتأكيد، تلك الأكثر تعرضاً محلياً، سيكون هناك مزيد من علامات الاستفهام حولها».

وانخفضت الشركات المتوسطة، التي عادة ما تكون أكثر تعرضاً للاقتصاد الوطني الأساسي، بنسبة 9 في المائة، وهو أكبر انخفاض أسبوعي منذ الاضطرابات الوبائية في مارس (آذار) 2020.

وتضررت البنوك بشدة بشكل خاص. خسر كل من «بي أن بي باريبا» و«كريدي أغريكول» و«سوسيتيه جنرال» ما يزيد على 10 في المائة الأسبوع الماضي، حيث خسرت نحو 19 مليار دولار من القيمة السوقية منذ إغلاق يوم الجمعة السابق، بناءً على بيانات «أل أس إي جي».

وتتعرض السندات الحكومية الفرنسية أيضاً لضغوط. وارتفع الفرق بين تكاليف الاقتراض بين الحكومتين الفرنسية والألمانية لأجل 10 سنوات إلى 78 نقطة أساس يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى منذ 2017 على أساس يومي، ويتجه نحو مستوى إغلاق لم يشهده منذ أزمة منطقة اليورو في 2012.

ويعكس هذا الفارق العلاوة التي يطلبها المستثمرون للاحتفاظ بسندات الحكومة الفرنسية بدلاً من السندات الألمانية، المؤشر القياسي لمنطقة اليورو.

وقال محللون في بنك «يو بي إس» إن الفوارق الأوسع يمكن أن توفر «فرصة شراء تكتيكية، لكننا نتوقع أن يتخذ المستثمرون موقف الانتظار والترقب حتى يكون هناك مزيد من الوضوح بشأن التحالفات الانتخابية، وكذلك السياسات المالية في حالة حدوث انتخابات».

أصبح اقتراض الأموال لمدة 10 سنوات يكلف الحكومة الفرنسية الآن أكثر مما يكلف الحكومة البرتغالية لأول مرة منذ عام 2005 على الأقل.

وتتسع الفروق أيضاً بسبب الاندفاع العام نحو أصول الملاذ الآمن في أوروبا، التي تشمل سندات الحكومة الألمانية. وانخفض العائد على السندات الألمانية بمقدار 24 نقطة أساس الأسبوع الماضي، وهو أكبر انخفاض أسبوعي منذ ديسمبر (كانون الأول).

وقال كريس تورنر، رئيس الأسواق العالمية في «آي إن جي»: «سيكون شهراً طويلاً بالنسبة لليورو».

وانخفضت العملة بنسبة 1 في المائة مقابل الدولار والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري الأسبوع الماضي وحده، وهي عند أدنى مستوياتها مقابل الجنيه في عامين تقريباً.

وتستعد الأسواق لمزيد من التحركات الحادة. وقد قفزت تقلبات الخيارات لمدة شهر واحد لليورو مقابل كل من الدولار والجنيه الإسترليني إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من عام.

وقال تورنر، الذي يتوقع أن يتراجع اليورو صوب 1.06 دولار هذا الأسبوع، «مع تأثير استطلاعات الرأي سلباً على اليورو، واحتمال إجراء مزيد من استطلاعات الرأي... نتوقع أن يرغب المستثمرون في إدارة تعرضهم لليورو بعناية».

كما ارتفعت تكاليف التأمين على ديون فرنسا ضد العجز عن السداد إلى مستويات هائلة.

واتسعت مقايضة العجز الائتماني لفرنسا لمدة 5 سنوات إلى 38 نقطة أساس يوم الجمعة، بعد أن كانت 24 نقطة أساس فقط عند إغلاق السوق في 7 يونيو (حزيران)، قبل أسبوع.

وهذه المستويات هي الأعلى منذ الوباء، وقبل ذلك، منذ الانتخابات الرئاسية عام 2017، عندما كانت الأسواق تخشى احتمال انتخاب لوبن رئيساً لفرنسا.


