السداد المبكر يقلص سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري في الصين

يسلط الضوء على المشهد الاستثماري المقيد في البلاد

أشخاص يقفون أمام سوق بكين المالية (رويترز)
أشخاص يقفون أمام سوق بكين المالية (رويترز)
TT

السداد المبكر يقلص سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري في الصين

أشخاص يقفون أمام سوق بكين المالية (رويترز)
أشخاص يقفون أمام سوق بكين المالية (رويترز)

انكمشت سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري السكني في الصين بنحو الثلثين خلال العام الماضي بعد موجة من السداد المبكر من أصحاب العقارات، وهو ما يسلط الضوء على المشهد الاستثماري المقيد في البلاد، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

وبلغ حجم السوق 363 مليار يوان (51 مليار دولار) في مارس (آذار) مقارنة بأكثر من تريليون يوان في العام السابق، حسبما بيانات من وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني. وقفزت المدفوعات المسبقة في العام الماضي وهي آخذة في الارتفاع مرة أخرى، وفقا لوكالة التصنيف.

في مارس الماضي، تم سداد القروض العقارية الداعمة للأوراق المالية عند أعلى مستوى هذا العام، وهو ما يعادل معدل سداد مقدم يبلغ 43 في المائة على أساس سنوي - نحو أربعة أضعاف المعدل النموذجي.

وقال المحللون إن البيانات، التي تعكس جزئياً تأثير قيام الحكومة بخفض تكاليف الاقتراض، كانت علامة على اختيار مزيد من الأسر سداد ديونها في غياب خيارات استثمارية قابلة للتطبيق وفي ظل خلفية اقتصادية غير مؤكدة.

إن صناعة التوريق، حيث يتم تجميع الأصول معاً وبيعها بوصفها أدوات أشبه بالسندات للمستثمرين، توفر نافذة على سوق الرهن العقاري الضخمة في الصين، التي تبلغ قيمتها 38 تريليون يوان في وقت يناضل قطاع العقارات من أجل عكس اتجاه التباطؤ الذي دام عدة سنوات.

وقفز معدل الدفع المسبق على مستوى البلاد على الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري السكني في البداية إلى 63 في المائة على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول)، عندما كشفت البنوك الكبرى المملوكة للدولة عن تخفيضات في أسعار الفائدة على الرهن العقاري، والتي يقول المحللون إنها أدت إلى إعادة التمويل.

وكانت هذه الخطوة واحدة من عدة محاولات لدعم سوق العقارات بعد ظهور أزمة تمويل بين المطورين في عام 2021 التي أثرت بشكل كبير على البناء والاقتصاد الأوسع.

وقالت تريسي وان، مديرة «فيتش» للتصنيف الائتماني، إن الوكالة اعتقدت في البداية أن ارتفاع الدفع المسبق كان «لمرة واحدة» من تغيير السياسة، بالنظر إلى أن البنوك في الصين قد تقوم في كثير من الحالات بإعادة تمويل قرض كامل بأسعار فائدة أقل. لكن «التسارع» هذا العام يمكن أن يكون مدفوعاً جزئياً باختيار العملاء لتوزيع الأموال النقدية لسداد ديونهم بدلاً من الاستثمار النشط.

وأضافت: «حتى قبل تغيير السياسة، كنا نشهد زيادة مطردة في معدل الدفع المسبق... كان الناس يشعرون أنه من غير المنطقي دفع معدل فائدة مرتفع على الرهن العقاري مع عائد منخفض من الاستثمارات حتى يسددوا»، مشيرة إلى انخفاض العائدات في منتجات إدارة الثروات على وجه الخصوص.

ويتعرض المستثمرون في الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري إلى «مخاطر الدفع المسبق» عندما يتم سداد الرهون العقارية التي تقوم عليها صفقاتهم في وقت مبكر، ويحتاجون إلى العثور على أماكن جديدة لحفظ أموالهم بأسعار مماثلة.

وتهيمن البنوك المملوكة للدولة على سوق الرهن العقاري في الصين، وهي الأكبر في العالم من حيث الأصول. لم يكن هناك أي إصدار جديد للأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري في الصين منذ عام 2022.

وقال آندي لاي، رئيس قسم إنشاء وهيكلة تمويل الأصول والتوريق في بنك «بي إن بي باريبا» في منطقة آسيا والمحيط الهادي، تعليقاً على تراجع الإصدارات الجديدة: «الأمر كله يتعلق بسوق العقارات... هناك عدد أقل من الأشخاص الذين يشترون المنازل».

وأضاف: «لم يكن هناك كثير من الفرص الاستثمارية في الصين»، مشيراً إلى «الاقتصاد وأداء الأسهم»، و«القيود المفروضة على الاستثمارات الخارجية. لذا فإن إحدى الطرق الآمنة لاستثمار الأموال هي الدفع المسبق للقروض العقارية».

وقال جيري فانغ، المدير في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إنه من المحتمل أن تكون هناك «عوامل قليلة» في ارتفاع معدل الدفع المسبق. وأشار إلى ارتفاع مبيعات العقارات القائمة، على النقيض من المخاوف بشأن شراء المباني الجديدة؛ نظراً للمشكلات المالية للمطورين.

وقال: «بالنسبة للمنازل القائمة، تستمر المبيعات في النمو»، مضيفاً أن هذا سيؤدي إلى السداد المسبق لبعض قروض الرهن العقاري.


مقالات ذات صلة

الأنشطة العقارية السعودية تسجل صفقات بـ 170 مليار دولار منذ بداية 2024

الاقتصاد مشروع القصر وهو أحد مشاريع «دار الأركان للتطوير العقاري» في الرياض (رويترز)

الأنشطة العقارية السعودية تسجل صفقات بـ 170 مليار دولار منذ بداية 2024

واصلت الأنشطة العقارية في السعودية نموها منذ بداية عام 2024، مسجلة أكثر من 280 ألف صفقة عقارية بقيمة تجاوزت 170 مليار دولار.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد مشروع «المنار» لمجموعة «روشن» في مكة المكرمة (واس)

«روشن» المملوكة لـ«السيادي السعودي» توقع مذكرات تفاهم مع 4 بنوك محلية

أبرمت مجموعة «روشن» العقارية، إحدى مشاريع السعودية الكُبرى، والمملوكة بالكامل لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، مذكرات تفاهم مع أربعة بنوك محلية رئيسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبان تابعة لـ«الشركة الوطنية للإسكان» في جدة غرب السعودية (واس) 

4 عوامل وراء ارتفاع إيجارات المساكن في السعودية

في الأشهر الـ24 الماضية ارتفعت إيجارات المساكن في السعودية وهو ما أظهره الرقم القياسي لإيجارات المساكن الذي سجل نمواً سنوياً بأبريل بنسبة 10.4 %

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد صورة لبنايات في منطقة جدة (غرب السعودية) مارس 2022 (رويترز)

القروض العقارية في السعودية إلى أعلى مستوياتها منذ 2022

واصلت القروض العقارية الممنوحة من المصارف التجارية نموها في الربع الأول من العام الحالي لتقفز إلى أعلى مستوياتها خلال عامين

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق المنزل في لقطة من الفيلم

منزل فيلم «هوم ألون» الشهير يطرح للبيع

طُرح المنزل الشهير الخاص بفيلم «هوم ألون home alone» للبيع مقابل 5.25 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«نايت فرنك»: سوق البناء في السعودية ستصل إلى 181.5 مليار دولار في 2028

شعار شركة «نايت فرنك» في إحدى مقراتها (موقع الشركة الإلكتروني)
شعار شركة «نايت فرنك» في إحدى مقراتها (موقع الشركة الإلكتروني)
TT

«نايت فرنك»: سوق البناء في السعودية ستصل إلى 181.5 مليار دولار في 2028

شعار شركة «نايت فرنك» في إحدى مقراتها (موقع الشركة الإلكتروني)
شعار شركة «نايت فرنك» في إحدى مقراتها (موقع الشركة الإلكتروني)

من المتوقع أن يصل إجمالي قيمة إنتاج سوق البناء في السعودية إلى 181.5 مليار دولار بحلول نهاية عام 2028، وهو ما يمثل زيادة نسبتها 30 في المائة تقريباً عن مستويات عام 2023، الذي سجلت فيه السوق ما قيمته 141.5 مليار دولار، بحسب ما كشفت شركة «نايت فرنك» العالمية للاستشارات العقارية.

وقالت الشركة التي يقع مقرها في لندن، في تقرير لها، إن قطاع العقارات السكنية هو المساهم الأكبر في نشاط البناء في المملكة بقيمة 43.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن يسجّل 56.9 مليار دولار بحلول عام 2028، يليه قطاع الطاقة والمرافق بـ35.1 مليار دولار.

وبحسب التقرير، تمثل مشروعات المملكة الضخمة محوراً رئيسياً في هذا النمو، حيث تبلغ قيمة هذه المشروعات العقارية 692 مليار دولار، وستضيف أكثر من 265 ألف غرفة فندقية، وما يزيد على 400 ألف وحدة سكنية، و2.4 مليون متر مربع من المساحة المكتبية.

وذكرت «نايت فرنك» أن قيمة التطوير العقاري لمشروعات السعودية الضخمة البالغ عدها 25 مشروعاً تشكل 55 في المائة من إجمالي خطة التطوير في المملكة، البالغة 1.25 تريليون دولار، وبعض هذه المشروعات هي «نيوم»، و«بوابة الدرعية»، و«القدية»، و«البحر الأحمر الدولية»، و«العلا».

وفيما يتعلق بالخطة التطويرية العقارية لمنطقة الرياض، فإن قيمتها الإجمالية وصلت إلى 229 مليار دولار، وتستهدف إضافة 200 ألف غرفة فندقية، و241 ألف وحدة سكنية، بالإضافة إلى 2.8 مليون متر مربع من مساحة التجزئة، و3.6 مليون متر مربع من المساحة المكتبية.

أما بقية مناطق المملكة، فبلغت القيمة الإجمالية لخطة التطوير العقارية 14.3 مليار دولار. وتتوقع «نايت فرنك» أن ينتهي تنفيذها في الفترة بين عامَي 2025 و2035، وستتيح أكثر من 2.7 ألف غرفة فندقية، وما يزيد على 20.3 ألف وحدة سكنية، كما تتضمن 140 ألف متر مربع من مساحة التجزئة، و698.2 مليون متر مربع من المساحة المكتبية.

وأبانت الشركة أنه في عام 2023 وحده، تم منح أكثر من 140 مليار دولار من عقود البناء، وكان معظمها في الرياض، التي تستعد لاستضافة معرض «إكسبو» العالمي في عام 2030، ووفقاً للتقرير بلغ إجمالي القيمة المخصصة لتطوير المعرض 7.8 مليار دولار.