مقالات ذات صلة

«المطاحن العربية» السعودية تخطط لطرح 30 % من أسهمها في اكتتاب عام أولي

الاقتصاد ستنشر هيئة السوق المالية نشرة الإصدار قبل موعد بداية الاكتتاب بوقت كافٍ (أ.ف.ب)

«المطاحن العربية» السعودية تخطط لطرح 30 % من أسهمها في اكتتاب عام أولي

وافقت هيئة السوق المالية السعودية على طلب شركة «المطاحن العربية» للمنتجات الغذائية إدراج 15.4 مليون سهم تمثل 30 % من إجمالي أسهمها في البورصة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مقر بورصة نيويورك (أ.ب)

الأسواق تنتظر بيانات مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي»

يعود التركيز مرة أخرى إلى البيانات الاقتصادية الأميركية، خصوصاً بيانات التضخم في نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، وهو المقياس المفضل للتضخم للاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد ماكرون يتحدث خلال مهرجان الموسيقى السنوي في باحة قصر الإليزيه (رويترز)

«التطرف المعيشي» يشغل الفرنسيين

سيكون التركيز منصباً خلال الأسبوع المقبل على أداء السندات الفرنسية والأسهم المصرفية قبل الجولة الأولى من انتخابات الجمعية الوطنية في فرنسا.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد تقترض السعودية بوتيرة قياسية مع بدء مستثمري الديون العالمية في دعم خطة «رؤية 2030» (واس)

«بلومبرغ»: السعودية تتغلب على الصين كأكبر مقترض في الأسواق الناشئة

حلّت السعودية محل الصين باعتبارها المصدّر الأكثر إنتاجية للديون الدولية بين الأسواق الناشئة، محطمة بذلك مسيرة بكين التي استمرت 12 عاماً في القمة، وفق «بلومبرغ».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيسة «البنك المركزي الأوروبي» تزور منشآت شركة «باسكال» الفرنسية الرائدة في صناعة الكومبيوترات في ماسي جنوب باريس (أ.ف.ب)

لاغارد: «المركزي الأوروبي» يولي اهتماماً للأداء الجيد للأسواق

قالت رئيسة «البنك المركزي الأوروبي»، كريستين لاغارد، يوم الاثنين، إن «البنك» يولي اهتماماً وثيقاً لحسن سير عمل الأسواق المالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الدولار يضغط على الين واليوان

أوراق نقدية من فئة الدولار واليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني واليوان (رويترز)
أوراق نقدية من فئة الدولار واليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني واليوان (رويترز)
TT

الدولار يضغط على الين واليوان

أوراق نقدية من فئة الدولار واليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني واليوان (رويترز)
أوراق نقدية من فئة الدولار واليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني واليوان (رويترز)

واصل الدولار الضغط على كل من الين واليوان، الأربعاء، مع ترقب المتعاملين صدور بيانات أسعار المستهلكين الأميركية، في نهاية الأسبوع.

وسجل الين 159.78 للدولار، وهو ما جعل الأسواق في حالة تأهب لتدخل من السلطات اليابانية نظراً لقربه من المستوى الذي ربما تدخلت عنده بشراء الين في أبريل (نيسان).

ويتعرض اليوان أيضاً لضغوط بسبب استمرار قوة الدولار. وانخفضت العملة الصينية إلى أدنى مستوى، في سبعة أشهر الأربعاء، عند 7.2664 يوان للدولار.

وتتوقع الأسواق أن تُظهر البيانات الأميركية، التي تصدر يوم الجمعة المقبل، تباطؤ النمو السنوي بمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي إلى 2.6 في المائة، خلال مايو (أيار)، في أدنى مستوى منذ أكثر من ثلاث سنوات، الأمر الذي يمهد الطريق أمام خفض أسعار الفائدة.

والمؤشر هو المقياس المفضل لدى مجلس الاحتياطي الاتحادي «البنك المركزي الأميركي» لقياس التضخم.

ومع ذلك، يواصل صُناع السياسات الإشارة إلى أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم لخفض الفائدة.

وتَسارع التضخم في أستراليا إلى أعلى مستوى في ستة أشهر خلال مايو، مما زاد القلق حيال رفع أسعار الفائدة ليصعد الدولار الأسترالي 0.5 في المائة إلى 0.6678 دولار.

كما أدت قفزة مفاجئة مماثلة في التضخم بكندا إلى ارتفاع الدولار الكندي، لفترة وجيزة، إلى أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع. واستقر اليورو عند 1.0710 دولار في التعاملات الآسيوية.

وحوَّم الدولار النيوزيلندي حول 0.6116 دولار، واستقر الجنيه الإسترليني عند 1.2688 دولار، مما يعكس ضعف التعاملات، وسط ترقب البيانات الأميركية.